استطاعت قوات النظام مدعومة بتغطية روسية كثيفة من السيطرة على مناطق واسعة في دير الزور، أهمها مدينة الميادين والموحسن وغيرها من الأماكن المهمة في المحافظة، ولم يبق لتنظيم الدولة سوى مناطق محدودة، حيث تراجع التنظيم عن مناطق شاسعة.
وبخصوص تراجع التنظيم يقول الباحث والكاتب شمس الدين النقاز: “مثلما كان متوقعًا خسر تنظيم الدولة ريف دير الزور تاركًا وراءه نقاط استفهام عديدة كان أبرزها سرعة انسحابه من المناطق التي كان يسيطر عليها”.
وبشأن ما سيقوم به تنظيم الدولة بعد هزائمه في دير الزور يقول الكاتب في حديثه: “الواضح والمؤكد أن قرار الانحياز إلى الحدود العراقية السورية التي فشلت أمريكا والقوات العراقية في السيطرة عليها نظرًا لاتساعها ووعورتها، كان قد اتخذ منذ أشهر حيث سيستنزف التنظيم القوات المهاجمة كردًا كانوا أم شيعة”.
التنظيم سيتجه للصحراء، فدخول العشائر على خط المفاوضات في الرقة هو لإعادة إحياء الحاضنة الشعبية الأساسية للتنظيم وهي الحاضنة العشائرية
مؤكدًا أن تنظيم الدولة يغير أسلوبه العسكري في الآونة الأخيرة “تنظيم الدولة غيّر من حساباته في الفترة الأخيرة ولم يعد يراهن على مسك الأرض مثلما كان سابقًا لأنه حقق بعضًا من أهدافه المرسومة، ثم عاد مجددًا لحرب العصابات التي أتت أكلها خاصة في البادية السورية التي شهدت مقتل وجرح المئات من عناصر النخبة في صفوف قوات ومليشيات النظام السوري”.
معتبرًا أن تنظيم الدولة سيقوم بهجمات مباغتة على مناطق سيطرة النظام التي توسعت في دير الزور، قائلاً: “الحرب الآن عادت إلى مربع الصفر وهناك انتصار طفيف للنظام السوري وحلفائه، لكن حرب العصابات والهجمات المباغتة من الصحراء والسيطرة مجددًا على بعض المناطق لن يطول أمدها، خاصة أن كل المؤشرات تشير إلى أن التصادم قادم بين بعض المتحالفين والمتآمرين على ثورة الشعب السوري”.
من جهته يرى فادي الحسين المهتم بشؤون الجماعات الجهادية أن تنظيم الدولة سيتجه إلى مناطق صحراوية في سوريا والعراق، “التنظيم سيتجه للصحراء، فدخول العشائر على خط المفاوضات في الرقة هو لإعادة إحياء الحاضنة الشعبية الأساسية للتنظيم وهي الحاضنة العشائرية”.
ويقول الحسين في حديثه: “التنظيم كالعادة سيتعامل مع أي هزيمة أو خسارة أي مدينة بالعودة لأدبياته، وهو ما أكده العدناني سابقًا حين قال إن خسارة أي مدينة، وقد أشار للرقة، ليست نهاية التنظيم وإنما سيكون دائمًا هناك عودة.
مشيرًا إلى أن فترة من الهدوء والركود ستسود عند التنظيم في المرحلة المقبلة،: “أعتقد سيكون هناك فترة هدوء في العراق وسوريا لترميم الصف وإعادة الهيكلة ومن ثم العودة مجددًا”.
قوات النظام بهذا التقدم السريع في دير الزور وجهت ضربة لقوات “قسد” التي كانت تراهن على تعثر النظام لكي تتمكن من السيطرة على حقول النفط مثل حقل العمر الذي ستتجه إليه قوات النظام
مؤكدًا أنه لا تغير في منهج تنظيم الدولة رغم الانتكاسات التي يتعرض لها، “لا تغيير في فكر التنظيم لا عقائديًا ولا منهجيًا، الفتنة العقائدية التي قام بها التيار الحازمي في التنظيم وانتهت بعد فترة بسيطة لن تتكرر ثانية، فلا أعتقد هناك تغيير سوف يحدث، سنرى انسحابات كبيرة قريبًا، ولن يعود حاليًا إلى أي منطقة انسحب منها”.
في هذا الصدد يقول الصحفي السوري في شبكة دير الزور 24 عمر أبو ليلى إن تنظيم الدولة أدرك أن لا فائدة من قتاله في المدن، لذلك فضل الانسحاب منها إلى مناطق يقلل فيها من خسائره البشرية، بحيث يتمركز في مناطق واسعة تكون خسائره فيها أقل من المدن.
معتبرًا أن الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة انسحبوا إلى البوادي، وقد ترك التنظيم مناطق من دون قتال، وهذا ما اعتبره النظام نصرًا وهو غير صحيح.
مؤكدًا أن تنظيم الدولة سيهجم على مناطق في خاصرة النظام مثل تدمر والسخنة وسيكون قريبًا بعد استعادة التنظيم لأنفاسه، ويضيف الصحفي “قوات النظام بهذا التقدم السريع في دير الزور وجهت ضربة لقوات” قسد” التي كانت تراهن على تعثر النظام لكي تتمكن من السيطرة على حقول النفط مثل حقل العمر الذي ستتجه إليه قوات النظام”.
موضحًا أن مقتل عصام زهر الدين أحد أشهر ضباط النظام في دير الزور لن يؤثر على مجريات المعركة، فقوات النظام ستواصل تقدمها تجاه مدينة البوكمال على الحدود العراقية وهي آخر ما تبقى للتنظيم هناك.