أعاد قرار الملك محمد السادس، القاضي بإعفاء عدد من الوزراء والمسؤولين من مناصبهم بسبب تأخر أو عدم تنفيذ مشاريع تنموية اقتصادية واجتماعية في منطقة الريف شمال المملكة، وعدم شمول هذا القرار الأخير أي اسم من وزراء حزب “العدالة والتنمية” المغربي رغم قيادته الائتلاف الحكومي في البلاد، بعض الأمل لحزب “المصباح” في الرجوع إلى الريادة وتدارك هذا التراجع، خاصة بعد ما سجله الحزب من تراجع في شعبيته الذي بدأ إثر فشل أمينه العام عبد الإله بنكيران في تشكيل الحكومة، وبرز للعيان بخسارته في الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت في عدد من مدن المملكة،
الملك يعفي “العدالة والتنمية” من تحمل مسؤولية التقصير
خرج حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحاكم في المملكة المغربية، أبرز الرابحين من القرارات الأخيرة غير المسبوقة في تاريخ المملكة، والتي اعتبرها البعض بداية “الزلزال السياسي” الذي تحدث عنه الملك المغربي محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية قبل أيام. ولم تتضمن القرارات التي أعلنها العاهل المغربي أي اسم لوزير أو مسؤول تابع لحزب “العدالة والتنمية” ضمن قائمة الوزراء والمسؤولين المعفيين أو المحرومين من تقلد أي مسؤولية رسمية في المستقبل، رغم أن المعفيين ممن كانت لهم علاقة بتعثر تنفيذ برنامج الحسيمة منارة المتوسط (شمالي المغرب) الذي أطلقه الملك عام 2015، كانوا يعملون تحت المسؤولية السياسية لحزب “العدالة والتنمية”، القائد للحكومة، كما لم تشر لأي مسؤولية مباشرة لبنكيران.
أشاد التقرير ببعض القطاعات الوزارية التي عملت على تسريع المشاريع المبرمجة وترأسها وزراء “العدالة والتنمية”
وكان العاهل المغربي قد قرر، الثلاثاء، إعفاء كل من وزير التعليم محمد حصاد بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة، ووزير الإسكان محمد نبيل بنعبد الله بصفته وزيرًا عن القطاع نفسه في الحكومة السابقة، كما جرى إعفاء وزير الصحة الحسين الوردي الذي كان وصيًا على القطاع في الحكومة السابقة، والعربي بن الشيخ كاتب الدولة (وكيل وزارة) مكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرًا عامًا لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقًا، بسبب تأخر أو عدم تنفيذ مشاريع تنموية اقتصادية واجتماعية في منطقة الريف شمال المملكة.
إلى جانب ذلك خلوها من أي اسم لوزراء “العدالة والتنمية”، أشادت مذكرة إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات الذي كلف بمهمة التحقيق، ببعض القطاعات الوزارية التي عملت على تسريع المشاريع المبرمجة على الرغم من أن مشاريعها انطلقت بشكل بطيء، من وزارة التجهيز التي كان على رأسها عبد العزيز الرباح وزير التجهيز السابق عن العدالة والتنمية.
كما لم يتحدث التقرير عن أي مسؤولية لمحمد نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى وزير النقل والتجهيز واللوجستيك المكلف بالنقل سابقًا، رغم أنه كان من بين الموقعين أمام الملك على برنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة (2015- 2019)، الذي أخرج سكان الريف منذ سنة إلى الاحتجاج، وأكثر من ذلك، أثنى تقرير المجلس الأعلى للحسابات على قطاع النقل الذي يشرف عليه عزيز رباح من حزب العدالة والتنمية، مشيرًا إلى أن وزارته عملت على تسريع المشاريع المبرمجة رغم أن مشاريعها انطلقت بشكل بطيء“.
أبرز الخاسرين
في مقابل خروج حزب “العدالة والتنمية” رابحًا من قرارات الملك الأخيرة، كان حزبا “الحركة الشعبية” ثم “التقدم والاشتراكية” أبرز الأحزاب الخاسرة، حيث تضمنت قرارات العاهل المغربي 4 أسماء ينتمون لحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة الحالية، منهم من كانوا أعضاءً في حكومة عبد الإله بنكيران وآخرون في حكومة سعد الدين العثماني، وهم محمد حصاد الذي كان يخطط لشغل منصب الأمين العام للحزب خلفًا لمحند العنصر بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة ولحسن السكوري بصفته وزيرًا للشباب والرياضة وحكيمة الحيطي بصفتها كاتبة الدولة المكلفة بالبيئة سابقًا والعربي بن الشيخ بصفته مديرًا عامًا لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقًا.
أبرز قيادات الحركة الشعبية محمد حصاد
فيما شملت القرارات 3 وزراء تابعين لحزب التقدم والاشتراكية المشارك بدوره في الحكومة الحالية، منهم اثنان في حكومة سعد الدين العثماني الحالية، هما محمد نبيل بنعبد الله (الأمين العام للحزب) بصفته وزيرًا للإسكان، والحسين الوردي بصفته وزيرًا للصحة سابقًا، والثالث عمل وزيرًا للثقافة في حكومة عبد الإله بنكيران السابقة هو محمد أمين الصبيحي، حيث حُرم من أي منصب رسمي مستقبلًا.
تعديل حكومي مرتقب
إلى جانب منطق الربح والخسارة، من المنتظر أن تكون القرارات الملكية الأخيرة، سببًا لتعديل حكومي في المملكة، ذلك أنها ساهمت في تغيير خريطة التحالفات السياسية بالبلاد، فالإعفاءات التي شملت مسؤولين في حزبي “الحركة الشعبية” و”التقدم والاشتراكية”، ستضع الحزبين أمام امكانية الخروج من الحكومة الحالية وتعويضهما بحزب سياسي آخر. وتضمّ الحكومة المغربية الحالية برئاسة رئيس الوزراء سعد الدين العثماني نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية، كل من التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية.
فاز حزب العدالة والتنمية المغربي لأول مرة في تاريخه بالانتخابات البرلمانية نهاية 2011
من المقرر أن يجتمع رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، بالأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، في قادم الأيام، لمناقشة التحاق الحزب بالتشكيلة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية. وتزامنت قرارات الملك، مع إعلان قيادة الحزب الانخراط في التوجهات الاستراتيجية الكبرى التي أعلنها الملك محمد السادس في خطاب افتتاح البرلمان الأخير، إضافة إلى تشكيلها لجنتين مختصتين لإعداد تصورين، الأول يهم النموذج التنموي الجديد، والثاني بخصوص سياسة عمومية ناجعة للشباب، وفي الوقت نفسه إطلاق برنامج استعجالي لترميم وحدة الحزب.
من المنتظر أن يشهد المغرب تعديلًا وزاريًا في الأيام القادمة
ويعتبر حزب الاستقلال الأقرب أيدولوجيًا لحزب العدالة والتنمية، إلا أن رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، أصر خلال مفاوضات تشكيل الحكومة على استبعاد حزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية، وسبق لحميد شباط أن دفع حزبه سنة 2013 للانسحاب من الحكومة التي قادها عبد الإله بنكيران، وتقديم وزرائه استقالة جماعية بعد خلاف مع رئيس الحكومة، جدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية المغربي فاز لأول مرة في تاريخه بالانتخابات البرلمانية نهاية 2011، عقب حراك شعبي شهدته المملكة بداية السنة نفسها في سياق “الربيع العربي”، تلاه تعديل الدستور.