من الصعب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر حزما مع إيران. ويتجلى هذا الأمر بوضوح من خلال التصريحات التي أفاد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخرا، حيث أكد أنه لن يصادق على الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، فضلا عن أنه سيقوم بفرض المزيد من العقوبات على الحرس الثوري الإيراني. من خلال هاتين الخطوتين، أعربت إدارة ترامب عن استيائها من السياسة الأمريكية تجاه إيران التي ورثتها عن الرئيس السابق باراك أوباما. وفي الوقت نفسه، فقد تناست الإدارة عجزها (أو عدم رغبتها) في إحداث تغيير جذري في إستراتيجية الولايات المتحدة الشاملة تجاه إيران. وقد تؤدي التصريحات الأخيرة لدونالد ترامب إلى جعل النهج الأمريكي تجاه إيران هامشيا، أكثر حزما، إلا أنها لن تحدث تغييرا حقيقيا بالنسبة لتصرفات إيران.
في الواقع، تدرك إدارة ترامب أن تغيير سياسة إيران أمر صعب، ليس لأن مشاكل واشنطن مع إيران يسودها عدم الوضوح، ولكن لأنها لا يمكنها معالجتها دون القيام بتغيير جذري على مستوى سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. بشكل أوضح، في حال لم تعد واشنطن التفكير في إستراتيجيتها تجاه سوريا، ستظل سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران غير فعالة.
تعد الإستراتيجية الإقليمية لإيران أكثر بساطة، حيث ترتكز بالأساس على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها
شبكة معقدة
في الحقيقة، تملك الولايات المتحدة العديد من المصالح الإستراتيجية في الشرق الأوسط، ومن بينها ضمان أمن “إسرائيل” وتوفير الأمن لحلفاء واشنطن العرب (بما في ذلك المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة). وتضطلع واشنطن بهذا الدور أساسا من خلال وجودها البحري المستمر في الخليج العربي.
من جانب آخر، تُعتبر إيران التهديد الرئيسي لجميع هؤلاء الحلفاء، في حين أن وكلاء طهران المسلحين (بما في ذلك حزب الله، والميليشيات العراقية، والحوثيين في اليمن) يمثلون طرف الرمح الموجه إلى صدور مختلف حلفاء واشنطن. ولذلك يعد ردع إيران ووكلائها أمرا محوريا بالنسبة للأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، تلتزم الولايات المتحدة بتحقيق الاستقرار في العراق، وهزيمة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، ومكافحة تنظيميْ الدولة والقاعدة الذي يرتكز في مناطق أخرى في المنطقة. كما لعبت واشنطن دورا مساندا في الحملة التي تقودها السعودية ضد التمرد الحوثي في اليمن.
في المقابل، تعد الإستراتيجية الإقليمية لإيران أكثر بساطة، حيث ترتكز بالأساس على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها. فضلا عن ذلك، تريد طهران من القوات الأمريكية الخروج من الخليج العربي، ومن العراق، وسوريا، بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة. فضلا عن ذلك، لا تقبل إيران بوجود “إسرائيل” على اعتبارها دولة يهودية. وبناء على ذلك، تعد إيران الراعي الرئيسي للنضال المناهض ل”إسرائيل” في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى إيران إلى هزيمة المتمردين في سوريا وجماعات تنظيم الدولة المتموقعة في سوريا والعراق. في الأثناء، تطمح طهران للاضطلاع بدور أمني دائم في كلا البلدين من خلال وكلائها المحليين. وعلى نطاق أوسع، تأمل طهران في إنشاء كتلة مؤيدة لإيران، تمتد من العراق إلى لبنان، التي من شأنها تساعدها على الوقوف ضد الولايات المتحدة وحلفائها العرب.
ردع إيران لم يكن سهلا، حيث أتاحت الحروب في العراق وسوريا واليمن فرصة لإيران لتوسيع نفوذها في المنطقة
من جانب آخر، استثمرت إيران أيضا في التمرد في اليمن بقيادة الحوثيين، بهدف توسيع نفوذها في شبه الجزيرة العربية، وتشتيت انتباه خصومها، السعودية والإمارات العربية المتحدة، عن الصراعين السوري والعراقي. ومن المفارقات في صلب الإستراتيجية الإقليمية لإيران، أن طهران تريد طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ولكن سلوكها إلى حدٍّ كبير يعد الدافع وراء بقاء القوات الأمريكية في المنطقة.
أدت عمليات المضايقة من قبل إيران للعمليات البحرية في الخليج العربي، ودعمها لوكلائها المتشددين على غرار حزب الله، فضلا عن اختبارات الصواريخ الباليستية المتكررة التي أجرتها منذ إبرام الاتفاق النووي، إلى تعزيز إدراك واشنطن بأن إيران تمثل التهديد الرئيسي لحلفائها واستقرار الشرق الأوسط.
بعيدا عن تثبيط اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، كان سلوك إيران بمثابة تذكير دائم بنواياها العدائية ودعوة إلى ضرورة ردعها. لكن ردع إيران لم يكن سهلا، حيث أتاحت الحروب في العراق وسوريا واليمن فرصة لإيران لتوسيع نفوذها في المنطقة. وفي كل بلد، زادت قوة وكلائها، ما مكّن طهران من الاضطلاع بدور رائد ومهم في الصراعات التي تخوضها، فضلا عن مستقبل تلك البلدان.
علاوة على ذلك، مكّن وضوح الأهداف الإستراتيجية الإيرانية طهران من الاستجابة بسرعة أكبر وحزم أكثر مقارنة بالولايات المتحدة من أجل تحويل ديناميتها الإقليمية، على غرار ما حدث في الصراعات التي تلت الربيع العربي. فعلى سبيل المثال، أمضت إدارة أوباما أربع سنوات في سوريا دون أن تلتزم بشكل بدعم المتمردين بشكل قطعي وتام، وفي الوقت ذاته لم تنأى بنفسها بعيدا عن الصراع السوري. في حين دعمت إيران منذ البداية الرئيس السوري بشار الأسد ولم تتراجع أبدا عن موقفها.
حدّ تدخل موسكو بشكل خاص من رغبة واشنطن في التدخل في سوريا، مما خدم مصالح إيران، التي أصبح حلفائها يحاربون تحت مظلة القوة العسكرية الروسية
في الحقيقة، كان يمكن أن يدفع دعم إيران للأسد الولايات المتحدة إلى الالتزام بدعم التمرد لولا هذه ثلاثة عوامل. أولا، لم يكن تدخل الولايات المتحدة المباشر في سوريا ليحظى بشعبية سياسية في الداخل، وثانيا، بسبب هيمنة الجماعات السنية المتطرفة على موجة التمرد تدريجيا. وثالثا، بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران في سنة 2013، دخلت إدارة أوباما في مفاوضات جادة مع طهران بشأن برنامجها النووي.
من المحتمل أن التدخل العسكري الأمريكي ضد الأسد كان سيعزز من قوة المتطرفين في سوريا، الذين كانوا سيشاركون على الأرجح في محاربة وكلاء إيران، ما كان سيعرض مصير المحادثات النووية للخطر. (كان من شأن ذلك أيضا أن يضر بالقوات الأمريكية ويجعلهم يتكبدون خسائر مالية كبيرة). بعبارة أخرى، كانت هناك أسباب منطقية دفعت الولايات المتحدة للبقاء في الغالب خارج دائرة المعركة في سوريا. في المقابل، ساعد هذا التقاعس النسبي في تعزيز قوة تنظيم الدولة، وتوسيع الدور الأمني لإيران، فضلا عن تدخل روسيا إثر ذلك في مستنقع الحرب السورية خلال شهر أيلول/سبتمبر من سنة 2015.
من جهة أخرى، حدّ تدخل موسكو بشكل خاص من رغبة واشنطن في التدخل في سوريا، مما خدم مصالح إيران، التي أصبح حلفائها يحاربون تحت مظلة القوة العسكرية الروسية. وخلال السنتين الماضيتين، حولت مشاركة موسكو الزخم في الحرب إلى القوات الإيرانية المؤيدة للأسد التي حققت مكاسب مطردة ضد المتمردين. وبالتالي، أتاحت الحروب في العراق وسوريا واليمن فرصة لإيران لمزيد توسيع نفوذها في المنطقة.
في سياق ذي صلة، عمقت الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق من تعقيد الإستراتيجية الأمريكية، حيث اندفعت كل من واشنطن وطهران إلى عقد تحالفات دعمًا لبغداد. وخلافا لما هو الحال في سوريا، حيث تختلف المصالح الأمريكية والإيرانية بشكل واضح، تدعم كل من واشنطن وطهران الحكومة العراقية في حين تبذل كلتا الدولتين جهودا حثيثة من أجل القضاء على تنظيم الدولة.
كانت قدرة إيران على اعتماد وكلائها لاستهداف القوات الأمريكية بمثابة ورقة ضغط رئيسية ضد الولايات المتحدة
على الرغم من أن القوات الأمريكية لا تعمل على التنسيق مع إيران أو مع الجماعات المدعومة من قبلها، إلا أنها تتحرك جنبا إلى جنب مع الحكومة والجيش العراقي. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وإيران تشتركان في الأهداف المباشرة ذاتها التي تشمل هزيمة تنظيم الدولة والحفاظ على وحدة العراق، ما يضعهما على الجانب نفسه فيما يتعلق بمسألة الاستقلال الكردي.
في الواقع، تنتهي المصالح المشتركة التي تجمع كلا من إيران والولايات المتحدة في العراق. وعلى الرغم من أن القوات الأمريكية قد لعبت دورا حاسما في الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق، إلا أن إيران وحلفائها لا يريدون أن تظل تلك القوات في البلاد بعد الحرب. من جانبهم، حارب وكلاء إيران القوات الأمريكية وقوات التحالف خلال عملية “حرية العراق”، فضلا عن أنهم وعدوا باستهداف القوات الأمريكية إذا اتخذت واشنطن أي خطوة عسكرية ضد الأسد أو في حال بقيت القوات الأمريكية في العراق بعد هزيمة تنظيم الدولة.
منذ بدء الحرب ضد تنظيم الدولة، كانت قدرة إيران على اعتماد وكلائها لاستهداف القوات الأمريكية بمثابة ورقة ضغط رئيسية ضد الولايات المتحدة. وبناء على ذلك، كان على واشنطن أن تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، مع العلم أن أي تحرك ضد المصالح الإيرانية، في سوريا أو في أي مكان آخر، يمكن أن يعرض القوات الأمريكية التي تتمركز في العراق للخطر.
في الحقيقة، كان لدى إيران أسبابها التي تمنعها من التصعيد مع الولايات المتحدة في العراق، على غرار رغبتها في هزيمة التنظيم بشكل كامل، وعدم الوقوع في خلاف مع حكومة بغداد، فضلا عن تجنب أي مواجهة مع الجيش الأمريكي. في المقابل، كان على واشنطن أن تفترض أن تفكير طهران يمكن أن يتغير إذا تفطنت لوجود تهديد يحيط بمصالحها.
على مدى السنتين الماضيتين، أصبحت كل من إيران ووكلائها يركزان بشكل متزايد على إقامة موطئ قدم على طول الحدود السورية مع “إسرائيل”، مما سيتيح لهم ممارسة جملة من الضغوط عليها انطلاقا من هناك
التمسك بخطة العمل الشاملة المشتركة
بصفته طرفا خارجيا، كان دونالد ترامب يملك سجلا نظيفا عندما وصل إلى واشنطن. وقد صرح ترامب أنه يميل بالفعل إلى تحسين العلاقات مع موسكو، ويريد اغتنام هذه الفرصة لتوضيح ملامح سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. من الناحية النظرية، على سبيل المثال، كان بإمكان واشنطن أن تترك سوريا إلى روسيا، ما من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بالتركيز على محاربة تنظيم الدولة في العراق وخفض التوتر مع إيران. ومن المحتمل أن إيران وروسيا والأسد كانت لترحب بذلك.
فضلا عن ذلك، كان حلفاء واشنطن الأوروبيين والعرب، وكذلك تركيا، قد اعتادوا على إستراتيجية واشنطن الجديدة. ولكن لم يكن التخلي عن سوريا لإيران خيارا واقعيا على الإطلاق بالنسبة واشنطن، لأن ذلك كان يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة طويلة الأمد وحلفائها، وخاصة “إسرائيل”.
على مدى السنتين الماضيتين، أصبحت كل من إيران ووكلائها يركزان بشكل متزايد على إقامة موطئ قدم على طول الحدود السورية مع “إسرائيل”، مما سيتيح لهم ممارسة جملة من الضغوط عليها انطلاقا من هناك. في الأثناء، قد يزيد وجود إيران وحلفائها في هذه المنطقة من خطر نشوب صراع (متعمد كان أم لا) بين القوات ال”إسرائيل”ية والقوات الموالية لإيران، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى اندلاع المزيد من الصراعات وزعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر.
لعل الولايات المتحدة قد توقعت كل هذه النتائج، حيث اتبعت إدارة ترامب إلى حد كبير سياسة عهد أوباما وتركت إيران دون أي مضايقة في سوريا. في المقابل، قامت الولايات المتحدة بممارسة المزيد من الضغط على إيران على نطاق أوسع. ويتمثل قرار عدم المصادقة على خطة العمل الشاملة المشتركة وتمديد العقوبات على الحرس الثوري الإيراني من أبرز الخطوات الملموسة لهذه الجهود.
باتت نوايا الولايات المتحدة أكثر غموضا، عقب فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني فضلا عن عدم المصادقة على الاتفاق النووي
من جانب آخر، لن يؤثر هذا الضغط على مكانة إيران في الشرق الأوسط، أي أن ذلك لن يعالج مشاكل الولايات المتحدة الرئيسية مع إيران. وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق النووي قد أوجد حلا لإحدى هذه المشاكل التي تتمثل في محاولات إيران للحصول على سلاح نووي. وبالتالي، سيزيد تقويض هذا الاتفاق من تعقيد سياسات كل من واشنطن وإيران على حد السواء في الشرق الأوسط.
في ظل العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن الدولي على الحرس الثوري، أصبح الاتفاق النووي أحد أهم نقاط النفوذ الأمريكية في إطار علاقتها بإيران. وعندما يتم التخلي عن هذا الاتفاق سيسقط ذلك النفوذ. وعلى الرغم من أن فرض المزيد من الضغوط على الحرس الثوري أمر منطقي (خاصة بالنظر إلى سلوكه العدواني منذ توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة)، إلا أنه يمكن القيام بذلك جنبا إلى جنب مع التمسك بتنفيذ الاتفاق النووي.
في حقيقة الأمر، باتت نوايا الولايات المتحدة أكثر غموضا، عقب فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني فضلا عن عدم المصادقة على الاتفاق النووي. وبدلا من بناء توافق في الآراء ضد الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، أدى قرار عدم مصادقة ترامب على الاتفاق، إلى الحد من وطأة المسؤولية التي كانت ستقع على عاتق إيران.
فضلا عن ذلك، جعل هذا القرار الولايات المتحدة تبدو في موقف “الرجل الشرير” وغير جديرة بالثقة، ليس فقط بالنسبة للحكومات الأجنبية ولكن أيضا للشعب الإيراني. في المقارنة، بدت طهران أكثر تعقلا ومسؤولية. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد دحر الحرس الثوري الإسلامي، يجب أن تستهدف مصدر قوة المجموعة الإقليمي، ولعل سوريا هي المكان المناسب للشروع في القيام بذلك.
لا يمكن أن تكون السياسة الأمريكية تجاه إيران سلبية، حيث يجب على الولايات المتحدة تشجيع إيجاد حلول توافقية
في الأثناء، لا يعني ذلك أنه يجب على الولايات المتحدة التدخل عسكريا أو التصعيد مع إيران نيابة عن المتمردين، لا فقد ولى عهد هذه الإمكانية. ولكن يحيل ذلك إلى إعادة التأكيد الصريح والمتسق لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها فيما يتعلق بمستقبل سوريا. وعلى الأقل، لا يمكن أن يشمل هذا المستقبل وجودا أمنيا دائما للميليشيات الأجنبية على طول الحدود الجنوبية لسوريا. وفي حال ترسخ هذا الوجود، فمن المرجح أنه سيؤدي إلى اندلاع المزيد من الصراعات مع “إسرائيل”، الأمر الذي يمكن أن يمتد إلى لبنان.
لتجنب هذه النتيجة، سيتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ بزمام المبادرة وتضمن أن فترة ما بعد تنظيم الدولة في سوريا لن تساهم في زعزعة استقرار المنطقة أكثر. ومما لا شك فيه، سيتطلب ذلك بذل جهود دبلوماسية قوية مع “إسرائيل” والأردن وروسيا وتركيا لضمان عدم السماح للجماعات المدعومة من قبل إيران باستخدام سوريا على اعتبارها قاعدة لعمليات حدودية ضد أي دولة مجاورة. وبالتالي، ستتضح المشاغل الرئيسية للولايات المتحدة في سوريا كما سيوفر ذلك أُسسا لإستراتيجية أكثر تماسكا وفعالية تجاه إيران.
في الواقع، لا يمكن أن تكون السياسة الأمريكية تجاه إيران سلبية، حيث يجب على الولايات المتحدة تشجيع إيجاد حلول توافقية. كما ينبغي الإقرار بأن لإيران دور تلعبه في المنطقة، وذلك نظرا للعلاقات التي تربطها مع سوريا والعراق والتي لا يمكن التغاضي عنها. وبالتالي، ينبغي احترام الأنشطة المشروعة لإيران في مجالات التجارة والدبلوماسية والاستثمار التجاري، في حين لا بد من معارضة عملياتها السرية ومحاولاتها لزعزعة استقرار الدول المجاورة بشدة.
في المقابل، قد يزيد تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي من تصلب موقف إيران تجاه أي حل وسط، فضلا عن أن ذلك لا يساعد في مواجهة أنشطتها التي تشكل تهديدا في المنطقة. من جانب آخر، قد يكون خلق مواجهة مع إيران أمرا جذابا بالنسبة للبعض في واشنطن، ولكن يرى معظم المراقبين أن هذه الرغبة تعد حماقة كبيرة.
تعد الفكرة القائلة إن إيران ستُثبت بطريقة أو بأخرى أنها ستكون قادرة على تركيز السلام والاستقرار في المنطقة، زائفة. بعبارة أخرى، يجب أن تستند إستراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين تجاه إيران لا على اتباع نهج متشدد ولكن ينبغي أن تعمل على تحقيق أهم أهداف سياستها الردعية التي تتمثل في إبقاء إيران من دون أسلحة نووية، ومنع عملاءها من الحصول على موطئ قدم على الحدود السورية، فضلا عن مواجهة عُدوان طهران في الخليج العربي. لتحقيق ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى إستراتيجية دبلوماسية صارمة تدعمها القوة العسكرية، فضلا عن ضرورة التزامها بالاتفاقيات التي سبق وأن أبرمتها.
المصدر: صحيفة فورين أفيرز