قبل زيارة السفير القطري محمد العمادي إلى قطاع غزة بأيام قليلة، سعت بعض الجهات “المشبوهة” أن تلعب بالنار وتدخل على خط العلاقات بين قطر وحركة حماس لإفسادها، كما يقول ناشطون محسوبون على “حماس”، كما نشرت أنباء أن قطر “منزعجة” كثيرًا من إتمام المصالحة بين حركتي فتح وحماس والتوافق على تشكيل الحكومة.
قطر لم تعقب على تلك الأنباء وتركت الأمر لحركة حماس، فجاء الرد من أعلى هرم قيادة الحركة في غزة، فأكد يحيى السنوار رئيس الحركة في غزة، أن تلك الأنباء “عارية عن الصحة”، وقطر أول الداعمين والمرحبين للمصالحة الفلسطينية، التي طالما سعت لتحقيقها خلال السنوات الأخيرة.
وأكد السنوار، قبل أيام قائلاً: “دور دولة قطر الشقيقة في دعم صمود شعبنا الفلسطيني عامة وأهلنا في قطاع غزة خاصة في ظل الحصار الظالم كان ولا يزال دورًا رياديًا لن ينساه شعبنا”.
دعم مستمر
وأفاد السنوار أن قطر نفذت عشرات المشاريع الإنسانية ومشاريع الإعمار والبنى التحتية، مما انعكس بصورة واضحة على مستوى الحياة، وهو ما شعر به شعبنا وساهم بصورة كبيرة في منع انهيار قطاع غزة خلال سنوات الحصار.
وشدد بأن حركة “حماس“ لامست طيلة الوقت حرص قطر الكبير على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام ومباركتها لكل الجهود الرامية لتحقيق ذلك.
ونفى مكتب رئيس حماس بغزة، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن حديث السنوار مع الأطر الشبابية بأن قطر تعارض المصالحة الوطنية الفلسطينية أو أنها مستاءة من التقارب في العلاقة بين حماس ومصر الشقيقة أو أن هناك توترًا في العلاقة بين الحركة وقطر. ولفت المكتب إلى أن ما ورد في بعض وسائل الإعلام هو أمر عارٍ عن الصحة تمامًا ولم يرد ذكره في اللقاء نهائيًا.
إلى ذلك، كان موقع “العربية نت” إن “رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، قال في لقاء شبابي بغزة إن قطر لا تؤيد التقارب بين حركة حماس ومصر، خاصة في جهود ملف المصالحة“. وأضاف السنوار حسب “العربية نت” “حاولت الدوحة التدخل في هذا الملف لإفشاله دون أن تكلل مساعيها بالنجاح”.
وفي ذات السياق، قال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إن “جهات إعلامية وأطراف عربية تحاول ضرب العلاقة بين الحركة ودولة قطر من خلال اتهامات للدوحة بأنها تقف ضد المصالحة الفلسطينية“.
وأضاف العاروري أن قطر تدعم المصالحة الفلسطينية بغض النظر عن مكان إنجازها، سواء كان في مصر أو غيرها، مؤكدًا على متانة العلاقة بين الحركة وقطر، وأن وفدًا من الحركة زار الدوحة عدة مرات وأطلع المسؤولين فيها على تطورات المصالحة والأوضاع الفلسطينية، واستبعد تصريح أي مسؤول في حماس ضد قطر، خاصة من أبناء غزة التي تشهد دعمًا قطريًا متواصلاً.
الرد القطري على “التصريحات الشيطانية”، حسب ما أسماها بعض المحسوبين على حماس، لم يأت عبر وسائل الإعلام، بل جاء بخطوات عملية على الأرض حين كشف السفير العمادي عن موافقة دولة قطر على بناء مقرات حكومية في القطاع، بناءً على طلب من الرئيس محمود عباس، لتؤكد للجميع أن قطر لا تزال تدعم غزة ولم تدر ظهرها لحركة حماس. حيث دمر مقرا الرئاسة والحكومة الفلسطينية في غارات إسرائيلية خلال الحربين الأولى في 2008- 2009 والثانية 2012 اللتين شنتهما “إسرائيل” على قطاع غزة.
وشدد العمادي في تصريح له عقب وصوله غزة، على أن دولته تدعم المصالحة الفلسطينية أينما تمت سواء في القاهرة أو الرياض، مؤكدًا أن قطر ستقف مع الفلسطينيين في كل المحافل حتى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.
أكد السفير القطري أن “قطر وقفت، وما زالت تقف مع الحكومة الفلسطينية في جميع الظروف”
وقال السفير: “زيارتنا اليوم مهمة في هذا الوقت، لنؤكد أن قطر تقف مع المصالحة الفلسطينية، سواء تمت في القاهرة أو الرياض أو غيرهما”، مضيفًا : “مصر إخواننا ونحن معهم، ولا نختلف مع أي إنسان، رغم الحصار على قطر”.
وكان السفير قد أشار إلى أن “الحصار والاختلافات الحالية بين قطر ومصر مرحلية، ولكن سوف نتعامل مع الحصار وإخواننا في القاهرة بكل أدب واحترام”، مؤكداً أن “قطر وقفت، وما زالت تقف مع الحكومة الفلسطينية في جميع الظروف”.
مضيفاً أن “دور قطر محوري بالنسبة للمصالحة الفلسطينية، وهدفنا التخفيف عن أهل غزة”، وتابع: “نقف مع المصالحة حتى تتمكن حكومة الوفاق من أداء عملها، وأن تقف أمام المجتمع الدولي وتقول كلمتها: إن شعبنا موحد وله قيادة موحدة”. مشدداً على أن “قطر ستقف مع حكومة الوفاق برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتمكينها من أداء مهماتها في القطاع، وأنها ملتزمة بتقديم الخدمات والمساعدات للفلسطينيين في غزة”.
العمادي أشار في الوقت نفسه إلى أن “الخدمات التي قدمتها قطر لقطاع غزة، تمت من خلال السلطة الشرعية، وهي السلطة الوطنية الفلسطينية”، مضيفًا: “ننسق بين السلطة و(اللجنة) الرباعية والأجهزة الموجودة في غزة”.
أكد رئيس حركة حماس الحرص على تطبيق ما تم الاتفاق عليه والالتزام به، مشيرًا إلى بدء التحضير للمشاركة في المحطات القادمة من الحوار التي ستعقد في القاهرة سواء الحوار الثنائي أو الحوار الشامل
وأكد المسؤول القطري أن دعم القضية الفلسطينية، بالنسبة لدولة قطر، أمر “ثابت وجوهري ومهم وقضية رئيسة بالنسبة للدوحة”، وقال: “لا تغيّر الدوحة توجهاتها تجاهها (القضية الفلسطينية) بظروف معينة، وتُعتبر من الثوابت بالنسبة لها”.
إلى ذلك، اتفقت حركتا فتح وحماس، خلال جولة الحوارات التي عُقدت في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع الشهر الحاليّ، على تمكين الحكومة الفلسطينية لتقوم بمهامها كافة في قطاع غزة، بشكل كامل، في موعد أقصاه الأول من ديسمبر المقبل.
ولتأكيد عمق العلاقات بين قطر وحركة حماس، وفور توقيع اتفاق المصالحة، هاتف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر ووزير الخارجية القطري الشيخ عبد الرحمن بن حمد ووضعهم في صورة اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه بالأمس في القاهرة برعاية ومشاركة مصرية.
علاقات قوية
وأكد رئيس الحركة الحرص على تطبيق ما تم الاتفاق عليه والالتزام به، مشيرًا إلى بدء التحضير للمشاركة في المحطات القادمة من الحوار التي ستعقد في القاهرة سواء الحوار الثنائي أو الحوار الشامل.
وأكد الأمير تميم بن حمد آل ثاني حسب مكتب هنية على موقف قطر الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، مرحبًا وداعمًا لاتفاق المصالحة الذي تم برعاية مصر الشقيقة في إطار دورها المحوري للقضية الفلسطينية والمهم للشعب الفلسطيني
وأكد أن قطر مستمرة بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم ما يخفف عن معاناته وخاصة في الجانب الإنساني، وعبر أمير قطر عن أمانيه أن تتواصل خطوات المصالحة بنجاح حتى تصل إلى هدفها المنشود.
وهنا يقول المحلل السياسي الفلسطيني والمقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، أن قطر لا تزال حاضرة في ملف المصالحة ودعم قطاع غزة وبقوة، مشيرًا إلى أن الحديث عن خلافات بين قطر وحماس مجرد إشاعات وتصريحات “شيطانية” لتوتير العلاقات بين الطرفين.
ولفت الصواف، إلى أن قطر أول المرحبين بأي تطور يساعد في إتمام المصالحة ورفع الحصار عن قطاع غزة، ولا تزال أول الداعمين للمشاريع الإنشائية والتنموية في قطاع غزة، وتتصدر الإنفاق على مشاريع إعادة إعمار القطاع، وهذا الدور لا يمكن نكرانه وستبقى قطر داعمًا أساسيًا لا يمكن الاستغناء عنه.
يشار إلى أن آخر زيارة للعمادي كانت في الأول من تموز الماضي، حيث غادر برفقة نائبه خالد الحردان في الـ12 من شهر تموز، بعد زيارة استمرت لعدة أيام افتتح خلالها المرحلة الرابعة من مشروع إعادة تأهيل شارع صلاح الدين.