يرسم المخرجان كريستيان ديسمارس وفرانك إكينجي في عملهما المشترك “آبريل والعالم الاستثنائي” عالمًا متخيلاً وتاريخًا بديلاً لما كانت عليه فرنسا في أواخر القرن الـ19 والنصف الأول من القرن الـ20.
ففي عشية الحرب الفرنسية الألمانية عام 1870 يزور الإمبراطور نابليون الثالث معمل عالم شاب يدعى غوستاف فرانكلين في سبيل سعيه للحصول على الجندي الخارق، ولكن نتائج تجربة غوستاف لم تنتج جنديًا خارقًا بل جعلت الحيوانات المعملية قادرة على التحدث، وفي فورة الأحداث ينفجر المعمل ويموت الإمبراطور، ولكن تهرب السحالي المتكلمة، وبعدها يتولى الإمبراطور نابليون الرابع السلطة ولأنه أقل ولعًا بالحرب يوقع اتفاقية سلام مع بروسيا، وهكذا تغير التاريخ وأمن عرش فرنسا لقائمة طويلة من أسلاف نابليون.
بعد عدة سنوات يبدأ العلماء في الاختفاء في حوادث غامضة واحد تلو الآخر: أينشتاين، أديسون، باستير، ماركوني، ونوبل، وآخرون، مما أوقف مسيرة العلم والتطور، وبالتالي ما زالت الحضارة البشرية تعتمد على استخدام الفحم والآلات البخارية، وهو الأمر الذي أدى إلى اختفاء الغابات وتلوث الهواء تدريجيًا، بل وحروب الطاقة لأجل الحصول على الأخشاب والفحم.
آبريل “ماريون كوتيار” وهي بطلة الفيلم تنتمي لعائلة فرانكلين، والتي ما زالت تعمل على تطوير المصل الكامل للشفاء من الأمراض والشيخوخة وحتى الموت، وفي الوقت نفسه تحاول البقاء بعيدًا عن أعين المفتشين ورجالات الأمن الإمبراطوري الذين يبحثون عن العلماء ويدفعونهم لتصنيع الأسلحة لأجل الحرب الجديدة.
ولكن يصل المفتش بيزوني إلى مخبأهم، وفي مطاردة لاهثة تحاول العائلة الهرب من المفتش ورجاله، وخلال ارتيادهم لمنطاد طائر، وفي ظل متابعة المفتش بيزوني المستمرة لهم تظهر غيمة سوداء يصدر عنها برق غريب تتسبب في تفجير المنطاد، ولكن قبل ذلك يستطيع الوالدن أنيت وبول تهريب ابنتهم الصغيرة، ولفشل المفتش بيزوني تُخفض رتبته ويُمنع من مطاردة العلماء إلا أنه يقسم بالقبض على آل فرانكلين ولو كلفه ذلك سنين عدة.
تمر 10 سنوات أخرى على تلك الحادثة، تعيش آبريل بصحبة قطها المتكلم داروين في الرأس المجوفة لأحد تماثيل الإمبراطور نابليون العملاقة، وكما عائلتها تسعى هي الأخرى للوصول إلى المصل الكامل وذلك لعلاج قطها المحتضر داروين، فهو كل ما تبقى لها من أسرتها، وعندما يخبرها داروين بأنها في حاجة للحصول على صديق تجيبه بأنها ليست في حاجة لصديق جديد.
فيخبرها داروين بأنها خائفة من الالتقاء بشخص جديد وفقدانه، وداروين محق فآبريل تخشى تكرار خسارتها والألم المصاحب لفقدانها لعائلتها عندما كانت صغيرة، فهي تفضل البقاء وحيدة عوضًا عن احتمال تعرضها لألم الفراق.
أما بالنسبة ليوليوس وهو فتى صعلوك يتميز بخفة اليد، فهو يراقب آبريل بأمر من المفتش بيزوني في مقابل عدم الزج به في السجن ليتمكن من معرفة مكان الجد بروسبير فرانكلين، وفي سبيل توطيد علاقته بها ينقذها خلال أحد المواقف.
في ذات الليلة تتغير حياة آبريل عندما تتلقى رسالة غريبة عن طريق فأر نصف سايبورج من والدها، والذي يحاول تحذيرها بأن تهرب قبل أن يصل مختطفوه إليها.
وبفضل تلك الرسالة تتمكن آبريل من معرفة أن والديها لم يموتا كما اعتقدت، وكذلك الوصول إلى جدها بوبز بعد فراق دام 10 سنوات، وكذلك يوليوس يتمكن أخيرًا من معرفة مكانه، ويبلغ المفتش بيزوني بمكان الجد، ولكنه يكتشف أنه لا يقدر على إخباره بمكان آبريل وهنا يعرف أنه وقع بحبها، كذلك ارتكب خطأ لا يغتفر.
وعندما يصل خبر القبض على الجد إلى آبريل تحاول إنقاذه وينضم إليها يوليوس في محاولة لتصحيح خطئه، ليخوضا معًا سلسلة من المغامرات تصل بهما إلى قلعة تحت الماء وعالم آخر خفي تحت باريس بهدف إنقاذ وإعادة لم شمل عائلتها.
للفيلم نصيب من اسمه، فهو استثنائي بقدر كبير، فهو مبهر بصريًا وفنيًا وآخذ للأنفاس، ولا يخلو ولو لقدر صغير من عناصر التشويق والإثارة، إذ تقابل المتفرج عبر مشاهد الفيلم المختلفة، فهناك حيوانات متكلمة ومناطيد طائرة ومنزل يتحول إلى قلعة صلدة متنقلة تارة وإلى غواصة تغوص في أعماق نهر السين تارة أخرى وقلعة مبنية تحت الماء وعالم خفي أسفل برجي إيفل بباريس، وسحالي متكلمة تحاول تغيير العالم.
وهو أيضًا لا يخلو من المشاهد الطريفة والحوارات الكوميدية التي تدور بين كل من القط داروين والفتى يوليوس، أو في المشهد الذي تحصل فيه سحلية على مساج من أحد العلماء بينما يعزف أينشتاين مقطوعة موسيقية لشوبان.
وعلى مستوى القصة وبناء العالم فيعد من أجمل الأفلام التي جمعت بين عناصر الستيمبانك والتاريخ البديل في السنوات الأخيرة.
والجدير بالذكر أن الفيلم مقتبس عن سلسلة روايات مصورة لـ”جاك تاردي” بعنوان The Extraordinary Adventures of Adèle Blanc، وكتبه للسينما كلٌ من فرانك إكينجي وبينامين ليجراند، وموسيقى فالنتاين حجاج، وقد رشح لجائزة سيزار كأفضل فيلم أنيمشن، كما حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة عام 2015.