أقلية مستباحة لا لشيء سوى لجذورها العرقية واعتناقها الدين الإسلامي، مجازر وتشريد لمئات الآلاف دون تفريق بين رجل أو امرأة، كبير أو صغير، وذلك يجري تحت سمع العالم وبصره، لكن “الجرح المفتوح” لم يخل من بصمة “إسرائيل” التي تزود جيش هذه البلاد بالسلاح، رغم استمرار حظر الأسلحة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وفي حلقة جديدة من مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية، كشفت صحيفة هآرتس مجددًا عن بيع “إسرائيل” أسلحة لدولة ميانمار، رغم اتهامات ممارسة الإبادة العرقية ضد أقلية الروهينغا المسلمة، لتفتح الباب عن مدى شرعية هذه التجارة ومراعاتها للقانون الدولي، وكيفية توظيف “إسرائيل” احتلالها لفلسطين ومجازر رواندا والبوسنة استثمارًا لتجارتها بالأسلحة، وزيادة البيع والأرباح.
الدجاجات التي تبيض العملة الصعبة
مئات الملايين من الدولارات تتدفق على الخزينة الإسرائيلية سنويًا وهي أرباح بيع الأسلحة لدول وجهات عديدة حول العالم، فـ”إسرائيل” تحتل المرتبة الرابعة عالميًا في تصدير الأسلحة، وفي التقديرات الرسمية السادسة عالميًا، بنسبة تقارب 10% من سوق السلاح العالمي، حسب المعلن.
وخلال السنوات الخمسة الأخيرة، ازداد معدل بيع الأسلحة عالميًا للأخيرة بنسبة 8.4%، وحققت “إسرائيل” طفرة كبيرة بتوسيع دائرة انتشار تجارتها بشكل علني عبر عقود تصادق عليها وزارة الدفاع الإسرائيلية، بهدف تحقيق أرباح مادية كبيرة وتقوية علاقاتها الخارجية، لا سيما مع بلدان العالم الثالث في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ازداد حجم إنتاجها للاستهلاك المحلي، وارتفع حجم صادرات الصناعات العسكرية من عشرات ملايين الدولارات إلى نحو نصف مليار، في الفترة بين عامي 1973 و1990
صحيح أن “إسرائيل” تزاحم الدول العشرة الكبرى المصدرة للسلاح، لكن بما يتناسب مع حجمها فـ”نحن في المرتبة الأولى عالميًا”، تقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية، كذلك فإن “إسرائيل” تصدّر السلاح إلى 130 دولة حول العالم، بينها دول خاصة ليس لها علاقات معلنة معها، أو لا یُعلن خشیة التسبب بالحرج لهذه الدول، ویُمنع التحدث بشأنها ونشر أي معلومات عنها من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وبالعودة إلى التسعينيات، فإن مشروع الصناعات العسكرية والأمنية في “إسرائيل” يعود إلى ما قبل نشوئها وتحديدًا إلى عام 1933، حيث تم إنشاء المصنع العسكري الأول في بلدة “جفعتايم” قرب تل أبيب، وخُصص لإنتاج الأدوات الصلبة المستخدمة في تصنيع القنابل اليدوية والبنادق الرشاشة، حتى تحول قبل 1948 إلى مرافق صناعية تعمل حسب معايير واضحة، وكان العاملون فيه أعضاء عصابة “الهاغانا”.
ويُستدل من لوائح وزارة الدفاع الإسرائيلية أن حرب 1973 شكلت علامة فارقة في مسيرة الصناعات العسكرية في
إسرائيل”، حيث ازداد حجم إنتاجها للاستهلاك المحلي، وارتفع حجم صادرات الصناعات العسكرية من عشرات ملايين الدولارات إلى نحو نصف مليار، في الفترة بين عامي 1973 و1990، وتم افتتاح فرع إنتاج جديد خاص بالطيران المدني.
وفي عام 2002 نُظمت الصناعات العسكرية والأمنية كافة في “إسرائيل” تحت إطار شركة حكومية واحدة تدعى “رفائيل” (السلطة لتطوير الوسائل القتالية)، أما الوسائل الخاصة بأجهزة الجو والفضاء والأدوات الإلكترونية فبقيت تُصنع في إطار شركة صناعات “إسرائيل” الجوية.
العصر الذهبي لسوق السلاح الإسرائيلي
بموجب تقرير شركة الأبحاث العالمية (IHS Jane’s) شهدت الصادرات العسكرية الإسرائيلية قفزة كبيرة منذ عام 2008، بنسبة 74%، وبأضعاف ما كانت عليه في المدة التي سبقت هذا العام، وقفزت من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات، ويُتوقع أن تبيع طائرات بلا طيار ضعف ما تصدره الولايات المتحدة.
وقالت غيلي كوهين المراسلة العسكرية في صحيفة هآرتس إن الصادرات العسكرية لـ”إسرائيل” شهدت ارتفاعًا متصاعدًا وبلغت قيمتها خلال العام المنصرم قرابة 6.5 مليار دولار بارتفاع قيمته 800 مليون دولار عن العام الذي سبقه 2015، الذي بلغت فيه قيمة الصفقات 5.7 مليار دولار.
ووفقًا لمصادر إسرائيلية، تصدّر تل أبيب أكثر من 500 نوع من الأسلحة تقوم بتصنيعها نحو 220 شركة إسرائيلية خاصة تعمل في مجال التصنيع العسكري، وجميع الصفقات يتمّ إبرامها بواسطة الصناعات العسكرية الإسرائيلية (تاعاس).
ونشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية إحصائيات تفيد بأن “إسرائيل” وقعت سلسلة عقود تجارية لتوريد أسلحة لجيوش أجنبية حول العالم، وفاقت قيمتها في العام الماضي 800 مليون دولار مقارنة بحصيلة العام 2015، مشيرة إلى أن أكبر مبيعات الأسلحة الإسرائيلية تتوجه إلى آسيا عمومًا، والهند خصوصًا، ومن ثمَّ تأتي دول أوروبا في الترتيب.
وكشفت دراسة بحثية إسرائيلية نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن دول أوروبا تُقبل بشكل متزايد على شراء السلاح الإسرائيلي، في ظل ارتفاع الموازنات العسكرية للقارة بنسبة 3%، لتصبح أوروبا وعلى مدى السنوات الماضية ثاني أكبر مستورد للسلاح الإسرائيلي.
ويوضح الباحث عيلي راتيج معد الدراسة أن دول أوروبا ضاعفت صفقاتها العسكرية مع “إسرائيل” من 724 مليون دولار عام 2014 إلى 1.6 مليار دولار عام 2015، ووصلت في 2016 إلى 1.8 مليار دولار، وبلغت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى أمريكا الشمالية 1.265 مليار دولار، وأمريكا اللاتينية 550 مليون دولار، وإلى إفريقيا 275 مليون دولار، إلا أن قارة آسيا بقيت في صدارة الدول المستوردة للسلاح الإسرائيلي بقيمة 2.6 مليار دولار.
مجلة Fortune” Magazine“ الدولية التي تصدر في الولايات المتحدة كشفت أن هناك زيادة ملحوظة في الطلب على الأسلحة في جنوب آسيا وشرقها، فآسيا ومنطقة المحيط الهادئ كان من نصيبهما 43% من صادرات الأسلحة في السنوات الأخيرة، أيضًا في منطقة الشرق الأوسط هناك ازدياد في الطلب على استيراد الأسلحة خاصة الأمريكية بسبب عدم الاستقرار الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وأيضًا دول الخليج.
وخوفًا من التهديدات الإيرانية تُقبل دول الشرق الأوسط على شراء السلاح بشكل كبير، حتى وصل حجم صادرات الأسلحة لبلدان المنطقة إلى 29% من حجم مبيعات الأسلحة عالميًا، تقول المجلة.
غزة حقل تجارب.. “اشتروا منا، أسلحتنا مجربة”
تستغل الصناعات الأمنية الإسرائيلية ما يحصل في الأراضي الفلسطينية، وخاصة الضفة الغربية وقطاع غزة، من أجل الدفع بمبيعاتها، وفي الوقت نفسه فإن الإعلام الإسرائيلي لا يشير إلى أي قيمة تكنولوجية أو تفاصيل تقنية للسلاح الجديد.
“لا مجال أفضل وأقرب من غزة للتجارب وتسويق السلاح”، يتحدث يائير أورون الباحث في الإبادة الجماعية عن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إلى أذربيجان بعد حملة الرصاص المصبوب (العدوان على غزة 2008)، ويقول إن الزيارة أثمرت عن بيع أسلحة خلال أربع سنوات بما قيمته 5 إلى 6 مليارات دولار.
وبذلك يتضح أن ساحات المواجهة مع الجيش الإسرائيلي هي ساحات لتجريب الأسلحة الإسرائيلية الجديدة والوسائل القمعية قبيل بيعها أو الترويج لها في المعارض الدولية للأسلحة أو لدى تجار وسماسرة الأسلحة أو الأنظمة الاستبدادية، وهو ما أكده قائد عسكري سابق لمنطقة الجنوب عندما صرح بما معناه أن “أنظمة ظلامية” تأتي إلى البلاد لترى كيف تصنع “إسرائيل” ثروة من الدماء الفلسطينية.
ويكشف “تحقيق خاص” أعدته قناة الجزيرة عن التعاون الإسرائيلي البريطاني في تصنيع الطائرات المسيّرة، إذ اكتسب الجيش الإسرائيلي خبرته في تجربتها فوق غزة، وهو ما أثار اعتراضات ناشطين بريطانيين يرون أن ازدهار صناعة هذه الطائرات يرتبط بشيء واحد هو استثمار الاحتلال.
في سوريا، استخدمت “إسرائيل” صاروخ “تموز” لأول مرة ضد مواقع عسكرية سورية، وبعد عدة شهور نُشرت تقارير مفادها أن “إسرائيل” على وشك أن تعرض الصاروخ في المعرض الجوي في باريس
وتؤكد “كتلة السلام” الإسرائيلية أن “إسرائيل” لا تكتفي بظلمها للفلسطينيين، بل تنتج آلة حرب وفظائع وتصدرها لدول كثيرة تشهد حروبًا أهلية ويُقتل فيها مدنيون كثر، داعيةً لإبقاء تصدير السلاح موضوعًا مطروحًا على أجندة المحكمة والرأي العام حتى وقف التجارة بالدم.
وردًا على سؤال بأن “إسرائيل” تبيع أسلحة ثبت أنها “ناجعة”، يقول المحامي إيتاي ماك (34 عامًا)، وهو محام مدافع عن حقوق الإنسان وناشط من أجل زيادة الشفافية والرقابة على التصدير الأمني الإسرائيلي، إنه يعتقد أن :إسرائيل” تقوم بعمليات معينة لتجريب السلاح، “وعندما يسألونني كيف أتجرأ على القول إن “إسرائيل” تقوم بتجارب على السلاح في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أقول إن الصناعات الأمنية هي التي تقود هذه التجارب وتربح منها، فهي التي تروج للسلاح على أنه مجرب”.
مضيفًا أنه سمع بأذنيه في معارض السلاح من يقول إن السلاح تمت تجربته في (الرصاص المصبوب 2008 – 2009) و(عامود السحاب 2012).
وبعد عمليات العدوان على غزة، حدثت قفزة في مبيعات السلاح، وجاء كثيرون إلى “إسرائيل” للوقف على ما فعلته، وحينها أطلق القائد العسكري لمنطقة الجنوب يوآف غالانط، تصريحًا دمويًا خطيرًا، حيث قال: “لقد جاؤوا لرؤية كيف نحول الدماء إلى أموال”، في إشارة إلى الدماء الفلسطينية التي نزفت جراء استخدام هذه الأسلحة.
ويتابع المحامي مالك أن كل حرب تستخدم لإدخال تكنولوجيا جديدة، وحتى في الضفة الغربية، وفي المناطق التي تنظم فيها المظاهرات بشكل دائم، مثل بلعين وقدوم وقلندية، يلاحظ أن هناك أسلحة جديدة ووسائل جديدة لتفريق المظاهرات.
وفي سوريا، استخدمت “إسرائيل” صاروخ “تموز” لأول مرة ضد مواقع عسكرية سورية، وبعد عدة شهور نُشرت تقارير مفادها أنها على وشك أن تعرض الصاروخ في المعرض الجوي في باريس.
السلاح الإسرائيلي في خدمة دول النزاعات
لعب السلاح دورًا مهماً في ترسيخ العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، وكانت صادرات السلاح الإسرائيلية لدول إفريقيا تمثل النسبة الأكبر، حيث بلغت قيمة صادرات السلاح الإسرائيلي إلى الدول الإفريقية 318 مليون دولار، عام 2014، وذلك بزيادة نسبتها 40% عن صادرات عام 2013، وزادت في العام الماضي بنسبة 70% مقارنة بالعام 2015، بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ويشير المحامي إيتاي ماك، في المقابلة مع صحيفة هآرتس إلى أنه بات معروفًا أن “إسرائيل” تصدر السلاح لأذربيحان وجنوب السودان ورواندا، كما أن “إسرائيل” دربت ولا تزال تدرب الحرس الرئاسي لعدد من الأنظمة في الدول الإفريقية وغير الديمقراطية، مثل الكاميرون وتوغو وغينيا الاستوائية، وبعضها أنظمة ديكتاتورية تقتل وتنهب وتقمع المواطنين.
ما حدث روندا عام 1994 كان أكبر دليل على انتهاك الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على بيع الأسلحة لها، حيث شاركت “إسرائيل” في أسرع إبادة جماعية في التاريخ الإنساني بتزويد القوات المسلحة الرواندية بالأسلحة، لتكون النتيجة مقتل ما لا يقل عن 800 ألف شخص على مدى 100 يوم، وعندما طالب حقوقيون – على رأسهم إيتاي مالك – من وزارة الدفاع الإسرائيلية بالكشف عن ملفات خاصة بتصدير السلاح إلى رواندا في عام 1994، رُفض الطلب بحجة “يضر بأمن الدولة الإسرائيلية وبعلاقاتها الخارجية”.
وبعد شهر من إلغاء الولايات المتحدة لصفقة الأسلحة الشهيرة بين نيجيريا و”إسرائيل” في العام 2014، توجَّهت “إسرائيل” لتوريد السلاح لنيجيريا التي يرتكب جيشها جرائم حرب بواسطة إسرائيلية، حدث ذلك بواسطة سماسرة إسرائيليين نجحوا في الالتفاف على حظر شراء السلاح.
لعبت “إسرائيل” دورًا مشبوهًا في تغذية النزاعات والحروب، ففي صربيا، وصل السلاح الإسرائيلي بعد شهرٍ واحد من الحظر، ليستخدمه الصرب في تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية التي وصل عدد الضحايا إلى نحو 250 ألف شخص
ويمكنا الإشارة هنا إلى قيام سلطات الجمارك في جنوب إفريقيا بمصادرة 7.5 مليون دولار أمريكي ثمن صفقة أسلحة نيجيرية كانت ستُشترى من “إسرائيل” في عام 2014، وتعدّ هذه العملية الثانية في ذات العام حسب صحيفة “سيتي إكسبريس” الجنوب إفريقية، إذ سبقها مصادرة 3.9 مليون دولار أمريكي كانت بحوزة اثنين من النيجيريين وإسرائيلي يدعى إيال ميسيكا تواصلا مع سماسرة سلاح من جنوب إفريقيا.
وفي جنوب السودان، تأتي الأموال فقط لشراء السلاح، ولم يمنعها الفقر البتة من أن تكون أهم مشتري آلة الحرب الإسرائيلية، وتشهد التقارير الواردة من منظمات دولية وحقوقية أن “إسرائيل” انتهكت الحظر وباعت أسلحة لهذه الدولة في أثناء الحرب الأهلية الدائرة هناك، وثمة قوات جنوب سودانية دربها إسرائيليون، إضافة إلى أن تقرير أمني آخر، أثبت أنَّ الجيش في الجنوب السوداني استخدم الجيش أجهزة استخباراتية حصل عليها من “إسرائيل” لملاحقة المعارضين واعتقالهم بشكلٍ تعسُّفيّ، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية تتهرب من الرد على تساؤلات عما إذا كانت تواصل بيع الأسلحة لجنوب السودان.
وخارج القارة السمراء، لعبت “إسرائيل” دورًا مشبوهًا في تغذية النزاعات والحروب، ففي صربيا، وصل السلاح الإسرائيلي بعد شهرٍ واحد من الحظر، ليستخدمه الصرب في تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية التي وصل عدد الضحايا إلى نحو 250 ألف شخص، وبقيت “الدول الآسيوية” ودول “منطقة الباسيفيك” الأكثر استيرادًا للسلاح والصناعات الأمنية من “إسرائيل”، بما قيمته اليوم 3.9 مليار دولار.
بأدلةٍ دامغة، تخرق “إسرائيل” القانون الدولي، فهي لا تتقيد بالمعاهدات الدولية التي تمنع تصدير الأسلحة والخبرات الأمنية لأنظمة يحظر التعاون معها، ورغم قرار قضائي سابق بالكشف جزئيا عن الدول التي تستورد الوسائل القتالية والأمنية والسلاح من تل أبيب، تسعى الأخيرة للتستر على هذه الدول خوفًا من انقطاع علاقات تجارية وأمنية استراتيجية معها.
وتتبع تل أبيب سياسة ألا توقع على أي معاهدات دولية حتى تبقى حرة طليقة في بيعه، ورغم أنها وقعت في نهاية العام 2014 على الميثاق الدولي للرقابة على تجارة السلاح، فلم تصادق على الميثاق، مما يعني أنها ليست عضوًا في الميثاق، وتكشف هذه المعطيات السياسة المعتمدة لدى تل أبيب إزاء تصدير السلاح إلى أنظمة قمعية ديكتاتورية، ودول تشهد قتالاً وحروبًا أهلية، ومنها:
– صفقات من خلف الستار: تُفضل “إسرائيل” إبرام صفقات بيع السلاح لدول في قارتي إفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل غير مباشر، إلا عبر شركة واحدة هي شركة “رفائيل” للصناعات العسكرية، وبواسطة شركات خاصة يتجاوز عددها أكثر من 220 شركة في محاولة للتملص من مسؤولية استخدام هذا السلاح في جرائم ضد البشرية سواء في هذه الدول أو في الدول المجاورة.
تحت غطاء لا يقل خطورة عن الوساطة، يجري استخدام البعثات الإنسانية والزراعة والري كمقدمة لصفقات أسلحة
– وزارة الأمن الراعي الرسمي: تدير وزارة الأمن الإسرائيلية صفقات السلاح بناءً على الطلبات الواردة من دول وجهات معنية بالسلاح الإسرائيلي، حيث تصدر 400 ألف رخصة تصدير سلاح كل عام، دون اتخاذ إجراءات جنائية أو سحب تراخيص، حيث تضع في الحسبان مصلحة موظفيها وكبار الضباط العسكريين السابقين الذين يديرون شركات التصدير الخاصة، التي أقامها إسرائيليون من أجل جني الأرباح، ويزيد عددها على 100 شركة، وأكثر من 300 مصلحة مرخصة، وتعمل جميعها تحت مظلة وزارة الأمن التي تصادق على نشاطها.
– جنرالات الجيش (سماسرة الحروب): تنبع حاجة الدول إلى سماسرة أساسًا من كونها يحظر عليها شراء السلاح، وتعتبر السمسرة في مجال التصدير الأمني قانونية، وذلك لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك ووزراء الأمن السابقين لم يكن لديهم “الوقت الكافي” لوضع أنظمة تنظم عملية إصدار تراخيص للوساطة في التصدير الأمني، فبات بإمكان أي جنرال أو سياسي سابق تحقيق أرباح من التصدير الأمني دون استصدار تراخيص، وذلك عن طريق الوساطة/السمسرة.
– مقدمات صفقات الأسلحة: تحت غطاء لا يقل خطورة عن الوساطة، يجري استخدام البعثات الإنسانية والزراعة والري كمقدمة لصفقات أسلحة، وهو ما يحصل فعلاً، إذ تقوم “إسرائيل” بإرسال بعثات إنسانية لدولة ما، وبعد ذلك ترد تقارير عن صفقات أسلحة، وبحسب هآرتس، هناك أناس في “إسرائيل” باتوا أغنياءً جدًا من تجارة السلاح مع دول قمعية، لكن الرأي العام يظن أنهم يعملون في الزراعة، ونقل التقنيات الزراعية إلى الخارج.
ويبقى في الذاكرة أن “إسرائيل” وقفت إلى جانب أنظمة ظلامية قمعت شعوبها، كما أنها خرقت قرارات حظر السلاح لمجلس الأمن، وفي مواقع كثيرة ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.