يوم 21 فبراير الماضي، عقدت المعارضة الأوكرانيا اتفاقا مع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش ينص على جملة من الإصلاحات وعلى أمد أقصى لتاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية وإجراءات أخرى، كما ينص أيضا على إلتزام الحكومة والمعارضة بعدم استخدام القوة.
غير أن تخلي يانوكوفيتش عن استخدام القوة في ظل اعتماد المعارضة على عدد كبير من قوات الشرطة التي انضمت إليهم أدى إلى أن يضطر يانوكوفيتش إلى الهروب من قصره على عجل خوفا من أن يقع بين أيدي المحتجين الذي نجحوا في اقتحام قصره الرئاسي ومعظم المباني الحكومية، ولتحقق المعارضة الأوكرانية بذلك كل مطالبها غير عابئة بالتزاماتها في الاتفاق الذي أمضت عليه.
ويبدو أن روسيا، حليفة يانوكوفيتش، قررت أن تراوغ بنفس الأسلوب، فعلى الأرض تسيطر روسيا بشكل كامل على جمهورية القرم، كام أن قواعدها العسكرية ومناصريها المدنيين منتشرون بشكل كبير في النصف الشرقي من أوكرانيا، وأما على مستوى الخطاب السياسي فتواصل روسيا وكذلك يانوكوفيتش -اللاجئ عندها- التأكيد على أن جمهورية القرم أرض أوكرانية وعلى أنها لا ترغب في ضمها إلى روسيا.
وبالتوازي مع فرض روسيا لسياسة الأمر الواقع على الأرض واتباعها لسياسة المماطلة على المستوى السياسي، صوت برلمان جمهورية القرم، الذي تسيطر عليه قوات مسلحة تابعة لروسيا، لصالح انضمام القرم إلى روسيا الاتحادية، على أن يعرض الأمر على استفتاء شعبي في السادس عشر من الشهر الجاري.
وبعد ساعات من صدور قرار البرلمان بإجراء الاستفتاء، اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تنظيم الاستفتاء في القرم “سيمثل انتهاكا للقانون الدولي وللسيادة الأوكرانية”، مضيفا: “نحن في العام 2014، لقد تجاوزنا الحقبة التي يمكن فيها أن يعاد رسم حدود مع إزدراء قادة ديمقراطيين”.
وقبيل المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه أوباما عن موقفه هذا، أمر الرئيس الأمريكي بمنع دخول الضالعين في التدخل العسكري الروسي بمنطقة القرم في أوكرانيا إلى الولايات المتحدة وبتجميد أرصدتهم فيها. كما وقع أوباما أمرا تنفيذيا لمعاقبة الروس والأوكرانيين المسؤولين عن التحرك الروسي في القرم.
وفي ظل هذه التطورات يبقى مصير جمهورية القرم معلقا بين خيارين، الأول هو أن تمضي روسيا في ضم الجمهورية إليها وتمضي أمريكا في تحذيراتها، وأما الثاني وهو الأخطر فيتمثل في أن تقدم أمريكا على “حماية وحدة أوكرانيا” عبر آلاتها العسكرية سواء عبر قوات حلف الناتو أو عبر دعم الجيش الأوكراني، وهو ما سيكون شرارة لحرب ستصعب السيطرة عليها.