ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: إليزابيث أوبراين و براثيك ريبالا
ترتفع فرص تفاعل العائلات مع النظام الطبي عند الولادة، حيث تعد الطريقة الأكثر شيوعا وانتشارا، خاصة وأن حوالي 85 بالمائة من النساء الأمريكيات ينجبن أطفالا في منتصف الأربعينات. وفي الأثناء، تتطلب الإقامة في المستشفى دفع تكاليف الفواتير المشطة، حيث تقدر تكلفة فريق الرعاية بنحو 600 دولار في حين أن الفريق المساعد للطبيب الجراح يكلف ما يقارب عن 117 ألف دولار.
طلبنا من مؤسسة “فيير هيلث”، وهي منظمة مستقلة غير ربحية، أن تقدم لنا كشفا يخص تكلفة الولادة في كل الولايات الأمريكية. وتمثل هذه التكلفة المبلغ التقديري الذي توافق عادة شركات التأمين على دفعه مقابل أجرة الأطباء والمستشفيات. وتعرف هذه التكاليف في إطار هذه الصناعة على أنها الأسعار “التي يمكن التفاوض عليها” أو “المسموح بها” بالنسبة للرعاية المتصلة بالولادة. في الواقع، تستند هذه الأرقام، التي تم جمعها بين سنتي 2016 و2017، على بيانات فعلية تشمل مجمل مراحل الرعاية، انطلاقا من رسوم طبيب التوليد (التي تشمل عموما الرعاية قبل الولادة) وصولا إلى رسوم المستشفى ورسوم طبيب التخدير. ويقع استثناء مرسوم رعاية المولود الجديد، التي عادة ما تُجهز فواتيرها بشكل منفصل، تضاف إلى الفاتورة العامة للوالدين.
المستشفيات الريفية تخدم عددا أقل من المرضى مقارنة بالمستشفيات الحضرية
من جانبه، أورد فريد بنتلي، نائب الرئيس في شركة الاستشارات “أفالير”، أن “الأسعار مرتفعة في ألاسكا، بسبب موقعها البعيد عن باقي الولايات. فضلا عن ذلك، تعد معظم المقتنيات مرتفعة التكلفة في تلك الولاية، لأنها تنقل عبر الجو. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما تكون تكلفة الخدمات مرتفعة أيضا. فعلى سبيل المثال، ومن أجل إغراء الأطباء للعمل في ألاسكا، قد تحتاج المستشفيات المحلية إلى دفع رواتب أعلى من باقي المرافق في الولايات الأخرى، وبطبيعة الحال سيتحمل المرضى هذه الزيادة في التكاليف.
في سياق متصل، أقرت كاتي كوزيمانيل، المختصة في صحة الأم ورعايتها، والأستاذة المشاركة في كلية الصحة العامة في جامعة مينيسوتا، أن “الاختلافات التنظيمية بين الولايات يمكن أن تساهم أيضا في خلق فوارق بيّنة بين الأسعار في المجال الطبي”. كما تختلف الأسعار في الولاية ذاتها. وأضافت كوزيمانيل، أن “هناك تكلفة ثابتة حتى يتم دفعها مقابل رعاية الأم أثناء الولادة، بغض النظر عن الوقت”.
في الإطار ذاته، أشارت كاتي كوزيمانيل إلى أن المستشفيات الريفية تخدم عددا أقل من المرضى مقارنة بالمستشفيات الحضرية، وبالتالي، تعد هذه المستشفيات في حاجة إلى رفع أسعارها لمجابهة تكاليفها الثابتة في ظل عدد المرضى القليل. علاوة على ذلك، ووفقا لفريد بنتلي، تؤثر المنافسة بدورها على الأسعار، حيث ترتفع الأسعار في المناطق التي يهيمن فيها نظام الرعاية الصحية، مقارنة بالمناطق التي تغيب فيها مثل هذه القوى التنافسية التي تميل إلى التفاوض مع شركات التأمين.
تمضي الأم بين 72 إلى 96 ساعة في المستشفى عقب إجراء ولادة قيصرية، بينما تقضي الأم التي خضعت لولادة طبيعية بين 24 إلى 48 ساعة في المستشفى فقط
على العموم، أوضح الخبراء أنه من غير المنطقي أن تنهك معظم حالات الولادة ميزانية العائلات. وفي هذا السياق، قالت كارول ساكالا، مديرة برامج الاتصال بالولادة في المنظمة الوطنية للمرأة والأسرة، إن “قدوم طفل جديد حدث هام بالنسبة للوالدين، ولكن من وجهة نظر طبية، عادة ما يكون أمرا روتينيا جدا. وفي حين أن صحة الأمهات والأطفال في الغالب تكون جيدة، تعد هذه التكاليف صادمة جدا للغاية من هذه الزاوية”.
وأردفت ساكالا أنه في جميع الولايات، تكون تكلفة العمليات القيصرية باهظة أكثر من الولادة الطبيعية غير المعقدة. ويعزى ذلك لأن العمليات القيصرية تستوجب عملية جراحية كبرى، فضلا عن استخدام غرفة العمليات ووجود المزيد من الطاقم الطبي. وبالتالي، قد يتطلب كل منهما تسديد فاتورة خدمات إضافية. بل أكثر من ذلك، تحتاج النساء اللاتي خضعن لعملية قيصرية للبقاء في المستشفى لفترة أطول مقارنة بغيرهن اللاتي كانت ولادتهن طبيعية وخالية من التعقيدات. في الأثناء، هناك بون شاسع بين الولادتين، حيث تمضي الأم بين 72 إلى 96 ساعة في المستشفى عقب إجراء ولادة قيصرية، بينما تقضي الأم التي خضعت لولادة طبيعية بين 24 إلى 48 ساعة في المستشفى فقط.
في الغالب، يفسر هذا الأمر الزيادة في الرسوم التي تدفع للمستشفى. وبمجرد أن تقوم المرأة بعملية قيصرية، تتضاعف حظوظ إجراء عملية قيصرية في الولادة القادمة وقد تبلغ نسبة ذلك 90 بالمائة. وبالتالي، تتنامى التكاليف بالنسبة للأمهات والنظام الصحي على حد السواء. وعادة ما تمثل تكاليف الولادة نسبة مئوية من مبلغ التأمين الذي تم التفاوض بشأنه.
الخطط التأمينية الصحية الخاصة بسنة 2017، وفقا لقانون الرعاية “أوباما كير”، يقدر سقف المصاريف للمريض بنحو 7150 دولار بالنسبة للخطة الفردية و14.300 دولار للخطة العائلية
ترتبط النفقات بعدة عوامل، بما في ذلك ما إذا كان مقدمو الخدمات الطبية للأم ضمن الخطة الصحية الخاصة بها، والنسبة السنوية للخصم الضريبي الذي تساهم به كل سنة. ونتيجة لذلك، تسلط على أولئك الذين ليس لديهم تأمين على الإطلاق مبالغ أعلى بكثير. وإن واجهت طبيبا من غير المتعاقدين مع شركات التأمين الصحي، فمن المحتمل أن تكون الفاتورة أعلى بكثير.
في بعض الأحيان، تغطي بعض الخطط التأمينية مصاريف الأطباء غير المتعاقدين بمعدل أقل من الأطباء المتعاقدين، في حين أن بعض تلك الشركات لا يوجد لديها معيار تغطية مصاريف الأطباء غير المتعاقدين على الإطلاق. بناء على ذلك، في حال كانت الخطة التأمينية للأمم من بين الخطط الآنفة ذكرها، فقد تتفاجأ بعد خضوعها للتخدير من قبل أخصائي التخدير من غير المتعاقدين مع شركة التأمين الصحي عن طريق الايمبدرول، بفاتورة صادمة. (أصدرت بعض الولايات، مثل نيويورك، قوانين تحمي المرضى من هذا النوع من الفواتير الطبية المفاجأة.)
تبلغ الأسعار في الولايات المتحدة أكثر من ضعف نظيرتها في سويسرا، البلد الثاني الأكثر تكلفة في العالم
عادة ما تضع خطط التأمين الصحي سقفا للإنفاق المرضى في سنة معينة. وتهدف من خلال ذلك إلى الحد من تعرض المريض لنفقات كارثية. أما بالنسبة للخطط التأمينية الصحية الخاصة بسنة 2017، وفقا لقانون الرعاية “أوباما كير”، يقدر سقف المصاريف للمريض بنحو 7150 دولار بالنسبة للخطة الفردية و14.300 دولار للخطة العائلية. ولكن هذا الحد الأقصى من النفقات ينطبق فقط على الخدمات التي تتبناها شركات التأمين. وبالتالي،في حال لم تغطي خطتك الرعاية المعيارية المتعاقد عليها، فلن تتمتع بهذه الميزة.
بغض النظر عن المكان التي تقطن فيه، تدفع النساء الأميركيات نفقات ولادة أكثر من غيرهن في أي بلد آخر. ففي الواقع، تبلغ الأسعار في الولايات المتحدة أكثر من ضعف نظيرتها في سويسرا، البلد الثاني الأكثر تكلفة، وذلك وفقا لتقرير نشر سنة 2015، من قبل الاتحاد الدولي للخطط الصحية. وقد عاد هذا التقرير على الأسعار التي دفعتها شركات التأمين لكل من الولادة الطبيعية والعمليات القيصرية، ليتبين أن الأسعار في نحو 25 بالمائة من الولايات المتحدة أعلى من تكلفة الولادة في سويسرا.
على العموم، وحتى إن تكفل التأمين بغالبية الفاتورة، لا يجب أن تغفل السيدات عن التكلفة العالية للرعاية الطبية. من غير الممكن أن يقع تقديم وجبة غداء مجانية، في مقصف المستشفى أو في أي مكان آخر: حيث أن شركات التأمين وأرباب العمل يدفعون أسعارا أكثر من أي وقت مضى، في حين يقع عبء تكاليفهم في نهاية المطاف على المريض، في شكل أقساط أعلى وخصومات.
المصدر: مجلة التايم