ترجمة وتحرير: نون بوست
في الواقع، عندما يصبح لدى الأبوين طفل، تتغير نظرتهما إلى العالم، حيث تعد الأبوة أحد أصعب الأمور على هذا الكوكب .
من الضروري إدراك أن كل شيء قابل للتغير في ظل وجود طفل داخل المنزل. ومهما قد تكون الحياة صعبة، إلا أن الآباء لا يتعبون من محاولة بذل قصارى جهدهم في سبيل تلبية حاجيات أطفالهم. وفي الأثناء، سيستمر الأطفال في القيام بأمور لا يمكن تصورها أو توقعها، في حين سيكون على الوالدين مجاراة ذلك بحكمة. وبطبيعة الحال، مهما كانت تصرفات الطفل غير صائبة، إلا أنه وفي ظل حب الأم والأب اللامشروط له، يمكن تبرير كل تصرفاته. ومن هذا المنطلق، توجد بعض الأمور التي لا يمكن أن يفهمها الأشخاص الذين لم ينجبوا أطفالا.
لا يمكن تعلم كيفية تربية الأطفال من خلال الكتب
قد يحاول الوالدين المستقبليين، قراءة بعض الكتب للاستعداد لمجابهة هذا التغيير الجذري في حياتهم، بعد ولادة الطفل الأول، ولكن لا يمكن تعلم كيفية تربية الأطفال من الكتب. ففي الواقع، يملك الجميع بعض الأفكار حول كيفية التصرف مع الطفل وذلك بناء على تجربة أشخاص آخرين. في المقابل، وعلى أرض الواقع، عندما تتجاوز مسألة رعاية الطفل الاهتمام بحاجاته وتغذيته، يصبح من الصعب التعامل معه بالاستناد إلى بعض الأفكار الموجودة في الكتب.
في الحقيقة، لدى كل طفل شخصيته الخاصة وميوله ورغباته واهتماماته المختلفة عن غيره من الأطفال. وبالتالي، لا يمكن أن تكون قراءة الكتب أو الإنصات إلى تجربة الأصدقاء مفيدا في تربية الطفل، حيث لا توجد قوالب جاهزة تتناسب مع الجميع، وإنما يجب أن تعاش التجربة بكل تفاصيلها في الواقع.
في الوقت ذاته، قد يحاول الأصدقاء تقديم بعض النصائح أو الأفكار والكتب. لكنك يجب أن تعرف أن كل طفل منفرد بذاته عن غيره، مما يعني أن المشاكل التي قد يواجهها أحد الوالدين مع طفله، مختلفة تماما عما قد يعيشه الآخرون مع أبنائهم. بطبيعة الحال، من الجيد الاستعداد للتعامل مع بعض المشاكل مسبقا. في المقابل، يستطيع الطفل أن يفاجئ والديه باستمرار، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الأفكار الموجودة في الكتب لتربية الطفل.
الإنسان لا يصبح والدا سيئا، عندما يكون طفله غير مطيع
مما لا شك فيه أن الأطفال يرتكبون في الغالب العديد من الأخطاء، في حين قد يقدمون على القيام ببعض الأمور الممنوعة، ولكن هذا لا يعني أن والديه سيئين. كما قد يشعر الأب أو الأم بالتعب والإرهاق أحيانا جراء تصرفات أطفالهم، إلا أن هذا الشعور لا يفهمه إلا الأشخاص الذين لديهم أطفال، بينما يميل الآخرون إلى انتقاد هؤلاء الأولياء.
وتجدر الإشارة إلى أنه في سن مبكرة من عمر الطفل، تكون عملية التربية مرهقة وصعبة ومصدر سعادة في الوقت ذاته. ففي الحقيقة، يحتاج الطفل في هذه المرحلة إلى الدعم وإلى التشبع بالقيم الخاصة التي تساهم في إعداده للحياة الواقعية. ويعد هذا الأمر من أعظم وأكبر المسؤوليات بالنسبة للوالدين. وعندما يحيد الطفل عن المسار الذي وضع له، يكون على الأبوين إعادة النظر في تصرفاتهما مع طفلهما وإصلاح طريقة تعاملهما إذا كان فيها خلل ما.
أما في سن المراهقة، فلا شيء يعتمد على الأولياء، في حين تنعدم الضمانات. فضلا عن ذلك، قد تكون تصرفات المراهق مفاجئة، في الوقت الذي قد يعجز الأب أو الأم عن تصحيح تصرفات ابنهما. وفي غالب الأحيان، لا يعي الأشخاص الذين ليس لديهم أطفال مدى تعقيد هذا الأمر، ويلقون باللوم على الآباء. على العموم، لا ينبغي مطلقا تقييم الشخص بناء على سلوك طفله.
أحيانا تسود الغرائز الأبوية على المنطق
عموما، تعتبر تربية الطفل مهمة صعبة، إلا أنها مصدر سعادة بالنسبة للأهل، في حين تعتبر تجربة فريدة. وفي الأثناء، تؤثر الغريزة الأبوية على جميع القرارات التي يتخذها الوالدين تجاه طفلهما، كما قد تؤثر على علاقاتهما بالآخرين. وفي بعض الأحيان، تصبح هذه الغريزة أقوى من المنطق. وفي الوقت الذي قد تعتبر فيه هذه الغريزة أفضل وسيلة لحماية الطفل، عادة ما تكون غير مفهومة بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم أطفال. من جانبهم، ينبغي على الأولياء أن يثقوا في أنفسهم ويستمعوا إلى صوت عقلهم وتفكيرهم الخاص وإعطاء قيمة للعواطف والمشاعر التي لا تعتبر أقل أهمية من المنطق. أما والنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم أطفال، فمن الصعب أن يفهموا هذا الجانب.
الأبوة والأمومة تجربة صعبة ولكنها تستحق العناء
غالبا ما تكون تربية الأطفال معقدة ومرهقة للغاية ولكن الحب يبرر كل المتاعب والمصاعب. وعادة ما يتولد شعور بالسعادة أثناء بذل كل تلك الجهود. وفي الأثناء، يرغب الجميع في عيش تجربة الأبوة، على الرغم من مدى صعوبتها، حيث يعي الأفراد مدى أهميتها وأن عدم خوضها قد يمثل خسارة كبيرة.
على سبيل المثال، في حال كان الطفل مريضا وكان الولي بدوره عاجزا عن ترك السرير، من غير الممكن أن يتخلى عن دوره على اعتباره المسؤول عن رعاية طفله. وبالتأكيد، يشق عن من ليس لديه أطفال، استيعاب مثل هذه الأمور. فبالنسبة للوالدين، ليس هناك ما هو أكثر قيمة وأهمية من التعامل مع الصعوبات التي قد تواجه الطفل.
على الرغم من ذلك، قد يشعر الوالدان بالتعب والإرهاق وقد يرغبان في أن يحصلا على بعض الراحة، عندما ينام الطفل مثلا. يعتبر هذا الأمر طبيعيا للغاية، حيث يواجه أغلب الآباء والأمهات مثل هذه المواقف، في حين ينبغي عليهم فقط أن يتذكروا أن تلك الفترة مؤقتة وستنقضي عاجلا أم آجلا.
يحتاج الولي لأن يكون دائما في حالة تأهب
في الواقع، يجد الأشخاص الذين ليس لديهم أطفال صعوبة في فهم انشغال الوالدين الدائم بأطفالهم. وحتى عندما يصبح الأطفال أكبر سنا، من غير المرجح أن يقل اهتمام الأهل بهم. غالبا، ما تتولد لدى الآباء عادة تحيل إلى أن أطفالهم في حاجة دائمة لهم، حتى بعد بلوغهم مرحلة متقدمة من العمر. وفي معظم الحالات، ما يلاحظ الأولياء أنهم لا يفكرون في شيء آخر سوى أطفالهم.
هناك العديد من الأوجه لمفهوم مراقبة الطفل
في بعض الأحيان عندما يرغب الوالدان في السيطرة على طفلهما، يكتشفان بعد مرور بعض الوقت أنه لا يمكن التنبؤ بما قد يفعله الطفل أو ماهية ردود أفعاله. وعندما يحاول الأهل تحفيز الطفل على الالتزام بالتغذية السليمة أو جدول أوقات معين، لن يتمكنوا من إجباره على إتباع خطتهم.
في هذا الصدد، لا جدوى من محاولة إرغام الطفل على فعل ما تريد. في حين يدرك الأبوان هذا الأمر، يصبحان أكثر تواضعا، حيث يفهم الأب والأم أنه لا يمكنهما السيطرة على كل شيء في الحياة. فعلى الرغم من أن الأهل عادة أكثر ذكاء وقوة من طفلهم، إلا أنهم لا يمكنهم التحكم به.
يصاب الطفل بنوبات غضب حتى في العائلات الجيدة
عندما يصاب الطفل بنوبة غضب، لا يعني ذلك أن والديه لا يحسنان التعامل معه، في حين أن ذلك لا يعد مؤشرا سيئا. في المقابل، قد يحاول الطفل من خلال ذلك اختبار الحدود التي وضعت له، واستكشاف العالم فضلا عن معرفة ما بإمكانه التحكم به. ومن المثير للاهتمام أن الطفل يعلم مسبقا أن البكاء يجذب الانتباه، وبالتالي، يسعى الطفل لمعرفة ما الذي بإمكانه الحصول عليه إثر الدخول في نوبة غضب.
بناء على هذه المعطيات، لا يجب الحكم على الوالدين بعد معاينة نوبات الغضب التي تصيب الأطفال، حيث لا يعتبر ذلك سلوك الطفل الحقيقي ولا ردة فعل الوالدين الفعلية. وي الواقع، يحاول الطفل أن يحقق أهدافه ورغباته من خلال الدخول في نوبات غضب، في الوقت الذي ينبغي على الأولياء أن يطلبوا من الطفل التعبير عن ما يريده بلطف. عموما، من الصعب التعامل مع الطفل عند إصابته بنوبة غضب.
من المحتمل أن يكون الوالدان مشغولان للغاية
تعتبر تربية الطفل عملية صعبة جدا، في حين قد تغير كل شيء في حياة الإنسان. في الأثناء، قد يجد الأشخاص الذين ليس لديهم أطفال صعوبة في فهم سبب عدم استعداد أصدقائهم الذين لديهم أطفال للخروج والاستمتاع بوقتهم تماما مثل السابق. فقد لا يستطيعون تخيل مدى انشغال الآباء الشباب في تربية أطفالهم. في واقع الأمر، تتطلب تربية الأطفال تحمل مسؤولية كبيرة وبذل جهد جدار، مما قد يحول دون خروج الوالدين للترفيه عن نفسيهما. وحتى عندما يقرر الأب أو الأم الذهاب إلى مكان ما أو الاستمتاع خارجا، يأخذ عادة طفله معه، ما قد يزعج الأصدقاء.
الأبوة والأمومة يتطلبان التضحية
عندما يكون لدى الشخص أطفال، سيجعلهم بالتأكيد على رأس أولوياته، وستصبح احتياجاته وأموره الخاصة ومتطلباته أقل أهمية. وغالبا، ما لا يدرك الأشخاص الذين ليس لديهم أطفالهم جوهر هذا الأمر، حيث لا يقبلون أن يضحوا باحتياجاتهم الخاصة أو يغيروا جدول أوقاتهم لأي سبب. بعد ولادة الطفل، يتخلى الوالدان طوعا عن أمور كثيرة، تعودا على القيام بها سابقا.
يحتاج الوالدين أن يكون جدول أوقاتهما مرنا جدا
عندما يكون الطفل الأولوية القصوى بالنسبة للأهل، يتعلم الوالدان تطويع جدول أعمالهما بما يتناسب مع احتياجات طفلهما. وما لا يعلمه الكثيرون أن هذا الأمر صعب للغاية. فعلى سبيل المثال، يضطر الآباء في بعض الأحيان إلى أخذ إجازة مرضية من العمل فقط لأن طفلهم مريض. وحتى يتمكن الأولياء من إيجاد التوازن بين العمل والمنزل، قد يضطرون إلى العمل حتى وقت متأخر من الليل أو في عطلة نهاية الأسبوع. وفي المقابل، من السهل الحفاظ على جدول زمني منظم ودقيق بالنسبة لمن لا يملكون أطفالا.
الموقع: آف بي. ري