بات حلم سكان قطاع غزة الذي استمر أكثر من 10 سنوات ضائعاً بين ثنايا المناكفات السياسية وعالقاً مع ويلات الحصار الإسرائيلي المشدد، يقترب من التحقيق على أرض الواقع في ظل خطوات المصالحة الفلسطينية المتقدمة والتي قاربت على الوصول لباب الوحدة ولم شمل الوطن من جديد.
بالنسبة لسكان قطاع غزة، كانت البوابات السوداء لمعبر رفح البري والحدودي مع الجانب المصري، هي التي دائماً ما كانت تتصدى لأحلاهم وطموحاتهم وآمالهم بل أو أكثر من ذلك حين كانت تموت أمام تلك البوابات، ليبدأ الحديث عن موعد جديد لفتح المنفذ الوحيد لسكان غزة نحو العالم الخارجي.
معبر رفح يعد من أبزر أشكال الحصار الذي يتعرض له أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، فبوابات الكبيرة لا تفتح إلا أيام معدودة وللحالات الإنسانية أو إدخال المتوفين فقط وتغلق باقي العام، ليصبح الحديث المتكرر عن فتحه حلماً اشتاقت عيون الغزيين على رؤيته واقعاً.
متى سيفتح المعبر؟
وتسلمت حكومة الوفاق الوطنية الفلسطينية، الأربعاء معبر رفح البري، وذلك بحضور وإشراف وفد أمنى مصري، فيما حضر مراسم التسليم وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني مفيد الحساينة وعناصر أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية.
القواسمي: ملف معبر رفح كان من ضمن الملفات المعقدة والتي أخذت حيزاً كبيراً من المناقشة والحوار مع حركة “حماس”، والوسيط المصري، وفي النهاية تم التوصل لاتفاق رسمي على معاجلة كل الملفات المتعلقة بمعبر رفح البري
وقررت حكومة التوافق فور تسلمها المعبر البري إلغاء الرسوم والجبايات غير القانونية التي كانت تجبى من غزة، وقال الوزير حسين الشيخ، رئيس الهيئة العامة للشئون المدنية وهيئة المعابر والحدود الفلسطينية، إن ” الجباية ستكون وفقا لما نص عليه القانون الفلسطيني فقط“.
وكان الشيخ قد أعلن أنه سيتم الإعلان عن إعادة العمل بشكل طبيعي على معبر رفح كما قبل 14 يونيو 2007، بدءًا من 15 نوفمبر الجاري، وسنستمر في توفير الاحتياجات المطلوبة لفتح المعبر وفق اتفاق المعابر 2005 خلال أسبوعين.
أسامة القواسمي، الناطق الرسمي باسم حركة “فتح”، وعضو مجلسها الثوري، أكد أن هناك خطة فلسطينية- مصري تم الاتفاق عليها ووضعها لمعالجة ملف معبر رفح البري بشكل كامل ومن كل جوانبه.
وقال القواسمي، إن ” ملف معبر رفح كان من ضمن الملفات المعقدة والتي أخذت حيزاً كبيراً من المناقشة والحوار مع حركة “حماس”، والوسيط المصري، وفي النهاية تم التوصل لاتفاق رسمي على معاجلة كل الملفات المتعلقة بمعبر رفح البري”.
لا يُعرف مصير موظفي “حماس” الذين يشرفون على إدارة المعابر الثلاثة في القطاع، علماً أن اتفاق القاهرة نص على أن تقرر اللجنة القانونية الإدارية مصيرهم في غضون أربعة أشهر من توقيع الاتفاق
وذكر عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، أن الخطة “الأمنية والاقتصادية” للمعبر سيتم تطبيقها منتصف شهر نوفمبر الجاري، بحسب الاتفاق الذي تم مع الجانب المصري، حول موعد وآلية فتح المعبر وتنقل الأفراد والبضائع التجارية.
وأشار إلى وجود جهد واهتمام كبير من قبل الرئيس محمود عباس لتسلم معبر رفح البري بشكل رسمي، ونشر القوات الأمنية الرسمية لتولي مهامه، والبدء بتنفيذ خطوات أخرى تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي في القطاع.
ولفت إلى أن الوفد المصري الذي زار غزة الثلاثاء، بحث بشكل معمق وجاد آلية تسلم المعابر الحدودية للحكومة والسلطة الشرعية، ونأمل أن يتم اتخاذ خطوات أخرى هامة في الأيام المقبلة لدعم المصالحة وتحركاتها الهامة.
ووصل وفد مصري، إلى غزة، عبر حاجز بيت حانون (إيرز)، وذلك للمشاركة في مراسم استلام حكومة الوفاق معابر قطاع غزة، وضم الوفد المصري السفير المصري لدى السلطة سامي مراد، واللواء في جهاز المخابرات المصرية همام أبو زيد، وشخصيات أمنية من الجهاز نفسه، إلى جانب مرافقيهم.
وحتى اللحظة لا يُعرف مصير موظفي “حماس” الذين يشرفون على إدارة المعابر الثلاثة في القطاع، علماً أن اتفاق القاهرة نص على أن تقرر اللجنة القانونية الإدارية مصيرهم في غضون أربعة أشهر من توقيع الاتفاق.
ومنذ أحداث الانقسام الفلسطيني، في يونيو 2007، يدير موظفون يتبعون لحركة “حماس” الجانب الفلسطيني من معابر قطاع غزة.
وينصّ اتفاق المصالحة، الذي وقّعته حركتا فتح وحماس برعاية مصرية، في 12 أكتوبر الماضي، على تسليم حركة حماس إدارة معابر القطاع لحكومة التوافق، في الأول من نوفمبر الجاري.
تفكيك الحصار
وفي ذات السياق، قال هشام عدوان مدير العلاقات العامة والإعلام في هيئة المعابر “إن بنك فلسطين استلم الجباية في معبر رفح البري ومعبر كرم أبو سالم، فيما يخص معبر رفح سيتم تسليم شيكات المسافرين التي يبلغ الواحدة منها 60 شيكلاً، إضافة لتذكرة الباصات التي يبلغ الواحدة منها 15 شيكلاً”.
وأضاف عدوان: “فيما يخص معبر كرم أبو سالم فستتم الجباية من خلال البنك، وزن الشاحنات عبر القبان وهي تبلغ 20 شيكلاً، إضافة إلى رسوم دخول الشاحنات إلى المعبر وتبلغ 20 شيكلاً؛ وسيتم توريد هذه الإيرادات إلى حساب هيئة المعابر والحدود في حكومة الوفاق الوطني”.
وأشار إلى أن هذه الخطوة مقدمة لاستلام معابر القطاع، خصوصاً وأن الأربعاء كان آخر يوم في مهلة استلام المعابر وفق اتفاقية المصالحة بين حركتي فتح وحماس؛ مبيناً أنهم لن يكونوا عائقاً أمام تسليم المعابر.
الاتحاد الأوروبي بدوره أبدى ترحيبه بتسليم مسؤولية معابر قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية واصفا ذلك بـ”الخطوة الهامة في تنفيذ اتفاق القاهرة” الذي وقعته حركتا فتح وحماس أخيرا.
كان رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار أكد أن معابر قطاع غزة ستكون بيد الحكومة الفلسطينية خلال أيام
وقالت مايا كوسيجانسيك المتحدثة باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية فيدريكا موغيريني إن “تسليم المعابر سيسمح للسلطة الفلسطينية استئناف النهوض بمسؤولياتها في غزة وتحقيق المصالحة الفلسطينية”.
وجدد الاتحاد الأوروبي التأكيد على استعداده تقديم الدعم الكامل لجهود إعادة الوحدة بين قطاع غزة والضفة الغربية “تحت قيادة واحدة وشرعية وهي السلطة الفلسطينية”. كما أعرب عن استعداده إعادة نشر بعثة الحدود الأوروبية في رفح “إذا طلبتها الأطراف وبمجرد أن تسمح الظروف بذلك”.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 2006، ومعبر رفح هو المنفذ البري الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، وقد أغلقته السلطات المصرية بشكل كامل صيف 2013 وتفتحه جزئيا وعلى فترات متقطعة لأيام محدودة أمام الفلسطينيين العالقين في القطاع. وكان رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار أكد أن معابر قطاع غزة ستكون بيد الحكومة الفلسطينية خلال أيام.
قصة معبر رفح
عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء سنة 1982. شيد معبر رفح البري بين مصر وغزة، وظلت تديره من الناحية الفلسطينية هيئة المطارات الإسرائيلية.
وفي عام 2005، تولى مراقبون أوروبيون مراقبة حركة الدخول والخروج من وإلى المعبر بعد توقيع (اتفاقية المعابر) بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وفي يونيو2007 أغلق المعبر تماما بعدما بسطت حركة حماس سلطتها على قطاع غزة.
وبعد الهجوم على أسطول الحرية الذي قامت به قوات الكوماندوز الإسرائيلية ضد متضامنين أتراك كانوا في طريقهم إلى قطاع غزة عبر البحر لكسر الحصار المفروض على القطاع، قرر الرئيس الأسبق حسني مبارك فتح المعبر لأجل غير مسمى طوال أيام الأسبوع، حتى جاءت ”جمعة الغضب” 28 يناير 2011 فتم إغلاقه المعبر إلى أن قرر المجلس العسكري فتحه أمام الحالات الإنسانية في 22 فبراير.
أبرز نصوص اتفاقية معبر رفح
– يتم تشغيل معبر رفح من قبل السلطة الفلسطينية من جانبها ومن قبل مصر من جانبها طبقاً للمعايير الدولية وتماشياً مع القانون الفلسطيني بحيث تخضع لبنود هذه الاتفاقية.
– يتم افتتاح معبر رفح بمجرد ما يصبح جاهزاً للتشغيل بناء على معايير دولية وتماشياً مع مواصفات هذه الاتفاقية وبالوقت الذي يتواجد فيه الطرف الثالث في الموقع، مع تحديد الخامس والعشرين من تشرين الثاني كتاريخ للافتتاح.
تظل هذه الإجراءات سارية المفعول لمدة 12 شهرا إلا إذا تقدم الطرف الثالث بتقييم سلبي حول إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح
– استخدام معبر رفح ينحصر في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية ومع استثناء لغيرهم ضمن الشرائح المتفق عليها. ومع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية.
– تقوم السلطة الفلسطينية بإعلام الحكومة الإسرائيلية حول عبور شخص من الشرائح المتوقعة – دبلوماسيين مستثمرين أجانب، ممثلين أجانب لهيئات دولية معترف بها وحالات إنسانية وذلك قبل 48 ساعة من عبورهم.
– تقوم الحكومة الإسرائيلية بالرد خلال 24 ساعة في حالة وجود أي اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.
– تقوم السلطة الفلسطينية بإعلام الحكومة الإسرائيلية بقرارها في غضون 24 ساعة متضمنة الأسباب المتعلقة بالقرار.
– يضمن الطرف الثالث إتباع الإجراءات الصحيحة كما ويُعلم الطرفين بأي معلومات في حوزته متعلقة بالأشخاص الذين يتقدمون بطلبات للعبور تحت هذه الاستثناءات.
– تظل هذه الإجراءات سارية المفعول لمدة 12 شهرا إلا إذا تقدم الطرف الثالث بتقييم سلبي حول إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح. يتم إنجاز هذا التقييم بتنسيق كامل مع الجانبين وسيعطي اعتبارا كاملاً لرأى كل من الطرفين.
– سيتم استخدام معبر رفح أيضاً لتصدير البضائع لمصر، حيث يتم إنشاء معايير موضوعية لفحص السيارات بالإجماع.