منذ عام 2015، سعت المملكة العربية السعودية لتعزيز قوتها الإقليمية، بإنشاء ائتلافات وتحالفات غير رسمية متعددة الأطراف، تشارك فيها مجموعات من مختلف الدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول تحت قيادتها، بهدف تحقيق السيطرة والاستقرار في الشرق الأوسط.
التحالفات الأمنية السعودية كان أولها التحالف العربي في اليمن، وأُعلن في مارس/آذار 2015، وتبعه التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب في ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان آخرها تحالف شكلته الرياض ضد قَطر في يونيو/حزيران 2017 في محاولة لإجبار دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي الإذعان لخطها السياسي.
السؤال هنا لا يتعلق بأهمية هذه التحالفات لكن بدوافعها وأهدافها وإمكانية تحويلها إلى تحالفات دائمة قابلة للحياة وأدوات فاعلة ضد إيران والجماعات السنية المتطرفة مثل تنظيم “داعش”، وهذا يعتمد على السعودية ووفائها بواجباتها كدولة تنصب نفسها كقائدة لتلك التحالفات.
بين العراق والسعودية.. التحالف حتى مع “الشيطان” فقط لمواجهة إيران
مرت العلاقات بين السعودية والعراق بفترات تأرجحت بين التقارب والتباعد، كان ملخصها الرغبة الجامحة لدى الرياض في انتزاع النفوذ الإيراني على حساب التحالف مع العراق أو ضدها، وبعد اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، تخوفت المملكة من محاولات إيران تصدير الثورة إلى أراضيها عام 1980، واندلعت حرب الخليج الأولى (1988-1980) حين قام العراق بصد الثورة الإيرانية عسكريًا ودعمته السعودية بقوة، ومدته بالسلاح والمال والدعم السياسي.
في خطوة مفاجئة، استأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق عام 2015، وعينت وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان سفيرًا لها في العراق
وشكل عام 1990 بداية التحول السعودي تجاه العراق، حيث تراجع مستوى العلاقات بين الطرفين بسبب الغزو العراقي للكويت، حينها وقفت الرياض إلى جانب الكويت، ولعبت دورًا محوريًا ورئيسيًا في إلحاق الهزيمة بالجيش العراقي، حيث أرسلت 150 ألف جندي، ودمرت الدبابات العراقية وقتلت وأسرت الجنود العراقيين وفتحت حدودوها لقوات التحالف المكونة من 34 دولة على يد التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد حرب الخليج الثانية (1991-1990) انقطعت العلاقات السعودية العراقية، وأُغلقت السفارة السعودية في العراق، لتعود بعدها في 2003، في محاولة لاتخاذ موقف محايد من الغزو الأمريكي للعراق، مما جعل أمريكا تغلق قواعدها العسكرية وتسحب قواتها الموجوده في السعودية وتنقلها إلى قاعدة “العديد” في قطر لتكون مقرًا للقوات الأمريكية.
العلاقات بين العراق والسعودية لم تتغير للأحسن في عهد نوري المالكي الذي تولى رئاسة الحكومة لفترتين متتاليتين، بل ازدادت سوءًا، لكن حين أرادت السعودية ذلك، سعت إلى تحسين علاقتها مع العراق، حيث أعادت فتح سفارتها في بغداد بعد ربع قرن في العام 2015، وألغت في وقت سابق من هذا العام، حواجز العبور الحدودية المغلقة منذ فترة طويلة، وبادرت بالزيارات الرسمية.
وفي خطوة مفاجئة، استأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق عام 2015، وعينت وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان سفيرًا لها في العراق، لكن بسبب تصريحاته المثيرة، لم يعد وجود “السبهان” غير مرغوب به فقط من قبل جهات مسلحة لها ثقلها في العراق، بل إن وجوده حيًا أصبح غير مرغوب به، بحسب ما أكده قائد مليشيا “أبو الفضل العباس” أوس الخفاجي، أحد أبرز قادة المليشيات الشيعية المنضوية تحت لواء “الحشد الشعبي” الذي تدافع الحكومة العراقية عنه، وتعتبره جزءًا من قواتها الأمنية.
وفي حين تعتبر إيران العراق جزءًا من أراضيها، تتجدد المساعي السعودية لإبعاد العراق عن إيران لصالحها، من خلال تحالف “الرياض – بغداد” الذي ترعاه أمريكا، لمواجهة تأثير إيران المتزايد، خاصة أن الحكومة العراقية تكافح من أجل إعادة بناء معاقل تنظيم “داعش” المحررة أخيرًا، ومواجهة استقلال الأكراد.
سوريا: حين تتبدل مواقف المملكة
على الرغم من تفاقم الخلافات بين قطر والسعودية، فإن الدولتين كانت تربطهما مصلحة واحدة داخل الأراضي السورية، لكن سرعان ما تبدل موقف السعودية، بعد أن كانت في السابق ترفض من حيث المبدأ مشاركة الرئيس السوري في أي عملية سياسية، وكان عادل الجبير يردد “ألا مكان للأسد في الحكومة الانتقالية”، كما أنه تعهد عام 2016 بأن على الرئيس السوري أن يرحل إما عبر عملية سياسية أو يتم إبعاده بعمل عسكري على الأرض يمكنها أن تشارك فيه.
واليوم، لم تعد المملكة السعودية وبعض بلدان الشرق الأوسط، التي كانت تصر على إطاحة بشار الأسد، تطرح هذه المسالة في المفاوضات المغلقة، بعد أن تأكدت المملكة من أن الرئيس السوري سيلعب دورًا كبيرًا في مستقبل سوريا السياسي.
ويفسر المدير العام لمعهد المشكلات الإقليمية دميتري جورافليوف ذلك في مقال نشرته صحيفة “إيزفيستيا” الروسية، بأن “الرياض مجبرة في الواقع على تغيير موقفها نتيجة التغيرات الجدية التي حصلت في ساحة المعارك، فالسعودية الآن قلقة ليس من بقاء الأسد، بل من تعزز قوة إيران، أي على المملكة السعودية حل مشكلات أصغر من الأزمة السورية، ولكن أكثر إلحاحًا”، في إشارة هنا إلى النزاع مع قطر.
تحاول الرياض بسط نفوذها في سوريا عبر قنوات “غير معلنة”
أما الموقف القطري من الأزمة السورية، فقد كان مغايرًا للتقلبات السعودية، وذلك بشهادة روسيا التي تدعم الأسد، حيث قالت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية: “روسيا لا تجد أي تعديل في الموقف القطري من الأزمة السورية حتى الآن وتحديدًا بعد الأزمة الخليجية الأخيرة”.
ويرى البعض أن تباين موقف الرياض عن قطر في سوريا بدأ مبكرًا، لكنه كان أزمة صامتة، فقد كانت السعودية ترى في نجاح ثورات الربيع العربي تهديدًا لاستقرار المملكة، ورغم ذلك كان التدخل السعودي في الحرب السورية، لكنه كان لأسباب متعددة، فالأمر بالنسبة للرياض لا يتعلق بسوريا بالدرجة الأولى بقدر ما يتعلق بإيران.
ولتحقيق ذلك، تحاول الرياض بسط نفوذها في سوريا عبر قنوات “غير معلنة”، كما تقول أنا سونيك الخبيرة بشؤون الأنظمة الملكية في منطقة الخليج، وتضيف: “هناك العديد من القرائن والتصريحات الرسمية التي تؤكد أن السعودية تدعم أيضًا جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها”، حسب آنا سونيك التي تشير إلى أن بين المجاهدين في سوريا عددًا كبيرًا من السعوديين.
من التحالف مع قطر إلى التحالف ضدها
منذ بداية “الربيع العربي” اختلفت السياسة القطرية عن سياسة دول الجوار، حيث لم تنضو الدوحة تحت لواء المحور السعودي، وعلى الرغم من أنها دعمت العديد من القرارات الخليجية والدولية مثل الحرب في ليبيا، فإنها خالفت بلدان الجوار والولايات المتحدة في ملفات أخرى كالتعامل مع حماس وحزب الله.
وتنتقد السعودية وحلفاؤها الموقف الحيادي الذي تتعامل به قطر مع إيران أيضًا، وتحاول إجبار الدوحة على قطع علاقاتها معها، لكن الدوحة التي تتقاسم حدودها البحرية مع طهران، تفضل الحفاظ على علاقات ودية مع جارتها، لذلك حاولت السعودية من خلال سلسلة التحركات الأخيرة تجاه “جارتها الصغيرة” أن تستعيد نفوذها، بدعم من الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى التوتر الذي يطبع العلاقات بين السعودية وجارتها الخليجية قطر، نجد أنه ليس وليد اليوم، حيث يمتد الشد والجذب بين البلدين الجارين لعقود، فقد كانت السياسة الخارجية للإمارة الواقعة شرق السعودية ومحاولاتها المستمرة للخروج من “وصاية” الأخت الكبرى النقطة الخلافية الكبرى بين البلدين.
ومنذ استقلالها عن الانتداب البريطاني، تعيش قطر أزمات دبلوماسية متكررة مع السعودية، ويظل أبرز الصراعات التاريخية بين البلدين أزمة ترسيم الحدود سنة 1992، وتلطيخ أيدي السعودية في المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 1996 من خلال مساندة الرياض لقبيلة آل مرة المعارضة للحكم في قطر، وسحب السعودية والإمارات والبحرين سفرائهم من قطر احتجاجًا على رغبتها في “التدخل بالشأن الداخلي لدول مجلس التعاون” عام 2014، بحسب تعبير مسؤولي هذه البلدان.
ويعتبر تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وخليفة حفتر في ليبيا وقناة الجزيرة في قطر، أهم نقاط الخلاف بين البلدين الخليجيين، يضاف إلى ذلك مغامرات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.
المغامرة السعودية في اليمن.. من صالح إلى هادي والعكس
على مدار أكثر من عامين ونصف من طلعات الطيران وقصف الصواريخ والمدفعية والقتال على الأرض، على واحدةٍ من أفقر الدول في العالم، لم يقترب التحالف السعودي بأي درجة من تحقيق النصر، بل رسَّخَ الانقسام السياسي في اليمن بصورةٍ أكبر، وفاقَمَ من أزمةٍ إنسانية دفعت بالبلاد إلى شفا المجاعة، وسط توقعات بوصول عدد المصابين بوباء الكوليرا نهاية العام الحاليّ إلى مليون شخص ، بحسب تقريرٍ سري من الأمم المتحدة اطلعت عليه مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وكان الكاتب البريطاني ديفيد هيرست قد أثار ضجة حين نشر مقالاً في صحيفة الغارديان – ترجمته نون بوست – عن السياسة الخارجية السعودية، قال فيه إن الحرب التي يشنها الأمير بندر على الإسلام السياسي أفرزت تداعيات كان لها وقعها على الحدود السعودية المضطربة مع اليمن، وأضاف “الرغبة السعودية الجامحة في الحد من تقدم حزب الإصلاح الإسلامي في اليمن دفعت بالرياض إلى دعم المليشيات الحوثية التي كان السعوديون من قبل في حرب معها”.
وعلى عكس المعلن، تقول مصادر يمنية إن السعودية تدعم الحوثيين في اليمن كرد على موقف حزب الإصلاح اليمني المقرب من الإخوان المسلمين، ورغم أن الحوثيين يتلقون دعمهم الرئيسي من الرافد الإيراني، إلا أن السعودية، بحسب مصادر، ترى أن إزالة خطر الإخوان من على حدودها الجنوبية أولى من التعامل مع الخطر الإيراني الذي تتعايش معه الرياض منذ عقود.
وبعد تحول الموقف السعودي، لم يكن أمامها إلا اختيار شخصية تكون أكثر ولاءً خلفًا للحليف “صالح”، ووقع الاختيار على الجنوبي “عبد ربه منصور هادي” الرئيس اليمني المعترف به دوليًا، لكنها لم تجن سوى الفشل في حسم الحرب في اليمن رغم القوة النيرانية الهائلة التي تمتلكها.
أسباب خفية وراء عدم الوفاء للحلفاء
بعد إدراج اسم التحالف العربي على قائمة سوداء في تقرير أممي بسبب دوره في مقتل وإصابة المئات من الأطفال وهجمات على مستشفيات ومدارس خلال العام الماضي، أدركت الدول المتعاونة مع المملكة في عدوانها على البلد الفقير، أنها تورطت في مستنقع لم تجنِ منه سوى الانتقادات المحلية والدولية.
وكانت قطر أول دولة انفصلت عن التحالف عقب ارتفاع الخلافات بينها وبين المملكة السعودية الأمر الذي جعل بعض دول التحالف العربي تشكك في كون هذا التحالف قرارًا حازمًا وأخذت تراجع حساباتها من أجل صنع القرار بشأن استمرار حضورها في التحالف أو الانسحاب منه.
وقبل أيام قليلة، فجر الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح، مفاجأة بشأن انسحاب المغرب من التحالف السعودي الذي تقوده المملكة في اليمن، رغم أن قيادة التحالف لم تعلن انسحاب أي دولة منه، كما أن المغرب لم يُصدر بيان نفي أو تكذيب لتصريحات صالح، الأمر الذي أعطى ثقلًا ومصداقيه لها.
وتشير وتيرة الأحداث السياسية الجالية في المنطقة إلى أن السودان الدولة التالية التي سوف تخرج من التحالف العربي ويبحث مسؤولوه حاليًا عن السبل المتاحة لهم لإعلان الحياد في القضايا المتعلقة بالحرب اليمنية وأزمة العلاقات الخليجية.
حتى الإمارات الحليفة المقربة للسعودية، تحاول الخروج من المستنقع اليمني بعدما أدركت أن السعودية ورطتها في عدوان لم يجلب لها سوى الانتقادات الدولية والخسائر المادية والبشرية والأزمات الدولية، الأمر الذي دفعها مرارًا إلى التلويح بانتهاء دورها في الحرب على اليمن.
كما أدى تاريخ السعودية في عدم الوفاء للحلفاء إلى تراجع كثير من الدول عن دخول الحلف السعودي منذ البداية، كذلك لم تنضم بعض البلدان إلى المقاطعة التي تقودها السعودية ضد قطر، ومنها باكستان التي لها مصالح استراتيجية قوية في الحفاظ على العلاقات مع قطر، أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال لكن الأمر يذهب أبعد من ذلك.
كما أن حليفًا تقليديًا آخر للسعودية هو المغرب الذي لم يقف مع أي من الجانبين، ورفض خلال الأزمة الأخيرة فرض عقوبات على قطر وأكد على دعم جهود وساطة الكويت، كما أن الجزائر، البلد الذي يميل إلى أن يختلف في كل شيء تقريبًا مع المغرب، كان بشكل استثنائي مع خط المغرب بشأن هذه المسألة بالذات.
السوادن والسعودية.. لا حليف دون مقابل
خوفًا من تحول القارة الإفريقية، وعلى رأسها السودان، لامتداد إيراني بمشاريع التوسع والتشيع التابعة لها، بدت دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية، أكثر اندفاعًا لضم السودان مجددًا للحضن العربي، وأدركت الرياض مدى الأهمية الاستراتيجية التي يمكن أن تمثلها السواحل المطلة على البحر الأحمر والمواجهة للسواحل اليمنية.
وعندما أراد البشير الانخراط في الصفّ العربي مرةً أخرى، كان عليه تقديم تنازلات تليق بحق العودة، فطرد المستشار الإيراني في أواخر عام 2013، ثم أعلن المشاركة في عاصفة الحزم أوائل 2015، وكانت السودان حاضرة بقوة إلى صف الرياض في أثناء خصومتها مع القاهرة عام 2016.
ومع نشوء التحالف الإسلامي العسكري، كان السودان أبرز أعضائه، وتشارك قوات سودانية في مناورات “رعد الشمال” التي تستضيفها السعودية في منطقة حفر الباطن شمالي المملكة، ضمن 20 من بلدان المنطقتين العربية والإسلامية.
وفي أقل من ستّة أشهر، شهدث العلاقات بين البلدين خمسة لقاءاتٍ رسمية، لم يخل الشهر الأخير فيها من التوترات التي جاءت إثر رفض الخرطوم السير في ركاب قطع العلاقات مع قطر، لتأتي عقوبات السعودية فيما بعد، حيث قررت فجأة ترحيل 50 ألف سوداني إلى بلادهم، بعدما منحتهم فرصة لتنسيق إقامتهم.
وفي تطور يحمل العديد من الدلالات التي ربما تعيد رسم خارطة مشهد الصراع داخل اليمن، أعلنت الخرطوم حجم خسائرها البشرية بين صفوفها المشاركة ضمن قوات التحالف في سابقة هي الأولى منذ إعلان مشاركتها في عاصفة الحزم في الـ26 من مارس 2015.
إعلان الخسائر بين صفوف السودانيين والتي كشفها قائد قوات الدعم السريع في الجيش السوداني محمد حمدان حميدتي خلال حوار صحفي له منذ أيام مع صحيفة “الجريدة” السودانية، وصفها البعض تلويحًا بالانسحاب الأرقام، مما يضع السعودية والإمارات في مأزق حقيقي ربما يهدد مستقبل وجودهما في اليمن.
ما وراء التحالفات السعودية الأمنية
تشترك سلسلة الائتلافات والتحالفات غير الرسمية التي شكلتها السعودية في سمة مهمة أخرى، تتجاوز هذه التحالفات حدودها الجغرافية، ويضم التحالف اليمني المغرب والسنغال والولايات المتحدة، وهذه الدول تبعد آلاف الأميال عن ساحة الحرب الحقيقية، كذلك بالنسبة لأكثر من نصف أعضاء التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب.
كما أن للتحالفات غير الرسمية جانبًا آخر من ناحية علاقة اللاعب الرئيسي مع الأعضاء، إضافة للدعم المالي فإن التحالفات غير الرسمية تجذب الضعاف نظرًا لغياب الالتزامات المطلوبة منها، فسلطنة عُمان التي رفضت مرارًا المقترحات الأمنية السعودية في إطار مجلس التعاون الخليجي، قررت عام 2016 الانضمام للتحالف الإسلامي العسكري، ولأنها تحتاج للمال خضعت في النهاية للشروط السعودية.
وفي تقرير مطول، أوضحت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية أن التحالفات الثلاث التي تقودها المملكة العربية السعودية تتسم بالمرونة العالية، فالتحالف في اليمن يركز على قتال القاعدة والمتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران، أما التحالف الإسلامي العسكري يهمه التعاون ودعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب، وعلى الرغم من عدم قصر المدة المحددة، يمكن أيضًا حل هذه “التحالفات” بمجرد تحقيق هدفها.
فقدان الأمل من جانب السعودية في الولايات المتحدة كضامن أمني منذ الربيع العربي
وهناك عدة أسباب وراء استعداد المملكة العربية السعودية لاستثمار مصداقيتها ورأسمالها المالي والسياسي والعسكري، في أطر غير رسمية، يشارك فيها عدد من اللاعبين الذين تفرقهم الجغرافيا والمصالح مثل التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي يفصل بين أعضائه آلاف الأميال، ناهيك عن المصالح العسكرية الجذرية.
أحد هذه الأسباب أن السعودية كانت ترغب في دور أمني وعسكري أقوى لدول مجلس التعاون الخليجي، لكن ذلك لم يحدث، فمنذ ولادة مجلس التعاون الخليجي في أوائل الثمانينيات، طرحت الرياض عدة مقترحات كانت ستحول المنظمة إلى تحالف أمني جماعي، وهو ما رفضته الكويت وعمان وقطر، حتى حليفتها الحالية الإمارات.
ومن الأسباب أيضًا، فقدان الأمل من جانب السعودية في الولايات المتحدة كضامن أمني منذ الربيع العربي، ووفقًا للمسؤولين السعوديين، فإن الإيمان بواشنطن “تبخر” تمامًا بعد دور إدارة أوباما في أزمة الربيع العربي وموقف أمريكا من الأسد في سوريا والميليشيات الشيعية في العراق أو إيران بشأن القضية النووية، لكنه عاد بوجود ابن سلمان إلى حضن الدولة الراعية لبقاء المملكة.