بعد ساعات من تقديم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته من العاصمة السعودية الرياض، سقط صاروخ بالستي بعيد المدى من نوع “بركان تو إتش” من اليمن ليضرب قاعدة الملك خالد في الرياض.
يُجمع كثير من المراقبين أن الحرب القادمة لن تكون إلا في صالح الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، وليس المنطقة العربية التي تتأجج بصراعات طائفية وأقلية ستبقيها ضعيفة أمام حضور الاحتلال الإسرائيلي المستقبلي.
وقال رئيس تحرير “الرأي اليوم” عبد الباري عطوان في مقالة له: “المعلومات المتوفرة لدينا تفيد بأن المملكة وبالتنسيق مع الرئيس ترامب، تعكف حاليًا على تشكيل تحالف عربي، على غرار نظيره في حرب اليمن، يكون رأس حربة في الهجوم المتوقع على “حزب الله”، ومن غير المستبعد أن تكون “إسرائيل” العمود الفقري لهذا التحالف”.
وأضاف عطوان: “احتمال أن يتزامن أو يتوازى أي تصعيد ضد حزب الله في لبنان، مع تصعيد عسكري آخر ضد قطر في حال الحصول على ضوء أخضر أمريكي، وقد بات وشيكًا، وقال إن هناك 7 آلاف جندي مصري من القوات الخاصة عالية التدريب توجد حاليًا بقاعدة في شمال إمارة أبو ظبي، وعلى بُعد 40 كيلومترًا من الحدود القطرية جاهزة للتدخل عسكريًا، والضوء الأخضر الأمريكي ضروري، بل حتمي، لأن عدد القوات التركية في قطر ارتفع في الأسابيع الأخيرة إلى نحو 30 ألف جندي”.
الباحث في العلاقات الدولية بمعهد الدوحة محمد العيلة اعتبر استقالة الحريري بداية لمقامرة جديدة ستخوضها السعودية، والتي تأتي كخلاصة للتعاون الأمريكي السعودي الإسرائيلي المشترك في المنطقة
وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال خلال محاضرة ألقاها في معهد تشاتهام هاوس في لندن حيث يشارك في الاحتفاء بمئوية وعد بلفور: “العرب يلتفون حولنا بشكل لم أكن أتوقعه في حياتي، وهناك جهود لتشكيل تحالف سني ضد إيران، هذه دعوة لإيقاظ المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات ضد العدوان الإيراني الذي يحاول تحويل سوريا إلى لبنان ثانية، وهذا لا يهدد “إسرائيل” فحسب بل الشرق الأوسط بأسره، ويجب على المجتمع الدولي أن يتوحد ويقف ضد هذا العدوان”.
وفي محاولة لتدارك الأزمة من الداخل أجرى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون سلسلة اتصالات بقيادات رسمية وسياسية وروحية، كمحاولة لاستقرار الوضع الأمني والسياسي وحماية الوحدة الوطنية، والمحافظة على الإنجازات التي تحققت خلال عام من تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وتشكلت حكومة الوفاق الوطني في منتصف ديسمبر 2016 كأول حكومة في عهد الرئيس ميشال عون، وتضم 30 وزيرًا يمثلون القوى السياسية برئاسة سعد الدين الحريري، وقد تحدثت مصادر وقتها أن الحكومة تشكلت بعد اتفاق إيراني سعودي.
ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية من صنعاء جمال عجلان “الموقف السعودي من الأزمة اللبنانية بعد استقالة الحريري جاء منسجمًا تمامًا مع موقف الاحتلال الإسرائيلي من إيران وأذرعها في المنطقة، وأقول الاحتلال الإسرائيلي يحاول تأجيج صراع السنة والشيعة ليكون له موطئ قدم بعدها في الإقليم العربي”.
في رد حزب الله على استقالة الحريري اعتبر نبيل قاووق عضو المجلس المركزي في حزب الله أن المملكة العربية السعودية تستهدف الاستقرار، ولا تريد الخير وتسعى لإغراق لبنان بالفتنة
وأضاف عجلان: “السعودية لم تنه أزماتها الخارجية في اليمن وسوريا، واليوم تريد فتح جبهتين جديدتين مع قطر ولبنان، وهذا يتمثل في مصالح أمريكا و”إسرائيل” في المنطقة، وليس في المصلحة العربية حيث الدول العربية متفتتة في صراعات داخلية، وهذا ما تريده أمريكا و”إسرائيل” عبر تعزيز صراع الأقليات والإثنيات والطائفيات في المنطقة”.
أما الباحث في العلاقات الدولية بمعهد الدوحة محمد العيلة فقد اعتبر استقالة الحريري بداية لمقامرة جديدة ستخوضها السعودية، والتي تأتي كخلاصة للتعاون الأمريكي السعودي الإسرائيلي المشترك في المنطقة.
وقال العيلة لـ”نون بوست”: “استقالة الحريري مرتبطة بمؤتمر الرياض، الذي ارتكز على التعاون الاستراتيجي في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وتوظيف المحور الاماراتي – السعودي لمخرجات المؤتمر في تصفية حسابات إقليمية، وتزامن ذلك مع تركيز أمريكي على وحدة العمليات الخارجية لحزب الله وتهديدها للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة ما ذكره “نيكولا راسموسين” مدير المركزي الوطني الأمريكي بمكافحة الإرهاب في هذا المجال”.
وفي رد حزب الله على استقالة الحريري اعتبر نبيل قاووق عضو المجلس المركزي في حزب الله أن المملكة العربية السعودية تستهدف الاستقرار، ولا تريد الخير وتسعى لإغراق لبنان بالفتنة.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السلطان قابوس بعُمان هاني الباسوس أن استقالة سعد الدين الحريري تأتي في إطار رفع الغطاء عن حزب الله أمام التهديدات الأمريكية ضد الحزب، وتمثل السعودية المحور الآخر في المعادلة الإقليمية، وهي التي أقالت الحريري.
وقال البسوس لـ”نون بوست”: “هي حرب بالنيابة بين محور السعودية وإيران، وأتوقع اتخاذ نفس الخطوة ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لكن التحول في سياسة حماس الأخير قد يكون مانعًا، إلا أن “إسرائيل” ستواصل الضغط في هذا الاتجاه”.
ويعتبر البسوس أن المشكلة الكبيرة اليوم في التقارب السعودي الإسرائيلي، والذي سيشكل عاملاً سلبيًا تجاه القضية الفلسطينية، إلا إذا كان هناك صفقة سياسية إقليمية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بضمانات دولية ودعم عربي.
وبخصوص سؤال مراسل “نون بوست” عن احتمالية نشوب حرب إسرائيلية مع حزب الله، قال: “الحرب ليست نزهة كل الاحتمالات واردة، لكن احتمال الحرب ضعيف”.
خلاصة المشهد أن الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأكبر من الحرب على لبنان، بتدمير أكبر عدو يهدده من الشمال وبأيدي عربية، كمرحلة نحو التطبيع العربي معه، في ظل حديث متواصل في الفترة الأخيرة عن خطورة حزب الله.