ترجمة حفصة جودة
“اسمي رومان سيرجايفيتش زابولوتني، ولدت عام 1979 وأنا الآن أسير” هذا ما قاله الرجل الروسي في مقطع فيديو أطلقه مقاتلو الدولة الإسلامية الشهر الماضي، ظهر الرجل بعينه اليمنى مغلقة نتيجة تورمها ويجلس في صمت وهو يرتدي رداءً رماديًا وهو ثاني جندي روسي تعتقله داعش، كان كلاهما قد اعتقلا في أثناء معركة قرب دير الزور شرق سوريا، حيث موقع المواجهة الأخيرة مع قوات الحكومة السورية والقوات الروسية.
ومع ذلك أنكرت وزارة الدفاع الروسية أنها فقدت أيًا من جنودها، لكن أقارب وأصدقاء الرجل أخبروا وسائل الإعلام الروسية أنه لم يذهب مع الجيش الروسي، لكنه كان جزءًا من قوات مرتزقة غامضة تُسمى “فاجنر”.
لعبت هذه القوات دورًا رئيسيا في العمليات الروسية بسوريا، ورغم أن القانون الروسي يحظر الشركات العسكرية الخاصة، يقول موقع “Fontanka.ru” الإخباري المستقل في سانت بطرسبرج إن جنودًا سابقين تم تجنيدهم للخدمة في “فاجنر” من ضابط قوات خاصة سابق يُدعى دميتري أوتكين.
تعمل هذه القوات كشركة عسكرية “شبه خاصة”، حيث تحصل على الأوامر والتوجيهات من الجيش الروسي
يقول مارك غليوتي خبير في الأمن الروسي بمعهد العلاقات الدولية في براغ إن عدد هذه القوات يُقدر بنحو 2500 جندي، وقد شاركوا بشكل كبير في العمليات حول تدمر عام 2016 حيث كانوا بمثابة “قوات صدمة” بالتعاون مع الجيش السوري.
ورغم أن الجيش الروسي لم يعترف بوجود “فاجنر”، فإن أوتكين كانت له صورة مع الرئيس فلاديمير بوتين العام الماضي في حفل استقبال الكرملين للضباط العسكريين لتكريمهم في يوم أبطال الوطن، وفي هذا الصيف أضافت أمريكا أوتكين إلى قائمتها للمسؤولين الذي شاركوا في الصراع الأوكراني عام 2014، ويُعتقد أن قوات “فاجنر” من بدأت الصراع.
عندمت بدأت روسيا تدخلها في سوريا في سبتمبر 2015 تحدثت الحكومة الروسية عن عمليات جوية قصيرة، أما العمليات البرية فكانت أمرًا محرمًا خاصة لشعب ما زال يعاني من ذكريات تكلفة الحرب السوفيتية في أفغانستان (أكثر من نصف الشعب الروسي الآن يتمنى أن تنتهي العمليات في سوريا)، لكن وجود مقاتلين مستقلين بشكل ظاهري للانتشار على الأرض يمثل إنكارًا معقولاً للجيش الروسي، حيث يقول المحلل العسكري ألكسندر غولتز: “كانوا يمثلون حلاً لمشكلة ملموسة: عدم وجود خسائر”.
بعد أن هدأ القتال عام 2015 عاد المتطوعون والمرتزقة إلى ديارهم أو بحثوا عن عمل في أماكن أخرى
في الحقيقة أعلنت قوات الجيش الروسي مقتل 41 شخصًا من قواتها في سوريا من بينهم جنرال قُتل في قصف بالقرب من دير الزور في سبتمبر في أثناء قيادته للفيلق الخامس من المتطوعين السوريين، ومع ذلك، يعتقد الصحفيون المحققون والمدونون أن الكثير من مقاتلي “فاجنر” المرتزقة ماتوا في القتال، يقول ألكسندر خرامشخين نائب مدير معهد التحليل السياسي والعسكري: “على الأرض، تعمل هذه القوات كشركة عسكرية شبه خاصة، حيث تحصل على الأوامر والتوجيهات من الجيش الروسي”.
تم اختبار هذا النموذج لأول مرة في حرب شرق أوكرانيا حيث كان هناك خليط من القوات تعمل على مسافات مختلفة من الحكومة الروسية، وكانت مجموعات المتطوعين والمرتزقين الروس تعمل جنبا إلى جنب مع الانفصاليين المحليين ووحدات الجيش الروسي، ومن بينهم أوتكين وتجربة مبكرة لقوات “فاجنر”.
يقول أحد قادة الانفصاليين السابقين مع ابتسامة خبيثة: “تقول الشائعات إنهم حاربوا، وكانوا يحاربون بشكل جيد للغاية”، بعد أن هدأ القتال عام 2015 عاد المتطوعون والمرتزقة إلى ديارهم أو بحثوا عن عمل في أماكن أخرى، وليس سرًا أن الكثير منهم غادروا سوريا منذ ذلك الحين.
توسع دور هذه القوات ليشمل الاستيلاء على آبار النفط التي كانت داعش تسيطر عليها
ظهور مثل هذه المجموعات أعاد الحديث في روسيا إلى تقنين الشركات العسكرية الخاصة في روسيا لإنشاء شركات على غرار شركات الأمن الأمريكية مثل “Academi” (كانت تسمى سابقًا “بلاك ووتر”)، أعرب بوتين عن تأييده المؤقت لهذه الفكرة عام 2011 قائلاً بأنها وسيلة لتحقيق مصالح الدولة الوطنية دون تدخل مباشر من الدولة.
في أواخر 2014 تقدم المشرع جينادي نوسوفكو مع حزب “Just Russia” بمشروع قانون يؤسس لتقنين الشركات العسكرية الخاصة لكن مجلس الأمن الروسي القوي رفض القانون، كانت المقاومة قوية أيضًا من داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية والتي كانت قلقة من فقدان احتكارها للعنف، ويشعر متخصصون آخرون بالقلق من أن رجال الأعمال الأقوياء قد يرغبون في التحكم بجيشوشهم الخاصة، وهذا الأمر له نتائج مروعة.
وفي الوقت الراهن، لا تزال قوات الـ”فاجنر” تعمل في منطقة رمادية، حيث يقول موقع “Fontanka.ru” الإخباري المستقل إن دور هذه القوات توسع ليشمل الاستيلاء على آبار النفط التي كانت داعش تسيطر عليها لصالح شركة روسية جديدة تُسمى “Evro Polis”.
أما بالنسبة للأسيرين فغالبًا قد انتهى أمرهم، حيث صرّح أحد أعضاء البرلمان الروسي من قرية أحد الجنديين قائلاً: “من المؤكد بنسبة 99% أن رومان والجندي الآخر لم يعودوا على قيد الحياة”.
المصدر: إيكونوميست