خلال 6 أشهر من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، موّلت الولايات المتحدة الأمريكية الاحتلال الإسرائيلي بالدعم المالي واللوجستي والمعنوي، وشاركته علنًا في إبادة الفلسطينيين في القطاع بصفقتَي سلاح بقيمة 253.5 مليون دولار، وقادت حراكًا ضد محكمة العدل الدولية، ولم تساهم خلال شهرَين من قرار المحكمة الصادر في يناير/ كانون الثاني 2024 في منع الإبادة.
وفجأة، وبعد أكثر من 32 ألف شهيد في قطاع غزة بسلاح أمريكي، أعلن الرئيس الأمريكي عن بناء ميناء عائم قبالة سواحل القطاع، لإدخال مساعدات عبر البحر إلى غزة التي تواجه مجاعة محقّقة، إلى جانب القصف والعدوان الإسرائيلي المتواصلَين، فيما سيتولى مفتّشون إسرائيليون موجودون في ميناء لارنكا القبرصي فحص شحنات المساعدات.
مع إعلان الميناء، صعدت الكثير من التخوُّفات الدولية من أن الميناء لا يكفي كبديل عن المساعدات البرّية في جهود إغاثة قطاع غزة، مثلما قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إذ إن الممر المائي متأخّر للغاية بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة، وأن مراقبة “إسرائيل” للمساعدات في قبرص تعني منح تل أبيب السيطرة على تنظيم التدفّق بذريعة التدقيق الأمني.
أما “نيويورك تايمز” فنبّهت إلى تحذير طواقم الإغاثة الدولية من أن الممر البحري الذي اقترحه بايدن، لا يمكن له أن يشكّل بديلًا لفتح مزيد من الطرق البرّية للشاحنات، وأن إنشاء البنية التحتية للممر الجديد سيستغرق بعض الوقت، كما أنه لن يحل مشكلة أساسية تتمثل في توزيع المساعدات داخل غزة، في ظل تواصل القصف الإسرائيلي العنيف.
بدوره، ندّد المقرر الأممي الخاص المعنيّ بالحق في الغذاء، مايكل فخري، بالاقتراح الأمريكي لبناء الرصيف البحري، بقوله: “إنها المرة الأولى التي أسمع أحدًا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري، لم يطلب أحد رصيفًا بحريًّا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”، واصفًا الاقتراح الأمريكي بأنه “خبيث” جاء استجابة لمصالح انتخابية، في وقت تقدم فيه أمريكا قنابل وذخائر ودعمًا ماليًّا لـ”إسرائيل”.
فلسطينيًّا.. المخاوف أعمق
فلسطينيًّا، أثار الميناء البحري برعاية أمريكية مخاوف كبيرة، منها مخاوف مساهمته في إطالة أمد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وإحكام سيطرة الاحتلال وأمريكا على غاز غزة الذي كان محور الحديث والاجتماعات الإقليمية قبل الحرب، وتعزيزًا لفكرة تهجير الفلسطينيين خارج القطاع، وفصل شمال غزة عن جنوبه، وتقويض نظام الحكم في غزة، وبناء نظام بديل عميل وموالٍ للاحتلال.
ولم تصدر حركة حماس موقفًا من الميناء، وقالت إن موقفها المعلن حتى اللحظة هو “التزام الصمت” إلى حين ظهور نوايا جدّية بأن الممر ليس إغاثيًّا ويحمل أهدافًا أخرى، لكنها أشارت من خلال مقابلة صحفية مع القيادي فيها محمد نزال، إلى أن “حماس تقدمت بطلب تشييد ميناء بحري من وإلى قطاع غزة حتى نتلافى المشكلات التي واجهتنا على المعابر، وكان هذا الطلب يرفَض دائمًا”، مع تأكيده أن الميناء الحالي يثير الغموض.
وتراهن حركة حماس على قوتها على الأرض، وعلى عمق البنية التحتية القادرة على منع فرض أي سيناريوهات يتم فيها خلق إدارات محلية، باستخدام القوة أو الحاجة الإنسانية أو ملف المساعدات، أو حتى المؤسسات الدولية، وبالتالي إنها قادرة على ضرب مشروع الميناء، أو أهدافه، متى حسمت قرارها بكون هذا الملف سيفًا مسلطًا على رقبتها، وعاملًا من عوامل الضغط الذي لا يمكن تجاوزه.
في حين أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورقة قدمتها لحماس، قالت فيها إن أمريكا تسعى لاستغلال الممر لتنفيذ رؤيتها حول مصير قطاع غزة، من خلال بقاء القوات الإسرائيلية المحتلة داخل القطاع لفترة طويلة قد تمتد لأشهر أو سنوات، وهو ما من شأنه أن يفضي إلى إدارة انتقالية داخل غزة وفق معايير إسرائيلية أمريكية، في ظل تقاطع أطراف عربية وفلسطينية مع الرؤية الأمريكية.
وبحسب الجبهة، فإن أمريكا تستغل مسارَين لتحقيق هذه الأهداف، أولهما محاولتها اتخاذ الممر البحري كرأس جسر لتأمين وجود منطقة خضراء في قطاع غزة (أي منطقة عسكرية للاحتلال الإسرائيلي وحلفائه)، وبالتالي فصل قطاع غزة عن عمقه العربي، وإغلاق معبر رفح وإجراءات أخرى تستهدف محور فيلادلفيا.
بالإضافة إلى مسار آخر عبر حشد مجموعة من العائلات وشخصيات معروفة وجهات من المجتمع المدني في غزة مع رجال أعمال وأصحاب المصالح، للتعاون معهم بهدف تشكيل إدارة انتقالية للقطاع ضمن الرؤية الأمريكية، تزامنًا مع مساعٍ لخلق ظهير محلي عشائري يعادي المقاومة.
كيف نقرأ فكرة الميناء؟
لم يستطع مثقفون ومحللون سياسيون فلسطينيون، تحدثوا في ندوة حول “ما وراء ميناء غزة”، أن يخفوا قلقهم من الميناء في التحكم بعملية الإغاثة الإنسانية وعملية الإعمار وأن تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية، أي عملية يمكن أن تمنح الاحتلال تغييرًا في الصورة السلبية التي تكونّت عنه بعد قرار محكمة العدل الدولية.
وتخوّفَ المحللون من أن كل ما يعلَن يدلل على أن الاحتلال يستكمل عملية احتلاله في تعميم لنموذج الضفة الغربية على قطاع غزة، مع تكريس سلطة أكثر استجابة للشروط والأهداف الإسرائيلية، وذلك عبر التعامل مع الفلسطينيين بالقطاعي أو الفردي أكثر من كونه تعاملًا مع مؤسسات وكيان سياسي.
فيما اتجه آخرون إلى القول إن الميناء جزء من مجهود الحرب، بالتالي هو مفتوح على الاحتمالات، قد يبقى ويستمر وقد يتفكّك وينقل إلى مكان آخر إذا لم يكن في صالح الاحتلال، قد يكون جزءًا من تقسيم الشمال والجنوب، وقد يكون جزءًا من تسريع الإغاثة في الشمال إلى نقطة يصبح مغريًا، والعودة إلى الشمال لتفريغ رفح في الجنوب من المرحّلين، وبالتالي الهجوم عليها.
أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني فيشدّد على أن الميناء البحري العائم يمكن قراءته في سياقات مختلفة، لكن الدوافع الرئيسية لمثل هذا القرار في هذا التوقيت بالذات مرتبطة أولًا بالتعامل مع تجليات اشتداد الحصار والتجويع في القطاع، وبشكل خاص في شمال قطاع غزة، وحالات الوفاة نتيجة الجفاف وسوء التغذية، وانعكاس هذا على صورة الدول الداعمة للاحتلال، وبشكل أساسي أمريكا التي يتصاعد داخلها الضغط الشعبي عليها، وأمام الاحتمالات المتصاعدة لاجتياح رفح، والحاجة لتوفير بدائل لمعابر رفح التي ستخرج عن العمل فور تحول رفح إلى منطقة عمليات عسكرية.
لكن الطناني يلفت في حديثه لـ”نون بوست” أن فكرة الممر البحري ليست حصرًا لهذه الحرب، أو من بنات أفكار إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، فقد طُرح على طاولة البحث بشكل كبير إبّان حرب 2014 واتفاق الهدنة في حينه، وتم التفاعل معه في عدة مناسبات فيما بعد، إلا أنه كان يصطدم دائمًا بالاشتراطات الإسرائيلية الهادفة بالدرجة الأساسية إلى إطباق الحصار على القطاع.
من ناحية أخرى، فشل الاحتلال الإسرائيلي في خلق بدائل لحكومة غزة بقيادة حماس، من خلال العشائر وأدوات أمنية بقيادة المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، ووجد حاجة لتجاوز وكالة الغوث كبوابة رئيسية لاستقبال وتوزيع المساعدات، والعمل المباشر مع اللاجئين والنازحين في القطاع.
حيث أكدت العشائر أنها لن تمرر مساعداتها إلا بتنسيق شرطة قطاع غزة، ما يدفع الاحتلال إلى البحث عن استخدام المساعدات كبوابة لخلق نظام محلي متعاون معه، ومنح صلاحية العمل عبر الممر البحري لمؤسسة أخرى غير “الأونروا”، مثل مؤسسة “المطبخ العالمي” التي سيّرت أول سفينة مساعدات.
أمريكا وترميم الصورة الأخلاقية
لا شك أن الولايات المتحدة تسعى للعمل المباشر لإنشاء الميناء المرتبط أولًا بتثبيت الهيمنة الأمريكية على مشروع الميناء، والتأكد من أن كل أدوات ربط قطاع غزة بالعالم الخارجي تندرج وفق المصالح والمعايير الأمريكية، والتي بالطبع تتوافق مع التوجهات الإسرائيلية المنسجمة مع خطوة إقامة الميناء بشكله وطبيعته الحالية.
وتظهر الحاجة الأمريكية إلى احتكار شكل الحلول الجزئية المقدَّمة للقطاع لتستثمر عبرها في وكلائها، حيث تهدف إلى تقديمهم كعناوين للحكم في القطاع ضمن سيناريوهات اليوم التالي للحرب، بالتعاون مع الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة، والتي تشارك بشكل مباشر في الاستثمار في الممر البحري.
ووفق الطناني، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعي استراتيجيًّا أن أي شكل حكم قادم في القطاع يأتي وفق المقاييس الأمريكية، ويحتاج إلى مقومات قوة سيُشكّل الممر البحري أحد أشكالها، لتسهيل التحكم وإدارة عمليات إعادة الإعمار وفق المقاييس الأمريكية والإشراف الإسرائيلي.
تتلاقى كل هذه الاحتياجات مع الحاجات الأمريكية المرتبطة بترميم الصورة الأخلاقية للولايات المتحدة لتورُّطها في حرب الإبادة بحقّ القطاع، وقد بيّنت نتائج استطلاع أجراه معهد هاريس ومركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد، وشمل 2000 ناخب أمريكي من فئات عمرية مختلفة، أن 51% من الشباب من هذه الفئة العمرية يعتقدون أن الحل طويل المدى للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو “إنهاء إسرائيل وتسليمها لحماس والفلسطينيين”.
غاز غزة
إحدى المخاوف التي طرحها ملف الممر البحري، غاز غزة الذي كان عنوان نقاش متصاعد قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقد أعلن الاحتلال في يونيو/ حزيران من العام نفسه موافقته على تطوير حقل غاز “غزة مارين”، الواقع على مسافة نحو 30 كيلومترًا قبالة غزة، على أن يتم التوصُّل إلى تنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية ومصر، وتشير التقديرات إلى أن “غزة مارين” يحتوي على أكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يفوق بكثير ما يلزم الأراضي الفلسطينية من طاقة ويمكن تصدير بعضه.
وفي الأيام الأولى للحرب، قال موقع “موندويس” الأمريكي في مقال، إن “إسرائيل” تسعى إلى تصدير الغاز المسروق، وإبرام صفقات مع الدول المجاورة بمشاركة الاتحاد الأوروبي، حيث اكتشفت “بريتش غاز” البريطانية حقول الغاز قبالة غزة قبل 25 عامًا، وتعرف اليوم بـ”غزة مارين 1″ و”غزة مارين 2″، وتشكّل نقطة اهتمام لـ”إسرائيل” وأمريكا في استغلال الموارد الفلسطينية.
من وجهة نظر أخرى، يرى الكاتب أحمد الطناني أن الحديث عن ملفات كبرى مثل ملف الغاز ينطوي عليه نوع من المغالاة والمبالغة، ليس من بوابة إنكار وجود الغاز وأهميته، إلا أنه لا يُمثل بُعدًا استراتيجيًّا يشكّل بوابة لاتخاذ الولايات المتحدة خطوة كبيرة بغرض الهيمنة عليه، فاحتياطات الغاز الموجودة في حقول “غزة مارين” لا تُعتبر ثقلًا استراتيجيًّا بالمعنى الدولي.
ولا يشكّل حقل “غزة مارين” مطمعًا كبيرًا مقارنة بحقول الغاز الكبيرة الموجودة في شرق المتوسط، مثل الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية حقل “ليفياثان” وحقل “تامار”، أو حقل “ظهر” المصري، وحقل “أفروديت” القبرصي، وكلها تفوق ما يوجد في حقل “غزة مارين” بأضعاف تصل إلى 30 ضعفًا في بعضها.
ومن جانب آخر، لا حاجة فعلية إلى إقامة مشروع بحجم الميناء بغرض السيطرة على موارد مثل الغاز، فواقعيًّا المقاومة في قطاع غزة اليوم منهكة بفعل حرب مستمرة منذ 6 شهور، والسلطة الفلسطينية ضعيفة ولا تمتلك قدرة الملاحقة القانونية والتصدي لمحاولات فرض السيطرة بالقوة، سواء من جانب الولايات المتحدة أو الاحتلال.
ماذا عن فصل شمال غزة عن جنوبها؟
مع اشتداد الحرب البرية، ووصول الجنود الإسرائيليين إلى شارع صلاح الدين وإعلانه “ممرًّا آمنًا (ممرات موت وفق الغزيين)”، بات فصل شمال القطاع أكثر وضوحًا، مع سماح الاحتلال الإسرائيلي بحركة النزوح في خط واحد من شمال وادي غزة إلى جنوبه، ومنع العودة إلى الشمال، ونصب الحواجز ومحطات التفتيش على شارع صلاح الدين، وصولًا إلى تكثيف الأحزمة النارية في المناطق الشمالية من القطاع.
وتولت “فرقة 99” في جيش الاحتلال مهمة منع الفلسطينيين من العودة إلى شمال قطاع غزة، وتقسيم القطاع إلى قسمَين، هذه الفرقة التي تضمّ 4 ألوية رئيسية، وهي لواءان مظليان ولواء غولاني ولواء غفعاتي، أنشأها الاحتلال عام 2020، وأجرت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة قبل الحرب مناورات تحاكي عملية عسكرية في قطاع غزة وجنوب لبنان.
ومطلع فبراير/ شباط 2024، نشر موقع “والّا” العبري أن جيش الاحتلال “بدأ التخطيط لإنشاء معابر في وسط قطاع غزة من شأنها عزل المنطقة”، ترسيخًا للمعابر المؤقتة التي أقامها على ممرات النزوح في قطاع غزة، والتي نصب عليها كاميرات مراقبة ذكية، تجمع معلومات الفلسطينيين النازحين في مجال رؤيتها.
ولم ينقضِ الشهر حتى عاد إعلام الاحتلال إلى الترويج لـ”الطريق 749″، الاسم المؤقت لممرّ يفصل شمال غزة عن باقي القطاع، ويمتد “الطريق 749” من مستوطنات الغلاف إلى شاطئ غزة، إذ يبدأ من مستوطنة نحال عوز وينتهي عند البحر الأبيض المتوسط.
وسعى الاحتلال لتثبيت هذا الفصل بكل الأدوات، وتلاقي هذا المسار مع موضع لسان الميناء المُنشَأ حديثه يأتي في سياق هندسة الاحتلال لخطّ سير الشاحنات وممرات العبور من وإلى الميناء، عبر الطرق الخاضعة للسيطرة الأمنية الحالية لجيش الاحتلال.
“لكن هل هذا يعني أن الاحتلال يستعد للبقاء في القطاع لمدة طويلة؟” يتساءل الطناني، مجيبًا أنه بالطبع لو كان الأمر كله خاضعًا لرغبات وخطط قادة الاحتلال، فلن يترددوا في تحقيق حلم رابين بإلقاء غزة في البحر، إلا أن معادلات الواقع مختلفة تمامًا.
وما يؤكد ذلك استعداد الاحتلال حاليًّا في مفاوضات التهدئة لمناقشة تفاصيل بعض الانسحابات من محاور القطاع، وفي مقدمتها الانسحاب من شارع الرشيد المطلّ على الواجهة البحرية لقطاع غزة، وهو ما يضرب بالمعنى الجوهري المآلات الاستراتيجية لتثبيت فصل الشمال عن القطاع، باستخدام أدوات مثل الميناء البحري.
في قراءة مغايرة، يمكن أن يشكّل الميناء محفزًا أيضًا للنضال من أجل تحويله إلى مكتسب وطني مستقبلًا، خصوصًا أنه سبق وأن كان مطلبًا للمقاومة في عدة مناسبات، أهمها مفاوضات التهدئة في حرب 2014، في إعادة إلى نموذج معبر رفح ما بعد الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة، والاشتراط الإسرائيلي على وجود المراقبين الأوروبيين كأداة للهيمنة على المعبر بعد الانسحاب، وما تبعه من نضال المقاومة للتخلُّص من هذا الاتفاق، وتحوُّل المعبر إلى معبر فلسطيني مصري خالص.