أثبتت عمليات التحقيق الجارية في رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية، أن عمليات التنصت، التي قام بها ما بات يوصف بـ”الكيان الموازي” خلال سنة 2012، طالت 257 ألف و454 شخصاً، وبلغت 252 ألف و62 شخصاً خلال سنة 2013، ليبلغ مجموع عمليات التنصت خلال العامين الماضيين 509 آلاف و516 شخصاً.
وإن لم يتم التأكد بعد من قانونية عمليات التنصت هذه بسبب مسح التسجيلات الصوتية، فإن التحقيقات الرسمية كشفت عن وجود أدلة قوية لعمليات تنصت تمت دون الحصول على إذن قضائي، وهو الأمر الذي ينتظر أن تقطع فيه التحقيقات التي تجريها رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية، وكذلك المحاكم التي ستقام فور انتهاء التحقيق.
ويذكر أنَّ صحيفتي يني شفق وستار، التركيتين، نشرتا في وقت سابق خبرا، يفيد أن الكيان الموازي قام بعمليات تنصت على حوالي 7000 شخصية سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية.
وتعمد حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى استخدام تسمية “الكيان الموازي” للإشارة إلى جماعة فتح الله كولن، التي تتهمها الحكومة بتشكيل تنظيم موازٍ داخل أجهزة القضاء والشرطة، يتلقى أوامره بشكل مباشر من المسؤولين في الجماعة، لتنفذ دون العودة إلى مرؤوسيهم في أجهزة الدولة.
وقد كشفت التحقيقات الرسمية والإعلامية أن عمليات التنصت كانت تهدف إلى جمع المعلومات وتفاصيل المكالمات التي يجريها رجال الأعمال والمسؤولون في الحكومة وفي مختلف القطاعات، وذلك بنية استخدامها للابتزاز أو لتلفيق التهم والأدلة القضائية، كما استخدمت في مرات كثيرة لتحديد مصير صفقات تجارية ضخمة.
وحول الآلية التي استخدمها الكيان الموازي لتمرير عمليات التنصت هذه إداريا، قال المحلل التركي زاهد غول، في حوار حصري لنون بوست، أن مراحل التنصت أو ملاحقة أي شخص تمر عبر الخطوات التالية:
- يأتي الأمر من دائرة صنع القرار في الجماعة لمراقبة شخص ما
- يقوم رجل الشرطة التابع للجماعة برفع شكوى وهمية تفيد بأن أحد جيران ذلك الشخص تقدم بشكوى قال فيها بأن أشخاصا مشبوهين يترددون بصفة دائمة على منزله، وأنه يشك بأنه منتمي لتنظيم إرهابي أو ما شابه
- يقوم المدعي العام التابع للجماعة برفع الدعوى إلى القاضي الذي يعلم انتماءه للجماعة
- يقوم القاضي بإصدار أمر لجهاز الاستخبارات بالتنصت على ذلك الشخص ومراقبة حركته
- جهاز المخابرات يسيطر عليه بنسبة كبيرة منتمون إلى جماعة كولن، فيقومون بجمع كل المعلومات اللازمة عن ذلك ثم يرفعونها إلى القاضي ومن خلاله إلى مسؤوليهم في الجماعة
وحسب التقرير الرسمي الذي صدر يوم أمس الخميس، فإن الكيان الموازي، أو جماعة كولن، قام بما يزيد عن نصف مليون عملية تنصت خلال السنتين الأخيرتين فقط. مع العلم أن من بين الأسماء التي وردت في قائمة السبعة آلاف التي نشرت قبل أيام، اسم رجب طيب أردوغان وبرلمانيين من كل الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي، ورئيس جهاز المخابرات العامة هاكان فيدان، ووزير الداخلية المعين حديثا، بالإضافة إلى آلاف الأرقام الأخرى التي تم التنصت عليها وسجلت بأسماء وهمية.
وفي تعليقه على وجود اسمه في قائمة المتنصت عليهم، قال أردوغان: “أنه لا يستخدم أى خطوط هاتفية مؤمنة من نوع خاص، وإنما يتحدث من خطوط عادية”، واصفا عمليات التنصت بـ”الجاسوسية التي يعاقب عليها القانون بعقوبات شديدة”، مشيرا إلى أن “هؤلاء الأشخاص الذين تنصتوا على المواطنين الأتراك، قد شكلوا القضاء والقوانين بالشكل الذي يحميهم من أي عقوبات”.
وفي تصريحات أدلى بها في مقابلة تلفزيونية مساء الخميس، أكد أردوغان أن حكومته ماضية في إصلاح أجهزة الدولة والقوانين المنظمة لها، وأنها لن تسمح بوجود هذا الكيان الموازي داخل أجهزة الدولة مستقبلا. مع العلم أن عمليات إقالة المسؤولين الأمنيين المحسوبين على جماعة كولن من مناصبهم باتت تقدر بالآلاف وكذلك بالمئات داخل جهاز القضاء.