ترجمة حفصة جودة
تشير الأخبار إلى أن خطوط الطيران القطرية الوطنية ذات الطموحات العالمية اشترت نحو 10% من خطوط الطيران الوطنية في هونغ كونغ “كاثي باسيفيك”، كان هذا الخبر بمثابة صدمة للأسواق المالية، فقد انخفضت قيمة أسهم “كاثي باسيفيك” نحو 5% بعد دقائق من بدء المعاملات التجارية في هذا اليوم، لكن الفكرة التي تقول إن الطيران القطري كان سوقًا لعملية اقتناء أخرى لم تكن مفاجئة للمحللين في مجال الطيران.
منذ عام 2015 استحوذت الشركة القطرية على 20% من أسهم “IAG” وهي مجموعة من خطوط الطيران الأوروبية التي تنقل 100 مليون راكب سنويًا، واستحوذت على 10% من أسهم “LATAM” وهي أكبر مجموعة لخطوط الطيران في أمريكا اللاتينية، وعلى 49% من أسهم “Meridiana” وهي شركة طيران إيطالية، كما دعت الحكومة الهندية الشركة إلى إنشاء خطوط طيران جديدة في الهند تبدأ بـ100 طائرة، لذا لماذا يتسوق أكبر الباكر – الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية – بمبالغ تصل إلى مليارات الدولارات؟
ظاهريًا لا تبدو هذه الاستراتيجية حكيمة على الإطلاق، فقد حاولت خطوط الاتحاد – المنافسة للخطوط القطرية ومقرها أبو ظبي – القيام بالأمر نفسه منذ عدة سنوات واشترت حصص في “Air Berlin” و”Alitalia” و”Jet Airways”، كانت الفكرة هي استخدام تلك الخطوط للاستفادة من حركة المسافرين في ألمانيا وإيطاليا والهند عبر مركزها في أبو ظبي، لكن هذه الاستراتيجية فشلت هذا العام مع إفلاس الخطوط الألمانية والإيطالية، وهذا الانهيار ربما يكلف “الاتحاد” نحو 4.5 مليار دولار من الخسائر.
كلفت مقاطعة خطوط الطيران القطرية 500 مليون دولار من أرباح هذا العام
اتباع هذه الطريقة قد يحقق القليل من المكافآت للخطوط القطرية، فكما يقول جراي والدرون في مجلة “Flightglobal”: “يبدو أن قطر تستثمر في ممتلكات بعيدة جدًا دون توافق أو تآزر واضح”.
كشفت غوليفر – مجلة خاصة بالطيران تابعة للإيكونوميست – هذا الأسبوع أن الباكر ليس لديه نية في تكرار أخطاء الاتحاد، فالبحث عن شركاء في الخارج ليس محاولة لدفع حركة المسافرين من خلال مقره في قطر، لكنه بدلًا من ذلك يبحث عن حلفاء لمواجهة عداوة جيرانه في الشرق الأوسط.
تقول غوليفر في مقالها: “منذ يونيو الماضي قامت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بفرض الحصار على قطر ومقاطعة جميع الخطوط الجوية القطرية ومنعها من الطيرن في أجوائها، أدى ذلك إلى إلغاء أكثر من 50 رحلة يومية لتلك الدول، مما كلف خطوط الطيران العشرات من تجارتها و500 مليون دولار من أرباح هذا العام”.
لكن حتى قبل الحصار كان الباكر يعلم جيدًا أن فرص النمو محدودة للغاية في الشرق الأوسط، فالقوة التي تسببت في زيادة حركة المسافرين في المنطقة بسرعة صاروخية في العقد الماضي أصبحت مفككة، كما أن الهجمات الإرهابية وعدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة أدى إلى تناقص انجذاب المسافرين للسفر عبر مناطق مثل الدوحة.
أدى انخفاض أسعار الوقود إلى نقص الطلب على درجة رجال الأعمال من شركات الطاقة في المنطقة، كما أدى هذا الانخفاض أيضًا، بالإضافة إلى وجود طائرات جديدة ذات كفاءة عالية في استهلاك الوقود مثل بوينغ 787، إلى تحسين اقتصاديات الرحلات المباشرة بين آسيا وأوروبا والتي لا تتطلب الوقوف في الشرق الأوسط.
خلال 5 أو 10 سنوات ستسيطر 3 شركات طيران عملاقة على سوق الرحلات الدولية للمسافات الطويلة
لذا فشراء خطوط طيران أخرى في تحالف “oneworld” – وهو ثالث أكبر تحالف لخطوط الطيران في العالم ويضم أعضاء مثل الخطوط القطرية وIAG وLATAM وCathay Pacific – يبدو معقولًا أكثر من شراء المزيد من الطائرات والاستثمار في الدوحة، هذه الاستراتيجية تبدو ناجحة حتى الآن: فقد ارتفعت أسهم IAG وLATAM منذ أن اشترى الباكر أسهمًا فيهما.
يبدو أيضًا أن كاثي باسيفيك كانت رهانًا جيدًا، فقد كانت أسهمها ضعيفة منذ أن كشفت عن أول خسارة سنوية لها منذ عام 2008 في بداية هذا العام، لكن مديريها يبذلون أقصى جهدهم، ويجب أن تستفيد الشركة من الارتفاع السريع في السياحة الصادرة من البر الرئيسي للصين.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سينعكس تأثير الطيران القطري في صناعة الطيران على المستهلكين بشكل جيد؟ التقت غوليفر بالعديد من رؤساء الشركات في الأشهر الأخيرة، وهم يتوقعون بشكل خاص أنه خلال 5 أو 10 سنوات سوف تسيطر 3 شركات طيران عملاقة على سوق الرحلات الدولية للمسافات الطويلة، وسيكون ذلك حسب توقعاتهم نتيجة لشراء أعضاء تحالفات اليوم – وهي “oneworld” و”Skyteam” و”Star” – أسهم بعضهم البعض.
وعليه تقدم صفقة كاثي باسيفيك المزيد من الأدلة للحجة القائلة بأن الباكر يرغب في أن تكون الخطوط القطرية قائدة لواحدة من عمالقة صناعة الطيران، والعقبة الوحيدة التي تقف أمام تقدم الخطوط القطرية في تحالف “oneworld” هي الخطوط الأمريكية العدو الأول للخطوط الخليجية، وكان الباكر قد حاول كثيرًا شراء 10% من أسهمها هذا العام لكنه فشل، ومع اتجاه شركات الطيران العالمية نحو الاندماج، فمدى مقاومة الخطوط القطرية لمغازلة منافسها ما زالت قائمة.
المصدر: إيكونوميست