ترجمة وتحرير: نون بوست
كانت العديد من المدن الأمريكية على غرار ساندي هوك، وأورورا، وأورلاندو، ولاس فيغاس، وساذرلاند، وسبرينغز، هدفا لجملة من عمليات القتل الجماعي التي استهدفت مدارس، ودور للسينما وحانات وحفلات موسيقية، وحتى الكنائس لم تستثن من هذه الجرائم. وفي كل مرة تحدث فيها عملية قتل جماعي، التي بتات متواترة أكثر من أي وقت مضى، نجد صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة لشرح هذه الحادثة لأطفالنا والأجوبة المناسبة لأسئلتهم حول السبب وراء وقوع مثل هذه الجرائم ولماذا لا تزال تحدث؟ بناء على ذلك، كيف يجب أن تتحدث مع طفلك عن العنف المسلح؟ وحيال هذا الشأن، طلبنا من ثلة من الخبراء تقديم وجهات نظرهم حول هذه المسألة.
أكّد لطفلك أنك تبذل قصارى جهدك للحفاظ على سلامته
في الحقيقة، يحتاج الطفل إلى أن تذكره بأنك ستسهر دائما على ضمان سلامته. وفي هذا السياق، أوضح الطبيب النفسي الإكلينيكي في شركة “دكتور أون ديماند” جون ماير، أن “طمأنة أطفالنا في ظل هذه الأوقات المضطربة والعنيفة تعد مسألة لا غنى عنها بالنسبة لجميع الأهل”. وأضاف المصدر ذاته، أنه “يجب أن نؤكد لأطفالنا أننا لن نصطحبهم مطلقا إلى أماكن قد يتعرض فيها للخطر. فضلا عن ذلك، لا بد أن تخبر طفلك أن وظيفتك الأساسية على اعتبار أنك والده أو أمه تتمثل في حمايته، وستحرص على الالتزام بهذا الواجب”. عموما، لا بد أن يعمل الوالدان على أن تصل هذه الرسالة إلى أطفالهم لكي يشعروا بالأمان.
في الإطار ذاته، شدد الطبيب ماير على أنه من الضروري أن يعير الوالدين القدر ذاته من الأهمية حتى يعي أطفالهم بغض النظر عن سنهم فحوى هذه الرسالة. ففي الحقيقة، يحتاج الأطفال في مرحلة عمرية متقدمة إلى أن تتم طمأنتهم تماما مثل الأطفال الأصغر سنا. ففي الغالب، لا تعد الاختلافات العمرية مهمة فيما يتعلق بهذه المسألة تحديدا”. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن للآباء ضمان سلامة أبنائهم بشكل قطعي. وبالتالي لا يجب أن يدخلوا في حوار معهم حيال هذه النقطة، لأن التشكيك في هذا الأمر يمكن أن يكون له نتائج عكسية على الأطفال، وذلك وفقا لما أوضحه الطبيب النفسي ماير.
يموت حوالى 1300 طفل في الولايات المتحدة كل سنة بسبب السلاح، في حين يتعرض قرابة 5790 طفلا آخر لإصابات
لا يجب فسح المجال للتلفزيون حتى يتولى مهمة تثقيف أطفالك حول العنف المسلح
توجد على القنوات التلفزيونية تغطية مستمرة للأحداث والمستجدات، في حين يتم عرض لقطات تصور حيثيات ما حدث في إطلاق النار في ساذرلاند سبرينغز، على سبيل المثال. ولكنك لن ترغب حتما في أن تتسرب العديد من المعلومات والصور إلى عقل طفلك، خاصة إذا كان صغير السن. وحيال هذا الشأن، قال الخبير في شؤون التربية إيرين هايدلبرجر إنه “ليس عليك أن تكون عالما في مجال الصواريخ حتى تدرك حجم المخاوف التي تنجم عن العروض المتكررة والمُطولة لمشاهد العنف التي تظهر على وسائل الإعلام”.
وأضاف المصدر ذاته أن “وعي الطفل بما حوله يتطور تدريجيا، ومن الضروري أن يعمد الوالدان إلى شرح الحقائق الأساسية لأطفالهم حول ما يحدث، وأن لا يتركوا مجالا للتلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بهذه المهمة عوضا عنهم. في الأثناء، حاول أن لا تحدثهم عن التفاصيل العنيفة، كما من المهم أن لا تدّعي أن طفلك ليس على علم بأن شيئا ما غير مقبول يحدث في العالم”.
تأكد من أن أطفالك يدرك جيدا معنى مفهوم سلامة التعامل مع السلاح
في الواقع، يموت حوالى 1300 طفل في الولايات المتحدة كل سنة بسبب السلاح، في حين يتعرض قرابة 5790 طفلا آخر لإصابات، علما وأن 21 بالمائة منها تكون جرّاء حوادث إطلاق نار عرضية. في هذا السياق، ينبغي على الوالدين التأكد من أن أي أسلحة توجد في المنزل مخبأة في مكان آمن، بعيدا عن متناول الأطفال. فضلا عن ذلك، يحب أن يعلموا أطفالهم جميع قواعد السلامة المتعلقة بالتعامل مع السلاح، نظرا لأن هذا الإجراء بات مسألة ضرورية في عصرنا الحالي.
في سياق متصل، أفاد الطبيب النفسي، جون ماير أن “الآباء الذين يمتلكون أسلحة في منازلهم لا بد أن يتحملوا مسؤولية تعليم أبنائهم قواعد سلامة التعامل مع السلاح، والأسباب التي دفعتهم لامتلاكه، وضروريات استخدامه. لا ينبغي أن يفترض الآباء، الذين يمتلكون أسلحة في منازلهم، أن الأطفال لا يأبهون لوجودها وأنهم لا يعرفون حقيقةً كل ما يجب معرفته عن السلاح”. وأردف المصدر ذاته أن “أكبر خطأ يرتكبه الوالدين يتمثل في الاعتقاد بأن الأطفال الصغار لا يحتاجون إلى دروس ونصائح حول الأسلحة التي توجد في المنزل. في المقابل، وفي حال لم تبادر بشرح الدوافع الكامنة وراء ضرورة استخدام السلاح، سيقوم أبنائك بتشكيل مفهوم ومعايير خاصة بهم حول أسباب استخدامه. ومن المؤكد أن هذه المفاهيم ستكون غير ناضجة ومختلفة عن رؤية الوالدين لأغراض استخدام السلاح”.
قبل عمر 12 سنة، ينبغي على الوالدين التركيز على الحديث على السبل التي سيتبعانها للمحافظة على سلامة أبنائهم
من جهته، شدد إيرين هايدلبرجر على ضرورة أن يتأكد الوالدان من أن أطفالهم يستوعبون الخطورة التي تشكلها الأسلحة وأن يلتزموا بقواعد السلامة الرئيسية التي تتمثل في :
– منع الأطفال من لمس السلاح بأيديهم
– لا يسمح إلا للأم و الأب باستخدام السلاح
– الحد من فضولهم من خلال إخبارهم أن السلاح يوجد في مكان مغلق بإحكام ولا يجب عليهم كسر ذلك القفل.
– بشكل جدي، يجب على الوالدين أن يفسروا لأطفالهم الفرق بين الأسلحة الحقيقة واللعبة، فضلا عن العواقب الوخيمة الناجمة عن استخدامها.
يجب أن تكون رسالة الوالدين مناسبة لعمر أطفالهم
لا يجب على الوالدين تبني أسلوب الحديث ذاته عن السلاح مع طفل يبلغ من العمر خمس سنوات وآخر في سن المراهقة، حيث ينبغي أن يتماشى مع سن الطفل ومستوى نضجه. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور جون ماير أن “الأطفال الصغار لا يحتاجون إلى شرح مُطول حول التداعيات الاجتماعية والنفسية للعنف المسلح الذي ينتشر في مجتمعنا”.
وأضاف ماير أنه “قبل عمر 12 سنة، ينبغي على الوالدين التركيز على الحديث على السبل التي سيتبعانها للمحافظة على سلامة أبنائهم. أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 15 أو 16 سنة، فيمكن للأهل التطرق للقضايا الاجتماعية التي تتعلق بهذه المسألة، على غرار لماذا تعتبر عملية قتل شخص آخر غير أخلاقية؟ فضلا عن استخدام السلاح في الإطار غير المناسب”. وأردف ماير أنه “بالنسبة للمراهقين، وبغض النظر عن مرحلتهم العمرية، يجب مناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية والأخلاقية المتعلقة بالعنف المسلح. والجدير بالذكر أن هذا التوزيع حسب العمر يرتبط بمراحل مختلفة من النمو المعرفي لدى الأطفال والشباب، والتوقيت الملائم الذي يمكن فيه لأدمغتهم التفكير فعلا في هذه القضايا”.
أشار الطبيب النفسي، جون ماير إلى أنه “يجب أن نؤكد لأطفالنا أن هذه الحوادث تعد نادرة وليست جزءا من حياتنا اليومية”
دع طفلك يعبر عن أفكاره
من المرجح أن أطفالك يملكون آراء وأسئلة ومخاوف حول الكثير من المسائل، وبالتالي يجب أن تفسح المجال لهم للتعبير عنها. وفي هذا السياق، أورد إيرين هايدلبرجر أنه “ينبغي على الأهل أن يبادروا بالاستفسار عما قد سمعه أطفالهم وما يعرفونه حيال ما يحدث في المجتمع. إثر ذلك، لا بد أن تدع طفلك يتكلم وأن تصغي إليه جيدا”. وأوضح هايدلبرجر قائلا: “تخيل ما قد تشعر به بعد التحدث عن المواقف المخيفة التي قد تعترضك في حياتك مع شخص تثق به، من المؤكد أنك ستشعر بأمان أكثر. والأمر سيان بالنسبة للأطفال، فهم يشعرون بالأمان أكثر بعد تمكنهم من التعبير عن مخاوفهم”.
ذكّر أطفالك أن عمليات القتل الجماعي لا تزال نادرة
غالبا ما تهيمن قصص عمليات القتل الجماعي على العناوين الرئيسية للأخبار، نظرا لمدى أهميتها. وفي هذا الإطار، أشار الطبيب النفسي، جون ماير إلى أنه “يجب أن نؤكد لأطفالنا أن هذه الحوادث تعد نادرة وليست جزءا من حياتنا اليومية”. وأضاف ماير “نظرا لأننا نسمع أنباءً عن عمليات قتل جماعي تحدث في أماكن بعيدة في العالم، بتنا نشعر أن هذه الحوادث تبدو قريبة منا أكثر من أي وقت مضى”.
المصدر: بارنتس