تتواصل الضجة التي أحدثها الفيلم الجديد للمخرج اللبناني زياد الدويري، الذي يحمل اسم “القضية رقم 23” في بعض الدول العربية، وجاء الدور الآن على تونس، حيث أحدثت إدراج عرض هذا الفيلم ضمن فعاليات مهرجان قرطاج السينمائي جدلًا كبيرًا في البلاد وصل حد المطالبة بوقف عرضه.
احتجاجات
من المنتظر أن يعرض عشية اليوم بقاعة الكوليزي بالعاصمة تونس الفيلم الجديد للمخرج اللبناني زياد الدويري ضمن مهرجان قرطاج السينمائي الذي انطلق يوم 4 من شهر أكتوبر الحاليّ ويتواصل إلى 11 من نفس الشهر.
بالتزامن مع ذلك دعت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني (مستقلة) مدير “أيام قرطاج السينمائية” إلى منع عرض هذا الفيلم، وأكد الناطق الرسمي للحملة التونسية للحملة غسان الخليفي في تصريحات إذاعية، أن الحملة لديها تحفظات كبيرة على الفيلم، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في أن المخرج مُطبع مع الكيان الصهيوني ويعتبر “إسرائيل” دولة لها كيان ووجود وليست محتلة.
دعت منظمات شبابية وطلابية تونسية، للقيام بتحرك ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﻟﻤﻨﻊ ﻋﺮﺽ ﺍﻟفيلم عشية اليوم
وأضاف غسان الخليفي لإذاعة “شمس إف إم” الخاصة أن مخرج الفيلم تعامل مع إسرائيليين ومع منتجين إسرائيليين والإعلام الإسرائيلي، مشددًا على أن إعلام الاحتلال الإسرائيلي احتفى بالفيلم والمخرج وقُدم على أنه إنسان متسامح، وطالبت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني بعدم قبول أي فيلم للمخرج زياد دويري مُستقبلًا في مهرجان أيام قرطاج السينمائية في حال لم يُقرّ بالخطأ الكبير الذي قام به من خلال أفعاله التطبيعية، وإذا لم يُقدم اعتذارًا علنيًا للشعوب العربية كافة التي عانت وما زالت تعاني من الممارسات الفاشية للكيان الصهيوني اللقيط.
المخرج زياد دويري
وقبل ذلك دعت منظمات شبابية وطلابية تونسية إلى القيام بتحرك ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﻟﻤﻨﻊ ﻋﺮﺽ ﺍﻟفيلم عشية اليوم أمام القاعة التي من المنتظر أن يتم فيها العرض، وأكدت هذه المنظمات في بيان لها رفضها التام لعرض الفيلم في تونس، وقالت في بيانها “إدراج ﻋﺮﺽ ﻓﻴﻠﻢ “ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ رقم 23” ﻟﻤﺨﺮﺟﻪ ﺯﻳﺎﺩ ﺍﻟﺪﻭﻳﺮﻱ – ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺨﺪﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻋﺒﺮ فيلمه “ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ” ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺮﻡ ﻓﻲ ﺗﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ – ﺿﻤﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﻗﺮﻃﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺴﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﻉ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ “ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺷﺮﻳﻌﺔ” ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺍﺑﺖ ﺍاﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍلاﺳﺘﻌﻤﺎﺭ وﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺘﻲ “ﺍﻟﻜﻮﻟﻴﺰﻱ” ﻭ”ﺍﻟﻤﺪﺍﺭ”، ﻳﻌﺪ ﺗﺤﺪﻳًﺎ ﺻﺎﺭﺧًﺎ ﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍلاﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﻞ”.
وأوضح البيان “ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻤﺎ ﺗﻔﻀﺤﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺎﻟﺔ ﻭارتهان للسيادة ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ أصبحت ﺳﻤﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺸﺎﻫد ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲّ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻧﺨﺮﺍﻃﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺯﻳﺎﺭﺍﺕ ﻭﻋﺮﻭﺽ ﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﻭﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻭﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺻﻠﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻭﺗﻐﻄﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﺍﺋﻤﻪ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ”.
ليست الأولى
ليست المرة الأولى التي يواجه فيها فيلم “القضية رقم 23” مثل هذه المعارضة، فسبق أن قررت بلدية رام الله وسط الضفة الغربية نهاية شهر أكتوبر الماضي منع عرض الفيلم الجديد للمخرج اللبناني زياد الدويري ضمن مهرجان “أيام سينمائية”، بعد احتجاجات فلسطينية واتهامه بالتطبيع مع “إسرائيل”.
واعتبرت حملة “لن يعرض” الفلسطينية عرض هذا الفيلم في مهرجان فلسطيني حينها إهانة لكل الفلسطينيين والأحرار الداعمين للقضية الفلسطينية، وقالت الحملة: “في الوقت الذي يطرد فيه زياد الدويري من مهرجانات في لبنان وتونس بناءً على مواقفه التطبيعية يكون من المعيب أن يستقبل وتعرض أعماله في رام الله تحت مهرجان يدّعي دعم سينما المقاومة”.
مشهد من فيلم الصدمة
وتجري أحداث فيلم زياد دويري الجديد “قضية رقم 23” في أحد أحياء بيروت، حيث تحصل مشادة بين طوني مسيحي لبناني وياسر لاجئ فلسطيني، وتأخذ الشتيمة أبعادًا أكبر من حجمها، مما يقود الرجلين إلى مواجهة في المحكمة، وفيما تنكأ وقائع المحاكمة جراح الرجلين وتكشف الصدمات التي تعرضا لها، يؤدي التضخيم الإعلامي للقضية إلى وضع لبنان على شفير انفجار اجتماعي، ممّا يدفع بطوني وياسر إلى إعادة النظر في أفكارهما المسبقة ومسيرة حياتهما.
لماذا؟
لم تكن مشكلة التونسيين الذين ينادون بعدم عرض فيلم “القضية رقم 23” وقبلهم الفلسطينيين مع الفيلم في حد ذاته، بل كانت مع المخرج زياد دويري، ذلك أنهم يرونه شخصًا يساند التطبيع مع الكيان الصهيوني على خلفية أفكاره وتصويره فيلم “الصدمة” قبل 5 سنوات في تل أبيب، واعتبرت منظمات فلسطينية أن إنتاج فيلم “الصدمة”، الذي صُور جزئيًا في تل أبيب بمشاركة إسرائيلية، شكل تطبيعًا جليًا وخرقًا واضحًا لمعايير المقاطعة ومناهضة التطبيع الفلسطينية التي توافقت عليها الأغلبية المطلقة في المجتمع الفلسطيني.
اعتقلت سلطات مطار بيروت في شهر سبتمبر الماضي زياد دويري لساعات وحجزت جوازي سفره
واعتقلت سلطات مطار بيروت في شهر سبتمبر الماضي المخرج اللبناني الحامل للجنسية الفرنسية زياد دويري لساعات وحجزت جوازي سفره على خلفية قضية قدمت ضده بتهمة التعاون مع “إسرائيل” وهي التهمة التي يجرمها القانون اللبناني، وقد كانت هذه التهمة على خلفية إقامته في “إسرائيل” سنة 2012 لتصوير فيلمه “الصدمة” المقتبس عن رواية للجزائري ياسمينة خضراء، وكان آنذاك تعاون مع ممثلين وتقنيين إسرائيليين.