ذهب إلى قبر أتاتورك وأخذ صورة تذكارية مع النصب الكبير في العاصمة التركية أنقرة، ومن ثم زار كنائس تركيا العريقة ليشعل شموعًا يدعو بها أن يحل السلام في العالم، ولكن هو لم يذهب إلى تركيا سائحًا فقط، بل كان قاصدًا القصر الرئاسي ليقابل رجب طيب أردوغان من أجل شراكة تركية نحو الفضاء.
هذا الرجل هو المليونير منذ كان في العشرينات من عمره، “إيلون ماسك”، مؤسس شركة “سبيس إكس” الأمريكية لتكنولوجيا الفضاء والرئيس التنفيذي لشركة “تسلا موتوروز”، ورائد الأعمال صاحب خطة استعمار البشر لكوكب المريخ، يحضر الآن معرض الأقمار الصناعية السنوي المقام في إسطنبول في هذه الأيام، وهو مؤتمر عالمي مخصص لصناعة الأقمار الصناعية يُسمى “SatShow”، كما يشمل المعرض التجاري صناعات خاصة بتكنولوجيا الفضاء، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، يحضره مجموعة من مسؤولي الدفاع والنقل والخدمات اللوجيستية و الاتصالات.
التقى الرئيس التنفيذي لشركة “سبيس إكس” إيلون ماسك مع أردوغان في لقاء دام لأكثر من ساعة بعيدًا عن وسائل الإعلام بحضور وزير العلوم والصناعة والتكنولوجيا التركي، فاروق أوزلو، والمواصلات والاتصالات والنقل البحري أحمد أرسلان، وعلى الرغم من عدم حضور الإعلام للاجتماع نفسه إلى أن نتائجه كانت واضحة، مشيرة إلى خطوات تركيا الجادة نحو الصناعة المحلية للسيارات وإطلاق الأقمار الصناعية في تعاون بين شركات “إيلون ماسك” وشركات الدفاع، الطيران، الفضاء والاتصالات التركية.
أول سيارة محلية الصنع في تركيا
تحالف الشركات التركية الخماسية لصناعة أول سيارة محلية
يأتي هذا الاجتماع بعد بضعة أيام من التحالف الذي أعلنه الرئيس التركي بحضور رئيس الوزراء “يلدريم بن علي” و وزير التكنولوجيا “فاروق أوزلو” بين خمسة من أضخم الشركات التركية منها مجموعة “زورلو” القابضة و شركة الاتصالات التركية “Turkcell” ضمن تحالف لصناعة أول سيارة محلية تركية الصنع، والتي من المفترض أن يكون لها نموذجًا مبدئيًا بحلول عام 2019، لتكون جاهزة للبيع في عام 2021، والتي أعلن الرئيس التركي في خطابه أنه سيكون أول مشتري لأول سيارة محلية الصنع في تركيا.
“نحن اليوم نشهد خطوة تاريخية للتخلص من عار الاعتماد على الصناعات الغربية”، قالها الرئيس التركي طيب أردوغان في حديثه عن التحالف مشيرًا إلى أنه يشعر بالعار لتخلف تركيا عن ركب التقدم الحضاري من الصناعات المحلية للصناعات الثقيلة، مؤكدًا أن هذا التحالف هو خطوة تاريخية بالنسبة لتركيا ضمن رؤيتها للمستقبل في خطة أهداف البلاد لـ”تركيا 2023″.
يؤمن الرئيس التركي أن المشروع سيلاقي دعمًا من الأمة التركية بأكملها، ويعتقد بأنهم سيفضلون المنتج المحلي على المنتجات الأخرى، لا سيما أنه يتعهد أن يكون المشروع على مستويات عالمية ولكن بأيدٍ تركية لصنع سيارة تستطيع الأمة التركية الاعتماد عليها في حياتهم اليومية وأيضًا في حياة الأجيال القادمة.
تعهد “أردوغان” أن يمنح مشروع أول سيارة محلية الصنع الدعم الكافي داخليًا وعالميًا أيضًا، حيث أشار في حديثه أن هذا ما تفعله الحكومات القوية حينما تدعم شركات الصناعات الثقيلة في بدايات مشاريعها الجديدة، ولهذا فإن أول سيارة تركية ستتلقى الدعم الحكومي بالإضافة إلى حرص الرئاسة التركية على الحصول على الدعم العالمي لتصميمها على مستويات عالمية،
يأتي لقاء الرئيس التركي مع الرئيس التنفيذي لشركة تسلا موتورز، إيلون ماسك، بعد إعلان الأول عن تحالف الشركات التركية الخمسة، والذي أشار عنه المتحدث الرسمي للرئاسة التركية “إبراهيم كالين” بأن الرئيس التركي طرح فيه فكرة شراكة الخمسة شركات التركية ضمن التحالف مع شركات إيلون ماسك، تسلا موتورز وسبيس إكس، بالإضافة إلى الحديث عن مشاريع للطاقة المستدامة و السيارات الكهربائية في تركيا.
ربما يذهب التبرير بالبعض، أن تاريخ رؤية 2023، أو الحلم التركي، مرتبط فقط بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية الأولى التي قادها مصطفى كمال أتاتورك، فإن كان ذلك التبرير في بعضه حقيقة، إلا أن 2030 أيضًا بمثابة إطلاق الحلم التركي لتكون تركيا من إحدى الدول العظمى
إيلون ماسك يطلق أقمارًا صناعية تركية
لا تنوي تركيا على إطلاق مشروع أول سيارة محلية الصنع فحسب، بل تنوي أيضًا بالتعاون مع شركة سبيس إكس الخاصة بـ”إيلون ماسك” أن تطلق أقمارًا صناعية تركية جديدة وهي “تركياسات 5A و 5B بالاستعانة بصواريخ “فالكون 9” التابعة للشركة، وهو المشروع الذي قد تبلغ تكلفته مبلغ يُقدر بـ 500 مليون دولار أمريكي، لينطلق القمر الأول بحلول عام 2020 يليه القمر الثاني بحلول عام 2021 بحسب التوقعات ضمن رؤية أهداف تركيا 2030.
يأتي لقاء الرئيس التركي مع الرئيس التنفيذي لشركة تسلا موتورز، إيلون ماسك، بعد إعلان الأول عن تحالف الشركات التركية الخمسة لصناعة أول سيارة محلية الصنع في تركيا
كان موضوع الطاقة الشمسية ومشاريع توليد طاقة الرياح على طاولة الاجتماع كذلك بحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية، “إبراهيم كالن”، بالإضافة إلى استخدام السيارات الكهربائية في تركيا، وهو مشروع “إيلون ماسك” القائم منذ عام 2003 تحت اسم سيارات تسلا الكهربائية، التي يؤمن إيلون ماسك بأنها أفضل في الاستخدام من السيارات المعتمدة على الوقود الحفري، حيث يعتقد “ماسك” بأن كلما قل اعتماد العالم على الوقود الحفري كلما كان لدينا منتجات أقل انبعاثًا للإشعاعات.
الوزير التركي “أحمد أرسلان”، وزير المواصلات والاتصالات في مؤتمر الأقمار الصناعية العالمي في إسطنبول
ربما يذهب التبرير بالبعض، أن تاريخ رؤية 2023، أو الحلم التركي، مرتبط فقط بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية الأولى التي قادها مصطفى كمال أتاتورك، فإن كان ذلك التبرير في بعضه حقيقة، إلا أن 2030 أيضًا بمثابة إطلاق الحلم التركي لتكون تركيا من إحدى الدول العظمى بحسب خطة حزب العدالة والتنمية، تتمحور أهدافها حول الارتقاء بالاقتصاد التركي ليصل إلى قائمة أعلى 10 اقتصادات على مستوى العالم، رفع الناتج المحلي التركي إلى 2 تريليون دولار أميركي سنوياً، رفع دخل المواطن إلى 25 ألف دولار أميركي سنويًا، خفض معدلات البطالة لتصل إلى نسبة 5% وزيادة نسبة التجارة الخارجية لتصل إلى تريليون دولار سنوياً.
كان موضوع الطاقة الشمسية ومشاريع توليد طاقة الرياح على طاولة الاجتماع كذلك بحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية
لا تكون الخطة معتمدة فقط على التطوير والتكنولوجيا، حيث لا تختفي الأهداف السياحية من الخطة أيضًا فهناك أهدافًا تتعلق باستقطاب 50 مليون سائح سنوياً، زيادة عائدات السياحة لنحو 50 مليارا سنوياً، وجعل تركيا من أفضل الدول الخمس الأولى الجاذبة للسياح، وتكلل الأهداف بالآن بحلم المواصلات الذي يركز على إنشاء سكك حديد جديدة تصل لنحو 11 ألف كيلو متر، الاهتمام بالموانئ والأنفاق والجسور وبناء المطارات، مثل مطار إسطنبول الثالث المتوقع أن يكون أكبر مطار في أوروبا.
حضر اليوم “إيلون ماسك” يدعم رؤية تركيا 2023 ويقدم تعاونًا مع الشركات التركية، ولكن يبدو أن الحلم التركي لن يتوقف عند هذا الحد، حيث تخطو تركيا خطوات واضحة وسريعة للحاق بركب التقدم التكنولوجي، ليس فقط على الأرض، بل في الفضاء أيضًا، فمن سيكون الزائر القادم يا ترى!