ترجمة وتحرير: نون بوست
يعيش مرضى السرطان من غزة، ومن بينهم أطفال، في حالة من النسيان في أحد مستشفيات القدس الشرقية بعد أن هددت السلطات الإسرائيلية بإعادتهم.
وقد مُنحت صحيفة الغارديان إمكانية الوصول إلى مستشفى أوغستا فيكتوريا؛ حيث يعيش ما لا يقل عن 22 مريضًا من غزة، في حاجة ماسة إلى علاج السرطان المتقدم، في خوف من الترحيل، وكما هو الحال مع كثيرين آخرين، فقد حصلوا على تصريح قبل هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر لتلقي الرعاية الطبية خارج القطاع، بسبب عدم كفاية المرافق في غزة.
ولكن بعد اندلاع الحرب، حثت هيئة وزارة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن الإشراف على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (كوجات)، مسؤولي المستشفيات على تقديم قائمة بالمرضى الذين يعتبرون مؤهلين للتسريح وإعادتهم إلى غزة.
وقالت قمر أبو زوار، 22 سنة، من جباليا: “وصلت إلى القدس مع ابني حمزة في 27 أيلول/سبتمبر من العام الماضي، ويعاني حمزة، البالغ من العمر أربع سنوات ونصف، من ورم في المخ ويحتاج إلى علاج لا يستطيع تلقيه في غزة، وبينما نحن هنا، اندلعت الحرب، ومنذ ذلك الحين، تقطعت بنا السبل في هذا المستشفى، بينما يتواجد طفليَّ الصغيران الآخران في شمال غزة مع زوجي”.
وقد قُتل اثنان من إخوتها ووالدها خلال غارات جوية إسرائيلية على غزة بين كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير، وقالت أبو زوار، التي تستخدم كرسيًا للنوم بجوار ابنها منذ أيلول/سبتمبر الماضي، إنها بينما ترغب في العودة إلى غزة لاحتضان أطفالها الآخرين، فإنها تعلم أن حمزة لا يمكنه تلقي العلاج الإشعاعي الذي يحتاجه هناك؛ حيث تعاني المستشفيات في المنطقة من أزمة حادة.
وقالت: “المستشفيات في غزة مكتظة بمئات الجرحى بسبب النزاع، ولكن هنا أعلم أن حمزة يمكنه الحصول على الرعاية التي يحتاجها”.
وقالت إنه رغم أن حمزة لا يستطيع الكلام بسبب مرضه، إلا أن حالته تحسنت منذ نقله، إلا أن حالته ظلت حرجة.
في نهاية ممر جناح علاج أورام الأطفال، يوجد علي، البالغ من العمر ثماني سنوات، والذي وصل إلى المستشفى مع والدته في أيلول/سبتمبر من حي الرمال الواقع على ساحل مدينة غزة.
وقالت والدته، التي فضلت عدم ذكر اسمها: “علي مصاب بسرطان الدم، لقد أخطأوا في التشخيص في غزة، وكان من المفترض أن نبقى لمدة شهر واحد فقط عندما وصلنا، ولكن بعد ذلك اندلع الصراع”.
وبدلاً من ذلك، تقطعت السبل بالمرضى البالغين، والعديد منهم من كبار السن، في فندق بجوار المستشفى؛ حيث يزورون المنشأة للحصول على دورات العلاج الكيميائي، وبعضهم من مدن في القطاع الذي دمرته إسرائيل، وإذا أعيدوا، فإنهم يخاطرون بأن ينتهي بهم الأمر في الشمال؛ حيث يكون خطر المجاعة أعلى.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن أقل من ثلث المستشفيات في غزة تعمل ولو بشكل جزئي، وقالت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية مي الكيلة لقناة الجزيرة إن أكثر من 2000 مريض بالسرطان في غزة يعيشون في “ظروف صحية كارثية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع والتهجير الجماعي”.
وقال صبحي سوكيك، مدير مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، لقناة الجزيرة، إن بعض المرضى طلبوا الانضمام إلى عائلاتهم في المدارس المخصصة كملاجئ حتى يموتوا بينهم لأنهم يعلمون أن المستشفيات في غزة لن تتمكن من علاجهم، وقال مسؤولو الصحة إن المستشفى الوحيد لعلاج السرطان في القطاع خرج عن الخدمة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر بعد نفاد الوقود.
في الأسبوع الماضي، قبل ساعات فقط من استعداد كوجات لإعادة حوالي 10 مرضى إلى غزة، أوقفت المحكمة العليا الإسرائيلية الأمر الذي أصدرته السلطات، استجابة لنداء من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان غير الربحية، وقرار المحكمة وشيك، على الرغم من أن الإطار الزمني الدقيق لا يزال غير مؤكد، وأمام الحكومة مهلة حتى 21 نيسان/أبريل لعرض قضيتها.
وقالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في بيان لها: “إن إعادة السكان إلى غزة أثناء صراع عسكري وأزمة إنسانية هو أمر يتعارض مع القانون الدولي، ويشكل خطرًا متعمدًا على أرواح الأبرياء، ويزداد الأمر سوءًا عندما يتعلق الأمر بالمرضى الذين قد يواجهون موتًا محققًا بسبب الظروف غير الصحية والجوع، إلى جانب عدم توفر الرعاية الطبية، إن حقيقة رفض مسؤولي الأمن نقل مثل هذا التوجيه كتابيًا تشير إلى أنهم أنفسهم يدركون أنه من الواضح أنه غير قانوني ويتهربون من المسؤولية”.
وأضاف البيان: “يجب على المستشفيات والطواقم الطبية أن تعارض بشدة إطلاق سراح المرضى من مراكز احتجازهم ما لم يتم تقديم ضمان بعدم إعادتهم إلى غزة حيث ستكون حياتهم في خطر”.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن المرضى الذين أمرت بإعادتهم قد أنهوا علاجهم الطبي، وأن عودتهم سيتم تنسيقها مع الوكالات الدولية، وقالت كوجات لشبكة سي إن إن: “في الحالات التي تكون فيها هناك حاجة لمزيد من العلاج الطبي، تقوم كوجات بترتيب إقامتهم في المستشفيات لحماية صحتهم”.
لم يكن أمام علي ما يفعله سوى الانتظار والحلم أثناء انتظار قرار المحكمة، فقبل تشخيص إصابته بسرطان الدم، كان قائد فريق كرة القدم في الرمال، ولم يكن يستطيع الانتظار حتى يتمكن من العودة إلى الملعب مع زملائه في الفريق، كما تقول والدته.
بعد أن أنهكه الدواء الذي أخذه قبل ساعات فقط، رفع علي يده ليقول إنه بالإضافة إلى العودة إلى لعب كرة القدم، كانت لديه رغبة أكثر إلحاحًا؛ وقال بصوت ضعيف: “أريد أن تنتهي هذه الحرب”.
الصحيفة: الغارديان