تستقطب حركة المناصرة الفلسطينية في الولايات المتحدة قطاعات عريضة من الأمريكيين من خلفيات ومشارب متنوعة، ينضوون في معظمهم تحت مظلة مؤسّساتية تختلف في برامج عملها ومبادئها ومنظورها للقضية، لكنها تتفق على السعي الحثيث لتحرُّر الفلسطينيين وممارستهم حقهم بتقرير المصير على أرضهم الفلسطينية.
تعدّ منظمة “مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين (AMP)” إحدى أكبر هذه المنظمات وأكثرها نشاطًا وفعالية في التأثير على الرأي العام الأمريكي وتغييره، فكيف نشأت؟ وما برنامج عملها؟ وكيف تربط بين الهويتَين الوطنية والدينية؟ وأي حرب شعواء تخوضها من أجل البقاء؟ وما طبيعة الحملات الانتقامية التي تعرضت لها بعد السابع من أكتوبر؟
البذرة والمبدأ
تعدّ منظمة “مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين”، التي تشكّلت ابتداء كمنظمة تطوعية عام 2006، إحدى أكبر المنظمات ذات الهوية المسلمة العاملة في مجال الحق الفلسطيني على أرض الولايات المتحدة الأمريكية وأكثرها تأثيرًا، ومنذ عام 2009 اكتسبت المنظمة هيكلية إدارية وصفة تنظيمية، مع افتتاح مكتبها الأول في ولاية شيكاغو، لتملك اليوم أكثر من 12 فرعًا منتشرًا في الولايات الأمريكية.
تؤكد المنظمة في بيان مبادئها على أهدافها المتمثلة بأنسنة الفلسطينيين، وتقريب صورتهم إلى المواطن الأمريكي كأفراد لهم حقوق، وذلك بعد أن جرى تضليل الجمهور الأمريكي واختطاف وعيه من قبل الجماعات الصهيونية والإعلام الرسمي المتآمر معها.
كما توضّح المنظمة استهدافها لقضية اللاجئين الفلسطينيين، جنبًا إلى جنب مع فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 الذين يخضعون إلى نظام استيطاني احتلالي، يخالف في جوهره قواعد القانون الدولي ويؤسّس لنظام فصل عنصري وحشي.
تتبنّى المنظمة في سبيل ذلك نهجًا تثقيفيًّا وتنظيميًّا يهدف إلى تعريف الأمريكيين بالقضية الفلسطينية، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في تأبيد معاناة الفلسطينيين من ناحية، وإلى الحشد والتعبئة للضغط على الكونغرس لتغيير السياسة الأمريكية الخارجية تجاه الشرق الأوسط من ناحية أخرى، حيث تعدّ الولايات المتحدة المموّل والداعم الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
رغم ذلك، لا تتخذ المنظمة موقفًا رسميًّا من حلّ الدولة أو حلّ الدولتَين، مؤكدة احترامها لخيار الفلسطينيين وعملها من أجل حقهم في تقرير المصير، وتؤكد في الوقت ذاته على حق اللاجئين بالعودة وفقًا لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعلى رأسها قرار 194، وتدين في سبيل ذلك حركة الاستيطان في الضفة الغربية، معتبرة إياها أداة للتطهير العرقي والفصل العنصري في الأرض المحتلة.
شعلة من النشاط
تعرّف المنظمة نفسها كمنظمة ذات طبيعة تثقيفية وتنظيمية، وبالتالي تتوزّع برامجها على محورَين رئيسيَّين: محور التعليم والتثقيف ورفع الوعي، ومحور الحشد والتنظيم والمناصرة.
على صعيد المحور الأول، تعمل المنظمة على رفع الوعي بالقضية الفلسطينية تاريخًا وثقافة، من خلال عقد ورشات العمل والمحاضرات وحلقات التدريب، فتعقد سنويًّا مئات الحلقات النقاشية والمحاضرات التثقيفية في الجامعات والمدارس والمؤسسات الدينية، كما تعقد مؤتمرات وفعاليات مجتمعية مركّزة تخاطب الجمهور المحلي والجمهور المسلم والمتضامن على إطار أوسع.
تصدر المنظمة، إضافة إلى المحاضرات والندوات، مواد تعليمية وتثقيفية توزّعها على السياسيين والإعلاميين والطلبة، وتستخدم الوسائط المرئية لرفع الوعي بالحركات التحررية والثورية التاريخية، من أجل ربط النضال الفلسطيني بغيره من حركات العدالة والحقوق المجتمعية.
كما توفّر على موقعها الإلكتروني حزمة من المصادر التعليمية التي تعرّف المتابع الأمريكي بالمحاور الأساسية في القضية الفلسطينية، مسلّطة الضوء على سياسات التهجير وانتهاكات الحقوق والمجتمعات الفلسطينية في الداخل والشتات، وعارضة مساعيهم للعدالة والتحرر، ومن ضمنها توجّههم إلى المحاكم الدولية.
وفي مجال الحشد والمناصرة، عقدت المنظمة عشرات الحملات المتخصصة التي تهدف إلى الضغط على أعضاء الكونغرس والإدارة الأمريكية، لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي والتوقف عن تقديم الدعم غير المشروط لإدامة مشروعه الاستيطاني.
أهم هذه الحملات: حملة “لا لاستثناء إسرائيل من برنامج الفيزا”، والذي يسهّل دخول الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة دون ضرورة الحصول على تأشيرة دخول؛ وحملة “وقف تسليح إسرائيل” التي طالبت أعضاء الكونغرس بفرض منع تسليح نظام الفصل العنصري الإسرائيلي؛ وحملة “منع استثناء المستوطنات الإسرائيلية من الضرائب”، والتي تهدف إلى وقف الدعم المالي عن نظام الاستيطان في الأراضي المحتلة.
أنشأت المنظمة نادي الحق الفلسطيني (Palestine Advocacy Club (PAC)) مؤخرًا، كوسيلة لتكثيف الجهود على مستوى الولايات الفردية والتجمعات الانتخابية الأصغر، للتأثير المباشر على الممثلين التشريعيين، حيث تقوم المنظمة بتدريب كادر من القادة المحليين، وتزويدهم بالأداوت اللازمة والثقافة السياسية والتاريخية الدقيقة، لضمان إسهام وظهور أكبر في التجمعات الانتخابية والمنتديات العامة ذات التأثير.
إضافة إلى ما سبق، تعقد المنظمة عددًا من الفعاليات السنوية المهمة، على رأسها “يوم التضامن السنوي” في العاصمة واشنطن، والذي انطلق منذ عام 2015، حيث يتم توجيه مئات الأفراد والمنظمات للتحدث مع ممثليهم في الكونغرس، والضغط عليهم لتغيير السياسة الأمريكية الداعمة لـ”إسرائيل” في يوم سنوي للضغط والحشد.
والمؤتمر السنوي تقيمه في ولاية شيكاغو ويستقطب آلاف المتضامنين والناشطين من مختلف الولايات، ويعدّ من أكبر الفعاليات المناصرة للقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة، حيث تتحدث فيه منظمات وأفراد مؤثرون في المشهد الأمريكي، وتتنوع فعالياته التثقيفية والتنظيمية على امتداد عطلة عيد الشكر، وينتشر صداه في منصات الإعلام الأمريكية مستقطبًا ردود فعل متباينة بين مهلّل ومهاجم.
ربط بين الوطني والديني
تؤكد المنظمة على هويتها الدينية ومبادئها الوطنية كمكونَين أساسيَّين لعملها، وكمنطلق لفهم القضية الفلسطينية والنضال في سبيلها، وتتنوع الحملات التي تعقدها بين حملات ذات صبغة دينية وأخرى ذات صبغة مدنية وحقوقية.
على سبيل المثال، عقدت المنظمة حملة “القدس” التي تستهدف الممارسات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى بشكل خاص، والمدينة المقدسة ومكونها الفلسطيني بشكل عام، وتنوّعت فعاليات الحملة بين الندوات التعليمية ونشر مواد تشرح تاريخ المدينة وخصوصيتها الدينية وواقعها تحت الاحتلال، وبين توجيه دعوة لخطباء المساجد، لتخصيص خطبة الجمعة لرفع الوعي حول واقع مدينة القدس والانتهاكات التي تتعرض لها.
وفي جهود متصلة، عقدت المنظمة حملة بالتعاون مع منظمة “أصدقاء الأقصى” في المملكة المتحدة تحت عنوان “أسبوع الأقصى” خلال عام 2021، ركّزت فيه على عقد الندوات وحلقات النقاش المتخصصة، لاستعراض ما يواجهه المسجد من تهديدات وانتهاكات إسرائيلية.
وفي سبيل رفضها لاستغلال الصبغة الدينية لتمييع النضال الوطني، شنّت المنظمة حملة شعواء ضد التطبيع وعلاقته بالصهيونية وسياسات الإسلاموفوبيا، تحت مظلة أطلقت عليها مصطلح “التطبيع المشبوه”، ورفضت المنظمة الجهود التي تمارسها جهات صهيونية، بإدماج شخصيات دينية مشبوهة في خطاب التسامح والتقبُّل العربي الإسرائيلي في مساعٍ مضللة، لإظهارها كجزء من جهود محاربة الإسلاموفوبيا ومدّ جسور التسامح بين الأديان والأعراق.
تعاونت المنظمة بالخصوص مع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، وأشادت بجهود منظمات أخرى ذات أجندات مشابهة تحارب الإسلاموفوبيا وترفض التطبيع.
من ناحية مقابلة، ضمّت المنظمة اسمها إلى عشرات المنظمات التي رفضت تعريف “اتحاد إحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)” لمعاداة السامية، والذي يخلط بين انتقاد “إسرائيل” ومناهضة الصهيونية من جانب، ومعاداة اليهود كمنتمين إلى دين سماوي من جانب آخر، في محاولة لتحصين السياسات الإسرائيلية من المحاسبة والمساءلة.
فقد تبنّت قطاعات واسعة من المؤسسات العامة والخاصة هذا التعريف ضمن سياساتها الداخلية، في محاولة لإسكات الصوت المناصر لفلسطين في الولايات المتحدة، وأكدت المنظمة على شراكاتها مع منظمات ذات هوية يهودية، واحترامها لأتباع الديانات السماوية، والتي لا تمتّ بصلة إلى الانتهاكات الحقوقية والأجندات السياسية التي تمارسها “إسرائيل” في الأرض المحتلة.
أصدقاء من كل الألوان
تتبنّى المنظمة سياسة تقاطعية مع حركات النضال المجتمعية في الولايات المتحدة، إذ تعتبر النضال في سبيل الحق الفلسطيني مكونًا حيويًّا في نسيج العدالة، ويستدعي بالضرورة النضال ضد التمييز والعنصرية الموجّهة ضد أي مكون مجتمعي، خاصة الشعوب الأصيلة والملوّنين والأقليات.
وكذلك، تبنّت المنظمة بيانًا يؤكد معارضتها لكافة أشكال التمييز، وعلى رأسها الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية والتمييز العرقي ومعاداة المهاجرين، كما تخصّص المنظمة جهودًا حثيثة لدعم حركات العدالة الأخرى، خاصة تلك المتعلقة بالتمييز العرقي، فقد عقدت المنظمة ضمن حملاتها حملة تثقيفية حول حركة “حياة السود مهمة”، نشرت من خلالها عددًا من المحاضرات التي توضّح أصل الحركة وأهدافها ومشروعية نضالها.
من ناحية أخرى، تعدّ المنظمة مكونًا مهمًّا في اتحادات العمل الفلسطيني في الولايات المتحدة، ورافدًا رئيسيًّا لحركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، وغيرها من الحركات الطلابية ذات الصلة في الجامعات الأمريكية، وعلى رأسها منظمة “طلاب مسلمون”، حيث تتعاون مع عدد من المؤسسات ذات المبادئ المشابهة، وأهمها “أصوات يهودية من أجل السلام”، و”شبكة المجتمع الفلسطيني”، و”الحملة الأمريكية لحقوق الفلسطينيين”.
كما بدأت المنظمة منذ عام 2017 تعاونها مع حركة “إن لم يكن الآن (INN)” اليهودية اليسارية، ونظمت بالاشتراك مع هذه المؤسسات عددًا من المظاهرات والاحتجاجات التي استهدفت السياسات الأمريكية المؤيدة لـ”إسرائيل”.
عقدت المنظمة بالتعاون مع هذه المؤسسات عددًا من الحملات الهادفة للضغط على الإدارة الأمريكية، لقطع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وتوجيه المتابع الأمريكي للانخراط بجهود الضغط والدعم والتأييد للحق الفلسطيني.
أبرز تلك الحملات: حملة “افتحوا شارع شهادة” الداعم لحق فلسطينيي الخليل في مواجهة الاستيطان، وحملة “أوقفوا رابطة محاربة التشهير (ADL)” التي تسعى لرفض عمل الرابطة المعادي لحقوق الفلسطينيين، والذي يقوم على تشويه سمعة العاملين في مجال الحق الفلسطيني وتحريض الإعلام والمجتمع الأمريكي ضدهم، إضافة إلى حملة “فيس بوك نحتاج للتحدث”، والتي تستهدف الضغط على شركة التواصل الاجتماعي لإيقاف تحيزها ضد المحتوى الفلسطيني.
وبهدف توحيد العمل الحقوقي وتنسيق الجهود المؤسساتية، عقدت المنظمة في يناير/ كانون الثاني 2020 أول منتدى للسياسة، جمعت تحت مظلته رؤساء ومسؤولي أكبر المنظمات الأمريكية العاملة في الحق الفلسطيني وقادة التجمعات الفلسطينية في الولايات، بهدف التحرك للضغط على حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية آنذاك، لتبنّي مواقف أكثر دعمًا ووضوحًا بخصوص القضية الفلسطينية.
توجّهت الجهود بالخصوص إلى تنظيم ظهور دائم في خطابات المرشحين وحملاتهم الانتخابية، وتواصلت بعد ذلك لتقديم المشورة والدعم لأولئك الذين تمّ انتخابهم لتبنّي سياسة متضامنة مع الحق الفلسطيني، إضافة إلى حملاتها الخاصة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، وعلى رأسها صناعة التمور في مستوطنات الضفة الغربية أثناء شهر رمضان المبارك.
تعدّ المنظمة من أكبر الداعمين لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “بي دي إس”، وتعقد في سبيل هذه الشراكة عدة حملات ومظاهرات ووقفات احتجاجية تساهم في نشر فكرة المقاطعة وإنجاح مساعيها، إذ أطلقت المنظمة بيانًا يعلن دعمها وتبنّيها لنهج حركة المقاطعة، ورفضها القاطع للقوانين الأمريكية التي تهدف إلى نزع شرعيتها وتجريم مساعيها، كما أطلقت المنظمة خطة عمل تهدف إلى دعم حركة المقاطعة، وتعتمد أساسًا على الضغط على ممثلي الكونغرس لرفض تجريم الحركة ووقف التضييقات عليها.
عداوات شرسة
في الجهة المقابلة لهذا المشهد المشرق من الصداقات والشراكات، تواجه المنظمة حملة شيطنة ومحاولات مستميتة لنزع شرعيتها، ترأسها تهمٌ صهيونية بالانبثاق من منظمة أخرى تمّ اتهامها بدعم الإرهاب في الولايات المتحدة، وهي منظمة “الجمعية الإسلامية من أجل فلسطين” (AIP)، والتي أغلقت أبوابها عام 2004 بعد حكم قضائي يدينها بتقديم تمويل ودعم ماديَّين لحركة حماس، التي اعتبرتها المحكمة وفقًا لتصنيف وزارة الخارجية الأمريكية منظمة إرهابية ومحظورة.
واجهت المنظمة دعاوى قضائية تتهمها بتمويل الإرهاب والتعامل مع حركة حماس، وعلى رأسها قضية 2017 التي تقدّم بها والدا الإسرائيلي دايفيد بويم، الذي قُتل على يد فلسطينيين في الأراضي المحتلة تسعينيات القرن الماضي، في إحياء لقضية قديمة رُفعت عام 2000 ضد عدد من المؤسسات الإسلامية والفلسطينية العاملة في الولايات المتحدة، ضُمّت إليها فيما بعد المنظمة بصفتها امتدادًا لـ”الجمعية الإسلامية من أجل فلسطين”، وفقًا لجهة الادّعاء، مطالبة إياها بتعويض مالي قدره 156 مليون دولار أمريكي.
صرف القاضي الأمريكي القضية رافضًا الربط بين المنظمة والجمعية الإسلامية، مؤكدًا عدم مسؤولية المنظمات العاملة على أرض الولايات المتحدة عن الحوادث التي تقع خارج حدودها، القرار الذي نقضته محكمة الاستئناف لاحقًا عام 2021، وما زالت القضية منظورة في المحاكم الأمريكية حتى لحظة كتابة المقال.
قادت “رابطة مكافحة التشهير”، المنظمة الصهيونية الأبرز في الولايات المتحدة، حملة شيطنة ضد المنظمة، واتهمتها بمعاداة السامية ونشر الشائعات المغرضة والمعلومات المضللة، بهدف تحريك المجتمعات المسلمة ضد “إسرائيل” والمجتمع اليهودي، كما كالت لها الاتهامات بالتواطؤ مع منظمات تدرجها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب وتنفيذ أجندات خارجية معادية لقيم الولايات المتحدة.
بينما تصرّ المنظمة، وسط اتهامات شتى بتلقي تمويلها من الخارج، على كونها منظمة أمريكية بالكلية، تستقي تمويلها من التبرعات الممنوحة لها في الولايات المتحدة حصرًا، حيث تقيم المنظمة عددًا من الفعاليات التي تهدف إلى جمع التبرعات بصفة سنوية.
واستكمالًا للهجمة الشرسة على المنظمة، فقد تمّ إدراج كافة موظفيها، وعلى رأسهم مؤسّسها حاتم بازيان ومديرها التنفيذي أسامة أبو إرشيد، على قائمة كناري (Canary Mission) المشبوهة، والتي تعمل على ملاحقة الناشطين الفلسطينيين والتضييق عليهم في المنتديات والمؤسسات العامة، وتعرّض سلامتهم الشخصية والمهنية للخطر.
بعد السابع من أكتوبر
صبيحة السابع من أكتوبر، وبمجرد توارد الأخبار من الأرض المحتلة، أصدرت المنظمة بيانًا وضعت فيه الهجوم ضمن سياقه التاريخي، وألقت باللوم على “إسرائيل” التي وصلت في عنجهيتها “نقطة حرجة وغير مسبوقة”، وفقًا للبيان.
طالبت المنظمة أيضًا إدارة بايدن بالضغط لوقف إطلاق النار فورًا، ووقف الدعم والتمويل الأمريكي لنظام الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي الوحشي في الضفة والقطاع، كما أدانت الموقف الأمريكي الذي يتجاهل حقوق الفلسطينيين و”الأسباب الجذرية” وراء الهجوم، ويؤكد على حق “إسرائيل” بالدفاع عن نفسها دون اعتبار لخططها الاستيطانية وانتهاكاتها لمسؤولياتها القانونية.
أدانت المنظمة في البيان بالمثل جهود التطبيع التي تقودها إدارة بايدن، واعتبرتها ذرًّا للرماد في العيون، مؤكدة أنه من دون حل عادل وحقيقي للقضية الفلسطينية لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة.
ختمت المنظمة بيانها بالدعوة فورًا إلى مظاهرات جابت شوارع نيويورك وشيكاغو والعاصمة واشنطن في اليوم التالي للهجوم، وتعرّضت المنظمة لهجوم شرس بسبب هذا البيان الذي اعتبرته المنظمات الصهيونية متعاطفًا مع حماس وناشرًا لقيمها.
كثّفت المنظمة جهودها بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فقادت الحراك في شوارع الولايات وقاعات الكونغرس ومكاتب الممثلين التشريعيين، مؤكدة على حق الفلسطينيين في الكفاح والدفاع بكافة الوسائل والدفاع المشروعة عن أنفسهم، وواضعة اللوم على التواطؤ المباشر للإدارة الأمريكية والسياسات الإجرامية للحكومة الإسرائيلية، ومزوّدة الجمهور بدليل مفصّل للإجابة على أي هجوم أو انتقاد للفصائل الفلسطينية بخصوص 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
كما زوّدت خطباء المساجد وقادة التجمعات المسلمة بدليل للحشد والتأييد، فصّلت فيه أهم النقاط التي تحارب التضليل الإعلامي المتعمّد الذي اجتاح الولايات المتحدة عشيّة الهجوم، كما وجّهت الدعوة إلى المجتمعات المسلمة للانضمام إلى يوم عمل من أجل فلسطين في العاصمة واشنطن يوم 14 أكتوبر/ تشرين الأول.
قادت المنظمة أيضًا رفقة عدد من المؤسسات العاملة في الحق الفلسطيني مظاهرات ضخمة عمّت شوارع العاصمة واشنطن، ووصلت في بعضها إلى ما يربو على 400 ألف متظاهر، وواصلت الحشد للتظاهر أسبوعيًّا في مختلف الولايات الأمريكية، مطالبة الولايات المتحدة بوقف دعم الإبادة الجماعية للقطاع، والضغط على حليفتها لإنهاء حملتها العسكرية، والسماح بتدفق المساعدات للشعب المنكوب.
انضمّت المنظمة إلى المنظمات العاملة في مجال الحق الفلسطيني، لمطالبة الإدارة الأمريكية برفع صوتها بضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار في القطاع، كما طالبت إدارة بايدن بإعادة تمويل “الأونروا” وفرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية، لإجبارها على الالتزام بمسؤولياتها وفق القانون الدولي، ومطلقة في الوقت عينه حملة ضغط على أعضاء الكونغرس، لمطالبتهم بوقف تمويل الحملة العسكرية الإسرائيلية وتسهيل فتح المعابر إلى القطاع.
كما سعت المنظمة لدى البلديات والمجالس المحلية لإقرار قرارات رمزية تطالب بوقف إطلاق النار، ورغم أن هذه القرارات ليست ذات طبيعة ملزمة وتنفيذية، إلا أنها تملك قيمة معنوية كبيرة، حيث تعبّر عن مواقف الموظفين الحكوميين والمسؤولين ورؤساء البلديات، وتساهم في زيادة الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل التحرك وإيقاف الهجمة الإسرائيلية في القطاع، وقد نجحت الفروع المختلفة للمنظمة بدفع 10 بلديات أمريكية على الأقل لتبنّي هذا الموقف.
وفي ضوء التضييقات التي تتعرض لها الرواية الفلسطينية في الإعلام الغربي، ضمّت المنظمة صوتها إلى عشرات المنظمات الفلسطينية والدولية العاملة في الحق الفلسطيني، لمطالبة شركات التواصل الاجتماعي بالاضطلاع بمسؤولياتها بوقف التمييز ضد المحتوى الفلسطيني، والكفّ عن نشر المعلومات المغلوطة والتحريض وخطاب الكراهية الموجّه ضد الفلسطينيين، والذي وصل إلى مستويات خطيرة وغير مسبوقة من شيطنة الفلسطينيين وتبرير إبادتهم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
كما أدانت في الوقت عينه أثر هذه الحملات الإعلامية المضللة على انتشار الجريمة ضد المسلمين والعرب في الولايات المتحدة، حيث وصلت حوادث الإسلاموفوبيا مستويات مقلقة في الآونة الأخيرة.
أدانت المنظمة كذلك تحركات مجلس الشيوخ الهادفة إلى إسكات الصوت المناصر للفلسطينيين في الجامعات والمساحات العامة بدعوى محاربة معاداة السامية، وحملات التحقيق والتضييق على الطلبة والناشطين بتهمة التعاون مع الإرهاب، معتبرة أن الخلط المقصود بين اليهودية والصهيونية هو أداة أخرى لحرمان الفلسطينيين من الكفاح من أجل حقوقهم، وإمعان في التستُّر على الجرائم الإسرائيلية وتهرُّبها من استحقاقات العدالة والمساءلة.
نتيجة لهذه الجهود، تعرّضت المنظمة لهجمة شرسة بسبب موقفها من الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة، وصلت حد التهديد بالعنف وملاحقة أعضائها والتضييق على نشاطاتها، إذ سعت الجماعات الصهيونية لخنق الحراك الذي قادته المنظمة، متوّجة هذه الجهود بدفع الفندق الذي تعقد فيه المنظمة مؤتمرها السنوي إلى إلغاء حجوزاتها، الأمر الذي اعتبرته المنظمة تنحية للضغوط من أجل إسكاتها وحرمانها من ممارسة حقها المشروع بالعمل والتعبير والتجمُّع، واضطرت المنظمة على إثره تغيير موقع مؤتمرها الـ 16، والذي حضره أكثر من 4 آلاف و500 ناشط ومتضامن من مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، أعلن مكتب المدّعي العام في ولاية فرجينيا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فتح تحقيق في اتهامات تعرّضت لها المنظمة بتمويل شبكات إرهابية في مخالفة للقوانين الأمريكية، في إشارة إلى تمويل المنظمة لحركة حماس.
رفضت المنظمة التهم الموجّهة، وأدانت الهجوم الذي شنّه مكتب المدّعي العام عليها، معتبرة أنها سابقة خطيرة وعارية عن الصحّة، رابطة بين هذه التهم وحالة العداء العامة التي يتعرض لها الفلسطينيون في الولايات المتحدة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، مؤكدة أن هذه الحملات لن تثنيها عن مواصلة نضالها من أجل الحق الفلسطيني.