يجب أن نقف ضد أي حرب تسفك دماء اليمنيين وضد أي اعتداء وانتهاك أيًا كان المظلوم أو الظالم أو المقتول أو القاتل بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع هذا الطرف أو ذاك، هذا معيار الإنسانية المتحضّرة وقبله معيار الإسلام الصافي (انصر أخاك ظالمًا أومظلومًا) قالوا: كيف ننصره ظالمًا يارسول الله؟ قال: تردّوه عن ظلمه أو كما قال هذا هو الحق وغيره باطل وجاهلية أخبث من جاهلية أبي لهب وأبي جهل بل تكون الجاهلية أنظف وأطهر وهي تدعو (لحلف الفضول) ونصرة المظلوم، لا يُنتج العنف غير العنف والتخلف ووطن يتحوّل إلى قصعة مفتوحة للطامعين ومن هبّ ودبّ.
كان الاستعمار يحكم بحكمته الذهبية (فرّق تسُد)، وكان يعتبر أن اقتتال الشعوب المستعمرة تصرفهم عن مقاومته وتحرير وطنهم، لكن حتى هذه الحكمة لم تعد قائمة كما كانت لأن الأجانب مع تداخل المصالح.
اليوم الحوثي يحكم في صعدة ويسيطر على الوضع، ورغبته في إزالة معارضيه لن تقضي عليهم بل سيضع حجر الأساس لمليشيا قادمة في دماج تتمدّد وتنتشر تحت تأثير المظلومية
لم تعد الحرب ورقة رابحة، فإذا كانت الفرقة والاحتراب ورقة غير رابحة عند الأجنبي فلماذا تظل عند بعضنا الورقة الأولى؟ هل الأجانب أرحم منا وأعقل؟ أحيانًا ربما يكونون كذلك، وأنت ترى إصرار البعض على إزاحة أخيه بل وإراقة دمه.
المؤسف أن هناك من يصرخ ضد من يحمل السلاح في وجهه لكنه يقدّم ألف تبرير من أجل أن يبرّر المذابح التي يقوم بها أو الحروب التي يرفعها، اليمن بحاجة إلى استقرار سياسي، وهذا الاستقرار أصبح حاجة وطنية وللجميع، ومن ثم يصبح السلاح المرفوع جريمة ويصبح من الواجب أن تنتهي المليشيات المسلّحة وتحل، يجب أن يصرخ كل وطني، أحزابٍ وأفرادٍ، بأهمية إنهاء المليشيات المسلحة.
كنا نصيح من السلاح الخفيف فكيف بنا بسلاح ثقيل ومليشيات تأخذ طابعًا رسميًا؟ هذه أيًا كانت لن تكون إلا ضد الوطن وهي لن تبقى وحدها بل ستؤدي إلى نشوء مليشيات مسلّحة، فكل الناس تعرف (تقرّح) وكل الناس تعرف تقتل مثلها مثل الذئاب والسباع.
القتل أمر سهل ليس إنجازًا ولا قوة، بل هو قمة الضعف خاصة عندما يجري ذلك بين أبناء الوطن الواحد، فقبل مدة لم تكن هناك مليشيات في صعدة ولا قضية لصعدة، تلاعب الحكم السابق بالورقة الطائفية ثم استخدم العنف ضد الحوثيين لإبادتهم حينها أو إنهاء وجودهم على الأقل، وكانت النتيجة أن تسبب في قيام مليشيا عسكرية للحوثي باسم المظلومية التي يتلقاها من الحكم.
اليوم الحوثي يحكم في صعدة ويسيطر على الوضع والرغبة في إزالة معارضيه لن يقضي عليهم بل سيضع حجر الأساس لمليشيا قادمة في دماج تتمدّد وتنتشر تحت تأثير المظلومية التي يلتقى معها الكثير خاصة مع استمرار حكم الحوثي لصعدة وظهور تبرّم الناس من أخطاء الحاكم الذي كان يمثّل مظلومية في الأمس وكل هذا وبال على الوطن والمواطن اليمني.
هذه الدوامة القذرة من العنف والسلاح لن ينتصر فيها أحد ولن يجني منها أحد سوى الوهم، لا أحد بمقدوره إزالة الحد لكن الجميع بمقدورهم تقوية الوطن ومن ثم إنقاذ أنفسهم والوطن، فالانتصار الكبير عندما يتوجه اليمنيون لبناء الدولة اليمنية ووحدها الدولة اليمنية على قاعدة المواطنة المتساوية وسيادة القانون.
ما يحفظ اليمن ويقوّيه هو وجود كل الكيانات التي في ظل الدولة المدنية والديمقراطية ونبذ العنف.. كيف نعالج الأخطاء، ونحن نصنع الموت، يجب أن نتجه لصناعة الحياة بدلًا من سباقات الموت.