في فيلم ابتسامة الموناليزا، لعبت جوليا روبرتس دور مدرسة تاريخ الفن بإحدى مدارس الفتيات، حيث وجه لها لومًا على تدريسها الكثير من المواد الحديثة والتي تفتقر إلى الفن الحقيقي المعتاد عليه مثل أعمال فان جوخ وبيكاسو، فان جوخ الذي لقب بعد وفاته بسنين طويلة بأبو الفن الحديث، وهو الذي الذي بعد وفاته بـ127 عامًا قررت مخرجة لأفلام التحريك ورسامة للوحات الزيتية أن تهديه فيلمًا تعبر فيه عن حبها وتقديرها لفنه ولشخصه، وهي “دوروتا كوبيلا”.
أكثر من 66 ألف لوحة زيتية تم رسمها على طريقة فان جوخ لتكون مشهدًا سينمائيًا فريدًا ويؤذن بميلاد سينما جديدة، للبحث عن الأسباب الممكنة والمطروحة لحل لغز انتحار فان جوخ.
فان جوخ والدراما
لماذا انتحر فان جوخ؟ الأسباب ما زالت غامضة، وهي مادة خصبة للدراما لتؤلف حولها ما تشاء، ولكن الأكيد أن فان جوخ كتب في أواخر رسائله التي أرسلها إلى أخيه أنه لم يعد يتحمل الوحدة، لكن الفيلم أيضًا يسلط الضوء على إمكانية أن يكون فان جوخ قد قتل، وكل تلك الأحداث تمر أمام وبعقل الشاب اليافع الذي زجت به الأقدار وسط عالم فينسينت وهو ابن ساعي البريد الذي طلب منه والده أن يوصل آخر ما كتب فان جوخ إلى أخيه.
في بادئ الأمر يرفض الشاب القيام بهذه المهمة وأن يتورط بعالم مجنون المدينة – فان جوخ – ثم يجد نفسه مدافعًا عنه وباحثًا في أمر وفاته ومعتبرًا نفسه من أصدقائه وما يفعله واجبًا عليه، ربما تلك الشخصية هي شخصية المخرجة “دوروتا” والتي جاءتها فكرة الفيلم عندما قرأت رسائله وأحست أن من واجبها عمل فيلم تكريمًا له على طريقته الخاصة.
فينسينت لم يلتزم بمدرسة فنية طول حياته، بل مر بالمدرسة الانطباعية، وما بعد الانطباعية، والتعبيرية التي التزم بها في آخر حياته، مما جعلنا نقول إنها مدرسة فينسينت فان جوخ، ولكن الفيلم لم يقرن التسلسل الزمني للأحداث بتسلسل المدراس التي اتبعها فان جوخ في حياته، بل رُسم بالطريقة الفنية الأشهر لفينسينت.
تريلر الفيلم
فيلم “حبًا في فينسينت” ليس الفيلم الأول الذي تدور أحداثه عن حياة فينسينت، ولكنه الفيلم الأول الذي يكون مرسومًا زيتيًا وهو الأمر الذي كان مستحيلًا قبل خروج الفيلم إلى النور، فعدد اللوحات المرسومة بالفيلم يمكن أن يغطي مدينة لندن كاملة، والفيلم تم تصوير مشاهده بممثلين حقيقين، ثم تحولت المشاهد فيما بعد إلى لوحات مرسومة.
لوحة فنية تنقصها الكتابة القوية
قصة الفيلم ليست قوية كما كان المتوقع، وهي بالتأكيد ليست ما يدفع المُشاهد إلى تكملة الفيلم رغم أن القصة والسيناريو كتبهما ثلاثة أشخاص منهم المخرجان – هناك مخرج آخر غير المخرجة الرئيسية -، ورغم محاولتهم تحري الدقة في المعلومات والالتزام بالشخصيات التي ظهرت خلال حياة فينسينت الحقيقية – بخلاف شخصية البطل – فإن القصة رغم ميلها إلى التشويق لم تكن على نفس مستوى طريقة تصوير الفيلم.
التصوير فقط هو ما يمكن أن يسحر المشاهد خلال مشاهدته وهو يلقي بنفسه داخل عالم فينسينت، وليتم ذلك تم الاستعانة بمئة رسام مختص باللوحات الزيتية وعلى دراية بقواعد أفلام التحريك لتحويل لوحات فان جوخ إلى صور متحركة، مما دعاهم في بعض الأحيان إلى تغير مساحة وحجم إطار لوحات فينسينت ليتناسب مع المساحة المحددة لعرض الفيلم،
كما تم رسم مشاهد “الفلاش باك” باللونين الأبيض والأسود.
موسيقى الفيلم كانت من العوامل المميزة التي تماشت مع سير الأحداث ومع الروح العامة لفينسينت والحقبة التي تجري بها القصة، وقام بتأليفها “كلينت مانسيل“، كما تم ختام الفيلم بأغنية Starry starry night لدون ماكلاين.
ترجع فكرة عمل الفيلم إلى عام 2012، ولكن الإنتاج واجه مشاكل عديدة لعدم ثقة المنتجين في إخراج فيلم تحريك مرسوم باللوحات الزيتية وتكلف إنتاجه 5 ملايين ونصف المليون دولار، وتجاوزت أرباحه في الولايات المتحدة 7 ملايين ونصف دولار، الفيلم في المجمل لوحة فنية وتجربة فريدة يجب مشاهدتها.