لم يتجاوز أفراد هذه المجموعة من العائلة المالكة عقدهم الثالث. ويعد جميعهم من أحفاد وأبناء أحفاد مؤسس المملكة، الملك عبد العزيز آل سعود. ومن المرجح أن هذه التشكيلة ستلعب دورا حاسما في صلب البرنامج الإصلاحي الذي يتطلع إليه ولي عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان، كما من المرتقب أن تتولى زمام السلطة لعقود قادمة. في الحقيقة، تحول بن سلمان إلى أبرز شخصية على الساحة السياسية، في حين يسعى إلى تعزيز سلطته، خاصة بعد نجاحه في إقصاء جميع المعارضين المحتملين في البلاد.
في حقيقة الأمر، وقع تفسير عملية التطهير التي جدت في السعودية دون سابق إنذار، والتي انتهت باعتقال حوالي 11 أميرا وعدة وزراء بتهمة الفساد، على أنها مناورة تم التخطيط لها من قبل بن سلمان للتخلص من جميع القوى المعارضة لسلطته. في الأثناء، أجبرت الحكومة على تفنيد كل الشائعات التي تحوم حول إمكانية تنازل الملك سلمان بن عبد العزيز، البالغ من العمر 82 سنة، لصالح ابنه. من الواضح أن ولي العهد بصدد قيادة البلاد نحو اتباع نهج دكتاتوري، في الوقت الذي يحاول فيه القضاء على النزعة التقليدية للحكومة السعودية التي تقوم على مبدأ التوافق في الآراء بين أعضاء العائلة المالكة. بناء على ذلك، باتت رسالة محمد بن سلمان واضحة تمام الوضوح: أسرة آل سعود لم تعد فوق القانون.
من الجلي أن هذه المناورة خاضعة لحسابات دقيقة ومدروسة. فمن المؤكد أن بن سلمان يدرك جيدا أنه لا يستطيع أن يحكم لوحده.ومن هذا المنطلق، ومنذ شهر نيسان/أبريل الماضي، قام بن سلمان، في كنف السرية التامة، بالتخطيط لترقية وصعود مجموعة من الأمراء الشباب، الذين سيعمدون إلى تنفيذ كل المخططات التي يرمي لها ولي العهد، إلى السلطة. والجدير بالذكر أنه وفور قيام الملك سلمان بتعيين ابنه محل ولي العهد السابق، محمد بن نايف، الرجل الذي يحظى بقوة كبيرة في البلاد، أطلق العنان لسلسلة من الاحتجاجات، وواجه بن سلمان معارضة ورفضا من قبل العديد من الجهات في المملكة.
صعود هؤلاء الأمراء من شأنه أن يميط اللثام عن المواجهة بين سلمان مع أبرز الجهات التي كانت تشغل أرقى المناصب في السلطة
قبل أن يبادر بالتخلص من أي شخص يهدد قيادته، قام ولي العهد بتشجيع مجموعات من الشباب لكسب وضمان ولائهم. وتعد هذه الإستراتيجية ناجعة لاحتواء أي منافسة في صلب عائلة آل سعود، فضلا عن بعث الارتياح في نفوس الجيل الذي تم إزاحته من السلطة. إلى حد اللحظة، يبدو أن بن سلمان قد وفق في مخططاته، فقد نجحت “لعبته” في منع حدوث تمرد في صلب الأسرة الحاكمة، كما تمكن من حجب ثورة عائلية جماعية.
من جهته، يرى أستاذ الدراسات العربية في جامعة أليكانتي والمنسق في الشرق الأوسط والمغرب العربي في مؤسسة ألترناتيفس،إيغناسيو ألفاريز أوسوريو، أن “صعود هؤلاء الأمراء من شأنه أن يميط اللثام عن المواجهة بين سلمان مع أبرز الجهات التي كانت تشغل أرقى المناصب في السلطة. فضلا عن ذلك، يبرز العامل القبلي، نظرا لأن المملكة السعودية لطالما كان يحكمها منطق توافق الآراء والتشاور مع ثلة من الأشخاص كبار السن ذوي الخبرة والمحترمين. ويحيل ذلك إلى أن بن سلمان يعتزم القطع مع النمط التقليدي للحكومة، بالإضافة إلى أنه ينوي زرع الانقسام بين آل سعود والمؤسسة الدينية، التي لا تزال تحافظ على دعمها للأسرة الحاكمة مقابل فرضها لقوانين صارمة جدا داخل المجتمع”.
خالد بن سلمان، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمريكية، في طائرة مقاتلة في قاعدة جوية في المحافظة الشرقية
من اللافت للانتباه أن قائمة الأمراء “الناشئين” الذين عينهم بن سلمان، قد غابت عنها العديد من الأسماء البارزة. فعلى ما يبدو أن القائمة لا تشمل أي ابن أو حفيد للملك الراحل عبد الله، في حين أنها تضم حفيدا واحدا للملك فهد. فضلا عن ذلك، لا تشتمل القائمة على أي قريب مباشر للأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي صوّت ضد تعيين بن سلمان وليا للعهد منذ شهر حزيران/يونيو الماضي. وفيما يلي الأسماء التي وردت في القائمة:
عبد العزيز بن فهد بن تركي آل سعود: يعد حفيد الملك عبد العزيز آل سعود ونائب حاكم منطقة الجوف الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية على الحدود مع المملكة الأردنية. تم تعيين والده، وهو عسكري، في منصب قائد القوات البرية للمملكة السعودية في شهر نيسان/أبريل سنة 2017.
فيصل بن سطام آل سعود: تم تعيينه سفيرا لدى إيطاليا منذ شهر حزيران/يونيو الماضي، كما سبق له وأن أبدى موافقته على تولي بن سلمان ولاية العهد. وبصفته عضوا في هيئة البيعة السعودية، فقد أدلى بصوته ضد الأمير مقرن الذي كان مؤهلا ليحل محل ولي العهد في سنة 2014، وهو دليل على ولائه إلى لبن سلمان.
عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود: يشغل منصب وزير الداخلية. ففي شهر حزيران/يونيو الماضي حل محل عمه، ولي العهد السابق محمد بن نايف الذي أجبر على الاستقالة. يشغل والده منصب حاكم المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث تستقر الأغلبية من الطائفة الشيعية.
ولي العهد محمد بن سلمان يتحدث مع بعض أفراد العائلة المالكة خلال حفل في مكة المكرمة
عبدالعزيز بن تركي آل سعود: يبلغ من العمر 34 سنة، وهو يشغل منصب نائب رئيس الهيئة العامة للرياضة، الذي تقلده منذ شهر حزيران/يونيو الماضي. كان والده تركي الفيصل، سفيرا لدى واشنطن ولندن، كما كان أيضا رئيس جهاز المخابرات الخارجي في المملكة، إلى جانب رئيس المخابرات العامة. وقد شارك الفيصل مؤخرا في مناقشات عامة مع أعضاء سابقين في الحكومة الإسرائيلية.
أحمد بن فهد بن سلمان: يعد حفيد عبد العزيز آل سعود. تم تعيينه نائبا لحاكم المحافظة الشرقية، التي تكتسي أهمية كبرى في البلاد، منذ شهر نيسان/أبريل سنة 2017. والجدير بالذكر أن والده، الذي كان يشغل هذا المنصب بين سنتي 1986 و1993، قد توفي في سنة 2001.
خالد بن بندر بن سلطان آل سعود: عُيّن سفيرا لدى ألمانيا في شهر حزيران/يونيو سنة 2017. وقد تلقى تعليمه في أكسفورد، كما يعد ابن الأمير بندر بن سلطان، السفير السابق في واشنطن، الذي أقام روابط عديدة مع العديد من الرؤساء الأمريكيين.
خالد بن سلمان آل سعود: في سن 29 سنة، تم تعيينه سفيرا لدى واشنطن، وتحديدا منذ بضعة أشهر. إضافة إلى ذلك، كان خالد طيارا مقاتلا سابقا، وهو أيضا شقيق ولي العهد، محمد بن سلمان.
تركي بن محمد آل سعود: تم تعيينه مستشارا في الديوان الملكي في شهر حزيران/ يونيو الماضي، عن سن يناهز 38 سنة. وكان والده ابن الملك فهد، حاكما للمنطقة الشرقية بين سنتي 1985 و2013.
المصدر: الكونفيدينسيال