ترجمة حفصة جودة
كانت الساعة الثانية والنصف صباح يوم 16 من مايو، عندما جاء الجنود الإسرائيليون لاعتقال الفلسطيني كريم – 13 عامًا – من مدينة عزّون بمحافظة قلقيلية، اقتاده الجنود بعيدًا وأهانوه لفظيًا، ثم كبلوه ووضعوا عصابة على عينيه، بعدها تعرض كريم للضرب واللكم قبل أن يأخذوه في النهاية إلى مستوطنة آريئل لاستجوابه.
لم يقم المحقق بإبلاغ كريم بحقوقه وتم التحقيق معه دون وجود محامٍ أو أحد أفراد عائلته وفقًا لما ذكرته المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال في فلسطين والتي كانت ترصد قضيته من مقرها في رام الله، اتهم المحقق الإسرائيلي كريم بإلقاء الحجارة وأجبره على توقيع تقرير باللغة العبرية، وقال كريم للمنظمة إن المحقق كان يصرخ في وجهه وكان خائفًا للغاية من اعترافه بإلقاء الحجارة.
تقول المنظمة إن حالات الاعتداء شائعة في مراكز الاحتجاز العسكرية الإسرائيلية التي تحاكم الأطفال الفلسطينيين، واتهمت المنظمة وغيرها من المدافعين عن حقوق الإنسان واشنطن بدعمها لتلك الاعتداءات من خلال منح “إسرائيل” مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية كل عام.
وثقت جماعات حقوق الإنسان انتهاكات واسعة للقُصّر في نظام الاحتجاز الإسرائيلي
لكن في يوم الثلاثاء، قدم مجموعة من الممثلين الديموقراطيين مشروع قانون قد يضمن عدم استخدام المساعدات الأمريكية في إيذاء الأطفال الفلسطينيين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، قدم اقتراح التشريع النائب بيتي ماكولوم من مينيسوتا مع 9 آخرين من بينهم الرئيسان المشتركان للتكتل السياسي التقدمي في الكونغرس راؤول كالفاريال ومارك بوكان.
كان ماكولوم الذي قدم مشروع القانون بعنوان “تعزيز حقوق الإنسان بإنهاء قانون الاحتجاز العسكري الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين” مؤلفًا رئيسيًا أيضًا للعديد من الخطابات التي أُرسلت في الماضي لوزارة الخارجية لمنح الحقوق الإنسانية للأطفال الفلسطينيين أولوية في العلاقات الثنائية مع الحكومة الإسرائيلية.
وثقت جماعات حقوق الإنسان انتهاكات واسعة للقُصّر في نظام الاحتجاز الإسرائيلي، فحتى في الجرائم البسيطة يُحاكم الأطفال الفلسطينيين أمام المحكمة العسكرية رغم أن الجهات المراقبة مثل المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال قالت إنها تفتقر للحماية والضمانات القانونية الأساسية.
تقدم “إسرائيل” كل عام نحو 500 إلى 700 طفل فلسطيني للمحاكمة العسكرية وفقًا لتقرير المنظمة، ومنذ عام 2012 يتعرض ما يقارب 204 أطفال فلسطينيين كل شهر للاحتجاز وفقًا للبيانات التي قدمتها مصلحة السجون الإسرائيلية.
يعتقد المدافعون عن القانون أن تقديمه أمر ضروري لأن أي نقد لـ”إسرائيل” ما زال محرمًا في الكونغرس
يقول النشطاء الحقوقيون والمدافعون عن فلسطين إن هذا القانون هو الأول من نوعه الذي قد يضع “إسرائيل” تحت المراقبة، وفي حال تمريره فسوف يتطلب القانون أن يعلن وزير الخارجية رسميًا كل عام أن المساعدات الأمريكية المقدمة في السنة المالية السابقة لـ”إسرائيل” لم تُستخدم لدعم معاملة “إسرائيل” السيئة لأطفال فلسطين.
يجب أن يمر القانون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ أولاً لكي يصبح قانونًا، وعلى عكس المتوقع يقول مؤيدوه إن الكونغرس المكان الرئيسي للجماعات الموالية لـ”إسرائيل”، لكنهم يعتقدون أنه يمهد الطريق للمزيد من النقد العلني لها.
يقول براد باركر مسؤول الدفاع الدولي في المنظمة والذي ساعد في كتابة مسودة القانون بدعم العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة ومركز الحقوق الدستورية ولجنة أصدقاء أمريكا للخدمات وجمعية كويكر الخيرية: “هذا القانون لن يمر في أي وقت قريب”.
ويضيف باركر: “من المفترض أن يكون القانون أداة تنظيمية ولتوصيل رسالة، فالهدف منه وضع رؤية عما يجب أن يكون عليه أعضاء الكونغرس، وعدم الوقوع في معايير زائفة بشأن ما هو ممكن”، وبينما يركز القانون على المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل” فإنه لا يعدل أو يقلل أو يؤثر على المساعدات العسكرية الفعلية الملتزم بها، لكن المدافعين عن القانون يعتقدون أن تقديمه أمر ضروري لأن أي نقد لـ”إسرائيل” ما زال محرمًا في الكونغرس.
“من الواضح أن هناك توجهًا كبيرًا يمنع انتقاد السلوك الإسرائيلي” – يوسف منير
يقول يوسف منير المدير التنفيذي للحملة الأمريكية لحقوق الفلسطينيين وهي منظمة أخرى تدعم القانون: “من الواضح أن هناك توجهًا كبيرًا يمنع انتقاد السلوك الإسرائيلي، لكن المهم أن القانون سيجعل هذا النوع من السلوك السيء موثق جيدًا، إنها صفة مميزة للاحتلال الإسرائيلي وهي تستهدف أضعف فئات المجتمع: الأطفال”.
قبل تقديم مشروع القانون كانت المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال تعمل على عدة طرق لمعالجة محنة الأطفال الفلسطينيين ومن بينها الدفع بتعيين مبعوث خاص من وزارة الخارجية في الأشهر الأخيرة لولاية أوباما، يقول باركر: “كانوا سيبحثون بشكل خاص في موقف الأطفال الفلسطينين وتصعيد العنف والاعتقالات، لكن مع قدوم إدارة ترامب تخلينا عن تقديم طلب تعيين مبعوث خاص واتجهنا نحو القيام بشيء مباشر وأكثر وضوحًا”.
ويتوقع المؤيدون أن تتراجع بعض الشخصيات خاصة أن “إسرائيل” تمول حملة تعمل ضد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والجزاءات، والتي تسعى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.
يقول باركر: “سوف يتجه بعض المعارضين نحو التركيز على نزع شرعية المنظمات التي تدعم هذا التشريع أو تتحدث عنه وكذلك النواب الذين وقعوا عليه، بعض هذه المنظمات تدعم حركة المقاطعة لذا عادة ما تكون هذه هي نقطة الحديث لدى المعارضة، لا تهدف حملة المعارضة تلك لتحدي جوهر القضية لكنها تسعى لأن يكون لها تأثير قارس وإسكات أعضاء الكونغرس”.
المصدر: ميدل إيست آي