تتنوع تيمات الخيال العلمي التي قدمها صناع أفلام الأنيمي الياباني على مدار العقود القليلة الماضية، من السفر عبر الزمن إلى الحروب المستقبلية وقصص الديستوبيا والسايبربانك، ومعها تطرح تساؤلات تناقش ماهية الوجود الإنساني خلال بيئة بات صعب فيها التفريق بين البشري والألة، أو آثار الإنسان المدمرة على البيئة كما في فيلم ناوسيكا أميرة وادي الرياح، في القائمة التالية نستعرض عددًا من أفلام الأنمي التي تحول بعضها لإيقونات في عالم الأفلام الرسومية والثقافة العالمية:
جوست إن ذا شيل 1995
“الشبح في القوقعة” هو فيلم أنمي ياباني مقتبس عن مانغا بنفس العنوان لـ”ماساموني شيرو” صدرت بين عامي 1989 و1997م، وقد قام كازوتوري إيتو بكتابة نص الفيلم، وهو من إخراج مامورو أوشي.
ينتمي الفيلم لنوعية أفلام السايبربانك، إذ تدور أحداثه في عام 2029 حيث حدثت طفرة في التكنولوجيا السايبرنية بما يسمح للمرء في هذا العالم بالاستعاضة عن أعضائه البشرية بأعضاء سايبرنية تمامًا، عالم يتعايش فيه البشر مع السايبورج، بالإضافة إلى تكنولوجيا أخرى تسمح بربط الأدمغة البشرية بشبكات الإنترنت، ومن هنا جاء مسمى العمل، فـ”الشبح” تشير إلى الوعي الذي يوجد داخل الجسد البشري “القوقعة”.
وتتركز قصة الفيلم حول الرائد موتوكو كيسنجاني التي تكلف بمهمة القبض على هاكر غامض يدعى “محرك الدمى”، وهي المهمة التي ستدخلها في دوامة من الأحداث وتبدأ معها مجموعة من التساؤلات الفلسفية عن هويتها الذاتية في هذا العالم وتحديد موقعها منه، وما معنى أن تكون بشريًا؟!
والجدير بالذكر أنه قد تم تحويل الفيلم لنسخة هوليوودية صدرت مطلع هذا العام من إخراج روبرت ساندرز وبطولة سكارلت جوهانسون.
ناوسيكا أميرة وادي الرياح 1984
هو ثاني أفلام المخرج الياباني ذائع الصيت هاياو ميازاكي، ويعد واحدًا من أفضل أفلام الرسوم المتحركة في التاريخ، وقد أدى إلى إحداث طفرة نوعية في صناعة الأنمي الياباني، لينشأ على إثر نجاحه أستوديو جيبلي وعدة أستوديوهات أخرى، وقد شهد الفيلم التعاون الأول من ميازاكي والموسيقار العظيم جو هيساشي.
ينتمي الفيلم لنوعية فرعية من الخيال العلمي وهي أفلام ما بعد المحرقة، إذ تدور أحداث الفيلم بعد 1000 عام من حرب أيام الحرائق السبعة وهي حرب أبوكاليبسية أدت إلى دمار العالم والحضارة البشرية وخلفت وراءها “بحر الهلاك” وهي أدغال سامة عظيمة تحوي داخلها العديد من الحشرات العملاقة والمهجنة، وتتركز أحداث الفيلم حول الأميرة الصغيرة ناويسكا من وادي الرياح التي تجد نفسها في خضم صراع مع مملكة توليميكا التي تحاول استخدام سلاح قديم لمحو بحر الهلاك، ولكن إيمان ناويسكا بأهمية الحياة بغض النظر عن شاكلتها يحركها لإيقاف هذه الحرب.
وعلى طول الفيلم يقدم ميازاكي موضوعات أضحت مع الزمن تمثل أغلب تيماته من موضوعات الاهتمام بالبيئة، والخطاب المناهض للحروب، ومن الأعمال التي ألهمت ميازاكي لتقديم هذا العمل: ساحر من إيرثسي لأورسولا كي لاجوين وسيد الخواتم لتولكين.
أكيرا 1988
إذا كنت تبحث عن عمل يتضمن شخصيات ذو قدرات خارقة ومنظمات حكومية سرية تعمل على أبحاث خطيرة، وحركة مقاومة تحاول الكشف عنها، فهذا هو العمل المناسب لك.
في مزيج يجمع بين السايبربانك والديستوبيا يقدم المخرج والمانغاكا كاتسوهيرو أوتومو واحد من أهم علامات الأنمي الياباني فيلم أكيرا، يرسم أوتومو عالمه الديستوبيوي بعد مرور 31 عامًا على حادثة تدمير مدينة طوكيو والتي أطلقت آنذاك شرارة الحرب العالمية الثالثة، فالعام 2019 ومدينة طوكيو الجديدة تعاني موجة من الجرائم بالإضافة إلى تنامي الفساد الحكومي، واندلاع موجات من المظاهرات يقابلها قمع من السلطات.
خلال تلك الأجواء نتعرف إلى بطل الفيلم شوتارو كانيدا، وهو مراهق مشاغب يتزعم عصبة من المراهقين يقومون بسلسلة من السباقات بالدرجات النارية مع العصابات المنافسة، وخلال أحد السباقات في ظلال موجة من المظاهرات يصطدم رفيقه تيتسو بشخص ذي قدرة خارقة Esper يحاول الهرب من المنظمة الحكومية السرية.
ويتم أسر تيتسو ويخضع لتجارب معملية تؤدي إلى اكتسابه قدرة خارقة بدوره مشابهة لقدرة أكيرا الذي قام بتدمير طوكيو من قبل، ويتبع الفيلم محاولة شوتارو كانيدا لإنقاذ صديقه تيتسو الذي تخرج قواه عن السيطرة مما يهدد طوكيو الجديدة، وقد حقق الفيلم آنذاك إيرادات وصلت لـ49 مليون دولار في كل أنحاء العالم.
بابريكا 2006
تدور أحداث الفيلم في أجواء مستقبلية تقدم قصة نفسية مثيرة تجمع بين الواقع والحلم، ففي هذا العالم تخترع مؤسسة البحوث النفسية جهاز جديد “دي سي ميني” يقدم طريقة جديدة للعلاج النفسي، فالجهاز يسمح للأطباء النفسيين بالولوج إلى أحلام مرضاهم ومساعدتهم في علاجهم، ولكن أحد نماذج الجهاز يتم سرقته، ويستخدمه السارق في الدخول إلى أحلام الناس والقيام بمسح شخصياتهم، وفي سبيل القبض على السارق وكشف هويته، تلج الدكتورة أتسوكو تشيبا إلى عالم الأحلام باستخدام شخصيتها الذاتية الثانية “بابريكا”.
والجدير بالذكر أن المخرج الأمريكي كريستوفر نولان صرح بأن فيلم بابريكا يعد واحدًا من العوامل الرئيسية التي أثرت عليه خلال عمله على فيلمه الشهير Inception.
والفيلم مقتبس عن رواية تحمل نفس العنوان للكاتب الياباني ياسوتاكا تسوتسوي، وقد كتب النص السينمائي ساتوشي سيشي ميناكامي مشاركة مع المخرج الياباني المعروف ساتوشي كون الذي قدم من “الأزرق المكتمل 1997″ و”ممثلة الألفية 2001” و”عرابو طوكيو”، ويعد بابريكا بمثابة آخر أفلامه نظرًا لوفاته عام 2010.
الفتاة التي قفزت عبر الزمن 2006
ماذا لو بمقدورك السفر عبر الزمن؟ ماذا تفعل لو اكتسبت هذه القدرة دون سابق إنذار؟! ماكوتو كونو وهي بطلة أحداث هذا الفيلم حازت على هذه القدرة مصادفة من خلال جهاز مستقبلي لكنها لم تشغل بالها بهذا النوع من التساؤلات، واكتفت باستخدام السفر عبر الزمن بما يناسب فتاة مراهقة تتميز ببعض الطباع الطريفة والغريبة، فتستخدمها لتجنب تأخرها عن المدرسة، والحصول على الدرجة الكاملة في اختباراتها المدرسية، أو حلوى البودينغ التي أكلتها أختها، أو الهروب من مواجهة اعتراف صديق بحبه لها.
لكن ماكوتو سريعًا ما تتبين أن هناك آثارًا مترتبة على قفزاتها الزمنية بمقدورها إحداث تغييرات ضخمة، وتكتشف أيضًا أنها ليست الوحيدة التي بمقدورها القفز عبر الزمن.
الفيلم من إخراج مامورو هوسادا، وكتابة ساتوكو أوكوديرا، ويعد اقتباسًا غير مباشر عن رواية للكاتب ياسوتاكا تسوتسوي، وقد حاز جائزة التميز الخاصة بمهرجان إنسي الفرنسي 2007، وجائزة الأكاديمية اليابانية لأفضل فيلم أنمي عام 2007