ترجمة وتحرير: نون بوست
في الحياة الواقعية، وفي سياق المحادثات الطبيعية، ليس من النادر أن تتواصل مع شخص من المحتمل أنك تعرفه. فمن المرجح أن تقابل شخصا ما وتقول له: “أنا من ساراسوتا”، ويجيبك الطرف المقابل: “جيد إن جدي أيضا يعيش في ساراسوتا”، ومن ثم يخبرك هذا الشخص بمكان عيش جده واسمه. وقد تتمكن من التعرف على هؤلاء الأفراد أو قد لا تتعرف عليهم. من هذا المنطلق، قد تفترض أن اقتراحات الأصدقاء التي يعرضها عليك فيسبوك تعمل بالطريقة نفسها، حيث تدلي بهويتك لصالح هذه الشبكة الاجتماعية، لتعمل على عرض لائحة بالأشخاص الذين قد تكون تعرفهم في عالم الإنترنت.
في المقابل، تعمل آليات فيسبوك على نطاق أوسع من التفاعلات البشرية العادية، في حين أن نتائج الخوارزميات المتعلقة بلائحة الأصدقاء المقترحين غامضة للغاية وتفتقر للوضوح. في الأشهر الأخيرة، في خضم بحثي في مسألة “أشخاص قد تعرفهم”، كما يطلق عليهم فيسبوك، سمعت أكثر من مائة حكاية غريبة على غرار التالية: منذ سنوات، تبرع رجل بحيوانات منوية إلى زوجين، سرا، لكي يتمكنا من إنجاب طفل، فقط بهدف أن يتقين من إمكانية تعرف فيسبوك على الطفل وعرضه عليه من ضمن اقتراحات “أشخاص قد تعرفهم”. لا يزال هذا الشخص يعرف الزوجين ولكن ليس من ضمن أصدقائهم على فيسبوك.
في قصة أخرى، تجرأ عميل لدى أخصائية اجتماعية على مناداتها باسمها المستعار على فيسبوك خلال زيارته الثانية لها، لأنها كانت تظهر في قائمة أشخاص قد تعرفهم، على الرغم من عدم تبادلهما معلومات الاتصال. بالإضافة إلى ذلك، قالت امرأة إن والدها ترك عائلتها عندما كانت في السادسة من عمرها، إلا أنها تفاجأت عندما ظهرت لها زوجة أبيها ضمن أشخاص قد تعرفهم بعد 40 سنة.
نظرا لأن الروابط التي يجمعها بروفايل الظل تحدث داخل الصندوق الأسود التابع لخوارزميات فيسبوك، لا يمكن للمستخدمين أن يكتشفوا مدى عمق عملية التنقيب على البيانات التي تجرى لحساباتهم حتى تظهر لهم بعض الاقتراحات الغريبة ضمن أشخاص قد تعرفهم
في السياق ذاته، كتبت محامية أنها قد حذفت حسابها على موقع فيسبوك بعد أن عرض عليها ضمن قائمة أشخاص قد تعرفهم رجلا كان محامي الدفاع في إحدى القضايا التي كانت ستترافع خلالها. وأشارت المحامية إلى أنها كانت قد تحدثت مع هذا الشخص فقط من خلال البريد الإلكتروني المخصص للعمل، الذي لم يكن متصلا بفيسبوك بشكل من الأشكال. بالتالي، تيقنت أن فيسبوك قام بمسح لبريدها الإلكتروني المخصص للعمل.
في الحقيقة، تعتبر مثل هذه الروابط غير قابلة للتفسير، خاصة إذا كنا نعتقد أن فيسبوك يعرف فقط المعلومات التي بادرنا بتقديمها عن أنفسنا. وتعتبر هذه المصادفات العجيبة أقل غموضا مقارنة بالملفات الأخرى التي يملكها فيسبوك عنا والتي لا يمكننا رؤيتها أو التحكم فيها. في الواقع، يتوارى خلف الملف الشخصي على فيسبوك الذي ضمنته بعضا من المعلومات، ملف آخر يعرف “ببروفايل الظل”، تم إنشاؤه انطلاقا من رسائل البريد الوارد والهواتف الذكية لمستخدمي فيسبوك الآخرين. بالتالي، تصبح معلومات الاتصال التي لم تشاركها يومًا على هذه الشبكة الاجتماعية مرتبطة بحسابك الخاص، ما يجعل من السهل على فيسبوك رسم خريطة اتصالات اجتماعية خاصة به.
منذ بضع سنوات، كانت معلومات الاتصال الخاصة “ببروفايل الظل” ميزة معروفة عن فيسبوك، ولكن معظم المستخدمين لا يدركون حقيقة حجم امتدادها وقوتها. ونظرا لأن الروابط التي يجمعها بروفايل الظل تحدث داخل الصندوق الأسود التابع لخوارزميات فيسبوك، لا يمكن للمستخدمين أن يكتشفوا مدى عمق عملية التنقيب على البيانات التي تجرى لحساباتهم حتى تظهر لهم بعض الاقتراحات الغريبة ضمن أشخاص قد تعرفهم.
كيف يستخدم فيسبوك البريد الإلكتروني؟
في الواقع، لم يقم فيسبوك بمسح للبريد الإلكتروني المخصص للعمل للمحامية السالف ذكرها، لكن من المحتمل أن يكون قد بادر بتسجيل عنوان بريدها الإلكتروني ضمن ملفها التعريفي، حتى لو لم تخبر “فيسبوك” يوماً عن هذا البريد. ففي حال كان أي شخص في فيسبوك يمتلك عنوان المحامية في قائمة اتصالاته وقرر مشاركته على الموقع، يمكن لفيسبوك أن يربطها بأي شخص آخر من مستخدميه يملك بريدها الإلكتروني، مثل محامي الدفاع.
من المرجح أن فيسبوك لن يؤكد كيف يقوم بتحديد قائمة أشخاص قد تعرفهم. وفي هذا السياق، اقترح متحدث باسم فيسبوك أنه “يمكن أن تكون هناك تفسيرات أخرى معقولة لمعظم تلك الأمثلة التي تتعلق “الأصدقاء المشتَركون”، أو الأشخاص الذين يعيشون معك “في المدينة نفسها ويستخدمون الشبكة ذاتها”. وأضاف المصدر ذاته أنه “من بين القصص المدرجة في القائمة، تعد قصة المحامي القضية المثلى التي تبرز الروابط التي يقوم بروفايل الظل بجمعها”.
من جانب آخر، يعتبر وضع كتيب عناوين جهات الاتصال من الخطوات الأولى التي يطلبها فيسبوك من الأشخاص عندما يكونون بصدد تكوين ملف شخصي جديد على فيسبوك حتى يتمكنوا من “البحث عن الأصدقاء”. لذلك يعتبر خيار “البحث عن الأصدقاء” على جدار فيسبوك أساسيا.
يمكنك إدخال عنوان البريد الإلكتروني الخاص، ثم كلمة المرور الخاصة به، وسوف يجعلك فيسبوك تلتقي بالأشخاص الذين قد تعرفهم على هذه الشبكة. وفي الوقت نفسه، سوف يُحمل فيسبوك جميع الاتصالات التي تملكها
تعد صفحة “البحث عن الأصدقاء” في تطبيق فيسبوك على الهواتف الذكية ذات جاذبية كبيرة بفضل الأزهار التي تعلوها. وتعرض هذه الصفحة دعوة للمستخدم كتب فيها “تعرف على أشخاص في فيسبوك عن طريق تحميل جهات الاتصال الخاصة بك باستمرار.
في أسفل الصفحة توجد كتابة صغيرة تحت زر “ابدأ”، تنص على “وضع معلومات عن جهات الاتصال الخاصة بك، التي سيتم إرسالها إلى فيسبوك لمساعدتك والآخرين على العثور على أصدقاء بصفة أسرع”. في الواقع، يعد هذا الأمر شديد الغموض، ولا يزال الغرض منه مبهما حتى في حال ضغطت على زر “اعرف أكثر”، الذي سيوجهك إلى الشرح التالي:
عندما تختار العثور على أصدقاء في فيسبوك، سوف نستخدم ونخزن معلومات بشكل آمن حول جهات اتصالك، والأسماء والألقاب، وصور لجهات الاتصال، وأرقام الهواتف وغيرها من معلومات الاتصال التي يمكن أنك قد أضفتها على غرار العلاقات التي تربط هؤلاء الأفراد أو المهنة التي يزاولونها، فضلا عن البيانات التي توجد على الهاتف الخاص بك عن جهات الاتصالات تلك. وسيساعد ذلك فيسبوك على تقديم اقتراحات ضمن خيار “أشخاص قد تعرفهم” لك وللآخرين، كما يساعدنا على تقديم خدمة أفضل.
يلقي فيسبوك نظرة على جميع المعلومات المحتملة المرتبطة بجهات الاتصال الموجودة على هاتفك ثم يحلل البيانات المتراكمة في هاتفك حول مختلف الأشخاص، سواء كانوا أصدقاء دائمين أو معرفة سريعة. يفسر أن عقب ذلك، يبادر فيسبوك بتحذير مستخدميه من أي يساء استخدام كل هذه البيانات. “قد يكون لديك جهات اتصال تجارية أو شخصية في هاتفك، لذلك يرجى الانتباه لها”. كما “يرجى فقط ارسال طلبات الصداقة إلى الأشخاص الذين تعرفهم شخصيا والذين سيرحبون بالدعوة”. بعد أن يصدر فيسبوك هذا التحذير، مقرا بأن الأشخاص المدرجين في كتيب عناوين جهات الاتصال قد لا يريدون بالضرورة أن يكونوا على علاقة معك، سيقوم بفعل ما حذرك من القيام به. وفي حال وافقت على مشاركة جهات الاتصال الخاصة بك، فستذهب جميع بيانات جهات الاتصال التي تمتلكها إلى فيسبوك، وتقوم الشبكة باستخدامها في محاولة للبحث عن روابط بين جميع الذين تعرفهم، حتى إن كنت لا ترغب في ذلك حقا.
عموما، لا يحبذ فيسبوك مصطلح “بروفايل الظل” ولا يستخدمه نظرا لأنه يبين أن فيسبوك يخلق ملفات شخصية خفية للأشخاص الذين لم ينضموا إلى الشبكة. في سنة 2013، تم الكشف عن وجود “معلومات اتصال الظل” بعد أن اعترف فيسبوك أنه تفطن لوجود “خطأ برمجي”. ويتمثل الخلل في أنه عندما يقوم المستخدم بتنزيل معلوماته الخاصة، لا يشمل ذلك فقط معلومات جهات الاتصال المرئية لأصدقائهم، ولكن أيضا معلومات الاتصال الظل التابعة لهم.
يحيل تراكم بيانات جهات الاتصال الواردة من مئات الأشخاص، إلى أن فيسبوك قادر على معرفة عناوين جميع الأماكن التي عشت فيها في وقت مضى، وعناوين البريد الإلكتروني التي استخدمتها في الماضي، وأرقام كل الخطوط الأرضية وأرقام الهواتف الخلوية التي ارتبطت بك، وكل كنية اعتمدته
بالنسبة لفيسبوك، لم يكن الخطأ البرمجي يتمثل في أن كل المعلومات كانت مجمعة معا، لكنه يكمن في أن المستخدمين قد اطلعوا على وجود هذا الخلل عن طريق الخطأ. فقد كان من المفترض أن تكون الروابط التي ينشئها فيسبوك حول مستخدميه مرئية فقط للشركة نفسها. والجدير بالذكر أن فيسبوك يفعل ما في وسعه للتقليل من أهمية حجم البيانات التي يقع تجميعها انطلاقا من جهات الاتصالات، والطرق التي اعتمدت لجمعها.
وفي هذا الإطار، أوضح المتحدث باسم فيسبوك، مات ستينفيلد في رسالة إلكترونية، أن “اقتراحات أشخاص قد تعرفهم تستند إلى معلومات جهات الاتصال التي نتلقاها من الأشخاص وأصدقائهم. في بعض الأحيان، يعني ذلك أن أحد الأصدقاء أو أي شخص تعرفه قد يُحمّل معلومات الاتصال مثل عنوان بريد إلكتروني أو رقم الهاتف الذي نستطيع أن نصل به إليك. في الواقع تساعدنا هذه المعلومات بالإضافة إلى ما تقدمه لنا أنت على التأكد من أن الأشخاص الذين نقترحهم، هم على الأرجح أفراد تعرفهم بالفعل وتريد أن تصبح صديقا معهم على فيسبوك”.
من جهة أخرى، يمكن لمستخدمي إنستغرام وواتساب، التي يملكهما فيسبوك، أيضا تحميل جهات الاتصال على تلك التطبيقات. وفي هذا السياق، أوضح ستينفيلد أن “فيسبوك لا يستخدم حاليا تلك البيانات ضمن اقتراحات أصدقاء فيسبوك. في الوقت الراهن، نحن نستخدم جهات الاتصال التي تم تحميلها على فيسبوك وماسنجر لتزويد لائحة أشخاص قد تعرفهم على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك بالمعلومات اللازمة.
في خضم نقل أطوار هذه القصة، اكتشفت أن العديد من أصدقائي قد حملوا بالفعل جهات الاتصال الخاصة بهم على فيسبوك. وفي حين كان تطبيق فيسبوك يحثني على فعل الشيء نفسه، أعلمني أن 272 شخصا من أصدقائي قد فعلوا ذلك، أي ما يمثل ربع مجمل أصدقائي. على الرغم من أن هذا العدد كبير نوعا ما، إلا أنه لا يمثل العدد الدقيق. فعندما قال مات ستينفيلد: “صديق أو أي شخص قد تعرفه”، كان يعني أي شخص، أي شخص قد سجل ولو مرة واحدة ضمن جهات الاتصال الخاصة بك أو في بريدك الإلكتروني أو عناوين اتصالاتهم الخاصة بهم.
وفقا لعالمة الاجتماع دانا بويد، يجسد هذا الإشكال مفهوم “الخصوصية الشبكية”، حيث أوردت أن “جميع الأشخاص الذين يعرفونك، والذين اختاروا مشاركة جهات الاتصال الخاصة بهم مع فيسبوك، قد جعلوا مهمة الموقع فيما يتعلق بربط صلة بينك وبين أشخاص قد لا ترغب في التواصل معهم، أسهل
فعلى سبيل المثال، في حال كنت تعرفت على فتاة في ليلة من ليالي سنة 2008، أو اقتنيت أريكة من موقع كريغليست في سنة 2010، أو اتصلت بموظف عقارات في سنة 2013، ووضع أحد هؤلاء الأشخاص رقم هاتفك ضمن جهات الاتصال الخاصة بهم أو أدرجتهم أنت في قائمة اتصالك، يمكن لموقع فيسبوك الوصول إلى تلك القائمة، إذا حملها أحدهم على الموقع.
في الواقع، يحيل تراكم بيانات جهات الاتصال الواردة من مئات الأشخاص، إلى أن فيسبوك قادر على معرفة عناوين جميع الأماكن التي عشت فيها في وقت مضى، وعناوين البريد الإلكتروني التي استخدمتها في الماضي، وأرقام كل الخطوط الأرضية وأرقام الهواتف الخلوية التي ارتبطت بك، وكل كنية اعتمدتها، وجميع حساباتك على الشبكات الاجتماعية، وجميع حساباتك على مواقع الدردشة الآنية القديمة، وجميع الأشخاص الذين أضافوا بياناتك إلى دليلهم الهاتفي. بالنسبة لفيسبوك لا ترتبط تلك المعطيات بالبيانات الخاصة بك، بل تخص المستخدمين الذين قاموا بتحميلها، وهم الوحيدون القادرون على التحكم فيها.
وفقا لعالمة الاجتماع دانا بويد، يجسد هذا الإشكال مفهوم “الخصوصية الشبكية”، حيث أوردت أن “جميع الأشخاص الذين يعرفونك، والذين اختاروا مشاركة جهات الاتصال الخاصة بهم مع فيسبوك، قد جعلوا مهمة الموقع فيما يتعلق بربط صلة بينك وبين أشخاص قد لا ترغب في التواصل معهم، أسهل. ففي حال كنت تعمل في مجال القانون أو الطب أو الخدمة الاجتماعية أو الصحافة، قد لا ترغب في أن تكون متصلا مع الأشخاص الذين تواجههم في عملك، لما قد تنشره عنهم أو ينشروه عنك، أو ربما لأنك لا ترغب في أن تربطك بهم علاقات ودية”.
وأردفت بويد، قائلة: “تخيل حجم التحدي بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يحاولون الحفاظ على هويتين مختلفتين بشكل منفصل، على سبيل الذكر لا الحصر، العاملات في مجال الدعارة أو المحققين السريين. كما أنك قد لا ترغب في بقاء تلك الهويات مجهولة لأسباب أمنية فحسب، بل تحرص أيضا على أن لا يكشف أي ترابط بينها. وبالتالي، في حال كان الشخص الوحيد الذي تعرفه لديه بيانات الاتصال التي تربطك بتلك الهويات ثم يمنح موقع فيسبوك أحقية الوصول إليها، سينهار عالمك دون شك، كما سيتداعى حتما عالم بروس واين وكلارك كنت”.
لن يخبرك فيسبوك عن عدد الأشخاص الذين ليسوا من ضمن قائمة أصدقائك، الذين وضعوا أيديهم على بيانات جهات الاتصال الخاصة بك، حيث لا تعتبر المحتويات المخفية الخاصة بحسابك ملكك في حين لا يحق لك رؤيتها
تعزز البيانات الشخصية المستقاة من بروفايل الظل جهود موقع فيسبوك للاتصال بأكبر عدد ممكن من الأشخاص، من خلال العديد من الطرق الممكنة. وقد زادت قدرة الشركة على إدراك ماهية الروابط التي تصل بين مستخدميها، البالغ عددهم مليار شخص في جميع أنحاء العالم، حتى أعلنت في العام الماضي أن سلسلة المعارف التي تربط شخصين لا يعرفان بعضهما لم تعد تتمثل في ستة أشخاص، بل ثلاثة أفراد ونصف فقط.
بفضل كتابه الأسود الضخم الخفي، أصبح فيسبوك قادرا على تجاوز مجرد ربط صلة مباشرة بينك وبين شخص آخر لديه بيانات الاتصال الخاصة بك. ففي الواقع، يمكن للشبكة الآن القيام بسلسلة من الوصلات، ففي حال كان لدى شخصين مختلفين عنوان بريدك الإلكتروني أو رقم هاتفك الخاص ضمن جهات الاتصال الخاصة بهما، يشير ذلك إلى أن احتمال أن يتعرف كل طرف على الطرف الآخر كبيرة جدا. ففي الغالب، ليس من الضروري أن تكون أنت الطرف الذي أدرج عنوانه أو رقم هاتفه الشخصي.
من هذا المنطلق، يتم دفع مرضى نفسيين يخضعون للعلاج عند الطبيب النفسي ذاته للتعرف على بعضهم انطلاقا من قائمة أشخاص قد تعرفهم أو بين أخ وأخت بيولوجيين، حيث يكفي أن يكون لدى كليهما بيانات الاتصال بوالديهما. وقد يفسر هذا سبب عرض ملف زوجة سابقة لشخص لا يستخدم فيسبوك ضمن لائحة أشخاص قد تعرفهم على زوجته الحالية. على الرغم من أن الموقع لا يبقي على حسابات الأشخاص غير المستخدمين له، إلا أنه يستخدم بيانات جهات الاتصال الخاصة بهم لوصل الأشخاص ببعض.
في هذا الصدد، أوضح الخبير الأمني بروس شنيير، عبر رسالة إلكترونية، أن “أرقام الهواتف النقالة تعد أفضل من أرقام الضمان الاجتماعي لتحديد هوية أي شخص، نظرا لأن الأشخاص يتبادلونها فيما بينهم بشكل دائم كما أنها مرتبطة بهويتهم بشدة”. في الحقيقة، لن يخبرك فيسبوك عن عدد الأشخاص الذين ليسوا من ضمن قائمة أصدقائك، الذين وضعوا أيديهم على بيانات جهات الاتصال الخاصة بك، حيث لا تعتبر المحتويات المخفية الخاصة بحسابك ملكك في حين لا يحق لك رؤيتها.
مكنك فقط منع خاصية “أشخاص قد تعرفهم” من استخدام البيانات التي قدمتها على الموقع، وليست تلك البيانات المرتبطة ببروفايل الظل الخاص بك
في هذا الإطار، أوردت فيوليت بلو في موقع سي. نت، إبان الضجة التي أحدثها “الخطأ البرمجي لبروفيلات الظل”، قائلة “لقد كشفت هذه الفضيحة أن موقع فيسبوك لديه بيانات تفوق بكثير ما نعرفه، ودقيقة للغاية. وعلى الرغم من حرص البعض على منع فيسبوك من معرفة أرقام هواتفنا أو عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، إلا أن الشبكة الاجتماعية تحصل على أرقامنا وعناوين البريد الإلكتروني الخاصة بنا والتي لم نشاركها مع أحد، عبر سرقتها من أصدقائنا (من خلال وسائل ‘مشروعة’)”.
ماذا إن كنت لا ترغب في أن يمتلك فيسبوك تلك البيانات؟ كل ما عليك فعله، العثور على كل شخص حمل بيانات جهات الاتصال الخاصة بك على الموقع وأن تطلب من كل واحد منهم أن يذهب إلى صفحة إدارة الاتصال على الموقع وحذفها، فقط لا تترك خلفك أي شخص، وقد ذكر المتحدث باسم فيسبوك، مات ستينفيلد في رسالته الإلكترونية، أنه “بمجرد حذف جهة اتصال، نزيلها في المقابل من نظامنا، ولكن بالطبع من الممكن أن يتم تحميلها من جديد من قبل شخص آخر”.
في الواقف لا يمكن إيقاف أو تعطيل بروفيلات الظل، تماما مثل نظام “أشخاص قد تعرفهم”، والشيء الوحيد الذي يمكنك القيام به لمنع فيسبوك من استخدام جهات الاتصال الخاصة بك تتمثل في الولوج إلى قائمة الإعدادات الخصوصية، ومنع المستخدمين من العثور على حسابك الشخصي من خلال البحث عن رقم هاتفك أو عنوان البريد الإلكتروني الخاص بك. (في الحقيقة يوفر فيسبوك خدمة البحث عبر رقم الهاتف، ومن خلال الإعدادات الافتراضية يمكن لأي شخص وضع رقم هاتفك في شريط البحث والعثور بكل بساطة على حسابك).
في سياق ذي صلة، أفاد مات ستينفيلد، قائلا: “لنفترض أنك شاركت رقم هاتفك (أو عنوان بريدك الإلكتروني) مع الكثير من الأشخاص، ولا تريد أن يستخدمها الغرباء للعثور عليك من خلال خاصية البحث في فيسبوك، يمكنك تحقيق ذلك وتقليص الأشخاص القادرين على الوصول إليك عبر فيسبوك من خلال رقم الهاتف (أو عنوان البريد الإلكتروني) وجعل هذه الخاصية متوفرة لصالح “الأصدقاء” فقط. ويعد ذلك بمثابة تحيين لنظام “أشخاص قد تعرفهم ““. وأضاف ستينفيلد، أنه “في حال قام شخص غريب بتحميل جهات الاتصال الخاصة به وكان من بينها رقم هاتفك (أو عنوان بريدك الإلكتروني) فلن يستخدم نظام ‘أشخاص قد تعرفهم’ هذه الخاصية ليعرض ملفه عليك”.
إعدادات الخصوصية هذه غير الموثقة توضع تحت تصرفك للتحكم في الأشخاص الذين يظهرون أمامك في عرض الصداقات المحتملة الخاصة بحسابك
في حقيقة الأمر، يمكنك فقط منع خاصية “أشخاص قد تعرفهم” من استخدام البيانات التي قدمتها على الموقع، وليست تلك البيانات المرتبطة ببروفايل الظل الخاص بك. ولحماية خصوصيتك، عليك توفير بيانات أكثر تخصك للموقع. وقد أخبرنا المتحدث باسم فيسبوك، مات ستينفيلد، عبر رسالة إلكترونية، أنه “عندما تختار تحميل بيانات جهات الاتصال الخاصة على فيسبوك، فإننا نراعي خصوصيتك جنبا إلى جنب مع خصوصية أصدقائك وعائلتك وغيرهم من الذين أعطوك أرقام هواتفهم أو عناوين بريدهم الإلكتروني”.
وأضاف ستينفيلد، قائلا: “نحن نقر بأن المستخدمين قد يرغبون في الاطلاع على بيانات الاتصال التي تم تحميلها عنهم على الموقع، ولكننا نتحمل أيضا مسؤوليتنا تجاه الأشخاص الذين اختاروا تحميل هذه البيانات. في الواقع، نحرص على الحفاظ على هذا التوازن، وسنواصل الاستماع إلى آراء المستخدمين”. وأردف ستينفيلد أن فيسبوك “لا يوفر لمستخدميه خاصية التعديل والتحكم في بيانات جهات الاتصال التي حملها مستخدمون آخرون ولها علاقة بهم، وقد حاولت التحدث في هذا الصدد مع بقية الفريق”. وقد حاولت التحدث مع فريق “أشخاص قد تعرفهم” مباشرة ولكنهم رفضوا.
المصدر: جيزمودو