يمارس الكيان الإسرائيلي تهديدًا وابتزازًا واضحين بحق الأردن، وذلك عن طريق تهديده بوقف المشاريع المائية المشتركة حتى يتنازل عن موقفه من عودة السفيرة الإسرائيلية إلى أراضيه، ويتراجع عن مطالبته بالتحقيق مع الضابط الإسرائيلي الذي قتل مواطنين أردنيين في قبل ثلاثة أشهر.
ويرفض الأردن عودة طاقم سفارة “إسرائيل” إلى عمان، قبل محاسبة أحد الحراس الإسرائيليين للسفارة والذي قتل مواطنين أردنيين اثنين هما الفتى محمد الجواودة (16 عاما)، والطبيب بشار حمارنة.
وقد عاد الحارس إلى “إسرائيل” باستقبال خاص من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، رغم مطالبات شعبية وبرلمانية، بعدم تسليمه إلى تل أبيب ومحاكمته على قتله المواطنين.
التهديد الإسرائيلي للأردن جاء مع رفض عمان المستمر، إعادة فتح السفارة الإسرائيلية قبل محاكمة الضابط الإسرائيلي الذي قتل الأردنيين
ففي مسعى إسرائيلي جديد للعمل على حل الأزمة الدبلوماسية، لإعادة فتح سفارة “تل أبيب” في الأردن، عمدت “إسرائيل” لاستخدام أسلوب الضغط عبر التهديد الاقتصادي؛ لدفع عمان للتراجع عن قرارها بإغلاق السفارة حتى محاكمة الحارس الإسرائيلي القاتل.
وحسب صحف إسرائيلية، فإن “تل أبيب تضغط على الأردن بعرقلة مشروع قناة المياه المزمع إنشاؤها من البحر الأحمر إلى البحر الميت، أو ما عرف بقناة البحرين، من أجل إعادة فتح سفارتها في عمان وإعادة طاقم السفارة إليها”.
وذكرت الصحف أن “التهديد الإسرائيلي للأردن جاء مع رفض عمان المستمر، إعادة فتح السفارة الإسرائيلية قبل محاكمة الضابط الإسرائيلي الذي قتل الأردنيين”.
وجاء في الصحف الإسرائيلية أن “إسرائيل نقلت رسالة واضحة للأردن، تقول فيها إن مشروع قناة المياه لن يتقدم طالما أن الأردن لا يسمح للدبلوماسيين الإسرائيليين، بالعودة إلى العاصمة عمان وإعادة فتح السفارة”.
مظاهرات غاضبة في عمّان بعيد استشهاد الجواودة على يد حارس السفارة الإسرائيلية قبل 4 أشهر
في السياق، شدد النائب خليل عطية على أهمية المطالبة بمحاكمة الدبلوماسي الإسرائيلي الذي قتل الأردنيين قبل رجوع أركان السفارة إلى عمان.
وقال عطية عبر صفحته على فيسبوك، ردا على التهديدات الإسرائيلية بإيقاف مشروع ناقل البحرين، “نحن شعب لا نهدد ولنا الشرف أنهم غير راضين ومستفزين لحد الحنق من الموقف الرسمي والشعبي”.
ورأى عطية أن “إسرائيل خرقت الأعراف الدولية الدبلوماسية والقانون الدولي، ويمكن الادعاء ضدها أمام محكمة العدل الدولية”، داعيا الحكومة إلى “التحرك والقيام بواجبها بتحريك المسؤولية الدولية حسب قواعد القانون الدولي”.
إلى ذلك، وقع الأردن و”إسرائيل” في 2015، اتفاقية تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع “ناقل البحرين”، بحضور ممثلين عن البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية.
وبموجب المرحلة الأولى، تحصل فلسطين أحد أطراف المشروع على 30 مليون متر مكعب، فيما تشتري إسرائيل 20 مليون متر مكعب من الأردن بسعر التكلفة، فيما يحصل الأردن من إسرائيل على 50 مليون متر مكعب من المياه، بسعر 38 قرشًا للمتر المكعب الواحد.
ويمتد مشروع ناقل البحرين من مدينة العقبة وحتى البحر الميت، عبر مد خطوط أنابيب وإقامة محطات لتحلية المياه، على أن يتم تحويل جزء من مياه العقبة وتلك الناتجة عن عمليات التحلية إلى البحر الميت. وتبلغ كلفة المشروع مليار دولار، قدمت الإدارة الأميركية منها مبلغ 100 مليون دولار، فيما يفترض أن يدفع الأردن وإسرائيل نحو 800 مليون دولار.
إنفوجرافيك لمشروع ناقل البحرين أنتجته “أردن الإخبارية” بعيد توقيع الاتفاقية قبل نحو عامين
الأردن ماضٍ وحده في المشروع!
وحول مضي الأردن بالمشروع لوحده ومدى قدرته على ذلك، أكد مسؤول رفيع المستوى لوكالة الأناضول التركية على أن المملكة ماضية في مشروع ناقل البحرين، رغم تهديدات “إسرائيل” بعرقلته.
وقال المسؤول الذي فضّل عدم نشر اسمه، في تصريحات صحفية، إن “الأردن ماضٍ في مشروع البحرين سواءً بإسرائيل أو بدونها”.
وفي معرض رده على سؤال حول كيفية المضي بالمشروع رغم وجود اتفاقية أردنية إسرائيلية وقدرة الأخيرة الفعلية على التعطيل، شدد المصدر على “استطاعة الأردن بالمضي بالمشروع بنسخة أردنية فقط”.
العاشرة الإسرائيلية: “إسرائيل تعتبر التهديدات الأردنية غير جادة، لأن المشروع مهم للأردنيين بدرجة تفوق أهميته لها، خاصة أن الأردن يحصل عليه بنصف الثمن”
في المقابل، ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية أن “الأردن رد بالتهديد بفك الشراكة وإلغاء المشروع المشترك، والتوجه نحو إقامته بمفرده دون أي شراكة مع إسرائيل، مع دراسة خيار إدخال شركاء آخرين”.
وادعت القناة بأن “إسرائيل تعتبر التهديدات الأردنية غير جادة، لأن المشروع مهم للأردنيين بدرجة تفوق أهميته لإسرائيل، خاصة أن الأردن يحصل على مشروع ذي أهمية استراتيجية بنصف الثمن، وأنه ليس بمقدور الأردنيين تنفيذ المشروع بمفردهم، فكل الدعم الدولي للمشروع يقوم لكونه مشروعاً مشتركاً يتم بالتعاون بين إسرائيل والأردن”.
ماذا يملك الأردن من أوراق في وجه “إسرائيل”؟
وحول قدرة الأردن على المضي بالمشروع لوحده وإنجاحه دون الشريك الإسرائيلي، رأى الخبير الاقتصادي حسام عايش أنه “في هذه الحالات، يمكن الدعوة إلى مناقصة لطرح عطاء تفوز به شركة أو مجموعة شركات للبدء في المشروع”.
وقال عايش لـ”أردن الإخبارية” إن “من المفروض أن تبادر السعودية عبر ترتيباتها الاقتصادية في المنطقة، إلى مساعدة الأردن ودعمه في استكمال المشروع، وإن لم يكن ذلك فلا بد للحكومة التوجه إلى ضامن المشروع وهو البنك الدولي للتدخل في إنجاح عمل المشروع، أو إلى الجهات الاستثمارية لتشارك في بناء المشروع”.
عايش: أول تلك الأوراق هو إعلان إلغاء اتفاقية استيراد الغاز، والسماح للمواطنين والأحزاب والنقابات وغيرهم، في تنظيم نشاطات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي
وأفاد عايش بأن “الأردن لديه أوراق ضاغطة أخرى على إسرائيل، وأول تلك الأوراق هو إعلان إلغاء اتفاقية استيراد الغاز، والسماح للمواطنين والأحزاب والنقابات وغيرهم، في تنظيم نشاطات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي”.
لكن عايش استدرك قائلا إن “الأردن لا يريد أن يظهر أمام العالم إذا أعلن عن إلغاء الاتفاقية، بمظهر الدولة التي لا تحافظ ولا تلتزم بمواثيقها واتفاقياتها الدولية، وهو ما يسئ إلى سمعته أمام المحافل الدوليو ويقلل من مصداقيته ومواقفه، لذلك سيسعى إلى استخدام أوراق ضغط أخرى للخروج من هذه الأزمة بنجاح”.
وفيما إن كانت الأمور بين الأردن وإسرائيل، تتجه إلى مزيد من التدهور وتراجع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين إلى حد القطيعة، استبعد المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة هذه الفريضة، منوها إلى أن هناك اتفاقيات ومواثيق تحكم علاقات الطرفين، من الصعب التخلي عنها أو التملص منها بهذه الطريقة أو لهذا السبب.
السبايلة: ربما تندخل الإدارة الأمريكية على خط الأزمة، وتعمل على إيجاد حل الذي يرضي الطرفين، منعا لمزيد من الجفاء والتوتر بين الطرفين في المنطقة
وقال السبايلة لـ”أردن الإخبارية” إن “الأردن يعتبر الحجر الأساس في السياسية الدولية عبر أي تسوية سياسية خاصة بالمنطقة، لذلك إرضاءه ووجوده ضمن المنظومة العالمية أمر مطلوب بل وضروري، فمن أجل ذلك لا بد من ترضيته في هذه الأزمة الدبلوماسية مع إسرائيل”.
وأشار السبايلة إلى إمكانية دخول الإدارة الأمريكية على خط الأزمة، والعمل على إيجاد الحل الذي يرضي الطرفين، منعا لمزيد من الجفاء والتوتر بين الطرفين في المنطقة خاصة في ظل الظروف الإقليمية الراهنة، التي تتطلب موقفا موحدا بين اللاعبين تجاه عددا من القضايا المشتركة”.
هل تفشل اتفاقية “البحرين”؟
تعليقا على أزمة اتفاقية ناقل البحرين واحتمالية فشلها، وصف الخبير البيئي الدولي الدكتور سفيان التل مشروع قناة البحرين بالصهيوني الفاشل الذي لا داعي لإقامته، حيث سيعود بالضرر على الأردن في كثير من المجالات.
وقال التل لـ”أردن الإخبارية” إن “من أهداف المشروع رفع منسوب البحر الميت، الأمر الذي سيكون له تأثيرات سلبية على كثير من الأراضي المحيطة به”.
وحسب التل، فإن من أضرار وسلبيات المشروع، إغراق منشآت ومواقع سياحية وأثرية أردنية، وغمر أجزاء من طريق غور الصافي – العقبة وإغراق منشآت البوتاس، علاوة على التأثيرات السلبية على مشاريع سلطة المصادر الطبيعية، إضافة إلى احتمال تزايد النشاط الزلزالي.
كما رأى الخبير البيئي أن من سلبيات مشروع قناة البحرين، انخفاض تركيز الأملاح في البحر الميت والتأثير على المياه الجوفية العذبة شرقي البحر، فضلا عن احتمال انفجار القناة لأسباب طبيعية أو تخريبية، والقضاء على المشاريع الزراعية في وادي عربة والمنطقة المحيطة.