في 2 يناير/كانون الثاني 2020، وصل أحد أشهر أبناء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بغداد على متن رحلة جوية من دمشق، وقبل ذلك بوقت قصير، كان يتنقل بخفة عبر الحدود في أربع عواصم عربية (بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء)، فقد كان يحكم جيشًا من المليشيات الشيعية الولائية في هذه البلدان، وحين وصل إلى مطار بغداد الدولي، لم يكن يعلم أنه بعد 7 دقائق سيلقي حتفه مع تسعة من رفاقه.
ففي حوالي الساعة 12:47 صباحًا بالتوقيت المحلي، غادرت سيارتان مطار بغداد الدولي، وفي الطريق أطلقت طائرات أمريكية دون طيار من طراز “بريداتور- بي” عدة صواريخ على السيارتين، وعلى الفور قتل عشرة أشخاص بمن فيهم الهدف الرئيسي، اللواء الإيراني قاسم سليماني (63 عامًا)، قائد فيلق القدس فرع العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
صدمت صور جثة قاسم سليماني المشوهة مع خاتمه المميز عمائم طهران، ورغم كونه جنرال حرب بالدرجة الأولى، فقد تحول يوم مقتله إلى يوم أشبه بالقداسة وشد الرحال إلى قبره وحشد المؤيدين خلال ذكرى هذا اليوم.
لفهم تأثير قاسم سليماني والهالة التي أحاطت به حتى بعد اغتياله، نستعرض في هذا التقرير مراجعة مكثفّة لسيرته التي كتبها المؤرخ الإيراني آراش عزيزي، وهو أستاذ بجامعة كليمسون، ونستكشف أدواره في ترسيخ وتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.
إحياء ذكرى مقتل سليماني في صنعاء
تكشف لنا سيرة قاسم سليماني التي كتبها المؤرخ الإيراني والأستاذ بجامعة كليمسون آراش عزيزي الكثير من التفاصيل المثيرة عن شخصية سليماني، وما الذي ميزيه عن أقرانه لدرجة أنه أصبح من أقوى الرجال في طهران بعد المرشد الأعلى.
صدر كتاب “عزيزي” باللغة الإنجليزية أواخر عام 2020 تحت عنوان The Shadow Commander: Soleimani, the U.S, and Iran’s Global Ambitions – قائد الظل: سليماني والولايات المتحدة وطموح إيران العالمي. واعتمد المؤلف في مصادره على الوثائق والمواد المنشورة باللغة الفارسية، كما أجرى حوارات مع عدد من شخصيات الحرس الثوري الإيراني، وأيضًا مع بعض السوريين والعراقيين واليمنيين والروس الذين عملوا مع سليماني.
على هامش الحياة
بقضاء رابور، وعلى بعد أميال من مدينة كرمان جنوبي إيران، تقع قرية “قناة ملك” الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها بضع عشرات من العائلات، وجميعهم يحملون نفس الاسم الأخير “سليماني” ويدعون أنه نسبة إلى النبي اليهودي سليمان. ويعود وجود السليمانيين في كرمان إلى القرن الثامن عشر عندما اختاروا الاستقرار فيها بعد عودتهم من شبه القارة الهندية، حيث قاتلوا تحت قيادة الملك الفارسي “نادر شاه”.
وفي إيران الحديثة، لم يكن هناك ما يميز قرية “قناة ملك” ولم تكن فيها صناعة أو مصانع، ولا أي موقع مهم من النوع الذي كان يجذب السياح، كذلك لم تظهر أي شخصية تاريخية عظيمة، ولا اشتُهر فيها شاعر فارسي ولا عالم بارز من هذا الجزء الهامشي من كرمان.
ومع مرور الأيام، كان الحاج حسن المولود عام 1922 في قرية “قناة ملك” من ملاك الأراضي، وعمل في حدائق الفاكهة الخاصة بعائلته طوال حياته، ثم أنجب هو وزوجته فاطمة طفلهما قاسم سليماني في 21 مارس/آذار 1956 بعد ثلاث سنوات من الانقلاب الذي دعمته المخابرات الأمريكية عام 1953 والذي أسقط مصدق بوحشية.
أتيحت للشاه الفرصة لدرء الشيوعية، وتقديم نسخته الخاصة من التنمية، لكن لم تجلب مشروعات الإصلاح الزراعي والتنمية الضخمة التي قام بها أي شيء لأهل قرية “قناة ملك”، حتى الكهرباء كانت تعد رفاهية.
قاسم سليماني
في طفولته، عاش قاسم سليماني حياة صعبة، فلم تعد عائلته تمتلك أي أرض، ويشير عزيزي إلى أن سياسات الشاه تسببت في انهيار التركيبة القبلية في هذه البقعة من محافظة كرمان، وكافحت القبائل من أجل إيجاد سبل جديدة لكسب العيش، لقد كانت قرية سليماني تعيش على هامش السلطة والثروة، ولم تساعد الثورة البيضاء التي قادها الشاه عائلة سليماني، وكان على الابن أن يعيش مع أب مثقل بالديون لم يتمكن من إعالة أسرته.
ورغم أن قاسم سليماني كان طفلًا ذكيًا، فإنه مثل العديد من أبناء قريته الفقراء، لم يواصل دراسته الجامعية، كان بحاجة إلى العمل، وفي “قناة ملك” كانت أشغال البناء أو الزراعة الطريقان الوحيدان المتاحان لمراهق مثل سليماني، وبالفعل اشتغل منذ بداية مراهقته في أعمال البناء ليتمكن من تأمين بعض مستلزمات عائلته، ثم في عام 1975 عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، وجد عملًا بشركة المياه والصرف الصحي في بلدية كرمان.
تحمس قاسم سليماني لوظيفته الجديدة، واستلزم عمله الجديد الانتقال إلى وسط كرمان التي تبعد عدة مئات من الكيلومترات عن قريته، وبدأ يعيش حياة متواضعة براتبه من محطة المياه، ومثل العديد من القرويين، كانت كرمان عالمًا جديدًا ونافذة على الأوقات الصاخبة، لكن كحال أبناء قريته، لم يكن لدي سليماني أي اهتمام بالسياسة.
وبحسب عزيزي فأكثر ما حاز اهتمام قاسم سليماني بكرمان، رياضة الكاراتيه، كان يذهب عدة مرات في الأسبوع إلى صالة الألعاب الرياضية بكرمان، وحتى ذلك الوقت، لم يكن قاسم سليماني ناشطًا سياسيًا أو متعصبًا، كان شابًا محافظًا ومتحمسًا لممارسة الرياضة والمواظبة على الصلاة.
ثم عندما امتلأت الشوارع بمختلف الجماعات الاشتراكية والإسلامية التي حاربت الشاه لأكثر من عقد من الزمان، كان قاسم سليماني في الـ22 من عمره، ولم يلعب أي دور ملحوظ في الثورة، حتى بعد أن غادر الشاه إيران في الأيام الأولى من عام 1979.
وبحسب عزيزي فمن غير المرجح أن يكون ذلك الموظف الحكومي وفتى الكاراتيه الكرماني قد حلم بالعاصفة المتصاعدة للثورة الوشيكة، أو أن حياته ستكون مرتبطة بها بشكل عميق، خصوصًا أنه لم يكن من السهل أن يكون له دور بين النخب الاجتماعية والفكرية الحضرية التي نظر لها بعين الريبة.
وقد تكون انتابته مشاعر النقص الريفي، لذا ركز في فترة الثورة على وظيفته وحبه للكاراتيه، ولم يهتم كثيرًا بالأحداث المضطربة التي كانت تعيشها طهران. وعلى حد تعبير عزيزي: “لم يساهم سليماني في مسار الثورة، إنما الثورة هي التي ساهمت بتغيير مسار حياته”.
حارس الثورة
في الأول من مارس/آذار 1979، بعد انتصار الثورة وقبل إجراء الاستفتاء وإعلان الجمهورية الإسلامية، قرر رجال الدين المطالبة بالسلطة، لكن سرعان ما اكتشفوا أنهم لن يستطيعوا الاعتماد فقط على اللجان الشعبية الموجودة في المساجد لحراسة مكتسبات ثورتهم.
بجانب أن الخميني ورفاقه في قيادة النظام الناشئ لم يثقوا في جيش محترف دربته الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها، لذا بعد نقاشات مطولة وبمباركة من الخميني، تم إنشاء “الحرس الثوري” في 22 أبريل/نيسان 1979 بهدف حماية النظام الجديد والدفاع عن الثورة ضد كل الأعداء في الداخل والخارج، وعلى حد تعبير عزيزي “تشكلت الميليشيا الأكثر أهمية في تاريخ الشرق الأوسط”.
وعلى الفور أصبح للحرس الثوري مكاتب ولافتات ومراكز تجنيد في جميع أنحاء البلاد. بالنسبة للأشخاص المهمشين مثل قاسم سليماني، كان الحرس الثوري فرصة جديدة وأكبر من عالم الكاراتيه وشركة المياه.
وفي مدينة كرمان، كان رضا كرامي مسؤولًا عن تجنيد الشباب من مقاطعة رابور، ومع مطالبة العديد من الأشخاص بالانخراط في الحرس الثوري الإيراني، كان كرامي حريصًا على عدم السماح لأي شخص بالانخراط، ويتذكر كرامي بوضوح أحد الأشخاص الذين رفضهم بشدة، وهو قاسم سليماني، قال كرامي: “كان يبدو بمظهر رياضي ويرتدي أكمامًا قصيرة وقميصًا ضيقًا وشعره مجعدًا، لم أكن أعتقد أننا يجب أن نقبل هذا النوع من الأشخاص في الحرس الثوري”.
وهكذا رفض كرامي طلب عضوية قاسم سليماني بسبب مظهره الرث وظروفه المتواضعة رغم لياقته الجسدية، لكن أصر سليماني على أن ينضم إلى فيلق احتياطي محلي مرتبط بالحرس الثوري على أمل أن يتم استدعاؤه إذا لزم الأمر، لكن من الناحية العملية لم يكن هذا الانضمام يعني الكثير، إذ كان سليماني لا يزال موظفًا في شركة المياه بكرمان.
لكن الأمور اتخذت منعطفًا مفاجئًا عندما تحولت المناوشات الحدودية التي كانت مستمرة بين العراق وإيران منذ عام 1979 إلى حرب شاملة، وأعطت سليماني فرصة جديدة، فكان على الجمهورية الإسلامية المشكلة حديثًا أن تحشد كل شبابها للحرب، وكان هذا وقت تألق سليماني، كتب عزيزي:
“لولا هجوم صدام على إيران والتعبئة الجماهيرية التي صاحبته، لكان من الممكن أن يستمر سليماني في حياته على الهامش، لكن الحرب ستغير كل شيء”. صـ 65.
أصبح الحرس الثوري أداة تعبئة ملايين الإيرانيين، وأخيرًا في 22 مايو/أيار 1980 سُمح لسليماني بالانضمام إلى الحرس الثوري، وخلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب، كان العراقيون قد استهدفوا معظم المطارات في جميع أنحاء إيران.
كُلف سليماني بقيادة وحدة محلية من الحرس الثوري لحماية مطار كرمان، لكن لم يكن يريد قضاء الحرب في حراسة مطار، كان يسعى إلى مشاركة أوثق على الجبهة وخوض معركة تحرير الأراضي، وبالفعل لم ينتظر طويلًا، إذ لفتت لياقته البدنية واندفاعه أنظار كبار القادة في الحرس الثوري.
فبعد أن خضع لدورة تدريبية مكثفة في الميادين الأيديولوجية والسياسية والعسكرية، تم إرساله في أوائل عام 1981 مع 300 كرماني إلى الجبهة، وعلى حد تعبير عزيزي: “وجد لاعب الكاراتيه الخجول والقادم من الأطراف القبلية هدف حياته”.
ثم فجأة، أصبح قاسم سليماني قائدًا لأحد معسكرات التدريب، وكان أولئك الذين دربهم هم الأكثر انضباطًا واستجابة للأوامر العسكرية بشكل أفضل من البقية. وقد أعجب هذا الأمر زعماء الحرس الثوري الإيراني، وقرروا ترقية سليماني لقيادة كتيبة واحدة، وبعد وقت قصير، أصبح الشاب البالغ من العمر 25 عامًا يقود كتيبتين في كرماني، وكانت هذه اللحظة بمثابة البداية لمسيرة سليماني.
يتفق كثيرون على أن قاسم سليماني خلال فترة الحرب أظهر طموحه القيادي، وموهبته العسكرية، وقدرته على الانضباط، بجانب إثبات أنه يتناسب مع صورة رجل الحرس الثوري الإيراني الجديد، وعلى حد تعبير عزيزي “لم يكن لدي سليماني الكثير من التعليم، لكنه كان ذكيًا وهادئًا”.
وفي مدينة شوش، ارتفع نجم قاسم سليماني بشكل متزايد، كانت المدينة محاصرة من العراقيين، وكان الإيرانيون يموتون دفاعًا عنها كل يوم، وقتل ثلاثة من قادة الجبهة السابقين، لكن سليماني أعد قواته للمعركة جيدًا وكان يتحرك على الجبهة ويشرف على أكبر عدد ممكن من الكتائب، وبسبب النجاح الكبير الذي حققه، بجانب أسر 3000 عراقي، حصل على عدد من الأوسمة والنياشين وتم تعيينه قائدًا للواء “ثأر الله”.
في الواقع، كان سليماني غارقًا في ساحات القتال وتعرض خلالها للإصابة مرات كثيرة، لكنه دومًا ما كان يعود إلى ميدان القتال، ويؤكد عزيزي أنه لعب دورًا رئيسًا في النصر الإيراني في فبراير/شباط 1986 عندما سقطت شبه جزيرة الفاو العراقية في أيدي الإيرانيين في عملية الفجر الثامنة.
وفي أوائل عام 1987 راهنت إيران بكل شيء في عملية كربلاء الخامسة، وحاصرت البصرة، لكنها فشلت للمرة السادسة في الاستيلاء على الميناء، رغم خسارة أكثر من 50 ألف من قواتها. وعقب فشل كربلاء، شعر العديد من القادة باليأس ولم يكن لديهم أي خطة للتقدم، ولم يكن سليماني استثناءً.
ففي حديثه في 31 ديسمبر/كانون الأول 1987، قال قاسم سليماني لرفاقه: “ليس لدينا خطة للحرب بعد عملية كربلاء الخامسة، ولا أعرف ما هو الهدف الذي نريد تحقيقه، نحن مثل الأشخاص التائهين، نتحرك من مكان إلى آخر”. صـ111.
سحب صدام قواته من إيران وأعلن وقف إطلاق النار، مصحوبًا بدعوته لإيران للانضمام إليه ضد “إسرائيل”، لكن الخميني كان مصرًا على أن الحرب يجب أن تستمر ورفض عرض صدام، قائلًا إن الطريق إلى القدس يمر أولًا عبر كربلاء.
لكن تحطمت الإرادة الحديدية للخميني، ووافق على وقف إطلاق النار في 20 يوليو/تموز 1988 مستخدمًا عبارة دراماتيكية محفورة الآن في تاريخ الثورة الإيرانية، إذ قال: “بالنسبة لي، قبول وقف إطلاق النار كان بمثابة شرب كأس مسموم”. ثم في 3 يونيو/حزيران 1989 توفي الخميني الذي كان يشعر بالمرارة من نتيجة الحرب.
لكن يزعم عزيزي أن الحرب ساهمت في تعزيز النظام الذي قاده الخميني، كما تطور الحرس الثوري الإيراني الذي كان قبل وقت ليس ببعيد مجموعة من المتطوعين إلى قوة كبرى سرعان ما تجاوزت الجيش الرسمي في البلاد، وحلت محله بكل فرقه وكتائبه التاريخية، وامتلك الحرس الثوري قوات برية وجوية وبحرية، وله أيضًا وزارته الخاصة.
بالنسبة لرجال الحرس الثوري الإيراني، فقد قاتلوا بعد الحرب من أجل العثور على مكانتهم في العصر الجديد، استولوا على جزء كبير من البنية التحتية المدنية في البلاد، وبنوا مؤسسات جديدة في المجالات كافة.
كما انتقلوا إلى النشاط الاقتصادي لتحقيق مكاسب مالية في عصر إعادة الإعمار، وتولى العديد منهم أهم الوظائف الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وأصبحوا مؤثرين في جميع أنحاء النظام، على حد تعبير عزيزي، أصبح الحرس الثوري أخطبوطًا انتشرت مخالبه في جميع أنحاء البلاد.
وقد أثار هذا قلق العديد من رجال النظام الذين شككوا في الحكمة من إعطاء زمام الأمور لرجال الحرس الثوري، وكان من بينهم حسن روحاني، أحد تلاميذ رفسنجاني، واشتبك روحاني مرارًا وتكرارًا مع وزير الحرس الثوري الإيراني، محسن رفيق دوست، وشكل مع عدد قليل من السياسيين “مجلس الحكماء” في البرلمان لمناقشة كبح جماح الحرس الثوري، لكن أثار ذلك غضب الخميني وأمر بحل المجلس.
أما بالنسبة لسليماني، فعندما اندلعت الحرب مع العراق، كان يبلغ من العمر 23 عامًا، وكانت تجربته الأكثر إثارة في الحياة هي العمل في شبكة المياه وممارسة الكاراتيه في الصالات الرياضية، وعندما انتهت الحرب بعد ثماني سنوات، كان قائدًا رفيع المستوى أثبت همته في المعركة وحاز أوسمة عديدة، وكان الحرس الثوري بالنسبة له موطنًا لم يكن على استعداد لمغادرته، لذا أصبح يبحث لنفسه عن آفاق الجديدة.
وفي حين ذهب مجموعة من قادة الحرس الثوري إلى سوريا ولبنان لإقامة وجود عسكري، كان سليماني في ذلك الوقت لاعبًا أصغر من أن يكون له دور حاسم، فقد مُنح منصب أدنى من زملائه القادة في زمن الحرب، إذ تم إرساله إلى محافظته الأصلية كرمان ومقاطعات هرمزكان وسيستان وبلوشستان المجاورة لها بغرض مكافحة قطاع الطرق وأباطرة المخدرات.
ومرة أخرى استغل قاسم سليماني الفرصة التي أتيحت له لإثارة الإعجاب والتألق، وأثبت أنه ليس قائدًا مكتبيًا، إذ بدأ حملته النشطة بإغلاق الحدود الشرقية مع أفغانستان وباكستان. وفي زيارته إلى مدينة ميرجاف الحدودية قبالة مدينة تفتان الباكستانية، أُعجب الرئيس رفسنجاني بجدار الأسمنت والخرسانة الذي شيده سليماني. كتب عزيزي:
“كان الأمر الأكثر أهمية من الحقائق هو الأسطورة الناشئة لقائد الظل، الرجل الذي جاء من العدم، الرجل الذي لا يعرف الخوف ويذهب إلى حيث لم يجرؤ أي قائد على الذهاب، لقد كانت أسطورة قاسم سليماني في ذلك الوقت محلية، لكنها لن تبقى على هذا النحو”. صـ 126.
جذبت الخبرة التي اكتسبها قاسم سليماني في التعامل مع القبائل والميليشيات المسلحة اهتمام المرشد الأعلى خامنئي الذي كان يعتمد على الحرس الثوري بشكل مفرط لتوطيد سلطته، ومع الوقت أصبح قاسم سليماني من المقربين من خامنئي، وسرعان ما انخرط في شؤون خارج حدود إيران، إذ سافر مرارًا وتكرارًا إلى أفغانستان في التسعينيات، وتبين أنه ماهر للغاية في تعبئة الناس للقتال والموت، وكانت هذه التجربة هي التي دفعت خامنئي إلى القيام بالتعيين الأكثر أهمية في حياته.
ففي يناير/كانون الثاني 1998 عين المرشد الأعلى، قاسم سليماني رئيسًا لقوة غير معروفة لأي شخص خارج دوائر الحرس الثوري الإيراني، قوة تحمل اسم “فيلق القدس”، وظل هذا الفيلق محاطًا بالسرية منذ تأسيسه في عام 1988، واحتفظ سليماني بمنصبه كقائد لفيلق القدس لمدة 22 عامًا.
وخلال هذه المدة، سيكرس قاسم سليماني حياته للحرس الثوري الإيراني والطاعة المطلقة لخامنئي، سيشرف على عمليات الحرس الثوري في الخارج، وسيساهم في تقوية علاقات طهران مع الحركات والمليشيات ذات التفكير المماثل، وسيحول فيلق القدس من مليشيا فشلت في أول اختبار لها في البوسنة إلى واحدة من أنجح المليشيات من نوعها في أي مكان في العالم.
سليماني وطالبان
إن القسم الذي كتبه عزيزي -والذي يوثق انشغال سليماني في جبهة أفغانستان إثر صعود حركة طالبان- مهم جدًا، فأحد المشاهد المهمة التي يقدمها عزيزي هي المفاوضات الأولى بين إيران وأمريكا والتي تعود إلى قاسم سليماني.
لقد كانت طالبان شوكة في خاصرة قاسم سليماني قبل سنوات من تحالفه مع الأمريكيين ضدهم، ويذكر عزيزي أنه في صيف عام 1996 عندما كانت طالبان على وشك الانتصار في معركة كابول والإطاحة بما تبقى من الحكومة المركزية، وصل قاسم سليماني البالغ من العمر 39 عامًا إلى العاصمة الأفغانية، وحث أمراء الحرب الأفغان على الوحدة والصمود، والتقى بـ رباني ومسعود ووعدهم بتقديم الدعم.
لم تقبل طالبان الدعم الإيراني المفتوح للتحالف الشمالي، وفي أغسطس/آب 1998، عندما سقطت مدينة مزار الشريف الشمالية في أيدي طالبان، تعرضت القنصلية الإيرانية للهجوم، وقُتل 8 دبلوماسيين إيرانيين.
وعلى الفور حشدت إيران 200 ألف جندي على طول حدودها مع أفغانستان استعدادًا لمهاجمة طالبان والإطاحة بها، وباعتباره جهة الاتصال الرئيسية بين إيران والقوات الأفغانية التابعة لتحالف الشمال، تمت استشارة سليماني، لكنه عارض الحرب في هذا الوقت بسبب نقص الموارد البشرية والعسكرية وعدم وجود دعم من السكان، وبدلًا من ذلك، اقترح أن تستثمر إيران بقوة في بناء علاقات وطيدة مع أمراء الحرب الأفغان.
ثم حين وقعت أحداث 11 من سبتمبر/أيلول لم يخف قاسم سليماني دعمه للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على أفغانستان، ولم تكن تجربته الأولى في التعامل مع الأمريكيين هي العداء، بل التعاون والمساعدة العسكرية، إذ حَشد بالفعل أمراء الحرب الأفغان للتعاون مع أمريكا بغرض هزيمة طالبان في أفغانستان.
وبلغ التعاون بين إيران والولايات المتحدة أعلى مستوياته منذ عام 1979، وبالتفصيل يروي عزيزي في كتابه كيف تعاون سليماني مع “الشيطان الأكبر” ضد حركة إسلامية. وقد كتب مصطفى زنديه وهو دبلوماسي إيراني كبير: “بعد أحداث 11 سبتمبر، كانت مصالح الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية متوافقة في أفغانستان، وكانت هناك أرضية لسلسلة من التعاون، لقد كان لدينا اتفاق غير مكتوب”.
في الواقع، كان دعم إيران للهجوم الأمريكي ضد طالبان واضحًا لا لبس فيه، ويشير عزيزي إلى أنه بعد وقت قصير من الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك، قام قاسم سليماني برحلة سرية ومتكررة إلى “دوشنبه”، وفي حديثه هناك أمام ممثلي مجموعات تحالف الشمال، تعهد بتعاون إيران مع الولايات المتحدة لإسقاط حركة طالبان، كما قام بسلسلة من الرحلات الإقليمية إلى دول آسيا الوسطى بهدف التنسيق لليوم التالي بعد سقوط طالبان.
وعندما بدأت إيران في التحدث مع أمريكا، مرة أخرى، كان سليماني، وليس وزارة الخارجية، هو الذي يتولى زمام الأمور، وبحسب عزيزي فقد أجرت إيران مفاوضات مباشرة مع الأمريكيين في نيويورك وجنيف وباريس، وكان الدبلوماسي الذي قاد العديد من هذه المحادثات هو سفير إيران في طاجيكستان، إبراهيم طاهريان، لكن طاهريان أوضح للأمريكيين أن هذه المحادثات لا تديرها وزارة الخارجية، لكن يديرها قاسم سليماني.
ومن الجانب الأمريكي أدار المحادثات الدبلوماسي المخضرم ريان كروكر، الذي بدأ حياته المهنية في القنصلية الأمريكية في خرمشهر عام 1972، وكان يدرك جيدًا أن الطريق إلى احتلال أفغانستان يمر عبر العمل مع دولة بذلت جهودًا لمحاربة طالبان أكثر من أي دولة أخرى.
ويشير عزيزي إلى أن قاسم سليماني يعرف أفغانستان وحدودها أفضل من الجنرالات الإيرانيين، فقد أمضى أكثر من عقد من حياته هناك، ولذا أرسل سليماني مع الدبلوماسيين الإيرانيين الخرائط والتحركات المحتملة لقوات طالبان والتي أرسلوها إلى شركائهم الأمريكيين لضمان أقصى قدر من الفعالية ضد طالبان.
لكن حدث أمر غير متوقع غير كل شيء، مزق جورج بوش “الاتفاق غير المكتوب” بين إيران والولايات المتحدة في خطاب “محور الشر” الذي ألقاه في يناير/كانون الثاني 2002، والذي قال فيه إن إيران تسعى للحصول على أسلحة الدمار الشامل، وبحسب عزيزي فإن الإيرانيين كانوا غاضبين رغم تعاونهم مع الأمريكان في أفغانستان.
وتظهر روايات عديدة من كروكر وغيره من الدبلوماسيين الأمريكيين أنهم أصيبوا بالصدمة من خطاب بوش، ويشير عزيزي إلى أن خطاب بوش كان بمثابة لحظة مؤلمة للعديد من الإيرانيين. وحسب بيل بيرنز وهو دبلوماسي كبير، فخطاب بوش قتل القناة الدبلوماسية التي طورها ريان كروكر بمهارة كبيرة مع الإيرانيين وقاسم سليماني.
ورغم أن الإيرانيين كانوا غاضبين لأن الولايات المتحدة انقلبت عليهم عندما كانوا يعملون معًا في أفغانستان، لم توقف طهران مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وفتحت آفاقًا جديدة حول العراق. ومرة أخرى، سيقود قاسم سليماني بنفسه مفاوضات مع الأمريكان في العراق.
مشغول في العراق
في مارس/آذار 2003، احتلت القوات الأمريكية العراق، وبعد نحو خمسة أسابيع من القتال، انهار حكم البعث بسرعة وسيطر الأمريكان على معظم أنحاء البلاد، لكن لن يكون هناك نصر سريع، إذ أدى الغزو إلى الكابوس الذي حذر منه أولئك الذين عارضوا الحرب.
أصبح العراق مليئًا بالميليشيات الطائفية وازدادت الهيمنة الإيرانية نتيجة العمل الشاق الذي قام به قاسم سليماني، حسب عزيزي فقد مارس سليماني ضغوطًا على السياسيين المحليين، وغدا اختيار الحكومات بمباركة منه، كما ساعد في بناء الميليشيات الشيعية التي انتشرت بعد عام 2003، وأصبحت “مراقد أهل البيت” الموجودة في المراكز السكانية في جنوب العراق محاور رمزية وفعلية استخدمها سليماني لبناء بنية تحتية لفيلق القدس.
وفي الوقت نفسه، جلس سليماني يُفاوض وجهًا لوجه السفير ريان كروكر، وإلى جانبه الجنرال ديفيد بتريوس، وحسب عزيزي، فقد أرسل سليماني رسالة لبتريوس يخبره فيها بأنه يمتلك اليد الطولى للحرب على جميع الجبهات، وقد جاء فيها: “عزيزي الجنرال بتريوس، يجب أن تعلم أنني قاسم سليماني، أتحكم في سياسة إيران في كل من العراق وسوريا ولبنان وغزة وأفغانستان”.
ولم تكن هذه الرسالة الأولى أو الأخيرة التي يرسلها سليماني إلى بتريوس، ففي صيف عام 2006، عندما بدا أن القتال قد انحسر في العراق، بعث برسالة إلى القيادة الأمريكية ليعلمهم أن العراق أصبح مستقرًا لأنه كان في بيروت، إذ قال: “أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بالسلام والهدوء في بغداد، لقد كنت مشغولًا في بيروت”.
ربما كانت أهم مهمة قام بها سليماني في العراق هي جمع الميليشيات الشيعية في تشكيل الحشد الشعبي الذي حوله إلى جيش موازٍ، ويرى عزيزي أن سليماني لعب الدور الرئيسي في تنظيم الميليشيات الشيعية المحلية وقوات البيشمركة الكردية في الحرب ضد داعش.
وجدير بالذكر أن سليماني حصل أيضًا على دعم جوي من الولايات المتحدة، ففي حين كان محمد جواد ظريف يجلس مع الدبلوماسيين الغربيين، كان الجيش الأمريكي وفيلق القدس بقيادة سليماني حليفين على الأرض ويتعاونان على جبهات القتال ضد داعش.
وحسب رواية عزيزي التي لم يَسبقه إليها أحد، فإن قاسم سليماني هو من وجه ميليشيا الحوثي لقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر/كانون الأول 2017م، ويقول عزيزي أنه علم بذلك من خلال اثنين من فيلق القدس معنيين بوضع سياسة إيران تجاه اليمن، إضافة إلى مصدر في قيادة الحوثيين أكد لعزيزي أن مقتل صالح كان طلبًا مباشرًا من سليماني.
جحافل قاسم سليماني في سوريا
عندما اشتعلت ثورات الربيع العربي، تفاخر سليماني بالنجاح الذي حققته الاحتجاجات في مصر وتونس، وقال: “في منطقتنا اليوم، لدينا أكثر من إيران، مصر اليوم هي إيران شاءت أم أبت، كل أنظمة الاستبداد العربية ستسقط بأيدي شعوبها”، ووعد سليماني بمساعدة المضطهدين في كل مكان.
لكن للمفارقة عندما ضربت موجة الثورات سوريا، وقف سليماني في وجه ملايين الشباب المنتفضين ضد الطاغية، ومنذ اللحظة التي واجه فيها الأسد الاحتجاجات الشعبية، بذل سليماني كل ما في وسعه لإنقاذ الأسد ودعم ماكينة القتل والتهجير، يتذكر أحد عناصر فيلق القدس الإيراني: “جاء الحاج قاسم للقائنا مع آية الله خامنئي، وذكرنا بمساعدة عائلة الأسد لنا خلال الحرب مع العراق، وقال إن علينا أن نقف إلى جانب بشار وندافع عنه بأي ثمن”.
وعلى الفور اجتمع مسؤولو فيلق القدس مع أحمدي نجاد وأوضحوا له أن لديهم مهمة من خامنئي وسليماني لإدارة جميع الشؤون المتعلقة بسوريا، وسرعان ما تم استبدال سفير إيران في دمشق أحمد موسوي، بمحمد رضا رؤوف شيباني، الذي كان أكثر قربًا من فيلق القدس، والذي اعتبر الثورة السورية مرتبطة بالغرب و”إسرائيل”.
وعندما التقى قاسم سليماني بالأسد في قصره الرئاسي عام 2012، سأله سؤالاً بسيطًا، هل يريد البقاء والقتال أم الفرار إلى إيران؟ وسوف ترحب به إيران إذا اختار الخيار الأخير، لكن إذا أراد الأول، فعليه أن يستمع للجنرال الإيراني. ويرى عزيزي أن نصائح سليماني دفعت الأسد إلى تبني تكتيكات قاتلة.
وبينما كانت الطائرات تحلق بانتظام من إيران إلى دمشق حاملة الأموال وضباط الحرس الثوري، كان سليماني يلعب دورًا ثلاثيًا في المجهود الحربي، ولعل السؤال المهم: كيف أدار سليماني العملية الإيرانية لإنقاذ بشار الأسد بأي ثمن مثلما قال؟
أولًا، جند مقاتلين شيعة أجانب للقتال إلى جانب الأسد، وتولى القيادة في البداية المقاتلون العراقيون الذين عمل معهم سليماني في العراق وميليشيا حزب الله اللبنانية. ومع استمرار الحرب، أنشأ مليشيات جديدة من المقاتلين الشيعة الأفغان والباكستانيين لتكملة استنزاف قوات الأسد، كما استخدام نفوذه في العراق للسماح باستخدام الأجواء العراقية في نقل ما يحتاجه الأسد من عتاد ودعم لوجستي، وقبل ذلك، أمن مطار دمشق بجدار خرساني.
قاسم سليماني يتجول مزهوًا على أطلال شرقي حلب
ثانيًا، أعاد تنظيم الجيش السوري، وورد أن قاسم سليماني قال: “الجيش السوري عديم الفائدة، أعطوني لواءً واحدًا من الباسيج (القوة شبه العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني) ويمكنني احتلال البلد بأكمله”، ومع ذلك فقد رأى أن المليشيات الطائفية يمكن الاعتماد عليها أكثر من جيش الأسد.
ويشير عزيزي إلى أن الطائفية كانت واضحة في ممارسات سليماني ورجاله على الأرض، وقد وجد الأخير أن قوة ومنطق المكون الطائفي في عملية الحشد والتعبئة أقوى بكثير من أي أيديولوجية، وبالتالي استخدم الطائفية لتعبئة الشباب في جميع أنحاء العالم الشيعي، سواء أتوا من العراق أم إيران أم لبنان أم أفغانستان أم باكستان.
كذلك يرى عزيزي، أن قاسم سليماني أدار بكفاءة دفة التنسيق العسكري بين المليشيات في العراق وسوريا، واستطاع تحويل العديد من الميليشيات غير النظامية إلى جهات عسكرية فعالة، ما سمح لجيش الأسد بالقتال على الخطوط الأمامية.
وأخيرًا، اضطلع قاسم سليماني بدور قيادي في القرارات العسكرية الإستراتيجية، مثل سحب قوات الأسد من المناطق الشرقية الطرفية الأقل دفاعًا، وتركيز الاهتمام على بعض ساحات القتال الرئيسية، وقد أدار سليماني بنفسه العديد من جبهات القتال والحصار والمجازر بحق المدنيين، منها في ريف دمشق وحلب وريف حمص وحماة والبوكمال.
كما أقنع قاسم سليماني الأسد بأن الدعم الشيعي الأممي غير كافٍ لوقف تمدد المعارضة المسلحة، وأن شيئًا واحدًا فقط يمكن أن يمنع سقوط المدن السورية بيد المعارضة، وهو التدخل العسكري من روسيا، وكان على استعداد لتأمين ذلك بنفسه، وفي يوليو/تموز 2015، ذهب سليماني إلى الكرملين، ويبدو أن الرئيس الروسي كان معجبًا به، وأثبت سليماني أنه مقنع للغاية تجاه بوتين.
لقاء سليماني مع بوتين كما يرويه نصرالله
لكن ينقل عزيزي عن محلل روسي كان حاضرًا في الكرملين يوم الاجتماع: “إن القول بأن سليماني أقنع بوتين بالتدخل في سوريا هو أمر سخيف، لأن بوتين لا يتخذ قرارات كبرى بناءً على شخص واحد، لكن ليس هناك شك في أنه احترم سليماني واعتبره أكثر موثوقية من أي شخص التقى به، بما في ذلك مسؤولي الحكومة السورية”.
وحسب عزيزي فإن سليماني في سنواته الأخيرة اكتسب الكثير من الغرور والثقة بأنه لا يقهر، وربما كانت حساباته بأنه خط أحمر بالنسبة للبيت الأبيض وخارج دائرة الاستهداف، بل وصلت غطرسته المتزايدة إلى حد الذهاب إلى العراق دون تنسيق وعلم رئيس الوزراء العراقي، ويشير السفير رايان كروكر، الذي تفاوض مع سليماني بشأن أفغانستان والعراق إلى أن سليماني سمح لغروره بالتغلب عليه، وقال كروكر مازحًا، لقد خرج قائد الظل من الظلال.
ويختم عزيزي كتابه بالإشارة إلى الأزمة الوجودية التي تواجه النظام الإيراني، إذ يرى أن إيران تواجه احتمالات التوجه نحو ديكتاتورية عسكرية، حيث يسيطر الحرس الثوري أكثر فأكثر على مفاصل الجمهورية.
ويقول عزيزي إنه لو لم يأمر ترامب باغتيال سليماني، لكان الأخير قد ترشح للرئاسة في عام 2021 رغم أنه لم يكن سياسيًا، لكن في كل الأحوال، يبدو أن مقتله ترك فراغًا لم يتمكن خليفته إسماعيل قاآني حتى الآن من ملئه.
ورغم أن قاآني عمل بشكل وثيق مع سليماني، يرى عزيزي أنه لا يشكل شيئًا أمام سليماني، فهو لا يجهل التحدث بالعربية وحسب، بل يفتقد كاريزما وزخم سليماني وعلاقته الحميمة بقادة الميليشيات المختلفة في العراق ولبنان واليمن.
ويبدو أن القادة الإيرانيين قبلوا أن سليماني ظاهرة قد لا تتكرر بسهولة، كتب عزيزي: “إن نهاية قاسم سليماني قد تكون بداية لنهاية هيمنة النظام الإيراني وقياداته في الظل”.