رغم العقوبات الأمريكية المستمرة منذ عام 2019، حققت شركة “هواوي تكنولوجيز” الصينية قفزة كبيرة في الأرباح بأكثر من الضعف خلال العام الماضي 2023، إذ سجّلت زيادة بنسبة 144.5% في الأرباح الصافية لتصل إلى 87 مليار يوان صيني (12 مليار دولار)، مدعومة بارتفاع مبيعات الشركة من الأجهزة الإلكترونية وخدمات الحوسبة السحابية والرقمية.
فبعد العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، على الشركة، أعادت هواوي تركيز عملياتها على خدمات الحوسبة، ومساعدة الصناعات على التحول إلى المزيد من العمليات الرقمية، وأثمر ذلك عن نمو كبير لإيرادات الشركة خلال العام المنصرم من أعمالها في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذ تخطّت 50 مليار دولار بنسبة 22% تقريبًا على أساس سنوي، فيما بلغت الإيرادات من مبيعات الأجهزة الإلكترونية 34.8 مليار دولار، فضلًا عن 7.7 مليارات دولار أخرى من مبيعات الحوسبة السحابية.
تركيز على الطاقة الرقمية والسيارات الذكية
خلال عام 2023، نمت كذلك مبيعات أعمال هواوي في مجال الطاقة الرقمية بنسبة 3.5%، وتضاعفت مبيعاتها عن خدمات السيارات المرتبطة بها بأكثر من الضعف، حيث شهد قطاع برمجيات السيارات الذكية ومكوناتها من هواوي الذي بدأ منذ نحو 4 سنوات أيضًا، نموًّا كبيرًا بزيادة 128.1% على أساس سنوي إلى 4.7 مليارات يوان (651 مليون دولار).
وبحسب كين هو، الرئيس الدوري، فإنّ إيرادات الشركة الصينية -التي تتخذ من مدينة شنتشن (جنوب) مقرًّا لها- قفزت بنسبة 10% تقريبًا عن العام السابق، لتصل إلى 704.2 مليارات يوان (حوالي 97.5 مليار دولار)، وسط انتعاش في قطاع المستهلكين والدخل من الأعمال الجديدة مثل مكونات السيارات الذكية، ما أدّى إلى تسريع تعافيها من العقوبات الأمريكية.
وقال رئيس الشركة في بيان صحفي: “مررنا بالكثير خلال السنوات القليلة الماضية. لكننا تجاوزنا تحديًا تلو الآخر، وتمكّنا من النمو”، مشيرًا إلى أنّ النتائج جاءت متوافقة مع توقعات الشركة.
وبالتطلُّع إلى العام الحالي 2024، أوضح رئيس هواوي في بيانه أن أعمال الأجهزة ستكون أحد خطوط الأعمال الرئيسية التي ستركز عليها الشركة بغرض التوسيع.
ورغم ذلك، أقرّت هواوي أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة، حيث أشار رئيسها إلى أن “جوانب عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي كثيرة، فيما تستمر القيود التكنولوجية والحواجز التجارية في التأثير على العالم”.
كان العام الماضي 2023 هو العام الثالث على التوالي من النمو للمجموعة الصينية، بعد انخفاض الإيرادات بنحو الثلث عام 2021 عندما بدأت في استنفاد احتياطيات الرقائق بعد العقوبات الأمريكية التي فُرضت عليها، إلا أن الإيرادات الحالية (حوالي 97.5 مليار دولار) لا تزال أقل من ذروتها المسجّلة عام 2020 البالغة 124 مليار دولار.
هواوي كانت تخطط لاعتلاء عرش الهواتف الذكية عام 2020
كانت هواوي ذات يوم في طليعة مشغّلي الهواتف الذكية في العالم من حيث حجم المبيعات، وكانت تمثل المنافس الرئيسي الوحيد لشركة آبل في الصين، عندما يتعلق الأمر بالأجهزة المتطورة.
ففي عام 2019، كان قسم إنتاج الهواتف الذكية في شركة هواوي يشهد أزهى مراحله، وكانت الشركة تحتل المرتبة الثانية في قائمة الشركات الأكثر مبيعًا للهواتف في العالم ككل بعد سامسونغ.
وبحسب شركة كاناليس للأبحاث، تمكّنت شركة سامسونغ عام 2019 من بيع 298 مليون هاتف ذكي، في حين باعت هواوي 240 مليون هاتف ذكي، بينما حلّت شركة آبل في المرتبة الثالثة مع بيعها 198 مليون هاتف ذكي.
وكانت أهداف هواوي عام 2019 تتركز على كيفية انتزاع لقب أكبر بائع للهواتف الذكية في العالم من سامسونغ بحلول عام 2020، إلا أن ما حدث في منتصف عام 2019 بدّل من أولويات الشركة، وجعلها تبحث عن كيفية الصمود أمام وابل من العقوبات والقيود الأمريكية.
ففي 15 مايو/ أيار 2019، أصدر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الأمر التنفيذي 13873 الخاص بـ”حماية المعلومات وتقنية الاتصالات وسلاسل تزويد الخدمات”، والذي منع بموجبه الشركات الأمريكية من التعامل مع هواوي وشركات صينية أخرى، متهمًا إياها بأنها تشكّل خطرًا (التجسُّس) على شبكات البنية التحتية للولايات المتحدة.
وعلى الفور، أضافت وزارة التجارة الأمريكية هواوي إلى قائمة الكيانات التي يعتبرها الأمر التنفيذي “جهات تقوّض المصالح الأمريكية”، وبموجب تلك الأوامر تعرضت هواوي إلى نكسة كبيرة في مجال الهواتف الذكية، يمكن تلخيصها فيما يلي:
– جمّدت العديد من الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًّا لها، إمداداتها إلى شركة هواوي للامتثال للوائح التنظيمية، بما في ذلك جوجل التي منعت هواوي من التحديثات المستقبلية لنظام التشغيل أندرويد، وخدمات جوجل للهواتف النقالة المرخّصة، بما في ذلك متجر “جوجل بلاي” الذي يعدّ ركيزة لا غنى عنها في عالم الهواتف.
– مُنعت الحكومة الفيدرالية الأمريكية من التعامل مع شركة هواوي والعديد من الشركات الصينية، بسبب ما ادّعته الحكومة الأمريكية “مخاطر غير مقبولة” على الأمن القومي، إذ اتهمتها باستخدام منتجاتها لأغراض التجسُّس لصالح الحكومة الصينية.
– قامت العديد من شركات تصنيع الرقاقات بقطع الإمدادات عن شركة الاتصالات الصينية، مثل شركة الرقائق الألمانية “إنفينيون تكنولوجيز”.
– كما تأثرت هواوي بعدم قدرتها على الحصول على معالجات أمريكية متطورة تدعم تقنية الجيل الخامس لتشغيل هواتفها، أو حتى اللجوء إلى أي شركة تستخدم التكنولوجيا الأمريكية في هذا المجال، وقد استتبع الأمر التنفيذي 13873 الذي أصدره الرئيس ترامب، العديد من القرارات والقيود الأخرى التي استمرت حتى عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن.
إذ قامت لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية عام 2022 بحظر الموافقة على معدّات اتصالات جديدة من شركتَي “هواوي تكنولوجيز” و”زد تي آي” الصينيتَين، لأنهما تشكّلان “خطرًا غير مقبول” على الأمن القومي الأمريكي.
واشنطن تحقق في هاتف “ميت 60 برو”
في نهاية أغسطس/ آب من العام الماضي 2023، نجح قطاع الهواتف بشركة هواوي الصينية في إنتاج سلسلة “هواوي ميت 60 (Huawei Mate 60)” الجديدة، التي تبيّن أنها تحتوي على معالج كيرين 9000 إس (Kirin 9000s) المصنّع بدقة 7 نانومترات، والذي يدعم تقنية الجيل الخامس، حيث كان هذا الخبر كفيلًا بإحداث هزة كبيرة في العالم التقني وصلت ارتداداتها إلى واشنطن.
الجهاز الرائد الجديد المتضمّن لمعالج كيرين 9000 إس (5G) الذي تم تطويره خصيصًا لشركة هواوي الصينية، صدم خبراء الصناعة الذين لم يفهموا كيف حصلت الشركة على التكنولوجيا اللازمة لصنع مثل هذه الشريحة، بعد الجهود الحثيثة التي بذلتها الولايات المتحدة لتقييد وصول الصين إلى تكنولوجيا الشرائح الأجنبية.
ويعود السبب الأساسي لحالة الصدمة التي تسبّبت فيها شريحة كيرين 9000 إس، إلى تمكن هواوي، وبمساعدة من شركة “سميك (SMIC)”، من تخطي الكمّ الهائل من القيود الأمريكية المفروضة عليها وعلى الدولة الصينية، والوصول إلى قدرات متطورة في صناعة المعالجات، في وقت كانت تحرص فيه أمريكا، وعلى مدار 4 سنوات، على اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بمنع أي طرف صيني من اكتساب قدرة ذاتية على إنتاج معالج متطور.
فمن خلال القيود، حاولت الولايات المتحدة إبقاء الصين متخلفة عنها بنحو 8 سنوات في صناعة المعالجات، عبر إيقافها عند دقة تصنيع 14 نانومترًا، لتأتي هواوي وتضع جميع الجهود الأمريكية في مهبّ الريح، مع تمكُّنها وبالتعاون مع شركة سميك من الوصول إلى دقة 7 نانومترات.
وتم تصميم شريحة كيرين 9000 إس في قسم شرائح HiSilicon التابع لشركة هواوي، في حين تكفلت شركة سميك الصينية بعملية إنتاجها، حيث تكمن المفارقة في أن الشركتَين، أي هواوي وسميك، تجمعهما اللائحة السوداء الأمريكية للكيانات الصينية المعاقبة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى الإعلان عن إجرائها عملية تحقيق عن الطريقة التي صُنعت فيها الشريحة الجديدة، وذلك لمعرفة ما إذا كانت الشركتان الصينيتان استغلتا نقاط ضعف في القيود الأمريكية، أم أنهما اكتسبتا بالفعل قدرات ذاتية مكّنتهما من تحقيق هذا الاختراق الكبير.
وعلّق مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، قائلًا إن الولايات المتحدة بحاجة إلى “مزيد من المعلومات حول طابعها (الشريحة) وتكوينها على وجه التحديد”، لمعرفة ما إذا كانت جهات قد تجاوزت القيود الأمريكية على صادرات أشباه الموصلات لصناعة مثل هذه الشريحة.
والأرجح غالبًا أن شركة هواوي لجأت إلى التكنولوجيا الصينية لإنتاج هاتف قوي، بعتاد ونظام تشغيل يعتمدان بشكل كلّي على الشركات الوطنية، ما يحدّ من إمكانية تأثير أي طرف خارجي على عملية إنتاج الشركة للهواتف، بعد الضرر الكبير الذي لحق بالشركة جرّاء القيود الأمريكية المفروضة منذ العام 2019، والتي تسبّبت في إنهاك قطاع الهواتف الذكية لهواوي وتراجعه بشكل كبير.
فبحسب وكالة “بلومبيرغ“، قالت رابطة صناعة أشباه الموصلات في واشنطن، إن شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة دخلت مجال إنتاج الرقائق العام الماضي، وتتلقى تمويلًا من الدولة يقدَّر بنحو 30 مليار دولار، وأضافت الرابطة أن هواوي استحوذت على مصنعَين قائمَين بالفعل على الأقل، وتعمل على تشييد 3 مصانع أخرى.
استحواذ شبه كامل على الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا
بالعودة إلى النتائج المبهرة التي حققتها هواوي خلال العام 2023 رغم العقوبات الأمريكية، علّق لـ”نون بوست” خبير الاتصالات -فضّل إخفاء اسمه، ونطلق عليه هنا اسم حسن- قائلًا إن النتائج غير مُفاجئة، نظرًا إلى أن هواوي واحدة من أقوى الشركات من النواحي التقنية، وفيما يتعلق ببراءة الاختراع لشبكات الجيل الخامس، فإنّ هواوي -وفقًا لمحدثنا- تعدّ الشركة الرائدة في براءات الاختراع لمصنّعي أجهزة الاتصالات.
وأضاف حسن أن هواوي استحوذت على ثقة مشغّلي الهاتف النقال بفعل جودة منتجاتها التي لا تقارن مع الشركات الأخرى، واستدلَّ على ذلك بأن أكبر شركة اتصالات سعودية “إس تي سي (STC)” كانت تعاني من ازدحام في الشبكة ورداءة الخدمة في موسمَي الحج والعمرة في منطقة مكة، بسبب كثرة مستخدمي خدمات الهاتف النقال من عملاء الشركة السعودية، موضحًا أن المعالجات التي أجرتها شركة نوكيا لم تفلح في استيعاب مشتركي إس تي سي، وأن المشكلة لم تحل بشكل جذري إلا بعد استعانة الشركة السعودية بخدمات هواوي.
وذكر أن شركات التكنولوجيا الصينية، بما فيها هواوي، ركزت في استراتيجيتها على أفريقيا وآسيا، موضحًا أن هواوي تقدم خدمات عالية الجودة وبأسعار تنافسية، كما لديها وجود لا يستهان به في أوروبا والأمريكيتَين، لكنّ وجودها في أوروبا تأثر بالعقوبات الأمريكية، حيث ضغطت واشنطن على إلغاء التعاقدات الموقّعة مع شركة هواوي، خصوصًا التي تتعلق بخدمات الجيل الخامس.
وقال خبير الاتصالات البارز لـ”نون بوست”، إن معظم شركات الاتصالات في منطقة الخليج العربي لا تزال تعتمد بشكل كامل على شركة هواوي في معدّاتها التقنية، مثل شركة الاتصالات السعودية إس تي سي وشركة اتصالات وشركة دو الإماراتيتَين وأُريد القطرية وزين الكويتية.
وأوضح أن أكبر شركة اتصالات في بريطانيا (بريتيش تيليكوم) قاومت تنفيذ ذلك القرار، مضيفًا أن شركات الاتصالات الخليجية الكبرى واجهت ضغوطًا عالية من إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب لأجل إيقاف التعامل مع هواوي، بيد أن المشغّلين تمسّكوا بشراكاتهم مع المجموعة الصينية، وكشف أن الأخيرة تستحوذ على 50 إلى 60% من مشاريع الجيل الخامس في الشرق الأوسط، بينما تتقاسم الشركات الأخرى مثل إريكسون ونوكيا ما تبقّى من حصة السوق.
الباحث في الشؤون الصينية أحمد زمراوي، قال لـ”نون بوست” إن هواوي تعمل في مجال البنية التحتية لشركات الاتصالات والإنترنت منذ عام 1987، ثم انطلقت إلى الاستثمار في إنتاج الهواتف الذكية بعد عام 2009.
وأشار إلى أن هواوي خلال العقدَين الماضيَين نمت نموًّا كبيرًا واستحوذت على حصة كبيرة من البنية التحتية لقطاع الاتصالات، مكّنها من التفوق على شركات كبرى مثل ألكاتيل-لوسنت وإريكسون، وهو السبب الرئيسي في نجاح الشركة وتوسعها، ما أدّى لاحقًا إلى إصدار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًّا بفرض عقوبات عليها كمحاولة لكبح توسعها.
ولفت زمراوي إلى أن الأرباح الرئيسية لهواوي تأتي من البنية التحتية لشركات الاتصال، مشيرًا إلى أنها ضخّت استثمارات كبيرة في شبكات الجيل الخامس، والآن بدأت في إنشاء شبكات للجيل السادس في الصين، إلى جانب توسعها الكبير في صناعة السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المرتبطة بها.
كما استعرض مهندس الاتصالات حسن، مزايا إضافية لشركة هواوي، موضحًا أنها تتميز على نظيراتها بسرعة الاستجابة والتسليم، استدلّ على ذلك بقوله إنه عندما قامت قوات الدعم السريع في السودان بقطع الخدمة عن مقاسم شركات الاتصال الرئيسية في الخرطوم مطلع فبراير/ شباط الماضي، قامت هواوي بإنشاء مقاسم جديدة في بورتسودان لصالح شركتَي سوداني وزين، خلال فترة وصفها بـ”القياسية” أدهشت حتى موظفي شركات الاتصالات السودانية.
أضاف أن مشاريع كهذه (تركيب السيرفرات وتشغيلها) تستغرق في العادة شهورًا طويلة للموافقة عليها، ثم شحن المعدّات وإرسالها وتركيبها وتشغيلها، مبيّنًا أن هواوي تتميز كذلك بإيجاد حلول لعملائها من الشركات التي تواجه صعوبات في التمويل عن طريق البنوك الصينية الشريكة، فهواوي تقدم عروضًا تتضمن تمويل للمشاريع، وهذا ما لا يتوفر عند منافسيها.
وكشف المهندس حسن أن شركة سوداني للاتصالات تعتمد في معدّاتها وبنيتها التحتية بنسبة 90% على هواوي، ولفت إلى أن شركة زين السودانية اعتمدت كذلك في الآونة الأخيرة على شركة هواوي.
اتهامات من باب الكيد السياسي
ردًّا على سؤال لـ”نون بوست” عن مدى مصداقية اتهام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لشركة هواوي بالتورُّط في التجسُّس وتقويض الأمن القومي الأمريكي، أجاب الباحث أحمد زمراوي قائلًا إنه يعتقد أن تلك الاتهامات تدخل في باب الكيد السياسي والحسد التجاري، بسبب توسع الشركة مؤخرًا في شتى المجالات، موضحًا أن عقلية الرئيس الأمريكي السابق تجارية في المقام الأول.
واستدرك زمراوي قائلًا إن المخاوف من التجسُّس تظل مشروعة، فهواوي كغيرها من الشركات التي تعمل في مجال البنية التحتية للاتصالات لديها الإمكانية للتجسُّس والسيطرة، لكنه يعتقد أن أوامر الرئيس ترامب كانت بدافع تجاري أكثر من مخاوفه على الأمن القومي.
وقال إنه من خلال متابعته، لاحظ أن من مجموع 97.5 مليار دولار، جملة إيرادات هواوي لعام 2023، كان قطاع الخدمات، بما في ذلك الهواتف الذكية والخدمات الملحقة بها، يساهم بحوالي 35 مليار دولار فقط من إيرادات الشركة، بمعنى أن أعمال الشركة وإيراداتها تركّزت في الآونة الأخيرة على البنية التحتية لشركات الاتصالات ومشاريع تكنولوجية أخرى، مثل السيارات الكهربائية.
يتفق خبير الاتصالات (ح.ع) مع زمراوي في شأن الاتهامات الأمريكية: يُحتمل أن تكون هواوي متورّطة في التجسُّس، لكن السبب الرئيسي لفرض العقوبات الأمريكية تجاري في المقام الأول، ويأتي كانعكاس للحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، بحسب تقديره.
وأشار إلى أنه رغم حرمان الشركة الصينية من أشباه الموصلات والرقائق الأمريكية، فإنها تحتل في الوقت الحالي المرتبة الأولى عالميًّا في المجال، رغم القيود المفروضة عليها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
“تخيّل كيف يمكن أن تكون أرباح هواوي لعام 2023 إذا كانت لا تزال تعمل بكامل حريتها في أمريكا وأوروبا؟ قبل العقوبات كانت هواوي تعمل مع كبار مشغّلي الهاتف النقال في دول أوروبا”، أضاف خبير الاتصالات.
ويؤكد محدثنا ما سبق الإشارة إليه: تمكّنت شركة هواوي من تجاوز العقوبات الأمريكية المتمثلة في حظرها من استخدام رقائق شركة كوالكوم للجيل الخامس، وأنشأت خطوط إنتاج بديلة بالتعاون مع شركات صينية بنسبة 100%، وهو ما يتجلى في هاتف “ميت 60 برو” الجديد، كما أن هواوي تغلبت على حظرها من استخدام متجر “جوجل بلاي” عن طريق تصنيع نظام تشغيل بديل يقوم على الأندرويد.
صمود يشكّك في جدوى العقوبات الأمريكية
إن النتائج المالية التي حققتها هواوي لعام 2023، تؤكد مجددًا أن الشركة الصينية تمكّنت من الصمود في وجه العقوبات الأمريكية، ليس هذا فحسب، بل أنها قامت بعكس الخسائر التي مُنيت بها بعد صدور الأمر التنفيذي 13873، وأخذت تحوّلها إلى أرباح متزايدة، ما يشكّك في مدى فعالية العقوبات الأمريكية.
كما أن المشاريع التي نفّذتها هواوي في المنطقة، مثل حلّها لأزمة قطع الاتصالات في السودان في وقت وجيز، فضلًا عن معالجتها للأزمة التي عانت منها شركة الاتصالات السعودية خلال موسمَي الحج والعمرة، تؤكد مرة أخرى الحاجة الماسّة إلى خدمات شركة هواوي، وأنها تقوم بدور يصعب على منافسيها القيام به.
أخيرًا، يترقّب المهتمون بالشأن التقني تاريخ 11 أبريل/ نيسان الحالي، حيث يستعد عملاق التكنولوجيا الصيني (هواوي) للكشف عن مفاجآته الجديدة في حدثه القادم، والذي من المتوقع أن يشهد الكشف عن سيارة جديدة وساعة ذكية، إلى جانب إصدار جديد من أجهزة الحاسوب وهاتف جديد من سلسلة P.
تسريبات: مؤتمر هواوي يوم 11 ابريل الجاري للكشف عن عدة منتجات منها سلسلة P70 و لابتوب ميت X برو و إصدار جديد من ساعة Watch 4 Pro بالإضافة إلى طرازات جديدة من سيارات AITO M5 و Luxeed S7.#HUAWEI pic.twitter.com/t7a54ol0W2
— سعودي أندرويد (@SaudiAndroid) April 7, 2024
فمن بين أبرز المفاجآت التي قد تكشف عنها هواوي خلال المؤتمر، سيارة Luxeed S7 التي تعّد أولى السيارات التي تم تطويرها بالتعاون مع شركة “شيري (Chery)” الصينية، والتي يتوقع أن تأتي بتحديثات تقنية مهمة، بجانب سيارة أخرى رياضية كهربائية بالكامل باسم Aito M5، وذلك بالتعاون مع شركة صناعة السيارات الصينية “سيريس (Seres)”.
ومن المقرر أن تصدر هواوي في وقت لاحق من العام الحالي نظامها التشغيلي المعدّل HarmonyOS Next، كخطوة حاسمة في رحلتها للابتعاد عن أندرويد تمامًا بسبب القيود الأمريكية، ويهدف النظام إلى تعزيز مكانة هواوي باعتبارها شركة الهواتف الذكية الأسرع نموًّا في الصين.
طرحت هواوي نظام HarmonyOS أول مرة في أغسطس/ آب 2019، ردًّا على إضافتها إلى قائمة الكيانات الأمريكية، ما أدّى في حينه إلى تقييد وصولها إلى تطبيقات وخدمات شركة جوجل الأساسية.