تحتل البلاد التونسية المرتبة الثانية عالميًا على مستوى المساحات المخصصة لزراعة الزيتون بعد إسبانيا، ويقدر معدل الصادرات السنوية من الزيت في آخر عشر سنوات بـ145 ألف طن بنسبة 80% من الإنتاج الوطني كما تقدر عائداته بـ850 مليون دولار وفق ما أورده وزير الفلاحة سمير بالطيب.
وعلى صعيد آخر يؤكد المدير العام للديوان الوطني للزيت شكري بيوض أن إنتاج زيت الزيتون لهذه السنة (2017-2018) سيزيد بنسبة تضاهي 30% مقارنة بالموسمين السابقين أي بنحو 190 ألف طن، كما أكد دور زيت الزيتون في جلب العملة الصعبة لتونس، من هنا ندرك إذًا الدور الفعال لزيت الزيتون على مستوى القطاع الفلاحي ومستوى الاقتصاد التونسي بصفة عامة، لكن السؤال الذي لا بد أن يطرح هو: أي دور يؤديه زيت الزيتون في إحداث التنمية المحلية في بعض مناطق إنتاجه؟
تمتد زراعات الزيتون على كامل البلاد التونسية تقريبًا، لكن النصيب الأكبر يتركز على مستوى الشريط الساحلي الشرقي والوسط الشرقي للبلاد التونسية، بنسب متفاوتة بين صفاقس والقيروان وبعض ولايات الجنوب الشرقي الأخرى، وكما تعددت زراعات الزيتون في هذه المناطق فإن نوعية الزيت تختلف أيضًا بين هذه المناطق.
على الدولة استغلال هذا الإنتاج الوفير من الزيت في دفع عجلة التنمية في هذه المناطق بتخصيص بعض العائدات المالية من الصادرات لها
المفارقة التي لا بد من طرحها هنا: كيف للإنتاج الوفير لزيت الزيتون في هذه المناطق لا يساهم في تحقيق التنمية المحلية؟
الإجابة تبدو واضحة، لقد عمدت الحكومات المتتالية منذ العهد النوفمبري إلى تهميش القطاع الفلاحي بصفة عامة وإنتاج زيت الزيتون بصفة خاصة لتركز كل برامجها على القطاع السياحي الذي أدى إلى تفاقم الفوارق التنموية بين المناطق الداخلية والمناطق الساحلية التي تركزت فيها السياحة.
إننا نعتقد أن إيلاء بعض الأهمية للقطاع الفلاحي سيساهم بدرجة كبيرة في نمو الاقتصاد التونسي ويساهم بدوره في تلاشي الفوارق التنموية بين الجهات، وهي أكبر معضلة تواجهها الحكومات المتعاقبة في تونس، ثم إن العديد من الأمثلة العالمية تؤكد نجاح بعض الدول في مراهنتها على القطاع الفلاحي على غرار الثورة الخضراء في البرازيل وبعض بلدان جنوب شرق آسيا وما آلت إليه هذه الخيارات الاقتصادية من نهوض بالاقتصاد المحلي في تلك البلدان.
إذًا تبدو الحاجة ملحة هنا إلى الاتعاظ من هذه التجارب وضرورة الاهتمام أكثر بزيت الزيتون وما يمكن أن يحله من مشاكل تنموية في بعض المناطق خاصة في الوسط الشرقي والجنوب الشرقي التونسي.
ليس على الدولة إلا استغلال هذا الإنتاج الوفير من الزيت في دفع عجلة التنمية في هذه المناطق بتخصيص بعض العائدات المالية من الصادرات لها، كذلك بإمكان الدولة أن تدفع عجلة الزراعة في هذه المناطق أكثر من خلال التشجيع على زراعة الزيتون وإبداء بعض التسهيلات لكل المستثمرين في هذا المجال وتمويل المشاريع الصغرى في هذا المجال.
نتائج هذه البرمجة ستكون إيجابية بطبيعة الحال على اعتبار أن الدولة التونسية ستدفع عجلة اقتصادها أكثر من خلال عائدات زيت الزيتون الكبيرة وستساهم أيضًا في التقليص من نسبة الفوارق التنموية بين الجهات، وبذلك يقع تعميم هذه البادرة على بقية القطاع الفلاحي بصفة عامة.