علم “نون بوست” أن نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قال في اجتماع المصالحة الأخير الذي جمع الفصائل الفلسطينية بحضور الفصيلين الأكبرين حماس وفتح: “الآن انتهى كلام السياسة”، وجاء تصريحه بعد تعنت حركة فتح أمام ملف تمكين الحكومة في غزة، حيث تبنت الفصائل وجهة نظر واحدة أن حماس سلمت جميع الملفات والوزارات لحكومة الوفاق الوطني.
وطالب النخالة حركة فتح برفع العقوبات فورًا عن قطاع غزة، ليتسنى الحديث عن الملفات الأخرى التي لم يتم التطرق إليها وتأجيلها للقاءات مستقبلية كملف المنظمة والانتخابات التشريعية والرئاسية.
لكن وفد حركة فتح بقيادة عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد طلب من حماس تمكين الحكومة حتى يتسنى للرئيس رفع العقوبات عن غزة، مما أثار غضب الفصائل، فقد أكدت أن حماس مكنت عمل الحكومة بالكامل وهي شاهدة على ذلك.
وقال الأحمد: “هناك حكومة موازية ما زالت تعمل في غزة، ولن يلمس المواطن شيئًا قبل تمكين حكومة الوفاق بشكل فعلي”.
موقف متقدم للوسيط المصري
بعد تواصل “نون بوست” مع أحد الأطراف من داخل حوارات القاهرة علم أن الوسيط المصري طلب من حركة فتح أي دليل على عدم تمكين حماس لعمل حكومة التوافق، وسط انزعاج من حركة فتح، واكب ذلك تصريح عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل فور خروجه من اجتماعات المصالحة: “الفصائل الفلسطينية خرجت باتفاق بلا معنى وبلا آليات تطبيق، والبيان الختامي لجلسات القاهرة غامض وغير قابل للتطبيق في المدى المنظور”.
وأضاف البردويل: “كنا نتمنى أن يكون اليوم تتويجًا للقاءات السابقة وتطبيقًا لملفات المصالحة كاملة حتى ينعم الشعب بوحدة حقيقية في مواجهة الاحتلال، ولكن للأسف الضغوط الأمريكية على السلطة حالت دون ذلك”.
اجتمعت المخابرات المصرية مع وفد الجهاد الإسلامي للمرة الثالثة قبل مغادرته القاهرة لتهدئة الأوضاع وعودة الأمور إلى سياقها الصحيح
لكن البردويل اعتذر عن تصريحاته في فيديو مسجل قائلًا: “تصريحاتي كانت انفعالية وليست دبلوماسية، وكانت تتعلق بالبيان الأولي وليس النسخة النهائية”، مؤكدًا إصرار حركته على المضي قدمًا في المصالحة برعاية مصرية ودعم الفصائل الفلسطينية كافة.
وفي السياق ذاته قال القيادي في الجبهة الشعبية ذو الفقار سويرجو في تصريح له عبر الفيسبوك: “ما حدث مع الدكتور صلاح البردويل من صراحة واعتذار يوضح حجم اللوبي الذي يمارس الضغط، وهو لوبي متعدد الرؤوس يعمل على إخضاع الحركة الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها للقبول بمخرجات المرحلة القادمة في ظل شح الخيارات الأخرى، وهناك قرار واضح بمنع الفشل والاستمرار في المسلسل المدروس جيدًا من أصحابه”.
وأضاف سويرجو في نفس التغريدة: “إننا بصدد استمرار المعاناة لحين استيفاء كل شروط المرحلة المعروفة للجميع، وهنا تصبح الكرة في ملعب الناس، فإما الصبر المهين أو الرفض المبين”.
ووفق معلومات لنون بوست اجتمعت المخابرات المصرية مع وفد الجهاد الإسلامي للمرة الثالثة قبل مغادرته القاهرة لتهدئة الأوضاع وعودة الأمور إلى سياقها الصحيح.
الفيتو الأمريكي عاد سريعًا
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتمكين سيطرة السلطة على قطاع غزة دون منحها أي امتيازات تحسن من الأوضاع الاقتصادية للناس هناك، فقد أخبر ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية في وقت سابق رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار عودة حماس للسيطرة على المعابر لأن الفيتو الأمريكي عاد على المصالحة الفلسطينية.
تسود حالة من السخط الشعبي على نتائج الجولة الأخيرة من المصالحة
تخوفات الولايات المتحدة من انفجار الأوضاع بما ينعكس على الإقليم بحالة فوضى لا يمكن السيطرة عليها وهو ما دفع فرج لإخبار السنوار بفرض السيطرة، لكن حماس أعلنت أنها غير مسؤولة عن المهام الإدارية والأمنية والتي تعتبر من مهمة حكومة الوفاق الوطني بعد حل اللجنة الإدارية وتسلم حكومة الوفاق لقطاع غزة.
وتتعرض السلطة الفلسطينية لضغوطات أمريكية جديدة بعكس رغبتها في تحقيق المصالحة بعد أن رفعت الأخيرة الفيتو عن المصالحة لتمكين سيطرة السلطة على قطاع غزة ومناقشة ملفي الأمن والسلاح، إلا أن رفض الفصائل الفلسطينية مجتمعة الخوض في سلاح المقاومة واعتباره خطًا أحمر لا يمكن الحديث عنه، أعاد الفيتو الأمريكي على المصالحة بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من رغبة السلطة الحثيثة في تحقيق المصالحة وتعديل هشاشة النظام السياسي الفلسطيني وتوحيد قطري الوطن تحت مظلة سياسية واحدة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها المانح المالي الأكبر للسلطة أوقفت القطار سريعًا دون أي إنجاز على محطات وقوفه السابقة.
سخط شعبي كبير على حوارات المصالحة
وتسود حالة من السخط الشعبي على نتائج الجولة الأخيرة من المصالحة، فقد توقع المواطنون في غزة فتح المعابر ورفع العقوبات، إلا أن أول خطوات السلطة بعد اللقاء الأخير في القاهرة رفضها دفع رواتب موظفي حماس العاملين في الأجهزة الأمنية والوزارات، بعكس ما اتفق عليه أن تدفع حماس رواتب شهر أكتوبر على أن تبدأ حكومة الوفاق بدفع الرواتب ابتداءً من أول ديسمبر.
الأطراف جميعًا ترغب في المصالحة لكن المشهد يعود لسابقه حيث الضغط الأمريكي على السلطة الفلسطينية لا يبشر في نجاح المصالحة إن بقيت بهذه الطريقة
وعلق الباحث في الشأن الفلسطيني عزام شعت على بيان المصالحة في تغريدة له عبر الفيسبوك قائلًا: “بيان فضفاض وعباراته قديمة وصياغته ركيكة ومرتبكة، تصلح لزمنٍ غير زمن الانقسام”.
في حين علق الناشط الشبابي رامي ريان على جولة المصالحة في تغريدة قائلًا: “البيان الختامي نسف التفاؤل نسفًا”، وعلق الإعلامي الفلسطيني محمد حامد في تغريدة له: “اصدقوا مع شعبكم ولو لمرة واحدة صارحوه بالحقيقة #بيكفي”.
وعلقت الصحفية إيمان بارود على البيان الختامي: “البيانات التي لا تسد جوع الشعب المُحاصر والمقهور، مصيرها إلى باعة #الفلافل في مخيمات غزة”.
لعل الأطراف جميعًا ترغب في المصالحة لكن المشهد يعود لسابقه حيث الضغط الأمريكي على السلطة الفلسطينية لا يبشر بنجاح المصالحة إن بقيت بهذه الطريقة، وما الحديث عن التمكين إلى باب الهروب من الاستحقاقات التي ينتظرها الشعب.