مرت ثورة يناير بمراحل مختلفة منذ يناير 2011 , منها إنتصارات مرحلية كتنحي حسني مبارك وسقوط رأس النظام، ولكن عمل أعداء الثورة أو على الأقل من لا يؤمنون بها أو من رأوا في الثورة تهديدا لهم ولمصالحهم على إضعافها والقضاء عليها، وشارك في ذلك المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد في الفترة الإنتقالية التي سبقت الإنتخابات الرئاسية التي أتت بأول رئيس مدني لمصر.
وخلال تلك الفترة فقدت الثورة المصرية جزءاً مهماً من الظهير الشعبي الذي كان سبباً في إنتصارها على حسني مبارك وإجباره على التنحي بفضل الضغط الشعبي فقط، وهو ما أكده تصريح المشير طنطاوي والذي ذكر فيه أن المجلس العسكري لم يمارس ضغطاً على مبارك لإجباره على التنحي.
فقدت الثورة ذلك الجزء المهم من الظهير الشعبي لأسباب كثيرة منها سياسات المجلس العسكري التي لم تشعر الشعب بتغيير جوهري في حياتهم اليومية بجانب دور الإعلام الذي كان معادياً في مجمله للثورة لإرتباط معظمه برجال الأعمال القريبين من النظام السابق.
وكذلك في عهد أول رئيس منتخب، ورغم حدوث تحسن ملحوظ في عدد من الملفات، لم يصل هذا التحسن إلي المواطن البسيط بالدرجة المطلوبة، وذلك لأسباب عدة أهمها -من وجهة نظري- ضعف الآلة الإعلامية التي كانت تعمل مع الرئيس , بجانب الضغوط والمؤامرات التي بات الجميع يعلمها الآن من عدم تعاون مؤسسات الدولة مع الرئيس المنتخب بل السعي لإسقاطه، بالإضافة إلى وقوع الرئيس مرسي في العديد من الأخطاء التي نالت من شعبيته وشعبية الثورة.
بعد فقدان الثورة للكتلة الحرجة التي مكنتها من الإنتصار في البداية كان لابد من حدوث الإنتكاسة التي نعيشها , والسؤال هنا كيف يكون الإنقلاب العسكري في مصلحة الثورة ؟!
منذ الانقلاب في 3 يوليو لم يشعر المواطن المصري البسيط غير المسيس والذي يسعي فقط للحياة الكريمة بغض النظر من الحاكم، بأي تغيير للأفضل، بالعكس، ازداد الوضع الإقتصادي سوءًا، وعلى عكس الوعود التي أطلقها قائد الإنقلاب ومقولاته الرنانة التي حاول بها إستمالة البسطاء في بداية الإنقلاب كــ “مصر هتبقي قد الدنيا” بالتعبير المصري الدارج، عاد الجنرال عبد الفتاح السيسي بعد أكثر من ثمانية أشهر ليعلن فشله وليمهد “لخطة تقشف” تقشف علي الفقراء في حين يستمر فساد كبار المسئولين ورجال الأعمال.. وربما إزدادوا فسادأ بعد الإنقلاب !
وفي ظل هذا التردي الإقتصادي، تأبي وزارة الداخلية إلا وأن تجمع الفرقاء على عداوتها، فبعد أن كانت تدعي حصر خصومتها مع الإخوان المسلمين أصبحت الآن تعتقل كل معارض.. من كل التيارات.. سواء الإسلامية أو الليبرالية أو الاشتراكية…
وبفضل غباء قادة الانقلاب تسترجع الثورة ما فقدته على مدار ثلاث سنوات من ظهير شعبي كفيل بإنتصار الثورة عاجلاً أم آجلاً ..
ولا يمكن أن تستمر سلطة فقدت ظهيرها الشعبي وإن إعتمدت على القوة الأمنية، فالبقاء دائماً للشعوب.