بعد الاتفاق الأول الذي عقد بين عمّان وموسكو وواشنطن في أغسطس من العام الجاري، وبعد ما أعلنت عمّان مساء الـ11 من نوفمبر الجاري عن اتفاق ثان لنفس هذه الدول على خفض التصعيد، من خلال إنشاء منطقة ما يعرف بخفض تصعيد بشكل مؤقت في جنوب سوريا، أعلنت المفوضية العامة لشؤون اللاجئين عن عودة ألف لاجئ سوري منها الأردن شهريًا، إلى مناطق الجنوب السوري.
وبحسب المفوضية وما تناقله وسائل إعلام أردنية عديدة فقد شهدت مناطق الجنوب السوري مؤخراً عودة طوعية كبيرة للاجئين من الأردن بعد حالة من الهدوء أفرزتها اتفاقات عمان، وتحديدًا في مدن درعا والقنيطرة والسويداء.
حيث ارتفع عدد اللاجئين الذين عادوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ليصل إلى معدل 1000 لاجئ شهرياً، مقارنة بالنصف الأول من العام الحالي والذي شهد عودة حوالي 1700 لاجئ. حيث تشير المفوضية إلى أن شهر تشرين أول /أكتوبر الماضي، شهد عودة 750 لاجئاً من الأردن إلى سوريا، و1078 عائدًا طوعيًا في شهر أيلول /سبتمبر الماضي، و1203 في آب /أغسطس الماضي، وهو ما يعني زيادة كبيرة بالفعل مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام.
لكن المفوضية في الوقت نفسه أشارت إلى أنه على الرغم من الزيادة في الأرقام المطلقة، إلا أنها ما تزال أرقاماً صغيرة بالنسبة لأعداد اللاجئين الكلي، إذ أنها تساوي 2% بالمئة من إجمالي اللاجئين السوريين في المملكة، لكن شير مراقبون إلى أن أعداد العائدين هذه ستكون مرشحة إلى الارتفاع أكثر فأكثر إذا ما استمر الهدوء في مناطق الجنوب السوري.
ارتفع عدد اللاجئين الذين عادوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ليصل إلى معدل 1000 لاجئ شهرياً، مقارنة بالنصف الأول من العام الحالي والذي شهد عودة حوالي 1700 لاجئ
المفوضية في الأردن شددت وعلى لسان الناطق باسمها محمد الحواري على أنها “تحاول جاهدة الحرص أن يكون خيار العودة بالنسبة للاجئ هو بمحض الإرادة، بدون أي ضغوط، وتقدم هي من جانبها النصح بعدم العودة بسبب خشيتها من عدم استقرار الأوضاع هناك وخطورة العودة”.
إلى ذلك، كان الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني قد قال في تصريحات صحفية بعيد الاتفاق الثاني لخفض التصعيد في عمان إن هذا “الاتفاق يدعم ترتيبات اتخذتها البلدان الثلاثة يوم السابع من يوليو/تموز لدعم اتفاق وقف إطلاق النار على طول خطوط التماس المتفق عليها في جنوب غرب سوريا، حيث اعتُبر الاتفاق آنذاك خطوة نحو خفض دائم للتصعيد في جنوب سوريا والسماح بوصول المساعدات”.
ويقول المومني إن “الأردن أراد لهذا الوقف أن يكون وفق صيغة تضمن عدم تغول المنظمات المتشددة، أو أي قوى أجنبية على المنطقة، في حين ضم الاتفاق الذي بدء الأحد 9 تموز/يوليو الماضي، الأطراف المتصارعة من قوات النظام السوري مدعومة بمليشيات إيرانية، ومقاتلين من حزب الله اللبناني، وفصائل المعارضة المسلحة المنضوية ضمن ما يطلق عليه “الجبهة الجنوبية”.
تشير الأرقام الرسمية في الأردن إلى أن أكثر من 850 ألف سوري يقيمون في المملكة غير مسجلين كلاجئين
وبحسب مراقبين أردنيين فإن الاتفاق جاء بهدف أول وأهم وهو ضمان حماية أمن وحدود الدولة الأردنية، حيث أن توقف المعارك والقتال سيؤدي إلى إنشاء إدارة ذاتية للمنطقة، ما يسمح بعودة اللاجئين إلى مناطقهم، وبالتالي استقرار نسبي طويل الأمد في المنطقة.
إلى ذلك، تشير الأرقام الرسمية في الأردن إلى أن أكثر من 850 ألف سوري يقيمون في المملكة غير مسجلين كلاجئين، وهناك مئات آلاف آخرين غير مسجلين كلاجئين يقيمون في المدن والبعض لديه مشاريع اقتصادية وتجارية.
وبحسب مفوضية اللاجئين، بإمكان أي عائلة سورية لاجئة في أي مكان بالمملكة وراغبة بالعودة، التقدم بطلب عودة على مسؤوليتها إلى مكتب خاص بالعودة في مخيم الزعتري، حيث يتم عمل الإجراءات اللازمة لذلك، وإبلاغ المفوضية العليا للاجئين لسحب بطاقات التسجيل منها كلاجئين.
وتقوم السلطات الأردنية، بحسب ما قال لاجئون، بنقل الراغبين بالعودة وفق جدول زمني إلى مربع السرحان ومنه إلى معبر نصيب الإنساني، حيث يتم تسليمهم إلى ممثلين عن فصائل المعارضة، الذين بدورهم يقومون باستقبالهم، ونقلهم إلى المناطق التي يودون الانتقال إليها. حيث تؤكد هذه الفصائل بدورها أن حركة العودة الطوعية للاجئين مؤخرًا باتت كبيرة، معللاً ذلك بالهدوء النسبي الذي يعمّ معظم مناطق المعارضة.
ويضيف ناشطون سوريون من فصائل المعارضة بحسب ما نقلت صحيفة الغد الأردنية، أن اللاجئين يعودون فقط إلى مناطق المعارضة، فيما اللاجئون من أبناء المناطق التي ما تزال تحت سيطرة الجيش السوري والمليشيات الموالية له، لا يستطيعون العودة ولا يفكرون بها خشية تعرضهم للسجن أو التجنيد الإجباري في صفوف الجيش أو المليشيات،.
بحسب شهود عيان في مدينة درعا، فقد انسحبت قبل نحو شهرين، أرتال مليشيات حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية من الجبهة الشرقية لمخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، الذي كان على خط النار في الاشتباكات قبل اتفاق الهدنة
يشار إلى أنه مع نجاح تماسك اتفاق عمان في الجنوب الغربي السوري، بدأت المليشيات الشيعية بإعادة انتشارها في المنطقة، مبتعدة عن الحدود الأردنية مسافة لا تقل عن 40 كلم، التزاما بالاتفاق، بحسب ما نقلت بعض المصادر المحلية على الأرض مؤخرًا.
وبحسب شهود عيان في مدينة درعا، فقد انسحبت قبل نحو شهرين، أرتال مليشيات حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية من الجبهة الشرقية لمخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، الذي كان على خط النار في الاشتباكات قبل اتفاق الهدنة. وقال الشهود لوسائل إعلامية محلية إن هذه المليشيات انسحبت من مكان تمركزها في نقطة المطاحن وفرع المخابرات الجوية، القريبة على جبهة القتال في مخيم درعا القريب من الحدود الأردنية.
كما أفاد إعلاميون سوريون بأن أرتال الميليشيات شوهدت وهي تنسحب من جبهات حي سجنة في درعا، ووصلت إلى معسكرات عسكرية في بلدة عتمان، ومدينتي إزرع والصنمين بريف درعا الشمالي، وهي مناطق تسيطر عليها قوات النظام والمليشيات المذهبية.