يعتبر التعليم من الأمور الأساسية لأي مجتمع من المجتمعات، لكنه في سوريا يحتوي على مخاطر عظيمة ويترتب عليه إزهاق أرواح وقتل تلاميذ على مقاعد الدراسة. ويعاني التعليم في مناطق المعارضة شأنه شأن كثير من القطاعات نقصًا في التمويل ومخاطر في ظل الحرب الدائرة، لكن رغم هذه الظروف تنتشر المدارس في مناطق المعارضة ويقبل التلاميذ عليها.
وعن معوقات العملية التعليمية في مناطق المعارضة يقول الأستاذ تركي المصطفى رئيس أحد المجمعات التربوية في ريف حلب: “أما ما يخص العقبات والصعوبات فهي كثيرة، أهمها القصف الممنهج للمدارس من النظام وروسيا، وأيضًا قلة رواتب المعلمين وعدم استمراريتها طوال العام، إضافة لخروج أغلب المدارس عن الخدمة، والموجود منها يعاني نقصًا حادًا في المستلزمات والوسائل التعليمية وأيضًا عدم كفاية النسخ من الكتب”.
ويقول المصطفى في حديث لـ”نون بوست”: “رغم كل الصعوبات إلا أن التعليم في المناطق المحررة قفز قفزات نوعية من حيث عدد المدارس وعدد الطلاب ونوعية التعليم وجودته، وهو يتحسن باستمرار، إذ أثبت الشعب أنه قادر على إدارة هكذا مؤسسة وإنجاحها بكل ما يصادفها من معوقات، حيث كان اختبارًا صعبًا ولكن تم تجاوزه”.
ويشير المصطفى إلى أن المنظمات الداعمة للتعليم تقوم بدور كبير، فهي تتحمل الثقل الأكبر، أما ما يخص المنظمات فدورها أكيد فعال وإيجابي بسبب أن التعليم اليوم قائم على أكتاف تلك المنظمات ولولا وجودها ودعمها لكان الأمر بغاية السوء، ولها بعض السلبيات طبعًا ومن ذلك عدم توحد الرؤية وعدم توحيد الرواتب والعمل كل حسب أجندته الخاصة”.
المنظمات الدولية لا تقوم بدورها على أكمل وجه، فهي تقدم دعمًا ضخمًا لمناطق دون أخرى، وتخضع في ذلك للمواقف السياسية لدولها، كما أنها تعطي دعمًا للنظام يفوق ما تقدمه للمناطق المعارضة
وعن دور الحكومة السورية المؤقتة يقول المصطفى: “دور الحكومة المؤقتة يكمن في توفير الغطاء الشرعي للعمل المؤسساتي وعملها هو جهد جبار للاعترف بالشهادات الصادرة منها وإعطائها مصداقية دولية من خلال إخضاع العمليات الامتحانية للمعايير الدولية، ولكن يبقى الجهد غير كافٍ، إذ إننا نطمح إلى الأفضل جودة وعملاً واستقرارًا”.
ويضيف المصطفى: “النظام وروسيا يقومان بحرب ممنهجة ضد التعليم في مناطق المعارضة، النظام والروس لم يتركا منشأة تعليمية إلا واستهدفها طيرانهما، إذ أخرج قصفهم مئات المدارس من الخدمة وقتل آلاف الطلاب وهم على مقاعدهم الدراسية”.
نافيًا أن يكون هناك تدخلات فصائلية في ماهية العملية التعليمية، مؤكدًا في الوقت نفسه أن العملية التعليمية تسير ضمن مؤسسة تعليمية مدنية يحترم عملها جميع من في الأراضي المحررة، فهي تقوم بعملها على ما يتوفر من جهد، فهناك حرص من الجميع على إنجاح العملية التعليمية، على حد تعبيره.
من جهته يعتبر الناشط في ميدان التعليم محمد الخالد أن التعليم في مناطق المعارضة يعاني من صعوبات كبيرة منها ما يخص الكوادر، فهناك نقص في الكوادر بسبب أن معظمها هاجر أو ما زال يعمل مع مؤسسات النظام.
ويقول الناشط في حديث لـ”نون بوست” إن “التعليم ليس موحدًا ولا يقوم على عمل مؤسساتي كما هو مطلوب، ومن بين عوائقه عدم كفاية الرواتب للمعلمين، لذا فإن أغلبهم يهاجرون أو يعملون أعمالاً خاصة تكسبهم دخلاً أفضل لأن عملهم في العملية التعليمة غير كافٍ”، مؤكدًا أن هناك قلة اهتمام من أهالي التلاميذ بالتعليم لعدة أسباب منها المخاطر المترتبة على ذهابهم للمدراس من قصف وغيره.
يقول المعلم خالد الصغير إن صعوبات التعليمية كبيرة لكن لا يمكن ترك أجيال كاملة من التلاميذ دون تعليم
لافتًا إلى أن الفصائل أحيانًا لا تقوم بما هو مطلوب لضبط بعض المخالفات وأحيانًا تقوم بدور سلبي، فهي وإن كانت في الأغلب الأحيان لا تتدخل لكنها أحيانًا تمارس المحسوبية والتعسف على حد وصفه.
مشيرًا إلى أن التعليم الثانوي يكاد يكون معدومًا لأسباب منها عدم الاعتراف بالشهادات التي تصدرها الحكومة المؤقتة دوليًا وغياب التعليم الجامعي، لذا فإن الطلاب ليس لديهم حماس في التعلم بجامعات غير معترف بها”.
مؤكدًا أن المنظمات الدولية لا تقوم بدورها على أكمل وجه، فهي تقدم دعمًا ضخمًا لمناطق دون أخرى، وتخضع في ذلك للمواقف السياسية لدولها، كما أنها تعطي دعمًا للنظام يفوق ما تقدمه للمناطق المعارضة.
في هذا الصدد يقول المعلم خالد الصغير إن صعوبات العملية التعليمية كبيرة لكن لا يمكن ترك أجيال كاملة من التلاميذ دون تعليم، مضيفًا: “رغم كل الصعوبات، فإن الضمير يفرض علينا تعليم هؤلاء الأطفال الذين انقطعوا كثيرًا عنه عقب اندلاع الحرب”.
إلى ذلك، تبقى معوقات التعليم في مناطق المعارضة كبيرة وخطيرة، فالصعوبات في التعليم من أهمها عدم توفر أماكن آمنة للتعليم بسبب قصف طائرات النظام، فهناك سياسة من النظام والروس في استهداف منشآت التعليم للقضاء على أي مظهر من مظاهر الحياة لأنها خارجة عن سيطرة النظام، كما أن هناك صعوبات في عدم توفر مناهج متكاملة وشاملة لكل المراحل.