يعدّ العمل الحقوقي لمناصرة القضية الفلسطينية أحد أبرز أوجه التحركات الشعبية والتضامنية في العصر الحديث، وهو عمل عابر للأزمنة والقارّات، وجامع لكل مختلف في سواه، وقد حمل الفلسطيني أينما حلَّ وحيثما ارتحل عبئه الأكبر، فناضل بالقلم والفكر كما ناضل بالسلاح، متمسكًا بالأرض والبلاد، ولم يَحُل تشتُّته ونفيه في بقاع الأرض دون أن يؤدّي دوره في مناصرة قضيته والنضال في سبيل تحرر بلاده.
وهكذا برزت منظمات فلسطينية في المنفى والمهجر تعمل كجبهة ممتدّة للفلسطينيين في الداخل، وبرزت معها الحاجة إلى تنسيق الجهود وتوجيه القدرات، فكانت هذه بذرة انطلاق “شبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة”.
يدور هذا المقال حول هذه المنظمة الرائدة: كيف نشأت؟ ما مبادؤها وبرنامج عملها؟ مع أي الجهات تشارك قيمها ومع أيها تواجه العداوات؟ وأي أثر كان لها في الشارع الأمريكي بعد السابع من أكتوبر؟
متّحدون على مبدأ التحرر الكامل
تأسّست “شبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة” (USPCN) عام 2006، بهدف إحياء دور الجاليات العربية والفلسطينية في الولايات المتحدة، وإعادة توجيه جهودها في نصرة القضية الفلسطينية، والمساهمة في تشكيل السياسة الأمريكية الداخلية.
رغم ذلك، لم تبدأ الشبكة بممارسة عملها إلا في صيف 2008، بعد إطلاق الدعوة لأول مؤتمر جامع لقيادة الجاليات الفلسطينية وأعضائها في الولايات المتحدة، متلقية تفاعلًا واسعًا كان شاهدًا على الحاجة الماسّة لتدعيم وتوحيد عمل الفلسطينيين في الخارج، لإيجاد قناة تمكّنهم من ممارسة دورهم في تشكيل النضال الفلسطيني يدًا بيد مع فلسطينيي الأرض المحتلة.
تتبنّى الشبكة مبادئ ثورية تقوم على أساس التحرر وممارسة حق تقرير المصير على كامل الأرض الفلسطينية من بحرها إلى نهرها، وتتخذ مدينة القدس بأكملها عاصمة للدولة الفلسطينية المحررة، كما تنادي بحقّ اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم التي طُردوا منها إبّان نكبة 1948 ونكسة 1967.
تعلي الشبكة في سبيل هذه المبادئ حق المقاومة ضد الاستعمار والمشروع الصهيوني برمّته في كامل الأرض المحتلة، سواء في فلسطين أو في سوريا ولبنان.
كما تفتح الشبكة أبواب الاشتراك فيها للمهتمين بالنشاط الحقوقي في الولايات المتحدة، وتعقد لهم اجتماعات داخلية ومؤتمرات تنظيمية على المستويَين الفيدرالي والمحلي، حيث تنتشر فروع الشبكة في عدد من الولايات المتحدة، خاصة تلك التي تضمّ في جنباتها جالية فلسطينية وعربية واسعة، وعلى رأسها ولايات نيويورك وواشنطن العاصمة وشيكاغو وميشيغان وكاليفورنيا.
دفعٌ باتجاه التغيير
تهدف فعاليات الشبكة بشكل رئيسي إلى رفع الوعي بالقضية الفلسطينية، وتحريك الشارع الأمريكي للضغط على إدارته وممثليه التشريعيين في الكونغرس، لتغيير سياستهم الخارجية الداعمة للكيان الصهيوني، وتتنوع هذه الفعاليات بين فعاليات المناصرة القائمة على التظاهر والاحتجاج، وبين الفعاليات المجتمعية التي تستخدم الوسائل التثقيفية والترفيهية، وتوظف الفن والإعلام والأدب لحشد الدعم والتضامن.
تنظّم الشبكة بشكل أساسي حملات رافضة لجهود التطبيع، فقد أطلقت حملة مقاطعتها الأبرز “قاطعوا صدف”، والتي تهدف إلى حثّ الأسواق العربية في الشرق الأوسط والأفراد في الخارج، على مقاطعة منتجات شركة صدف الأمريكية ذات الأصول الإيرانية، التي تسوّق لمنتجاتها بدعم من وزارة الخارجية الأمريكية وتحت غطاء عربي، في محاولة لتطبيع العلاقات التجارية والتمهيد لتعاون اقتصادي بين الكيان الصهيوني والدول العربية المحيطة.
وقد أعلنت الشركة دعمها لـ”إسرائيل”، وعقدت في سبيل ذلك عددًا من الشراكات والنشاطات في المستوطنات الإسرائيلية ولصالح الجيش الإسرائيلي، مستخدمة أسماء عربية وأكلات وتقاليد عربية، كما تلقّت تمويلًا من بنوك إسرائيلية، وعلى رأسها بنك الخصم الإسرائيلي في مدينة نيويورك (IDB-NY).
تعتبر هذه الحملة أكبر حملات الشبكة وأكثرها تفرعًا وأثرًا، حيث تتكئ وفقًا للشبكة على الثوابت الفلسطينية الرافضة للتطبيع، ومدّ جسور التعاون مع الحركة الصهيونية، والتي تنادي بتفكيك المؤسسات الصهيونية لا في الأرض الفلسطينية المحتلة وحسب، بل مطاردة أصولها في سوريا ولبنان والقارة الأفريقية وحيثما وُجدت، بوصفها تهديدًا للسلم والأمن الدوليَّين.
كما ساهمت الشبكة بشكل فعّال في حملة مقاطعة شركة السياحة والحجوزات “إير بي إن بي (Airbnb)”، لعقدها شراكات مع مستوطنات الضفة الغربية، وأطلقت العرائض ودعت إلى المظاهرات، وحشدت الأصوات الأمريكية المناوئة لنشاط الشركة الذي عدّته انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، وإتجارًا بالبيوت والأراضي والحقوق الفلسطينية المسروقة، ضامّة صوتها في ذلك إلى حركة المقاطعة ولجنة مناهضة الحرب ولجنة العدالة الاجتماعية، وغيرها من الحركات الحقوقية في البلاد.
ومن نشاطاتها الرائدة حملة التحرر والكرامة التي أطلقتها في يوم الأرض 30 مارس/ آذار 2021، والتي تعمل بشكل مباشر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج على السواء.
وعملت الحملة على توفير الاحتياجات الغذائية والدوائية في مخيمات لبنان والداخل الفلسطيني، بينما تركّزت جهودها قبيل الحرب على مخيمات اللجوء في قطاع غزة، لدعم الاقتصاد المحلي والقطاع الزراعي فيها، موزّعة جهدها بين توفير وجبات طعام للأقل حظًّا، وبين دعم المشاريع الصغيرة والمحلية، خاصة الزراعية والغذائية منها.
عقدت الشبكة كذلك عدة شراكات مع منظمات حقوقية واقتصادية عاملة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وعلى رأسها تحالف أطفال الشرق الأوسط (MECA) للمساهمة بالنهوض بالاقتصاد الغزّي المحاصر، في ظل تآمر دولي لخنق الأونوروا والتحكُّم بالمعابر المحيطة بالقطاع.
تعقد الشبكة إضافة إلى فعالياتها وحملاتها العامة، فعاليات مخصّصة بحسب المناسبة، منها ما هو دوري مثل يوم النكبة ويوم الأرض، ومنها ما يتم عقده لمرة واحدة مثل يوم الغضب لرفض خطة الضمّ الإسرائيلية، وفعاليات رفض مؤتمرات التطبيع في البلاد العربية.
توظف الشبكة في هذه الفعاليات أنشطة متنوعة تضمن المشاركة الفعّالة في الشارع وعلى مواقع التواصل، منها حملات الإعلام على مواقع التواصل الاجتماعي، والمسيرات التي تجوب الشوارع سيرًا على الأقدام أو بالمركبات، والاتصال بأعضاء الكونغرس وعقد الندوات والأمسيات الشعرية ومعارض الفن.
حيث تعتمد الشبكة نشاطات ثقافية وفنية مناصرة للقضية الفلسطينية، وهادفة لنشر الثقافة والتراث الفلسطينيَّين، وتعريف الأمريكيين إلى الأصوات الفلسطينية الشابة، ورسم وجه عريق وإبداعي للمأساة الفلسطينية، فهي تعقد بشكل دوري جولة في الولايات الأمريكية لفرقة وشاح للرقص الفولوكلوري، وجولة فنية للرسّام الغزي محمد قريقع.
في السياق ذاته، أطلقت الأجيال الشابة في الشبكة حملة توثيق ومشاركة تحت عنوان “عندما أعود”، جمعت فيها تصورات عرب وفلسطينيين لفلسطين بعد التحرير، بهدف إحياء الروح الثورية الفلسطينية والمحافظة على الذاكرة الجمعية، والتأكيد على استمرارية النكبة كعملية مستمرة يجب وقفها لا كحدث تاريخي انقضى ويمكن تجاوزه.
صوت من لا صوت له
تنظّم الشبكة باستمرار حملات داعمة للأسرى الفلسطينيين، وعلى رأسها حملة “أطلقوا سراح أحمد مناصرة”، و”أطلقوا سراح ختام سعافين”، و”أطلقوا سراح خالدة جرار”، و”أنقذوا وليد دقة”، وغيرها من الحملات الدورية التي تطالب فيها بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء الاعتقال الإداري ونظام المحاكمة العسكرية.
كما تؤكد على حق المعتقلين الفلسطينيين بضمانات المحاكمة العدالة، وتسلط الضوء على الانتهاكات التي يعانون منها، وتدعم الحركة الأسيرة في إضرابها عن الطعام.
تتنوع فعاليات هذه الحملات بين التوجُّه إلى مكاتب المسؤولين، واحتلال الشوارع الحيوية في المدن الأمريكية، والاتصال بالمنظمات الدولية ذات الصلة مثل الصليب الأحمر، وحملات رفع الوعي على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تشنّ الشبكة حملات مشابهة للناشطين الفلسطينيين المعتقلين في السجون الأمريكية، على خلفية نشاطهم المتضامن مع القضية الفلسطينية، ومن أبرز هذه الأسماء رسمية عودة التي تعرضت للمحاكمة في الولايات المتحدة على خلفية نشاطها المناصر للقضية.
كما تنشط الشبكة فيما يتعلق بسياسات السلطة الفلسطينية المضيّقة على الناشطين في الأراضي الفلسطينية، حيث تنظّم حملات تطالب فيها السلطة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين لديها، متبنّية سياسة مناوئة للسلطة ومعارضة لنهجها في اعتقال الناشطين الفلسطينيين، ومحاولات التنسيق والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي.
وقد أطلقت الشبكة عدة بيانات، وعقدت عددًا من الفعاليات لإدانة هذا النهج، كان على رأسها إدانتها لمقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات.
أما على الصعيد الأمريكي، تتنوع نشاطات الشبكة بشكل كبير، حيث تنظّم عدة تحركات ضد المشاريع والمؤسسات الصهيونية العاملة في الولايات المتحدة، بما يشمل التظاهر ضد وسائل الإعلام والسياسيين العاملين على تبييض صفحة “إسرائيل” من ناحية، والدفاع عن الناشطين الفلسطينيين والعاملين على الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة من ناحية أخرى، حيث أطلقت عدة حملات تهدف إلى دعم من يتعرضون للاضطهاد نتيجة نشاطهم السياسي والحقوقي الداعم لفلسطين.
قيمٌ مشتركة
تعقد الشبكة فعاليات متنوعة بالشراكة مع منظمات فلسطينية وأمريكية داعمة للحق الفلسطيني، على رأسها حركة الشباب الفلسطيني، وطلاب من أجل العدالة في فلسطين، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، ومنظمة أمريكيون مسلمون من أجل فلسطين، وغيرها من منظمات العدالة والنشاط المدني الفاعلة على الأرض الأمريكية.
كما تتضامن الشبكة مع حراكات العدالة المجتمعية في الولايات المتحدة بوجوهها المختلفة، وتأتي في مقدمة هذه الحراكات حركة حياة السود مهمة، والتي أعلنت الشبكة، مضيفة صوتها إلى غيرها من المنظمات الفلسطينية، دعمها لعملها وعدالة مطالبها.
تجمع الشبكة أيضًا علاقة مميزة بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “بي دي إس”، حيث تدعم الشبكة حركة المقاطعة منذ بدايات انطلاقها، وتتعاون معها في عدد من الحملات، وعلى رأسها حملة مقاطعة شركة كوكا كولا، وحملة “أوقفوا المركب” لمنع السفن الإسرائيلية من تفريغ حمولتها في ميناء أوكلاند.
كما تنظّم الشبكة حملات دعم للدفاع عن الناشطين الحقوقيين في الولايات المتحدة، على اختلاف مشاربهم وتنوع مطالبهم، وعن حقهم بالتعبير والتجمع السلمي المكفول بالتعديل الأول للدستور الأمريكي.
وأطلقت مؤخرًا عريضة للدفاع عن 23 ناشطًا أمريكيًّا تم التضييق عليهم والتحقيق معهم، تمهيدًا لمحاكمتهم على خلفية نشاطهم الحقوقي، سبعة منهم فقط فلسطينيون، بينما يتوزع البقية على مطالب حقوقية متعلقة بكولومبيا، وبالحروب والنزاعات الأخرى التي تخوضها الولايات المتحدة حول العالم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
إذ ترفع الشبكة صوتها عاليًا في الدفاع عن القبائل الأمريكية الأصلية في الولايات المتحدة، وتنضم إلى منظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الشعب الأصلي، معبّرة عن وحدة الحال وعدم تجزُّؤ المبادئ، ومطالبة الإدارة الأمريكية بالكفّ عن التضييق عليهم، وملاحقة ناشطيهم وقادة مجتمعاتهم، وتمكينهم من السيادة على أراضيهم ومواردهم الطبيعية.
وفي الساحة الفلسطينية، أطلقت الشبكة حملة مناصرة لمنظمات المجتمع المدني الفلسطينية الستة، التي قامت “إسرائيل” بتصنيفها على قائمة الإرهاب، وهي منظمات الحق والضمير، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، واتحاد لجان العمل الزراعي، ومنظمة الدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين، ومركز بيسان للدراسات الفلسطينية، وأبدت دعمها المطلق لها ولحقّها بالتعبير والعمل، مطالبة الإدارة الأمريكية بالضغط على حليفها الإسرائيلي لرفع هذا التصنيف عن عمل المنظمات الحقوقية.
من ناحية مقابلة، تناضل الشبكة في سبيل حقوق الشعوب العربية، وحماية أراضيها من التدخل الأجنبي والاعتداءات الأمريكية والغربية، وقد نظّمت مظاهرات جابت شوارع الولايات للمطالبة برفع اليد الأمريكية عن اليمن.
وأخيرًا انضمت الشبكة إلى التحالف الوطني ضد التمييز والاضطهاد السياسي، وحركة طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي، في تنظيم أسبوع تضامني مع القضية الفلسطينية في مختلف المدن الأمريكية، بين 1 و7 يناير/ كانون الثاني وبين 5 و11 فبراير/ شباط المنصرمَين.
إذ أطلقت فيها عددًا من الفعاليات المنوّعة، بين المظاهرات والوقفات الغاضبة في مكاتب المسؤولين، والاتصال بالممثلين التشريعيين في الكونغرس، وعقد الفعاليات المجتمعية الهادفة إلى تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية، وحشد الدعم للقضية الفلسطينية بين الأفراد الأمريكيين.
بين التجريم والتشكيك
تناهض الشبكة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المناصر للقضية الفلسطينية، دور ذراع اللوبي الصهيوني “إيباك” في تشكيل السياسة الأمريكية، وتعلن دعمها للممثلين التشريعيين الذين يتعرضون للهجوم والضغط بسبب مواقفهم المناصرة للقضية الفلسطينية، وعلى رأسهم إلهام عمر ورشيدة طليب، وقد حشدت لها هذه المبادئ وأنشطتها المستمرة على الساحة الأمريكية عددًا من الأعداء والمتربّصين.
اتهمتها رابطة مناهضة التشهير (ADL) الصهيونية الأشهر في الولايات المتحدة، بالوقوف وراء إذكاء نار العداء للسياسة والوجود الإسرائيليَّين، وتضليل الرأي العام الأمريكي بشأن القضية الفلسطينية، ودعم حركات مصنَّفة على قائمة الإرهاب الأمريكية، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس، إضافة إلى دعمها للضربة التي وجّهتها إيران لـ”إسرائيل” مؤخرًا.
من ناحية أخرى، تنشط الرابطة في ملاحقة أعضاء الشبكة بتهمة معاداة السامية، معرّضة سلامتهم الشخصية والمهنية للخطر، وانضمت الشبكة إلى عشرات المنظمات الفاعلة في النضال الفلسطيني في الولايات المتحدة في حملة “تخلوا عن رابطة مناهضة التشهير (Drop The ADL)”، للمطالبة بوقف عمل الرابطة ومنعها من مواصلة التضييق على حق التعبير والتجمع والعمل المتضامن مع فلسطين.
بينما تقلّل منظمات صهيونية أخرى، ومنها منظمة مراقبة التأثير (Influence Watch)، من قيمة عمل الشبكة، وتلقي بظلال الشكّ على تأثيرها على الشارع الأمريكي، وقدرتها على تشكيل الرأي العام، متهمة إياها بكونها جسمًا مثيرًا للشبهة، رغم ظهورها المتكرر في المواقع الإعلامية وتنظيمها الفعاليات المناصرة للقضية الفلسطينية.
وأخيرًا، أدرج مشروع كناري المشبوه، والذي يقوم بمطاردة الناشطين الفلسطينيين في الولايات المتحدة، أسماء عشرات الناشطين في الشبكة على قوائمه، وعلى رأسهم حاتم أبو دية أحد مؤسّسي الشبكة وأبرز وجوهها، متهمًا إياهم بدعم الإرهاب والترويج لثقافة العنف في الولايات المتحدة.
السابع من أكتوبر: دعوة إلى التوحُّد
صبيحة السابع من أكتوبر، وبعد توارد الأنباء عن عملية “طوفان الأقصى”، أطلقت الشبكة بيانًا تبارك فيه العملية التي شنّتها المقاومة الفلسطينية على غلاف غزة، وأكدت فيه على حق الفلسطينيين بالكفاح بكافة السبل المتاحة، وعلى رأسها الكفاح المسلح، كما وضعت العملية في سياقها التاريخي والنضالي، ملقية باللوم على الاحتلال الإسرائيلي بتفجير الأوضاع في الأراضي المحتلة، بسبب سياساتها الاستعمارية وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الفلسطينيين.
منذ ذلك الحين، تقدّمت الشبكة المشهد الاحتجاجي في الولايات المتحدة، ممثلة النشاط الفلسطيني والمتضامن مع القضية الفلسطينية، ومساهمة في تنظيم عشرات الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات الداعمة للحق الفلسطيني، والمطالبة بوقف الدعم الأمريكي لحرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع في عدد من الولايات، على رأسها شيكاغو وكاليفورنيا وتكساس وويسكنسن وميشيغان وأوهايو.
حيث تنسّق جهودها في سبيل ذلك مع عدد من المنظمات الأمريكية، على رأسها جمعية النساء الفلسطينيات الأمريكيات (PAWA)، وحركة حياة السود مهمة، وحركة الشباب الفلسطيني، وتحالف العدالة من أجل فلسطين.
قاطعت الشبكة عدة فعاليات فنية رئيسية في الولايات المتحدة، منها حفلات توزيع الجوائز والتكريمات الفنية في هوليوود ولوس أنجلوس، مطالبة الفنانين الأمريكيين باتخاذ مواقف مناوئة للحرب على القطاع، وضمّ أصواتهم إلى حركة التضامن العالمية.
كما نظّمت مواجهات مع مسؤولين أمريكيين داعمين للكيان الصهيوني بالتواجد في مكاتبهم ومطالبتهم بتغيير مواقفهم، تعرّض على إثرها عدد من أعضاء الشبكة للاعتقال والتحقيق، وساهمت من خلال نشاطها في الضغط على عدة بلديات، لتمرير قرار رمزي ينادي بوقف إطلاق النار في القطاع.
ودعمت الشبكة مؤسسها مناضل حرز الله، في الدعوى القضائية التي تقدّم بها مع عدد من الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية الأمريكية والفلسطينية، والتي توجِّه إلى الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها بايدن ووزير خارجيته بلينكن ووزير دفاعه أوستن، تهمة بالمساهمة والاشتراك بجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة نهاية العام الماضي، والتي انتهى قاضي المحكمة الفيدرالية بردّها شكليًّا لعدم الاختصاص، رغم إشارته المباشرة إلى إمكانية ضلوع الإدارة الأمريكية في جريمة الإبادة في القطاع.
أسهمت الشبكة منذ السابع من أكتوبر في رفع كفاءة المشاركة الشابة والمناصرة لفلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فبالإضافة إلى حملاتها الخاصة بالنشر والضغط الإعلامي، وزّعت الشبكة كتيّبًا توجيهيًّا لمستخدمي منصات التواصل، يوضّح لهم المحاذير والسبل الأنجع في النشر والتحرك على مواقع التواصل، بما يساهم في تشكيل وعي عالمي بالمقتلة المستمرة في القطاع، وبما يشكّل وازعًا للشعوب للتحرك والمناصرة، وضغطًا على الحكومات الغربية الداعمة لـ”إسرائيل” في حربها في غزة.
من ناحية أخرى، شنّت الشبكة حملة إدانة للإدارة الأمريكية، وأبواق إعلامها الرسمي التي هاجمت المقاومة الفلسطينية، وعملت على شيطنة الفلسطينيين، وأطلقت بذلك يد العنصريين والكارهين للعرب والمسلمين، ليرتكبوا جرائم وتضييقات بحقّ المتواجدين منهم على الأراضي الأمريكية.
حيث اتهما الولايات المتحدة بتبنّي أجندات إمبريالية وعنصرية وتفوقية بيضاء، وحمّلتها بصورة مباشرة مسؤولية الجرائم التي راح ضحيتها عدد من الفلسطينيين والمسلمين المناصرين للقضية، وعلى رأسهم الطفل الفلسطيني وديع الفيومي، الذي دفع حياته ثمنًا للبروباغاندا الإعلامية بحسب وصفها.
تسعى الشبكة من خلال حملاتها وتحركاتها المركَّزة منذ السابع من أكتوبر إلى توحيد العمل الحقوقي الفلسطيني، والنضال بشتى الوسائل الممكنة لإنهاء التسليح والدعم الأمريكيَّين لـ”إسرائيل”، وإيقاف حرب الإبادة على القطاع، ورفع وعي المواطن الأمريكي العادي حول الدائر في الأراضي المحتلة، دون أن تنسى أو تغفل مطالباتها الأوسع بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار عن القطاع، وإنهاء الاستعمار الإسرائيلي في الأراضي العربية، وتفكيك المؤسسات الصهيونية أينما وُجدت.