ترجمة وتحرير: نون بوست
لا توجد براكين نشطة أو نائمة أو كامنة… من هذا المنطلق، يتفق الخبراء حول ضرورة ترك أنظمة مراقبة البراكين نشطة على الأقل لمدة 100 ألف سنة. وفي حال وجود أي مؤشر حول إمكانية ثوران أحد البراكين، يجب تعزيز الأجهزة اللازمة وتجنيد الموظفين لمراقبة تحركاته. وعموما، يوجد عدد من البراكين التي يجب مراقبتها حتما، لأنها خطرة لدرجة قصوى خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه يوجد بالقرب منها العديد من التجمعات السكانية.
في هذا السياق، يعد بركان أغونغ الذي جعل مدينة بالي الإندونيسية في حالة تأهب، من البراكين التي يجب تسليط الضوء عليها. وفي هذا الصدد، أشار رامون أورتيز، عالم البراكين التابع للمجلس الأعلى للبحوث العلمية في إسبانيا، إلى أنه “يوجد عدد من البراكين التي يجب ضمها إلى قائمة البراكين التي تحتاج إلى المراقبة”.
من بين هذه البراكين الموجودة في أوروبا، نذكر بركاني فيزوف وكامبي فليغري في إيطاليا، وبركان سانتوريني في اليونان، وتيد في إسبانيا. أما البراكين التي يجب أن يسلط عليها الضوء في آسيا، نظرا لخطورتها، فهي أساسا بركان أغونغ وبركان ميرابي، إلى جانب بركان تامبورا في إندونيسيا.
بالإضافة إلى ذلك، تضم أراضي القارة الأمريكية بعض البراكين الخطيرة ويوجد اثنان منها في الولايات المتحدة الأمريكية: وهما بركان رينييه وبركان يلوستون. ويوجد البركان النشط الثالث في القارة الأمريكية، في المكسيك، وهو بركان تشيشون. كما تحتوي أراضي التشيلي على بركان كامن، وهو بركان كالبوكو. علاوة على ذلك، توجد براكين في غاية الخطورة وتحتاج إلى مراقبة في القارة الأفريقية، وتحديدا في الكونغو؛ من بينها بركان نياموراجيرا وبركان نيراغونغو. وفيما يلي، سنعرض ملخصا حول هذه البراكين.
البراكين الإندونيسية
يوجد ثلاثة براكين في إندونيسيا، يمكن أن تكون خطيرة، وهي أغونغ وميرابي وتامبورا؛ نظرا لقربها من المناطق السكنية. في هذا الإطار، يعتبر الخبير أورتيز أن ثوران أغونغ سيكون متوسط الخطورة. كما يرى الخبير أن إندونيسيا مجهزة ومستعدة بشكل جيد؛ خاصة وأنها تعلمت درسا بعد ثوران بركان أغونغ سنة 1963.
يوجد في أوروبا أربعة براكين يجب مراقبتها بشكل خاص: وهي بركان فيزوف وكامبي فليغري في إيطاليا، وبركان سانتوريني في اليونان، وتيد في إسبانيا
في ذلك الوقت، تم إطلاق إنذار الخطر في وقت متأخر، وهو ما تسبب في سقوط حوالي 1500 ضحية نتيجة لهذه الكارثة الطبيعية. في المقابل، يرى عالم البراكين أن البركان الأكثر خطورة في إندونيسيا هو ميرابي، نظرا لأنه موجود بجوار العاصمة جاكرتا، المدينة الكبيرة المكتظة بالسكان.
في شأن ذي صلة، أورد أورتيز أن “ميرابي بركان قاتل للغاية، ومنذ وقت بعيد يعتبر سكان المنطقة المجاورة له، أن هذا الخطر يعد بمثابة الضريبة التي يجب عليهم دفعها مقابل العيش في هذه المنطقة الخصبة”. وإيمانا بهذا القدر، رفض سكان مدينة جاكرتا خلال سنوات السبعينات، إخلاء مدينتهم وبدأوا بالصلاة أملا في النجاة.
في سياق متصل، أضاف خبير البراكين أنه “تم توثيق هذا الجانب من القصة، لأن سكان هذه المدينة كانوا على يقين بأنهم في مأمن، وبنوا مخبئا وضعوا فيه كاميرا فيديو سجلت ما وقع آنذاك. ومما لا شك فيه، كانت هذه الوثيقة في غاية الأهمية بالنسبة للسلطات الإندونيسية، واستعملتها في تعليم السكان”.
أربعة براكين في أوروبا
يوجد في أوروبا أربعة براكين يجب مراقبتها بشكل خاص: وهي بركان فيزوف وكامبي فليغري في إيطاليا، وبركان سانتوريني في اليونان، وتيد في إسبانيا. وبالنسبة لبحيرة حمم كامبي فليغري في نابولي الإيطالية فقد تشكلت منذ 39 ألف سنة، بعد انفجار ألقى في الهواء مكعبات من الحمم البركانية والصخور والحطام، على بعد مئات الكيلومترات.
في الواقع، كان هذا الانفجار الأكبر من نوعه في أوروبا منذ 200 ألف سنة مضت. وكانت آخر مرت ثار فيها هذا البركان سنة 1538، لكن بدرجة أقل حدة. لكن منذ سنوات، حذرت دراسة من أن هذا البركان الكبير هو أقرب إلى الانفجار، وهو ما يهدد حياة حوالي 500 ألف شخص.
في هذا الصدد، ذكّر أورتيز بأزمة كبيرة جدت في إيطاليا بين سنتي 1983 و1985. وأشار أورتيز إلى أنه في ذلك الوقت “كان مراقبا للبركان، وأكد له أحد الشهود العيان أن بيته لا يطل على البحر، لكن بسبب ارتفاع الأرض في ذلك الوقت، تمكن من مشاهدته عند فتح النافذة”. كما أضاف الخبير أن “هذا الجانب يفسر فعلا درجة حدة الكارثة في ذلك الوقت”.
يتفق الخبراء على أن البراكين الكبيرة التي تحدث انفجارات هائلة، ليست الوحيدة القادرة على التسبب في كارثة
من جهة أخرى، يعد تيد البركان الأكثر خطورة في إسبانيا. ولعل ذلك ما أكده الخبير أورتيز، الذي أفاد بأنه “يجب مراقبة هذا البركان، فعلى سبيل المثال، تسبب هذا البركان سنة 2004 في إدخال الذعر إلى قلوب سكان تينيريفي، عندما ظهرت إشارة زلزالية مستمرة، ومتزايدة الحدة في كل مرة”.
في هذا الصدد، كشف الخبير أن “هذا البركان يخضع لمراقبة دقيقة ويومية، وهو ما يسمح بالسيطرة على الوضع. كما تحتاج عملية إجلاء متساكني الجزء الشمالي لمنطقة تينيريفي، 24 ساعة فقط. بالإضافة إلى ذلك، تساعد أجهزة المراقبة الحالية على إتمام هذه العملية في وقت مبكر للغاية، نظرا لقدرتها على الكشف عن مؤشرات دقيقة للغاية”.
يلوستون، مستوى آخر من الخطورة
يعد يلوستون من البراكين الهائلة والخطيرة للغاية، كما أنه يحدث “انفجارات قليلة، لكن حادة للغاية”. ولتقديم فكرة حول حجم ثوران البركان، أشار أورتيز إلى فيلم وثائقي أعدته قناة “بي بي سي” البريطانية، حول انفجار محتمل للبركان، أورد تصريحا للمسؤولة عن الإجلاء والإنقاذ جاء فيه العبارات التالية: “لقد تمت إدارة الأزمة بنجاح، ولم ينتج عن الكارثة سوى مليون ضحية”.
تجدر الإشارة إلى أن انفجارا كبيرا لأحد البراكين، مثل ثوران بركان بيناتوبو، يمكن أن يولد كيلومترا مكعبا من الصهارة؛ أي ما يعادل 500 كيلوغرام من الحجارة لكل ساكن من كوكب الأرض. ومن بين البحيرات البركانية التي أجريت حولها دراسات، نذكر يلوستون، الذي أنتج في إحدى المرات أكبر الانفجارات، قُدّر حجم المواد المنبعثة منها بحوالي ثلاثة آلاف مليون كيلومتر مكعب. وقد كان هذا الانفجار أكبر بمعدل ألف مرة من انفجار بركان بيناتوبو، الذي يعد الأكبر من نوعه خلال القرن العشرين.
نتج عن الانفجار الصغير لبركان نيفادو ديل رويز في كولومبيا خلال سنة 1985، حوالي 30 ألف ضحية
البراكين التشيلية
يعد كالبوكو أحد البراكين الثلاثة الأخطر في تشيلي، وهو أيضا من أكثر البراكين الثائرة في العالم. كانت سنة 2015، آخر مرة انفجر فيها هذا البركان. ونتج عن هذه الكارثة عمود من الرماد يبلغ طوله حوالي 17 كيلومترا. وكان مؤشر انفجار هذا البركان بين أربع وخمس درجات، في سلم متكون من ثمانية درجات.
بناء على ذلك، بين أورتيز أن القرن التاسع عشر، شهد ثوران بركان تامبورا في إندونيسيا، الذي رمى خلال ذلك الوقت بعمود من الرماد يبلغ طوله حوالي 40 كيلومترا. أما في سنة 1991، فكان طول الرماد الذي أحدثه بركان بيناتوبو في حدود 30 كيلومترا.
أما في إسبانيا، فيوجد بركان يشبه كالبوكو، وهو بركان تيد، الذي أحدث انفجارات مشابهة لتك التي أحدثها البركان التشيلي قبل ألف أو ألفي سنة. علاوة على ذلك، “يمكن أن يسبب هذا البركان انفجارا مماثلا في المستقبل”؛ وهو ما أكده خبير البراكين. ويعد البركانان الأخيران من البراكين الهائلة، مع إمكانية تسببهما في ثوران حاد وسريع للغاية. كما أضاف الخبير أن “هذان البركانان خطيران، وهو ما يستدعي تشديد المراقبة عليهما”.
في المقابل، يتفق الخبراء على أن البراكين الكبيرة التي تحدث انفجارات هائلة، ليست الوحيدة القادرة على التسبب في كارثة. فقد نتج عن الانفجار الصغير لبركان نيفادو ديل رويز في كولومبيا خلال سنة 1985، حوالي 30 ألف ضحية.
في الختام، أشار خبير البراكين إلى أنه في تلك السنة “سُجل إنذار على الساعة الرابعة بعد الظهر، وتكرر نفس الأمر على الساعة السابعة مساءا، إلا أن السلطات المحلية لم تول هذا الجانب أية اهتمام. ونتيجة لذلك، حدثت الكارثة على الساعة الحادية عشرة ليلا. وعلى هذا النحو، يمكن استنتاج أنه لا توجد كوارث طبيعية، بل يوجد سوء إدارة للظواهر الطبيعية”.
المصدر: أ بي ثي الإسبانية