بعد أن استطاعت المعارضة السورية بمساعدة الحكومة التركية دحر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من مناطق ريف حلب الشمالي ضمن عملية درع الفرات قبل عام من الآن، شهدت المنطقة انتعاشًا اقتصاديًا غير مسبوق، وتدفقت الأموال إلى السوق ضمن مشاريع استثمارية كبيرة، وذلك بعد أن اطمأن التجار إلى الوضع الأمني الذي بدأ يتحسن يومًا بعد يوم.
شكلت مدينة إعزاز القريبة من معبر باب السلامة ومدينة جرابلس مركزين تجاريين مهمين
وقد عملت الحكومة التركية على افتتاح معبر تجاري من طرف مدينة جرابلس، ليساهم مع معبر باب السلامة في دخول البضائع بمختلف أنواعها إلى المناطق المحررة التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر، وبالتالي شكلت مدينة إعزاز القريبة من معبر باب السلامة ومدينة جرابلس مركزين تجاريين مهمين، وأصبح أصحاب رؤوس الأموال يستثمرون أموالهم في أسواق تلك المدن، يضاف إلى ذلك مدينة الباب التي تعتبر عاصمة منطقة درع الفرات وتشكل تجمعًا تجاريًا لا يستهان به.
وشهدت المنطقة برمتها حركة إعادة إعمار كبيرة وواسعة، مما كان له دور في تنشيط المجالات التجارية المتعلقة بتزويد أصحاب مشاريع البناء بكل مستلزماتهم من مواد أولية من إسمنت وحديد أو مواد إكساء وتجهيزات صحية وكهربائية وغير ذلك.
يقول عبد الكافي بريمو وهو أحد تجار الحديد والإسمنت في ريف حلب الشمالي: “في ظل وجود تنظيم الدولة الإسلامية داعش واستمرار المعارك توقفت حركة تجارة الإسمنت والحديد، فلم يعد أحد يغامر في تشييد أي بناء، وقد تكدست لديّ التجار البضائع لأشهر، وأنا شخصيًا قمت ببيع كامل بضاعتي وتصديرها إلى مدينة الموصل، ولكن الأمر اختلف الآن بعد طرد التنظيم من المنطقة، فالأمور نحو تحسن كبير والحركة التجارية ممتازة والحمد لله”.
أما نضال بكور وهو صاحب معرض لبيع المواد والأجهزة الكهربائية ومواد التمديدات الصحية فيقول: “الأمور نحو تحسن كبير وخاصة مع الحركة العمرانية التي تشهدها المنطقة، إلا أن المواد مرتفعة السعر جدًا، فبالنسبة لنا التجار فنحن نحقق أرباح جيدة إلا أن المواطن البسيط يجد صعوبة في تأمين مستلزماته المنزلية مع الارتفاع الجنوني للأسعار”.
وفي مجال تجارة الألبسة فيحدثنا حسين جمعة وهو صاحب خبرة في خياطة الألبسة: “كانت المنطقة تشهد ضعفًا كبيرًا في عدد المشاغل التي تنتج الألبسة لصعوبة التصريف وللوضع العسكري الصعب الذي أوجده تنظيم الدولة الإسلامية داعش في المنطقة، ولكن بعد خروج التنظيم تغيرت الأمور، فأنا الآن أدير مشغلًا لإنتاج الألبسة القطنية وأقوم بشحن بضاعتي إلى مدينة منبج والأمور ممتازة والحمد لله”.
يخص المواد الغذائية فيقول جبران بكور وهو أحد كبار تجار الجملة في المنطقة: “أؤكد لك بأن تجارة المواد الغذائية قد تحسنت أكثر من 50 ضعفًا عما سبق ونحن الحمد لله نشتري بضائعنا من تركيا، ونقوم ببيعها إلى مناطق سيطرة الأكراد ومناطق سيطرة النظام، حتى إننا وصلنا العراق”
يُدير فايز محلًا لبيع الأحذية في مدينة صوران إعزاز بريف حلب الشمالي، ويؤكد لنا قائلًا: “لا شك أن الحركة التجارية تحسنت كثيرًا عما كانت عليه في ظل وجود تنظيم الدولة الإسلامية داعش وسيطرته على المنطقة، حتى إنه شطر منطقة إعزاز شطرين وتسبب بتهجير الآلاف من الناس، مما أوجد زعزعة كبيرة في الوضع الاقتصادي والتجاري، ولكن الآن أسعار الأحذية عالٍ جدًا ورغم ذلك نرى الناس مقبلين على الشراء وقد اعتادوا على تدهور العملة السورية التي فقدت أكثر من عشرة أضعاف من قيمتها الشرائية”.
وفيما يخص المواد الغذائية فيقول جبران بكور وهو أحد كبار تجار الجملة في المنطقة: “أؤكد لك بأن تجارة المواد الغذائية قد تحسنت أكثر من 50 ضعفًا عما سبق ونحن الحمد لله نشتري بضائعنا من تركيا، ونقوم ببيعها إلى مناطق سيطرة الأكراد ومناطق سيطرة النظام، حتى إننا وصلنا العراق، ناهيك عن السوق المحلية في ريف حلب الشمالي التي أضحت سوقًا استهلاكية كبيرة، خاصة مع وجود عدد كبير من النازحين الذين استوطنوا في المنطقة كونها تتمتع بالأمن والاستقرار إلى حد كبير”.
هذا وبعد الانتعاش الاقتصادي التي تشهده المنطقة فقد قررت الحكومة التركية افتتاح معبر ثالث من جهة بلدة الراعي، حيث ذكرت وكالة أنباء “الأناضول”،أن “وزارة التجارة والجمارك التركية صادقت مؤخرًا على تحويل البوابة الواقعة في بلدة إلبيلي بولاية كليس إلى معبر رئيسي؛ ليكون شريانًا جديدًا للأنشطة التجارية في المنطقة”.