مرتديًا بذلته العسكرية، وقف أحمد قنصوه العقيد المهندس بالقوات المسلحة، ليعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، لم يستغرق الأمر كثيرًا من الوقت لكي يقبض على الرجل، ويخطر محاميه بموعد التحقيق معه في النيابة العسكرية.
ليست المرة الأولى التي يُقبض فيها على عسكرين في الخدمة بسبب مواقفهم التي لها علاقة بالسياسة، لكن المعاملة التي تلقوها كانت متباينة.
لم يعلن قنصوه ترشحه لانتخابات الرئاسة المقرر عقدها منتصف 2018 فحسب، بل كان الخطاب ذو الـ22 دقيقة، يتضمن اعتراضًا على “وأد ثورة يناير”، ومنتقدًا ظاهرة الاختفاء القسري.
نفى قنصوه عن نفسه تهمة التمرد العسكري، مشيرًا إلى أنه لم توقع عليه عقوبة أو تحذير طوال مدة خدمته، كما برر ترشحه للرئاسة بالزي العسكري بأنه لا يملك خلعه لأن استقالته لم تقبل، وأن آخرين قد سبقوه لهذا الفعل – يقصد ترشح السيسي للرئاسة في 2014 بالبذلة العسكرية -.
صفحة الرجل على الفيسبوك تمتلئ بالمواقف المعارضة لتوجهات السلطة، حيث كتب في أبريل 2016 أنه رفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية لإلغاء القرارات المتعلقة باتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية حتى يبت القضاء في الأمر التي بموجبها تم تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
تم رفع الفيديو على يوتيوب يوم 29 من نوفمبر، وبعدها بيومين، أعلن المحامي أسعد هيكل استدعاءه لحضور التحقيقات مع قنصوه، وأن قرارًا قد صدر بحبس موكله 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
لم يعلن قنصوه ترشحه لانتخابات الرئاسة المقرر عقدها منتصف 2018 فحسب، بل كان الخطاب ذو الـ22 دقيقة، يتضمن اعتراضًا على “وأد ثورة يناير”، ومنتقدًا ظاهرة الاختفاء القسري
السجن بتهمة التخطيط لانقلاب
دون كثير من التفاصيل، نشر موقع بي بي سي في شهر أغسطس 2015، خبرًا عن الحكم على 26 ضابطًا بالجيش المصري بالسجن بتهمة التخطيط للانقلاب، ووصلت بعض الأحكام للمؤبد، كما حكم على القياديين في جماعة الإخوان المسلمين حلمي الجزار ومحمد عبد الرحمن بالسجن المؤبد من ذات المحكمة.
مع نهاية أكتوبر، نشر موقع مدى مصر تحقيقًا يوضح مزيدًا من التفاصيل، فبالإضافة إلى اتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، تضمن أمر الإحالة الصادر من النيابة العسكرية اتهامًا للضباط بالتخطيط منذ يناير 2011 لاحتلال مقرات عسكرية وحكومية هي: مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع ومقرها العام وإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع ومبنى الإذاعة والتليفزيون المصري ومدينة الإنتاج الإعلامي ووزارة الداخلية قطاع الأمن الوطني والبنك المركزي المصري.
لكن المقابلات التي أجراها الموقع مع أقارب المتهمين توضح أن أقاربهم تعرضوا للتعذيب ليدلوا بهذه الاعترافات، وطُلب منهم أن يعترفوا أمام النيابة العسكرية بالتهم دون أن يفصح أحدٌ منهم عن التعذيب الذي تعرض له، وعندما أعلن أحدهم أمام المحكمة أن الاعترافات انتزعت بالإكراه، تم تعذيبه أكثر في المخابرات الحربية، وفي حديثهم مع أقاربهم الذين زاروهم في المحكمة، أخبر الضباط أهاليهم أنهم لم يفعلوا أي شيء مما اعترفوا به.
نشرت صحيفة العربي الجديد عن الحكم بإعدام 3 ضباط في الجيش بعد اتهامهم بالتحضير لانقلاب عسكري والتخطيط لاغتيال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
النتيجة التي وصل إليها تحقيق مدى مصر هي أن العلاقة بين هؤلاء الضباط وجماعة الإخوان المسلمين لا يمكن نفيها أو تأكيدها، وكل ما ظهر عليهم هو التدين، وزوجة أحدهم ارتدت النقاب ثم خلعته بعد استجواب زوجها في المخابرات الحربية، وعبر لأحد أقاربه عن حزنه لوفاة صديق مشترك في تظاهرة أمام ماسبيرو يوم 5 من يوليو 2013، أيضًا كان بعض الضباط يعبرون عن رأيهم فيما يحدث في البلد قبل 2013، إلا أنهم توقفوا عن الحديث بعد ذلك.
على إثر نشر التحقيق استدعى معد التحقيق الصحفي حسام بهجت إلى المخابرات الحربية، وتم التحقيق معه لمدة ثلاثة أيام في النيابة العسكرية، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بعد ضجة أثيرت في الأوساط الصحفية والحقوقية داخل مصر وخارجها.
وبعد 4 أشهر من نشر خبر بي بي سي، نشرت صحيفة العربي الجديد عن الحكم بإعدام 3 ضباط في الجيش بعد اتهامهم بالتحضير لانقلاب عسكري والتخطيط لاغتيال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولم تعرف تفاصيل أخرى عن القضية.
ضباط 8 أبريل
كانت مطالب جمعة المحاكمة والتطهير الموافقة لـ8 أبريل، تتمثل في القبض على مبارك وإقالة النائب العام وإقالة نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل ومطالب أخرى
بعد الإطاحة بمبارك بأقل من 3 أشهر، كان المجلس العسكري يمسك بزمام الأمور في البلاد، وكانت بدايات تذمر القوى الثورية من بطء المجلس في اتخاذ القرارات التي تنادي بها التظاهرات المليونية كل أسبوع، وسرعان ما انضم إلى هؤلاء المتظاهرين 23 ضابطًا من الجيش وأعلنوا اعتصامهم في ميدان التحرير، حتى تتم تلبية المطالب المرفوعة في الميدان.
كانت مطالب جمعة المحاكمة والتطهير الموافقة لـ8 أبريل، تتمثل في القبض على مبارك وإقالة النائب العام وإقالة نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل ومطالب أخرى.
قبض على بعض هؤلاء الضباط في اليوم التالي، بينما قبض على بقيتهم في 27 من مايو من نفس السنة، وعندما وقعت اشتباكات شارع محمد محمود في 19 من نوفمبر 2011، نزلت على إثرها مظاهرات في نفس اليوم ضد المجلس العسكري، شارك فيها مجموعة من الضباط قبض عليهم أيضًا في اليوم التالي.
حسب رواية العقيد هاني شرف، أحد هؤلاء الضباط، قال إنهم لم يتعرضوا للتعذيب البدني، لكنهم وأسرهم تعرضوا لضغوط نفسية، وحوكمت مجموعات الضباط معًا أمام القضاء العسكري، وصدر على 13 منهم أحكامًا بالسجن لمدة عشرة أعوام، خففت بعد النقض لـ3 سنوات، وعند توقيع وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي على الحكم خفضها لتصير عامًا مع إيقاف التنفيذ.
الظروف التي ألقي القبض على ضباط بسبب ممارسة السياسة فيها ظروف مختلفة، وكذلك الأحكام الصادرة عليهم وطريقة التعامل مع قضاياهم متنوعة، لكن الثابت أن الجيش لا يسمح لأي من أفراده بالاقتراب من السياسة، ولا يحب تسليط الضوء صحفيًا على القضايا التي يعتبرها داخلية.