قتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على يد جماعة “أنصار الله” المناوئين له، عقب تفجير منزله بصنعاء، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين، بعد يوم واحد من قراره فض الشراكة مع الحوثيين.
تأكيد مقتله
بالرغم من نفي قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام صحّة خبر مقتل صالح، فقد أكّدته جماعة الحوثي، وقالت مصادر إعلامية نقلاً عن مصادر محلية يمنية، إن الرئيس اليمنى المخلوع علي عبد الله صالح قتل بعد محاولته الفرار من العاصمة اليمنية صنعاء.
وأفادت وكالة مهر للأنباء أن مساعدا علي عبد الله صالح، عارف زوكا وياسر العواضي الذي يشغل منصب أمين عام حزب المؤتمر الشعبي، قتلا أيضًا معه.
وأظهر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي الرئيس السابق وهو ينقل من منزله على نقالة.
فيديو نشره الحوثيون يظهر الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح محمولا داخل بطانية بعد قتله بالرصاص pic.twitter.com/o9crYPJNgM
— سمير النمري Sameer Alnamri (@sameer_alnamri) December 4, 2017
من جهتها، أفادت مصادر إعلامية قريبة من صالح مقتل حسين الحميدي قائد الحماية الشخصية للرئيس المخلوع، ونقلت وكالة “رويترز” عن شهود عيان أن الحوثيين فجروا منزل الرئيس المخلوع وسط صنعاء، وفي وقت سابق، قال الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام إن جماعته سيطرت على منزلي ابن الرئيس المخلوع وابن شقيقه، في صنعاء.
وكان الرئيس اليمني السابق أعلن، مساء أمس الأحد، رفضه الشراكة مع جماعة “أنصار الله“ (الحوثيين) المدعومة من إيران، وقال في آخر تصريح له: “ساعة الصفر قادمة على صعيد المعارك في صنعاء”، وتابع: “كان لا بد من إنقاذ البلاد من حماقة جماعة الحوثي”، ودعا إلى الانتفاضة الشعبية، لطرد الحوثيين ووقف ممارساتهم ونهبهم للمال العام ورواتب الموظفين.
شهدت العاصمة اليمنية صنعاء أمس الأحد ليلاً وفجر اليوم الإثنين أعنف المعارك بين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح
وحسب “رويترز”، أكد سكان محليون أن مقاتلي “أنصار الله” فجروا منزل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بوسط العاصمة صنعاء، اليوم الإثنين، ومكانه غير معروف، وخسر أنصار صالح أراضي في اليوم الـ6 من قتال شرس مع أنصار الله. وكان صالح متحالفًا مع الجماعة في الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات ضد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
في غضون ذلك، تتواصل إلى الآن الغارات الجوية على صنعاء من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، مع استمرار الاشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين، وانتشارها إلى خارج العاصمة، وكانت مصادر قبلية قد أفادت بأن معارك ضارية تدور في منطقة سنحان مسقط رأس صالح بين الحوثيين وقوات الرئيس اليمني المخلوع.
وسمع شهود عيان دوي انفجارات متتابعة بالقرب من مطار صنعاء الدولي ومقر وزارة الخارجية اللذين يسيطر عليهما عناصر حركة “أنصار الله”، وذكر مصدر في مطار صنعاء لـ”فرانس برس” أن الغارات استهدفت قواعد للحوثيين بالقرب من المطار، مؤكدًا أن “المطار بحد ذاته لم يقصف”.
وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء أمس الأحد ليلاً وفجر اليوم الإثنين أعنف المعارك بين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وأدى تجدد المعارك في صنعاء إلى إغلاق المحلات التجارية والمدارس، وأعلنت وزارة التربية إلغاء الدروس في بداية الأسبوع الدراسي.
وكان صالح قد قال يوم السبت إنه مستعد لفتح “صفحة جديدة” في العلاقات مع التحالف إذا أوقف الهجمات على بلاده، في خطوة قد تمهد الطريق لإنهاء الحرب التي استمرت قرابة ثلاث سنوات.
وجاء هذا التغير الواضح في الموقف في الوقت الذي اشتبك فيه أنصار صالح مع مقاتلين حوثيين في حي “حدة” بجنوب صنعاء، حيث يعيش أفراد من عائلة صالح، وتعمق هذه المعارك معاناة اليمنيين من حرب تجري في بلادهم بين الحوثيين وقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تدعمه السعودية التي تسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم، في السنوات الأخيرة.
الشاويش علي عبد الله صالح
حكم علي عبد الله صالح اليمن 33 عامًا، وكان أول رئيس ينتخبه الشعب مباشرة عام 1999، ولد يوم 21 من مارس/آذار 1942، في قرية بيت الأحمر بمنطقة سنحان في محافظة صنعاء لأسرة فقيرة، وعانى شظف العيش بعد طلاق والديه في سنٍّ مبكرة، عمل راعيًا للأغنام وتلقى تعليمه الأولي في كتّاب القرية، ثم ترك القرية عام 1958 والتحق بالجيش وهو في السادسة عشرة.
سنة 1960، التحق بمدرسة ضباط صف القوات المسلحة، وبعدها بثلاث سنوات شارك في أحداث ثورة 26 من سبتمبر/أيلول 1963 ورقي إلى رتبة ملازم، وشارك مع الثوار في الدفاع عن الثورة في أثناء “حصار السبعين” عندما حاصر الملكيون صنعاء مدة سبعين يومًا، ولكن الجمهوريين انتصروا في النهاية.
بعد ذلك التحق بمدرسة المدرعات عام 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال في التخصص نفسه، وفي عام 1975 أصبح القائد العسكري للواء تعز وقائد معسكر خالد بن الوليد، وهو ما أكسبه نفوذًا كبيرًا وأهله لتمثيل الجمهورية العربية اليمنية في عدة محافل خارج البلاد.
في 11 من أكتوبر/تشرين الأول 1979، قتل رئيس الجمهورية العربية اليمنية إبراهيم الحمدي وشقيقه في ظروف غامضة، ثم خلفه أحمد الغشمي في رئاسة الجمهورية لأقل من سنة واحدة قبل أن يغتال أيضًا بتفجير حقيبة مفخخة، وبعد أقل من شهر من مقتل الغشمي أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة ثم انتخبه المجلس بالإجماع ليكون رئيس الجمهورية العربية اليمنية والقائد الأعلى لقواتها المسلحة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1979 قامت مجموعة من الضباط الناصريين بقيادة محمد فلاح مدعومين من ليبيا بالانقلاب على علي عبد الله صالح، ولكن الانقلاب فشل لانعدام الغطاء الجماهيري، وهذا ما جعل صالح يعتمد في إدارة الجيش والمؤسسات الأمنية على المقربين من أسرته، فتسلم أخوته لأمه مناصب عسكرية مهمة، كما قرب أبناء منطقته وأدخلهم الجيش وأسند إليهم الوظائف المهمة في الدولة، ومنح المخلصين من مناطق أخرى ومن ذوي الكفاءات الكثير من المناصب العسكرية والأمنية والمدنية.
بعد تحقيق إعادة الوحدة يوم 7 من يوليو/تموز 1994، أصبح صالح الرئيس اليمني بعد أن كان رئيس مجلس الرئاسة، في أكتوبر/تشرين الأول
في 22 من مايو/أيار 1990 أعلن الشطران اليمنيان قيام الوحدة اليمنية، لكن السنوات الثلاثة الأولى للوحدة شهدت اختلافات واغتيالات سياسية طالت جنوبيين وشماليين وحدثت توترات عسكرية خفيفة، مما أدى إلى الحرب الشاملة التي انتهت بانتصار قوات ما سمي بالشرعية برئاسة علي عبد الله صالح، وهروب علي سالم البيض – نائب رئيس الجمهورية ورئيس اليمن الجنوبي قبل الوحدة – إلى سلطنة عُمان.
وبعد تحقيق إعادة الوحدة يوم 7 من يوليو/تموز 1994، أصبح صالح الرئيس اليمني – بعد أن كان رئيس مجلس الرئاسة – في أكتوبر/تشرين الأول 1994، وعُيِّن عبد ربه منصور هادي نائبًا جديدًا للرئيس، وأصبح علي عبد الله صالح عام 1999 أول رئيس يمني ينتخبه الشعب مباشرة، وذلك بعد انتخابات دخلها ضد مرشح وحيد بعد أن رفض البرلمان كل المرشحين الآخرين، هو نجيب قحطان الشعبي نجل الرئيس الجنوبي الأول قحطان الشعبي، الذي انشق عن حزب صالح – المؤتمر الشعبي العام – ليترشح ضده.
وفي عام 2004 تعرض نظام علي عبد الله صالح لتمرد جماعة بدر الدين الحوثي في صعدة شمال اليمن، وخاضت الجماعة عدة معارك ضد الحكومة اليمنية، وتقول بعض المصادر إنها تهدف إلى إعادة نظام الإمامة الزيدية لليمن، لكن الجماعة تؤكد أنها تطالب فقط بالتوزيع العادل للثروات وإشراكها في العملية السياسية.
وفي سنة 2011، ثار عليه الشعب وطالبوا بإسقاط نظامه ضمن موجة الربيع العربي، وخلال تلك الأحداث أصيب في محاولة اغتيال في مسجد دار الرئاسة، قبل أن يقبل بالمبادرة الخليجية التي منحته الحصانة مقابل استقالته من السلطة، في سنة 2014 تحالف صالح مع الحوثيين، وأسسوا مجلس حكم مشترك، ثم انفرط عقد هذا التحالف وتحول إلى صراع انتهى بمقتل صالح اليوم في الـ4 من ديسمبر/كانون الأول 2017.