طويت صفحة علي عبدالله صالح في حكم اليمن, 33 عاماً, تضاف إليها سبعاً عجافاً كان خارج السلطة, لكنه موجود فيها بكل تفاصيلها, تحالف مع جماعة الحوثيين الطائفية المدعومة من إيران, في العام 2014، وأسسوا مجلس حكم مشترك، ثم انفرط عقد هذا التحالف وتحول إلى صراع انتهى بمقتل صالح في 4 ديسمبر كانون الأول 2017.
كأس الخيانة
يقول يمنيون إن صالح أدخل اليمنيين في حرب, لم تزل تشتعل في عدد من المحافظات, بينما محافظات أخرى تعيش الحصار وتقطع السبل, وبمقتله على يد حلفائه يكون قد شرب من الكأس نفسها, وانتهت حياته بالخيانة, التي أذاقها هو لكل من تحالف معه في فترات حكمه وما قبلها, فتحالفه مع الحوثيين كانت لعبته الأخيرة مع الموت, وفي طريق قصية في أطراف العاصمة صنعاء, قتل مع أكبر معاونيه كما قالت أخبار أولية, مقتله وياسر العواضي عضو اللجنة العامة للمؤتمر, حزب صالح المتشظي, الذي انحل دون قرار لحله حتى اللحظة.
بداية التشظي
فكثير من أعضاء وقيادات الحزب انضمت للحوثييين والكثير منهم أيضاً التحقوا بالرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي, بينما بقيت قيادات في الحزب قبلية, تخلت عنه في أول مواجهة, بعد أن أمروا مسلحيهم بالانسحاب من أمام منزله, وتركه عرضة لقذائف الحوثيين ولتعطشهم لقتله والتمثيل به, وكان لهم ذلك بعد لم ينجح في هروبه, أردوه برصاصتهم قتيلاً غير مأسوف عليه, إذ كان الحكم عليه جاهزاً, فصالح أصبح دمه مهدوراً, بعد أن خرج السبت سافراً وشاهراً سيف قتاله على الحوثيين بعد أن قال إنهم استباحوا حرمة المساجد, متناسياً بأنه استباحها معهم من قبل.
في فبراير/شباط 2011 ، أعلن الحوثيون مشاركتهم في الانتفاضة الشعبية لإسقاط صالح من الحكم، لكنهم رفضوا الاعتراف بالمبادرة الخليجية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ووضعت خطة لفترة انتقالية تبدأ بإزاحة صالح من الحكم
ثار مع “صالح”
في المقابل يحتفي الحوثيون بمقتله, يقولون إنهم ثاروا لمؤسس جماعتهم حسين الحوثي الذي قُتل في حرب مع صالح, في سبتمبر 2004م, وأعلن حينها إخماد تمرده, الذي اتضح أن أطرافاً لم ترد إنهاءهم ومنهم صالح, الذي بعث فيهم الحياة, بعد إعلان تحالفه معهم, وإعلان تسميتهم الجديدة بـ “أنصار الله” لتدخل الجماعة طور الاستيلاء ونقل الفكرة الإيرانية إلى اليمن.
قتلوه بعد أن تحالفوا معه وسهل لهم السيطرة على صنعاء ثم المحافظات الأخرى موفراً الغطاء السياسي لجماعتهم الطائفية, التي تريد إعادة اليمن إلى الوراء إلى الحكم الأسري والسلالي, الذي لفظه اليمنيون في فترات سابقة لكن صالح, الذي طالما وصفه البعض بالحنكة والذكاء, خانه ذكاؤه عند شهوة السلطة, التي لم يشأ أن يتركها أو يسلمها للشعب بعد أن ثار على حكمه في العام 2011م.
شد وجذب
مرت العلاقة بين صالح وحزبه المؤتمر الشعبي، وبين جماعة (الحوثيين) بالعديد من محطات الشد والجذب بينهما سلما وحربا، ورست هذه العلاقة بعد حروب عدة لتحالف وثيق وشراكة بالحكم قبل أن تعود بداية ديسمبر/كانون الأول 2017 إلى التوتر من جديد، وتصل إلى آخر محطاتها بقتل صالح في 04 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وهذه أهم المحطات التي مرت بها العلاقة بين الطرفين:
– يونيو/حزيران 2004: بدأت شرارة الحرب بين مليشيا الحوثيين والقوات الحكومية في محافظة صعدة شمالي اليمن حين كان المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم وعلي عبد الله صالح رئيسا للبلاد.
– سبتمبر/أيلول 2004: الحكومة تعلن مقتل حسين الحوثي مؤسس جماعة الحوثيين المسلحة على يد القوات الحكومية في محافظة صعدة وإخماد التمرد.
رغم ذلك، اندلعت جولات قتال أخرى بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة صعدة بشكل متقطع حتى عام 2010، وتعاظمت قوة الحوثيين حتى سيطروا على كامل محافظة صعدة وأجزاء من محافظة عَمران.
– فبراير/شباط 2011: أعلن الحوثيون مشاركتهم في الانتفاضة الشعبية لإسقاط صالح من الحكم، لكنهم رفضوا الاعتراف بالمبادرة الخليجية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ووضعت خطة لفترة انتقالية تبدأ بإزاحة صالح من الحكم.
– سبتمبر/أيلول 2014: سيطرت مليشيا الحوثيين على العاصمة صنعاء بعد اشتباكات محدودة، وسط اتهامات بتعاون قوات موالية لصالح وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام مع الحوثيين.
– 6 أغسطس/آب 2016: أعلن الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) مجلس حكم من عشرة أشخاص مناصفة، لإدارة المناطق التي يسيطرون عليها، وتشكيل حكومة.
– 24 أغسطس/آب 2017: أقام أنصار المؤتمر الشعبي مهرجانا في صنعاء بذكرى تأسيس الحزب، وسط توتر وتراشق إعلامي مع الحوثيين.
– 26 أغسطس/آب 2017: اندلعت اشتباكات في صنعاء بعدما اعترض مسلحون حوثيون موكب صلاح نجل الرئيس المخلوع، مما أدى إلى مقتل خالد الرضي نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر.
– 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017: اقتحم مسلحون من مليشيا الحوثيين مسجد “الصالح” أكبر مساجد العاصمة، واشتبكوا مع حراسته الموالية لصالح، كما اندلعت اشتباكات بالقرب من منازل أقارب للمخلوع مما أدى إلى مقتل 13 من الجانبين.
– 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017: أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين بصنعاء عن مصادرة مركبة متطورة تستخدم لتأمين المخلوع صالح وعدد من الأسلحة الأميركية المتطورة، بالإضافة إلى عدد من أجهزة الاتصالات التي لا تستخدمها سوى الدول.
– 2 ديسمبر/كانون الأول 2017: اندلعت اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة لأول مرة في أحياء بالعاصمة صنعاء بين مليشيا الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع.
– الرئيس المخلوع صالح يدعو جيران اليمن لوقف ما وصفه بالعدوان ورفع الحصار ويقول إنه سيتعامل معهم بإيجابية، وإنه مستعد لفتح صفحة جديدة مع التحالف العربي بقيادة السعودية إذا أوقف “العدوان” ورفع الحصار، ويتهم الحوثيين بشن هجمات والقيام بأعمال استفزازية في صنعاء.
– اتهم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي قوات المخلوع وحزبه بالسعي لإثارة الفتن في اليمن.
– 04 ديسمبر/كانون الأول 2017: صالح يلقى مصرعه رميا بالرصاص على يد مسلحين حوثيين، اعتقلوه وهو في طريقه إلى مسقط رأسه في سنحان جنوب العاصمة صنعاء.
وأعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين مقتل صالح، وقالت في بيان بثته قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي، إنه تم القضاء على ما سمتها مليشيا الخيانة والفتنة الداخلية، وبسط الأمن في العاصمة صنعاء.
وقد أظهرت صور بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي جثمان علي عبد الله صالح محمولاِ في بطانية من قبل مسلحين تابعين لجماعة الحوثي.
المصدر: مسند للأنباء