ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب أليس بارك،جيفري كلوغر، أليكساندرا سيفرلين
يوم الأحد، اجتمع بعض أذكى العقول في العلوم والرياضيات في مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا، الذي يقع في وادي السليكون من أجل جائزة الاختراق، التي تعتبر إحدى أكبر الجوائز في مجال العلوم. سيتم الاعتراف بالعديد من العلماء من خلال بحوثهم، ومن بينهم 12 عالما تلقوا تمويلا كبيرا لعملهم في النهوض بعلوم الحياة والفيزياء والرياضيات. وقد تم تأسيس هذه الجائزة سنة 2012 من قبل سيرجي برين، مارك زوكربيرغ، وبريسيلا تشان، ويوري وجوليا ميلنر، وآن وجسيكي. وتجدر الإشارة إلى أن جائزة هذه السنة تبلغ قيمتها 22 مليون دولار. وفيما يلي بعض الفائزين الذين قد يغير عملهم حياتك قريبا:
علوم فيزيائية
مسبار ويلكينسون لقياس اختلاف الموجات الراديوية
ليس من السهل الوصول إلى نتيجة تتعلق بحقيقة أن درجة حرارة الكون تختلف بنحو 200 مليون درجة من مكان إلى آخر، حسب مقياس كلفن. ولكن تصبح هذه الحقيقة المكتشفة حديثا أكثر إثارة للاهتمام عندما تدرك أنه من خلال معرفة ذلك، أصبحنا نحظى بفهم أفضل، أكثر من أي وقت مضى عن عمر الكون، وشكله، ومكوناته، وكيف كان يبدو في مراحله الأولى، أي عندما كان عمره 003 بالمائة إلى اللحظة الراهنة، حيث أصبح عمره 13.7 مليار سنة.
في الحقيقة، هذا هو ما توصل إليه فريق من العلماء الذين يمثلون وكالة ناسا الفضائية من خلال مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية خلال تسع سنوات، حيث امتدت مهمة البعثة من سنة 2001 إلى سنة 2010. وتم تحليل النتائج التي توصلوا إليها فقط ليكشفوا لنا معلومات جديدة عن الفيزياء الكونية وأصول تكوين كل شيء. ومن بين 27 عالما الذين كانوا ضمن فريق مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية، تم الاعتراف بخمسة منهم.
تشاك بينيت: قبل أن يتولى قيادة بعثة جامعة جون هوبكينز من برنامج مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية، كان بينيت يعمل في الماضي نائب محقق رئيسي للمركبة الفضائية “مستكشف الخلفية الكونية”. كانت بداياته في هذا المجال، قبل انضمامه إلى مشروع “مستكشف الخلفية الكونية” من خلال ولعه بهواية اللاسلكي قبل أن ينساق نحو دراسة علوم موجات الراديو.
يعتبر الجانب النظري أصعب جزء لأنه عند انتهاء المشروع لا يكون بين يديك شيء ملموس، باستثناء بعض المعرفة
في الواقع، يمكن النظر إلى أوجه عدم الاتساق بين مشروع مستكشف الخلفية الكونية وبرنامج مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية كخاصية لعمل بينيت وليس كخطأ برمجي. وذلك فيما يتعلق بالنتائج التي توصل إليها، التي تمكن من خلالها من اكتشاف ما تعنيه هذه الاختلافات.
غاري هينشو: يشغل هينشو، في الوقت الراهن، منصب أستاذ في الفيزياء الفلكية بجامعة كولومبيا البريطانية، فضلا عن أنه يعمل محلل بيانات رائد في بعثة “مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية”. عادة، لا تعد وظيفة محلل البيانات” مثيرة. ولكن في حالة هينشو هي العكس، حيث كان مسؤولا عن رسم الأرقام الأولية التي كان الفريق يتلقاها من المركبة الفضائية على مركبة أطلس فضلا عن خلق ما كان يطلق عليه “صورة الكون في صغره”.
إلى جانب ذلك، كان هينشو مؤلفا رئيسيا في جميع الأوراق البحثية المهمة التي تمت صياغتها حول النتائج التي توصلت إليها بعثة مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية. وحول العمل مع هذه المجموعة الصغيرة بغية دراسة الأسرار العميقة لنشأة الكون، أوضح هينشو “يا له من شعور عندما تكون في غرفة مع أقل من 30 عالما، الذين كانوا الوحيدين في العالم الذين يريدون معرفة عمر الكون”. ولكن، كانت بعثة مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية تشارك العالم كل النتائج التي تتوصل إليها.
نورمان جاروسيك: كان باحثا فيزيائيا كبيرا ومحاضرا في جامعة برنستون. والجدير بالذكر أن جاروسيك لم يكن راضيا أبدا عن نتائج التجربة التي قام بها وكانت خاطئة بالنسبة إليه. في الحقيقة، قد يعني ذلك أن الطرق التي كنت تستخدمها كانت أشبه إلى فوضى، ولكن يمكن أن يعني أيضا أنك قد فعلت كل شيء بطريقة صحيحة ولكنك قد توصلت إلى ثورة علمية. وفي هذا السياق، أوضح جاروسيك “أنت تأمل أن لا يكون ما قمت به خاطئا لأن ما توصلت إليه من فيزياء الجديدة لم يكتشفه أحد من قبل”.
دون كليفلاند أستاذ الطب والطب الخلوي والجزيئي في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، فإن كل اكتشاف يقوم به يتبع اكتشاف آخر
أما بالنسبة لبرنامج مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية، فقد تضمن عمله تطوير البصريات في المركبات الفضائية، وهي العيون التي تنتج الصور التي يحبها كثيرا بقية الناس. في الحقيقة، يعد تصميم وفهم الأجهزة المعقدة من أشياء التي تستهوي جاروسيك وتثير فرحته، فقد كان يدرّس الطلاب تفكيك الأجهزة المثيرة للبس من أجل معرفة طريقة عملها، على غرار كاشف الحركة. ومن تلك التجربة المهنية، استطاع تحقيق قفزة نوعية في بنية الكون.
ديفيد سبيرغيل: في الواقع، يعتبر النجاح في كتابة عرض القبة السماوية الجديد لمتحف التاريخ الطبيعي في نيويورك، فضلا عن تحرير اثنين من أكثر الأوراق البحثية المعتمدة في مجال الفيزياء وعلوم الفضاء، من بين الإنجازات البسيطة للغاية بالنسبة لبعض العلماء. ولكن هذا هو الحال بالنسبة لديفيد سبيرغيل، الذي كان عالما في الفيزياء الفلكية في جامعة برنستون وعمل منظرا رائدا في فريق مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية.
في مثل هذه المشاريع، يعتبر الجانب النظري أصعب جزء لأنه عند انتهاء المشروع لا يكون بين يديك شيء ملموس، باستثناء بعض المعرفة. كما أشرف سبيرغيل على دراسات مماثلة تابعة لمشروع تلسكوب أتاكاما الكوني في صحراء التشيلي، وهو يعمل الآن على تطوير ووضع مخطط للمسبار القادم المختص في مسح الحقول الواسعة من الأشعة تحت الحمراء. وستساهم هذه المركبة في دراسة المادة المظلمة الغامضة للكون، والبحث عن كواكب خارج المجموعة الشمسية في وقت فراغها، بالإضافة إلى العديد من المساهمات الأخرى.
ليمان بيج: كان أحد مؤسسي فريق مسبار ويلكيسون لقياس اختلاف الموجات الراديوية، ثم أصبح بعد ذلك المحقق الرئيسي للجزء الذي تكفلت به جامعة برنستون من هذا المشروع. وقد واصل بيج التدريس في برنستون، وعمل مع الطلاب على دراسة الإشعاعات الخلفية الكونية وعلى وضع خريطة لها.
حاز كيم ناسميث على جائزة علوم الحياة لاكتشافه كيف تتمكن تركيبة الحمض النووي، التي يبلغ طولها 6.5 قدم، من الانطواء إلى الداخل في كل خلية دون أن تكبل نفسها
في الواقع، مكنه هذا العمل من استكشاف الكون في بعديه الواسع والصغير، ومن تحديد تركيز الجزيئات دون الذرية مثل النيوترينوهات والباريونات. ولقد انخرط بيج في مشروع “دابليو أم أي بي” بمحض الصدفة. فبعد أن قضى سنتين من حياته المبكرة في التجوال بالقرب من ولاية فلوريدا، على متن قارب خشبيّ بالٍ بناه بنفسه، حتى انكسرت آلة التوجيه في قاربه، عاد إلى الشاطئ ليفكر بأنه قد حان الوقت للبحث عن خط عمل جديد يكون واعدا، ويبدو جليا أنه قد عثر على مبتغاه.
علوم الحياة
دون كليفلاند-جامعة سان دييغو بكاليفورنيا
أما بالنسبة لكليفلاند، أستاذ الطب والطب الخلوي والجزيئي في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، فإن كل اكتشاف يقوم به يتبع اكتشاف آخر. ولقد تم تكريمه بفضل قدرته على تحديد إحدى المسارات المسؤولة عن التصلب الجانبي العضلي الضموري أو ما يعرف بمرض “لو جيهريغ”. وقد سلط اكتشافه الضوء على الدور الذي تلعبه بعض الخلايا العصبية المنتكسة والتي تدعى بالخلايا الدبقية في هذا المرض، كما تمكن من تطوير علاج لمكافحته، والذي أبدا فاعليته مع النماذج الحيوانية.
لكن، لم يكن هذا أول إنجازات كليفلاند. فقد كان أول من عزل بروتين تاو، وهو من أحد السمات المميزة لمرض الزهايمر، وطور علاجا يستند على الحمض النووي لمعالجة ضمور العضلات في العمود الفقري لدى الرضع.
كازوتوشي موري وبيتر والتر- جامعة كيوتو وجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو
تعتبر البروتينات ضرورية للكثير من وظائف الجسم، فالكثير من الهرمونات والإنزيمات هي في الأساس بروتينات، ولكن من أجل أن تقوم بدورها على أكمل وجه فإنها بحاجة إلى أن تكون مطوية على شكل أوريغامي، ذلك لأن البروتينات المطوية بشكل غير صحيح لا تعمل بالطريقة المناسبة، مما قد يتسبب في ظهور الأمراض. وقد حدد موري ووالتر طريقة تمكن الجسد من التعرف على الأسباب الرئيسية التي تقف خلف سوء تشكل هذه البروتينات وإعادة تنظيمها.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل والتر على تطوير دواء جديد يعتمد على الاكتشافات التي يمكن أن تحسن من أداء الذاكرة لدى الفئران التي تضررت أدمغتها، وقد تُوظَف هذه الأدوية في المستقبل لعلاج البشر الذين تعرضوا لإصابات في الدماغ، أو مرضى شلل الرعاش، والزهايمر، ومرض التصلب العضلي الجانبي. كما يبحث موري عن طريقة لمهاجمة مرض السرطان، من خلال تعطيل نظام الخلايا السرطانية.
كريستوفر هاكون عالم الهندسة الجبرية يصف نفسه بأنه قد “أزهر متأخرا” عند الحديث عن عالم الرياضيات،رغم أنه حاز مع جيمس ماكرنان على عدة جوائز لما أنجزاه من أعمال
كيم ناسميث-جامعة أكسفورد
لقد حاز كيم ناسميث على جائزة علوم الحياة لاكتشافه كيف تتمكن تركيبة الحمض النووي، التي يبلغ طولها 6.5 قدم، من الانطواء إلى الداخل في كل خلية دون أن تكبل نفسها. وقد جاء اكتشافه هذا أثناء تسلقه الجبال، حينها ألهمته الحبال التي كان يستخدمها للتفكير في أسلوب انطواء تركيبة الحمض النووي على نفسها في شكل حلقات، كما يفعل بالحبال والحلقات المعدنية أثناء التسلق.
بناء على ذلك النموذج، فكر حينها ناسميث بأن الحمض النووي يجب أن يطوى نفسه على شكل حلقات معينة. كما أدرك أن عدم اصطفاف حلقات الحمض النووي بشكل صحيح قد يسبب ظهور مرض ما. وقد يساهم هذا الاكتشاف في مساعدة العلماء في إيجاد طرق جديدة لمقاومة الأمراض.
جوان تشوري-معهد سالك للدراسات البيولوجية ومعهد هوارد هيوز الطبي
لقد أصيبت شوري بمرض باركنسون أو شلل الرعاش، ولكن لم تمنعها الفحوصات من العمل في مختبرها، حيث اكتشفت طريقة لمحاكاة النباتات وراثيا، حيث تتمكن من استنشاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزينه في جذورها. وبناء على ما أنجزته، تأمل تشوري في زراعة النباتات التي تتكيف بشكل جيد مع الطقس القاسي حتى تتمكن من تغذية عدد أكبر من الأشخاص.
الرياضيات
كريستوفر هاكون وجيمس ماكرنان-جامعة يوتا وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو
يعتبر هاكون وماكرنان من أبرز علماء الهندسة الجبرية. لقد درسا الأجسام الهندسية التي تمتلك أكثر من ثلاثة أبعاد. ويستخدم كلا الباحثان الجبر لإسقاط الكائنات التي لديها أكثر 1000 بعد وتحويلها إلى أجسام ذات بعد أدنى، وقد حاز الثنائي معا على عدة جوائز لما أنجزاه من أعمال. وعلى الرغم من صعوبة عملهما، إلا أن هاكون يصف نفسه بأنه قد “أزهر متأخرا” عند الحديث عن عالم الرياضيات.
المصدر: تايم