ترجمة وتحرير: نون بوست
كشف “طلال سلو” المنشق عن قوات سوريا الديمقراطية، المكونة من عناصر حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي عمل كمتحدث رسمي لها قبل أن ينشق عنهم ويلجأ لتركيا، عن تفاصيل هامة متعلقة بعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالجماعات الإرهابية. وقد ذكر أنّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت توصل لهم المعلومات حول الهجمات المحتمل تنفيذها من قبل القوات المسلحة التركية ضدهم.
في الواقع، استدل “سلو” بحادثة حصلت بتاريخ 25 نيسان/ أبريل الماضي، عندما قامت القوات الجوية التركية بشن غارات على مناطق في شمال شرق سوريا، حيث استطاع المسؤول الرفيع في وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، شاهين تشيلو، من النجاة نظرا لأنه بقي مختبئا لعدم وصول رسالة من قبل الولايات المتحدة تؤكد أن الوضعية آمنة. كما اعترف بأنّ السلاح الذي بعثه البنتاغون لحزب العمال الكردستاني، كان يخزن في مخابئ الجنود الأمريكيين حتى لا تستطيع تركيا قصف هذه المخازن. وقد جمعنا لكم اعترافات “طلال سلو” تحت هذه العناوين:
طاقم القيادة كان في “كاراتشوك”
تعتبر منطقة “كاراتشوك” القاعدة الأساسية لمخازن السلاح والمعدات العسكرية التابعة لوحدات حماية الشعب، فضلا عن كونها خزينة الأموال الرئيسية لهم. وكان شاهين تشيلو وباهوز أردال يقيمان في تلك المنطقة، التي تمثل المكان الذي يتلقى فيه قادة حزب العمال الكردستاني دروسهم الأيدولوجية.
كشف سلو أنّ نظام الأسد قام بفتح طريق مباشرة بعد سيطرته على حلب، وكان هذا ممرا موازيا لمنطقة نشاط درع الفرات، كان الطريق يخرج من عفرين، ويمر عبر منطقة الأسد وحلب وصولا إلى منبج، ومن منبج يتجه نحو منطقة الجزيرة
مما لا شك فيه، كانت وحدات حماية الشعب تتلقى تدريبات عسكرية هناك، فقد ذهبت إلى هناك مرتين، حيث كانت كاراتشوك بمثابة أرشيف ومركز إعلامي لوحدات حماية الشعب. كما كان كل المتواجدين هناك من مستوى القيادة، وكانت تركيلي نالين مسؤولة عن النساء، وهم من الأكراد. حينها، أعربت لشاهين تشيلو عن دهشتي من عدد القتلى الكبير، إلا أنّه قال “لم تردنا رسالة من الولايات المتحدة في ذلك الوقت تنذرنا بأننا سنستهدف، لذلك بقينا خارج هذه المنطقة وخارج هذه المعسكرات”، وبهذه الطريقة نجت القيادة من الاستهداف.
في اليوم الموالي، وصل قائد عسكري أمريكي، وحينها خرج شاهين تشيلو إلى الإعلام لأول مرة، ولم يستطع القائد إدانة ما حدث. وبعد ما يقارب خمسة أيام، أخبرنا تشيلو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تحدثت مع تركيا ولن يكون هناك أي هجمات أخرى. كانت الأسلحة تصل إلى حمين، ومن هناك يتم وضعها في المخازن. في المقابل، لم تكن تركيا تستهدف هذه المخازن المحمية من قبل الأمريكيين، لأنّ عساكر وحدات حماية الشعب كانوا يقومون بوضع هذه الأسلحة في مخازن القواعد التي كان يتمركز فيها الجنود الأمريكيون.
الأسد، منفد عفرين
حيال السؤال المتعلق بكيفية اتصال عفرين ببقية المناطق، كشف سلو أنّ نظام الأسد قام بفتح طريق مباشرة بعد سيطرته على حلب، وكان هذا ممرا موازيا لمنطقة نشاط درع الفرات. كان الطريق يخرج من عفرين، ويمر عبر منطقة الأسد وحلب وصولا إلى منبج، ومن منبج يتجه نحو منطقة الجزيرة. ويتطلب استخدام هذا المسار أخذ الموافقة من النظام السوري أو من الروس، وحتى من الإيرانيين في بعض الأحيان.
بريت ماكغورك: “روسيا ليست مشكلة بالنسبة لنا”
قال سلو عن نظرة الولايات المتحدة الأمريكية لعفرين، “لم تمنح عفرين أي أمان. حتى عندما سألت بريت ماكغورك أول مرة عن دعمهم لعفرين، لم يكن هناك حينها أي ارتباط بين عفرين والمناطق الشرقية، فأجاب بأنّ الولايات المتحدة لن تقدم الدعم لعفرين. فقلت له ربما حينها أكون طرفا مع روسيا، فرد بأنّه إذا كانت القيادة في عفرين تبحث عن داعم آخر لها فلتفعل، مؤكدا أنه لا مانع لديهم من ذلك”.
في ظل التهديد التركي لجأت عناصر قوات سوريا الديمقراطية إلى حفر الأنفاق في عموم المنطقة بعد أن أعلمتهم أمريكا بأنها لن تقدم الدعم لهم في عفرين
في سياق متصل، أضاف سلو “بعد ذلك، اتصل بي ابن عم الأسد، حسين الأسد، وطلب مني إنشاء اتصال بين قوات سوريا الديمقراطية والعساكر الروس المتواجدين في قاعدة حميميم. ثم أخبرت تشيلو بهذا الأمر، لكنه قال إن ذلك سيزعج الإدارة الأمريكية، لكن قائد وحدات حماية الشعب طلب مني بناء اتصال مع الروس، وبعدها فتحنا قناة اتصال معهم، وطلبوا المساعدة من الروس عدة مرات”.
عفرين خافت
لم يكن حديث الإدارة الأمريكية عن البحر الأبيض المتوسط مجرد مشروع، بل كان وعدا. وقد تحدثنا مع أمريكي يعمل في مركز للأبحاث، وكان لديه العديد من أفراد الحماية الشخصية، وحينها علمنا بأنه مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات الأمريكية. في هذا الصدد، قال هذا المسؤول الأمريكي “إذا توجهتم نحو دير الزور، ستقدم الولايات المتحدة الأمريكية الدعم اللازم لكم من أجل فتح مسار نحو البحر الأبيض المتوسط”.
بناء على ما ذكر آنفا، يبدو جليا أنه وعدنا بذلك، لكن عملية دير الزور فشلت. ولكن، لم يكن فشلهم متعلقا بالقرى أو مناطق النفط، وإنما بسبب حصول تشيلو وقوات سوريا الديمقراطية على وعد بفتح منفد لهم على البحر الأبيض المتوسط. وأنا كنت شاهدا على هذا، فما فائدة السيطرة على مناطق النفط دون وجود مخرج لتصديرها؟
في سبيل تحقيق مبتغاهم، يجب أن يكون هناك ميناء. وهذا ما وعدت به الإدارة الأمريكية، لكن الخطط لم تسر كما كان مخططا لها. ولو تدخلت القوات المسلحة التركية في عفرين لتمكنت من السيطرة على المنطقة بسهولة، لأنّ وضعها ليس كما هو شائع في الخارج. لقد كان الجميع هناك خائفين جدا عندما سمعوا باحتمال قيام تركيا بهذه العملية.
تُركوا لوحدهم
لم تكن القضية تتعلق بمجرد سقوط عفرين، فقد كان يعني إفشال تركيا لجميع مشاريع وصولهم للبحر الأبيض المتوسط، أنّ عفرين كانت تعتبر بالنسبة لهم قلب ومركز هذا المشروع. وبالتالي، ساهم تدخل تركيا في تبديد أحلامهم. في الواقع، كانوا يريدون أن يتواجد الروس في عفرين خوفا من احتمال مهاجمة تركيا لهم.
كان حزب العمال الكردستاني يصدّر النفط فقط عن طريق المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة
في ظل التهديد التركي، كانت العناصر في عفرين في حالة خوف، وكانوا يتوقعون أنّ الولايات المتحدة ستضغط على تركيا حتى لا تفرض سيطرتها على عفرين. ولكن، لم تخبرهم الولايات المتحدة الأمريكية بذلك، بل أعلمتهم منذ البداية بأنها لن تقدم الدعم لهم في عفرين، لهذا السبب، لجأت العناصر إلى حفر الأنفاق في عموم المنطقة.
قامت العناصر الإرهابية بحفر الأنفاق والخنادق بعد حالة الرعب التي أصابتهم بعد وصول معلومات تفيد بوجود عملية عسكرية تركية محتملة
توقفوا بعدما استولوا على الغاز
بدأنا في التاسع من أيلول/ سبتمبر حملة عسكرية في دير الزور باسم قوات سوريا الديمقراطية، وكانت تهدف إلى الاستيلاء على منطقة الجزيرة وشمال نهر الفرات. لكن، لم يكن لدينا ولا لدى وحدات حماية الشعب الجاهزية لمواجهة تنظيم الدولة. في الحقيقة، بدأنا هذه العملية بناء على تعليمات مباشرة من الولايات المتحدة، ولم يكن الهدف من تنفيذها متعلقا بالنفط، وإنما الوصول إلى منطقة البوكمال والميادين قبل النظام السوري، حينها كان سيشكل ذلك حاجزا بين العراق وسوريا.
من جهتها، حاولت الولايات المتحدة تقديم الدعم في البداية لكنها فشلت. في البداية، تعرضنا للهجوم الروسي، بينما كان النظام السوري بعيدا عن هذه المنقطة. لكن بعد وصوله السريع طلب منا التحرك. في تلك اللحظة، ما لم يفهمه أحد هو أنّ الكثير من النقاط التي تم السيطرة عليها سلمت للروس، بما في ذلك معمل غاز كونيكو، ولم يتقدم الروس والنظام السوري أكثر بعد السيطرة عليه.
كانت تجارة النفط تتم بصورة كبيرة، حيث كانوا يصدرون المئات من شاحنات النفط يوميا
حزب العمال الكردستاني كان بمثابة شركة نفط
بدأ عمل حزب العمال الكردستاني بعد السيطرة على مناطق النفط في منطقة رميلان. كان في البداية يصدر هذا النفط عبر المناطق التي يسيطر عليها تنطيم الدولة. كان علي شير يعيش في القامشلي، وهو المسؤول المالي لفعاليات حزب العمال الكردستاني في منطقة الجزيرة، علما بأنه كان على تواصل مباشر مع قائد حزب العمال الكردستاني، وهو صاحب الصلاحيات لعقد الاتفاقات حول النفط.
في الماضي، كان حزب العمال الكردستاني يصدّر النفط فقط عن طريق المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. والجدير بالذكر أن علي شير كان بمثابة سر المنظمة. لكن، بعد كثرة استفساراتي توصلت لبعض المعلومات، التي تشير إلى أن الأموال تُنقل إلى بنوك في لبنان، ومن هناك تنقل إلى أوروبا. كما كانت تجارة النفط تتم بصورة كبيرة، حيث كانوا يصدرون المئات من شاحنات النفط يوميا.
المصدر: يني شفق