ترجمة حفصة جودة
تقع محيطات العالم تحت التهديد الأكبر في التاريخ وفقًا للسير ديفيد أتينبرو، حيث تعتبر البحار جزءًا حيويًا في النظام الأيكولوجي العالمي؛ مما يترك مستقبل جميع الكائنات الحية في أيدي الأفعال البشرية، حذر أتينبرو من ذلك في الحلقة الأخيرة من برنامجه التليفزيوني “Blue Planet 2” (الكوكب الأزرق2)، حيث ذكر تفاصيل الدمار الذي تتعرض له البحار في كل أنحاء العالم نتيجة تغير المناخ والتلوث البلاستيكي والصيد الجائر وحتى الضوضاء.
كانت سلسلة الطبيعة على قناة “بي بي سي” التي يقدمها أتينبرو قد تعرضت لانتقادات لأنها تتحدث بخفة عن الضرر الذي تسببه البشرية لكوكب الأرض، لكن الحلقة الأخيرة من برنامجه كانت مكرسة تمامًا لهذا الأمر.
يقول أتينبرو: “لسنوات عديدة كنا نعتقد أن المحيطات أماكن شاسعة للغاية وبها كائنات لا حصر لها ولا شيء يمكنه التأثير فيها، لكن الآن اتضح خطأنا، فقد أصبح واضحًا أن أفعالنا لها تأثير واضح على محيطات العالم، فهم معرضون لأكبر خطر في تاريخ البشرية، ويعتقد الكثير من الناس أن الأمر أصبح أزمة، بالطبع نحن مسؤولون عن حماية كوكبنا الأزرق، بل إن مستقبل البشرية وجميع الكائنات الحية يعتمد علينا الآن”.
أحد الأجزاء التي تعرضت للتبييض في الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا
كان المسؤولون التنفيذيون في “بي بي سي” قد شعروا بالقلق إزاء الحلقة خشية أن تكون مسيسة وطالبوا بفحص الحقائق التي تذكرها، لكن منتح الحلقات مارك براونلو قال إنه من المستحيل التغاضي عن الضرر الواقع في المحيطات، وأضاف: “لا يمكن أن نتجاهله فقط، نحن لسنا حملة تتحدث عن الأمر، لكننا نعرض فقط الحقيقة كما هي، وهي صادمة للغاية”.
قال براونلو إن هناك لقطات كثيرة لفراخ “القطرس” (طائر بحري كبير) وهي تموت نتيجة تناولها للبلاستيك بالخطأ ظنًا منها أنه طعام، كما قدم البرنامج عام 2016 فيلمًا عن “الحاجز المرجاني العظيم” الذي يشهد أسوأ عملية تبييض في تاريخه.
تسبب تغير المناخ في ارتفاع درجة حرارة المحيطات؛ مما أدى إلى تبييض الشعاب المرجانية التي لها دور حيوي في حماية حياة الكائنات البحرية، كما أدى أيضًا إلى ارتفاع حرارة المياه في القارة القطبية الجنوبية “أنتاركتيكا”، يقول جون كوبلي من جامعة ساوثهامبتون وأحد العلماء الذين ظهروا في الحلقة الأخيرة: “الأمر الصادم في تلك البيانات كان سرعة التغيير الواقع هنا، نحن نتجه نحو أرض مجهولة”.
يؤدي الضجيج الناتج عن السفن والسياح والتنقيب عن الوقود الأحفوري إلى الإضرار بالحياة البحرية
يؤدي احتراق الوقود الأحفوري إلى انتشار ثاني أكسيد الكربون وكذلك ذوبانه في المياه مما يجعلها أكثر حمضية، ويقول البروفيسور كريس لانغدون من جامعة ميامي: “القضية أن هذه المشكلة من صنع الإنسان، لقد بدأ الصدف والشعاب المرجانية في الذوبان بالفعل وقد تختفي الشعاب المرجانية تمامًا بنهاية القرن”.
يؤدي الضجيج الناتج عن السفن والسياح والتنقيب عن الوقود الأحفوري إلى الإضرار بالحياة البحرية، حيث يقول ستيف سيمسون من جامعة إكستر ويعمل على الشعاب المرجانية في جنوب شرق آسيا: “هناك أحاديث كاملة تدور تحت المياه، فالكائنات البحرية تستخدم الأصوات لجذب رفيق أو تخويف الكائنات المفترسة، لكن ضجيج القوراب يؤدي إلى تشتيت أسماك المهرج عن تحذير رفاقها من هجوم الكائنات المفترسة”.
وفي أثناء التصوير وجد فريق البرنامج البلاستيك في كل مكان حتى الأماكن البعيدة مثل جزيرة جورجيا الجنوبية التي تعتبر مكانًا مهمًا لتربية طيور القطرس المتجولة، تقول لوسي كوين من الدراسة البريطانية لقارة أنتاركتيكا إن العديد من فراخ القطرس قُتلوا بسبب تناول البلاستيك من خلال والديهم، حتى إن أحد الطيور أصابه ثقب في المعدة بعد تناول عود أسنان بلاستيكي.
تناول البرنامج أيضًا قضية الصيد الجائر الذي ما زال منتشرًا في جميع أنحاء العالم، يقول أتينبرو: “في كل ليلة تنتشر خيوط الصيد المتصلة بالخطاطيف والتي تكفي لكي تلتف مرتين حول العالم كله”، لكن البرنامج سلط الضوء أيضًا على بعض قصص النجاح مثل إعادة إحياء حوت العنبر في سريلانكا وسمك التونة في النرويج من خلال حظر الصيد وفرض القيود في أماكن وجودهم.
أدت الإدارة الصارمة لمصايد الرنجة إلى إنقاذها من الانهيار
زار أتينبرو جزيرة ترينيداد أيضًا والتقى بأحد نشطاء البيئة لين بيترز الذي تحدث عن السلاحف الجلدية العملاقة التي تأتي إلى الجزيرة لتضع بيضها، وكان عدد بيضها قد تناقص بشكل كارثي في العقود الأخيرة، يقول بيترز: “لقد نشأت في بيت يأكل لحوم السلاح، لكنني عملت على إنهاء صيد السلاحف وتشجيع السياحة حتى ازداد عدد البيض من 40 إلى أكثر من 500 بيضة”.
تقول كوين: “وجود المحيطات أمر ضروري للعالم أجمع، فهي تمدنا بالأكسجين، وتنظم درجات الحرارة، وتوفر لنا الغذاء والطاقة، ليس معقولاً أن نعيش في عالم دون محيطات صحية”.
أعلن دانيل باولي من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا ومقدم برنامج “Sea Around Us” (البحار من حولنا) الذي لم يشارك في برنامج الكوكب الأزرق، تأييده القوي للحلقة الأخيرة وقال إن أساطيل الصيد تفسد المحيطات وحمضية المحيطات من شأنها أن تنهي حياة الكثير من الأنواع.
حذر باولي أيضًا من مخاطر البلاستيك الذي يجذب المواد الكيميائية السامة ثم تأكله الكائنات البحرية بعد أن تصبح حبوبًا سامة، ويضيف باولي: “السؤال الذي يواجه البشرية الآن: هل سنقاتل من أجل المحيطات أم لا؟”.
المصدر: الغارديان