يبدو أن سكان مدينة القدس المحتلة سيكونون أكثر فئة فلسطينية تدفع ثمن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا في ظل وجود خطط إسرائيلية جاهزة لإحداث تغير ديموغرافي وسكاني واسع.
ويخشى الفلسطينيون عمومًا من أن يستغل الاحتلال الإسرائيلي وحكومته هذا القرار بشكل يؤدي لفرض واقع جديد لا سيما في الأماكن الدينية المتمثلة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وتعزيز مبدأ التقسيم الزماني والمكاني وصولاً إلى فرض رموز عبرية باعتبار المدينة باتت تشكل عاصمة لهم.
تداعيات خطيرة
ويقول الخبير والمختص في شؤون القدس جمال عمرو لـ “قدس الإخبارية” إن التداعيات المترتبة على قرار ترامب ستكون كبيرة جدا ولها إسقاطات على الواقع القانوني والتعليمي والصحي للمقدسيين على وجه الخصوص وهو ما سيتضح بشكل ملموس خلال الفترة المقبلة.
وينوه عمرو إلى أن الاحتلال سيستغل هذا القرار لفرض معطيات صادمة على الأرض تتمثل في التخلص من 165 ألف مقدسي دفعة واحدة عبر الجدار وضم مناطق جديدة إلى القدس عبر الأنفاق مثل مناطق معاليه أدوميم وموشيه أدوميم وسيتصرف الاحتلال في القدس وكأنها ملك يمينه.
يشدد رئيس أكاديمية الأقصى على أن القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة ونقل السفارة هو بداية المشروع الصهيوني في تقسيم المسجد ليس زمانيا ولا مكانيا وربما هدمه وانشاء الهيكل المزعوم وإسرائيل تسعى لجعل القدس لعاصمة يهودية وبرموز يهودية وشعب يهودي
ويصف الخبير في الشؤون قدس أن قرار ترامب يترقى بإعلان حرب على فلسطين والقدس والمقدسات وسيكون له ما بعده وينسف كل الحديث عن وساطات السلام التي جرى الترويج لها طيلة السنوات الماضية، في الوقت الذي واصل الاحتلال فيه تنفيذ مخططات الرامية لإفراغ القدس من أهلها.
ويتابع عمرو لـ “قدس الإخبارية“: “المطلوب اليوم هو قلب الطاولة وسحب الإعتراف باتفاقية أوسلو بشكل كامل وسحب الإعتراف بالاحتلال وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإنهاء القادة القدماء ومن قاد المرحلة الماضية بشكل كامل خصوصا وأنهم فشلوا فشلاً ذريعًا وهو ما يتضح من خطوة ترامب”.
قلب الطاولة
بدوره، يقول رئيس “أكاديمية الأقصى للوقف والتراث” ناجح بكيرات إن قرار ترامب سيفتح الباب واسعًا لوضع المقدسات والأماكن الدينية تحت تصرف الاحتلال بشكل كامل وهو ما يعني تحكمه فيها وفرض الواقع الذي يريده سواء بهدم الأقصى وإنشاء هيكله المزعوم.
ويبين بكيرات لـ “قدس الإخبارية” أن هذا القرار سيساهم في تعزيز حالة من الاضطهاد ضد المقدسيين وسيساهم في تعزيز التغول في القدس في الوقت الذي تلغى فيه الحكومة الأمريكية كل قرارات مجلس الأمن واتفاقيات لاهاي، وتمنح الإدارة الامريكية ضوءًا أخضرًا لدولة الاحتلال لتفعل ما تشاء.
ويشدد رئيس أكاديمية الأقصى على أن القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة ونقل السفارة هو بداية المشروع الصهيوني في تقسيم المسجد ليس زمانيا ولا مكانيا وربما هدمه وانشاء الهيكل المزعوم وإسرائيل تسعى لجعل القدس لعاصمة يهودية وبرموز يهودية وشعب يهودي.
ويرى أن المطلوب حاليًا تركيز إعلامي وأن يكون هناك جذب لوسائل الإعلام العالمية بالإضافة إلى تحريك دور الحركات والجمعيات والفصائل، لما للإعلام والماكينة الإعلامية من أهمية لا سيما وأنها قادرة على تحريك العنصر البشري على الأرض وبشكل خاص في مدينة القدس.
مخالفة قانونية
من جانبه، يقول أستاذ القانون الدولي عبد الكريم شبير إن قرار ترامب يتعارض مع كل القوانين الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أكدت على أنه لا يجوز للاحتلال ضم القدس واعتبر أي إجراءات متخذة باطلة قانونيًا.
ويشير شبير في حديثه لـ “قدس الإخبارية” أن القرار الأمريكي لا يعتبر الأول من نوعه إذ كان هناك قرار صادر عن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في عام 2001 باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ في تلك الفترة.
ويعتبر أستاذ القانون الدولي أن حضور فلسطين في المنظمات الدولية وعضويتها في أكثر من 60 منظمة أممية دولية يحتم عليها تفعيل الدور وطرح القضية في المحاكم الدولية وأخذ فتوى بعدم شرعية هذه الخطوات والإجراءات التي يقوم بها ترامب كونها مخالفة لقرارات دولية وخاصة ما صدر عن اليونسكو.
ويدعو شبير القيادة الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى تشكيل لجنة من الخبراء القانوني الدولي على المستوى المحلي والعربي والدولي وأخذ فتوى من محكمة العدل الدولية لأن دولة الاحتلال تخترق القانون الدولي وإعادة النظر في الوضع القانوني للاحتلال.
المصدر: قدس الإخبارية