تتجه أنظار المتضامنين مع غزة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تشهد ما يمكن وصفه بـ”انتفاضة طلاب الجامعات”، إذ يتصاعد الحراك الطلابي الرافض للإبادة الجماعية -التي تمارسها “إسرائيل” بحق الفلسطينيين في القطاع المحاصر- ساعة بعد ساعة وبسرعة البرق لتنضم إليه جامعات أخرى، بعد أن انطلقت الشرارة خلال الأيام الماضية من جامعة كولومبيا إحدى أعرق وأكبر الجامعات الأمريكية التي تخرّج فيها مشاهير وساسة مخضرمون.
في اليومين الماضيين ازدادت وتيرة الاحتجاجات واتخذت أشكالًا وصورًا متعددة – من الوقفات الاحتجاجية إلى الاعتصامات والمخاطبات، للتضامن مع غزة وتنديدًا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل عليها.
الإجراءات القمعية المتزايدة بحق الطلبة المحتجين كالاعتقال والضرب بالهراوات والتحريض والعنف اللفظي تسببت في تفجر مشاعر الغضب لدى رفاق طلاب جامعة كولومبيا، ما أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات لتصبح أشبه بحالة الغليان، إذ امتدّ سيلها في البداية إلى الجامعات القريبة من جامعة كولومبيا مثل جامعة نيويورك التي تقع في مانهاتن أشهر مقاطعات مدينة نيويورك، ومن ثم اجتاحت العديد من الجامعات المرموقة الأخرى في شتى الولايات الأمريكية.
HAPPENING NOW: Mass chaos breaks out at college campuses across the United States as pro-Palestine protests intensify.
Columbia, Harvard, USC, University of Texas at Austin and others are getting swarmed by protesters.
Police at USC are taking out their batons as the… pic.twitter.com/D35wVTCiZ8
— Collin Rugg (@CollinRugg) April 24, 2024
كيف اندلعت الاحتجاجات؟
جامعة كولومبيا التي تقع على الضفة الغربية لنهر هدسون في منطقة منهاتن بمدينة نيويورك هي جامعة أمريكية عريقة تأسست عام 1754، وتتمتع بسمعة أكاديمية وبحثية متميزة إذ تخرج فيها رؤساء سابقون للولايات المتحدة مثل: باراك أوباما وثيودور روزفلت وفرانكلين روزفلت، إلى جانب العديد من الشخصيات البارزة مثل ووارين بوفيت (ملياردير ورجل أعمال بارز)، وكاثرين ماكينون (ممثلة بارزة) فضلًا عن قائمة طويلة من السياسيين والاقتصاديين والفنانين وغيرهم.
ولجامعة كولومبيا تاريخ طويل في دعم القضية الفلسطينية على مدار عقود طويلة، فقد شهدت مبانيها العديد من فعاليات التضامن مع فلسطين من الطلاب والأساتذة، بفعل سمعة الجامعة في توفير منصات محايدة للنقاش عن قضايا الشرق الأوسط، لدرجة أن العديد من السياسيين الأمريكيين الكبار مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون تعرضوا إلى مواقف احتجاجية من جانب طلاب جامعة كولومبيا في مناسبات عديدة.
أما قصة الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت من جامعة كولومبيا، فقد بدأت عندما قام أعضاء حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، بنصب خيام في حديقة الجامعة يوم 17 أبريل/نيسان الجاري، احتجاجًا على حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على أهالي قطاع غزة، فقررت رئيسة الجامعة – مصرية الأصل – نعمت (مينوش) شفيق، فضّ المخيم وهو ما لم يستجب له الطلاب، فقامت باستدعاء شرطة نيويورك لتفريق المحتجين بالقوة.
رئيسة جامعة #كولومبيا في نييورك، المصرية الأصل #مينوش_شفيق استدعت ممارسات رؤساء الجامعات المصرية وطلبت الشرطة لدخول الجامعة الأمريكية العريقة لمنع فعالية لمساندة #غزة.
للأسف كثير من مصريىِ المهجر مازالت عقلياتهم سلطوية ويؤيدون الديكتاتوريات والفساد.
اللطيف أن الطلبة هتفوا ضدها… pic.twitter.com/l1QaEicNxQ
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) April 19, 2024
كانت تلك المرة الأولى التي تقتحم فيها الشرطة حرم الجامعة منذ الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام في نهاية ستينيات القرن الماضي.
أدى اقتحام شرطة نيويورك الحرم الجامعي إلى توقيف أكثر من 100 طالب في جامعة كولومبيا، وتسبب ذلك في اشتعال الغضب بين رفاق المعتقلين في الجامعة، وانضمام طلاب آخرين وأعضاء من هيئة التدريس إلى مخيم المحتجين الذي تحوّل إلى حديقة “هايد بارك” أمريكية تعقد فيها دورات تعليمية ويتناوب متحدثون على منصتها يخاطبون الطلاب، وتنظم فيها أنشطة تتوزع ما بين ترديد الشعارات والغناء والرقص على نغمات الدبكة الفلسطينية، بحيث أصبح الطلاب يقولون إنهم سيظلّون هناك “يغنّون ويشاهدون ويصلون ويقرأون ويرقصون ويتقاسمون كسرات الخبز” إلى حين الاستجابة لمطالبهم.
ولاحقًا تمددت الاحتجاجات وانتشرت في العديد من الجامعات الأمريكية، بل حتى خارج الولايات المتحدة في كل من كندا وأستراليا وأوروبا.
نرصد في الأسطر الآتية أبرز الجامعات الأمريكية التي امتدت إليها الاحتجاجات المؤيدة لغزة استنادًا على المناطق الجغرافية:
الساحل الشرقي: اعتقلت شرطة ولاية كونيتيكت عشرات الطلاب من جامعة ييل كانوا يشاركون في اعتصامٍ نظموه دعمًا لزملائهم في جامعة كولومبيا ورفضًا للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
على الساحل الشرقي نفسه، أبلغت شبكة “ABC”، أن مجموعة من الطلاب المؤيدين لفلسطين في جامعة هارفرد (ولاية ماساتشوستس) نصبوا مخيمات احتجاجية، حيث اتهموا الجامعة بقمع الأصوات المعارضة لـ”إسرائيل”.
وفي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أقام العشرات من الطلاب مخيمًا في حرم المعهد بمدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس مساء الأحد الماضي، ودعا المعتصمون إلى وقف إطلاق النار واحتجوا على ما وصفوه بـ”تواطؤ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة”.
الغرب الأوسط، وصل حجم الاعتصام وسط حرم جامعة ميشيغان إلى نحو 40 خيمة، كما اعتُقل 9 متظاهرين مناهضين للحرب في جامعة مينيسوتا بعد أن أزالت الشرطة مخيمًا أمام المكتبة، واحتشد المئات في حرم الأخيرة بعد الظهر للمطالبة بالإفراج عنهم.
جدير بالذكر أنّ الطلاب اليهود في جامعة ميشيغان احتفلوا بعيد الفصح خلال الاحتجاجات المؤيدة لغزة بهدف إبراز موقفهم المؤيد لوقف الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وتكرر تضامن الطلاب اليهود مع الفلسطينيين في عدة جامعات، للتعبير عن رفضهم جرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها حكومة الاحتلال بحق سكان قطاع غزة.
في الساحل الغربي، أعلنت إدارة جامعة كال بولي هومبولت في مدينة أركاتا (ولاية كاليفورنيا) أن الجامعة ستبقى مغلقة حتى الخميس على أقل تقدير بعدما احتل متظاهرون مؤيدون لغزة مبنى إداريًا داخل الجامعة.
Cal Poly Humboldt students reportedly took over a university building protesting Israel before the cops were sent in. Kinda looks like J6 footage
pic.twitter.com/RO0Ft3AYcJ
— Jon Michael Raasch (@JMRaasch) April 23, 2024
جنوبًا، تظاهر مئات الطلاب في جامعة تكساس فرع أوستن، حيث طالبوا بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالقوة وتعتقل بعضهم، حيث قالت إدارة السلامة العامة في ولاية تكساس إن السلطات ألقت القبض على أكثر من 20 شخصًا في حرم الجامعة في أوستن.
ومساء الثلاثاء، نظّم نحو 100 طالب متضامن مع فلسطين بجامعة تكساس في مدينة دالاس اعتصامًا على طول المدخل المؤدي إلى مكتب رئيس الجامعة.
كان حاكم ولاية تكساس الجمهوري المتشدد غريغ أبوت صرح بأنه “يجب طرد الطلاب المشاركين في الاحتجاجات المليئة بالكراهية ومعاداة السامية بأي جامعة بالولاية”، وأضاف: “المتظاهرون يستحقون السجن ولن يتم التسامح مع معاداة السامية في الولاية”.
NEW: Texas Governor Greg Abbott says protesters at University of Texas “belong in jail” adding that “antisemitism will not be tolerated in Texas.”
State troopers and police officers made over 20 arrests on campus, many charged with trespassing.
Students claim that the protests… pic.twitter.com/gVhly26oih
— Collin Rugg (@CollinRugg) April 24, 2024
ونقلت شبكة “NBC” الأمريكية عن هيئة التدريس بجامعة تكساس فرع أوستن تأكيدهم في رسالة أن فعالية التضامن مع غزة لم تتضمن أي تهديد بالعنف أو تعطيل للدراسة، وأشارت الرسالة إلى أن أعضاء من الهيئة لن يزاولوا عملهم الخميس بسبب الرد العسكري على الحدث الطلابي.
شمال شرق، انضم طلاب جامعة براون بمدينة رود آيلاند للتنديد بالحرب الإسرائيلية على غزة والدعوة إلى وقف إطلاق نار في القطاع، وفق ما نشرت وسائل إعلام أمريكية.
جنوب غرب: أفادت الأنباء، الأربعاء، بأن قوات الأمن في ولاية كاليفورنيا اعتدت بالضرب على متظاهرين في احتجاج حاشد للمطالبة بوقف الحرب على غزة في جامعة كاليفورنيا الجنوبية (لوس أنغلوس).
BREAKING: at USC police have locked themselves inside campus and closed the gates to students, who continue to protest the repression. pic.twitter.com/kfkc4ZI3xL
— BreakThrough News (@BTnewsroom) April 25, 2024
جنوب شرق: تجمّع مئات المتظاهرون تضامنًا مع غزة للتنديد بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى حرم “ديل مابري” التابعة لكلية هيلزبورو المجتمعية في فلوريدا يوم 23 أبريل/نيسان الحالي.
واحتشد ما يقرب من 400 متظاهر على الأرصفة المحيطة بالمدخل، وهم يهتفون ويلوحون بالأعلام الفلسطينية.
كان الهدف من زيارة بايدن التحدث عن دعم حقوق المرأة في مواجهة حظر الإجهاض في فلوريدا، وهو الحظر الذي سمح به بايدن والحزب الديمقراطي بشكل أساسي.
وسارع العديد من المتظاهرين إلى الإشارة لنفاق بايدن الذي يدعي أنه يدافع عن حقوق المرأة بينما يواصل إمداد “إسرائيل” بالأسلحة التي استخدمتها لقتل عشرات آلاف النساء في غزة.
كان أحد المحاور الرئيسية للاحتجاج هو إظهار لجو بايدن أن دعمه غير المحدود لـ”إسرائيل” سيكلفه الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما لاحظت منصة “فايك باك”، التي تتحدث باسم العديد من المنظمات الشبابية في الولايات المتحدة.
وتم تنظيم الاحتجاج من قبل عدة مجموعات بما في ذلك تحالف تامبا ضد العنصرية والقمع السياسي، وضم بشكل رئيسي طلاب الجامعات وأفراد الجالية العربية الأمريكية في فلوريدا.
مطالب المتظاهرين
إلى جانب وقف الحرب الإسرائيلية على غزة وإيصال المساعدات لمن هم في أشد الحاجة إليها، يطالب هؤلاء الطلاب إدارات جامعاتهم بقطع علاقاتها مع “إسرائيل” وكذلك الشركات المتعاملة معها، فضلًا عن سحب استثماراتها من تلك الشركات المرتبطة بـ”إسرائيل”، والتوقف عن قبول أموال الأبحاث للمشاريع التي تخدم الأهداف العسكرية للاحتلال.
آه ياغزة
مئات الآلاف حول العالم مستعدين يتضربوا ويتسحلوا عشانك
حتى الشعوب اللي حكوماتهم كدبوا عليهم وقالولهم إنت العدو
إنت بتستحقي أكتر
بس الصهيونية اللي بتبيدك كانت أبادت مقاومة العالم
بس مقاومتك إنت لأ!
وإنت دلوقتي بتوقفيهم على رجلهم تاني.النصر لكِ🇵🇸
pic.twitter.com/0XOFsf9e3U
— Aya Hijazi آية حجازي 🇵🇸 (@ItsAyaHijazi) April 25, 2024
وقد أصدرت مجالس الطلبة في عدة جامعات وكليات، خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، قرارات تدعو إلى إنهاء الاستثمارات والشراكات الأكاديمية مع “إسرائيل”، بينها جامعة كولومبيا، وكلية هارفارد للحقوق وروتجرز، والجامعة الأمريكية.
وقال طلاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، إن المعهد قبِل أكثر من 11 مليون دولار من وزارة الدفاع الإسرائيلية خلال السنوات الـ10 الماضية، وأوضح طالب يتزعم مجموعة طلابية يهودية تدعو إلى وقف الحرب في غزة أن: “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا متواطئ بشكل مباشر مع كل هذا”، مشيرًا إلى أن هناك حراكًا متزايدًا لمحاسبة الكليات على أي دور تلعبه في دعم الجيش الإسرائيلي.
وفي وقتٍ سابقٍ، وصفت الهيئة الطلابية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد الأمريكية، الحرب الإسرائيلية على غزة، بأنها ترقى إلى الإبادة الجماعية.
جاء ذلك في خطابٍ مفتوحٍ يطالب الجامعة بسحب استثماراتها من “إسرائيل”، نُشر على موقع الجامعة، وَرَد فيه: “الهيئة الطلابية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد تطالب مؤسسة هارفارد الاستثمارية HMC رسميًا بسحب جميع استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة والبرامج الأكاديمية والشركات وجميع المؤسسات الأخرى التي تساعد الاحتلال غير القانوني المستمر لفلسطين والإبادة الجماعية للفلسطينيين”.
وكان موقع ZNetwork قد أشار إلى أن الهيئة الطلابية ألمحت إلى التزام جامعة هارفارد بنحو 200 مليون دولار في الأعمال التجارية المرتبطة بالجيش الإسرائيلي والمستوطنات.
واعتمد خطاب الهيئة الطلابية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد على مطالبات سابقة للجامعة بسحب استثماراتها من “إسرائيل”، بعد أن ذكرت صحيفة Harvard Crimson عام 2020 أن لدى الجامعة استثمارات بقرابة 200 مليون دولار في شركات مدرجة على قائمة الأمم المتحدة للشركات المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، التي تعتبر غير قانونية “بموجب القانون الدولي”.
وأعرب عضو الهيئة الطلابية سواب أغراوال أن بعض الطلاب الفلسطينيين في الجامعة “فقدوا العشرات من أفراد أسرهم في الإبادة الجماعية المستمرة”، مشيرًا إلى أن الطلاب أفادوا بأنهم يشعرون بقوة أنه “من الضروري الضغط على الأمور للتغيير”.
أضاف أنهم قلقون للغاية من أن الأموال المودعة في صناديق ائتمانية قد تمول هذه الإبادة الجماعية، مؤكدًا أن طلبهم استند إلى بيان محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني الماضي، الذي وجد أنه من “المعقول أن إسرائيل انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية”.
قمع الاحتجاجات السلمية يفضح ازدواجية معايير حرية التعبير
نشرت مجلة “ذي إيكونوميست” تقريرًا عن الاضطرابات التي اندلعت في الجامعات الأمريكية، واعتبرت أن ما فعلته جامعة كولومبيا من خلال استدعاء الشرطة إلى الحرم الجامعي كان عملًا سيئًا أدى إلى ردة فعل عكسية على مستوى الولايات المتحدة.
وقالت المجلة إن رؤساء الجامعات وجدوا صعوبة في التعامل مع حرية التعبير في الجامعات وسط التظاهرات المؤيدة لفلسطين، خاصة بعد المحاكمة التي تعرضت لها رؤساء جامعات وأدت إلى استقالة كل من رئيستي جامعة هارفارد وبنسلفانيا كل على حدة.
كما علّقت المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان أليكس موري على قمع شرطة تكساس للطلاب المتظاهرين قائلة: “لقطات مزعجة بشكل لا يصدق من ولاية تكساس، حيث يبدو أن السلطات تمنع أي احتجاج مؤيد للفلسطينيين على الإطلاق في المناطق المفتوحة في الحرم الجامعي – وليس فقط ذلك الاحتجاج. يبدو أن هذا انتهاكًا صارخًا ليس فقط للتعديل الأول، ولكن أيضًا لـ SB 18 الذي يتطلب أن تكون هذه المساحات مفتوحة للاحتجاج. نعمل جاهدين لتأكيد التفاصيل”.
Incredibly disturbing footage out of Texas where authorities appear to be barring any pro-Palestinian protest at all in open outdoor areas of campus — not just disruptive ones. This appears to be a blatant violation not just of the First Amendment but S.B. 18 which requires these… https://t.co/4QIgl2PwGu
— Alex Morey (@1AMorey) April 25, 2024
وأظهرت لقطات أخرى قوات الأمن في تكساس وهي تعتدي على مصور يتبع لقناة Fox 7 Austin كان يقوم بتغطية الاحتجاج.
وأثارت الاتهامات التي وجهتها مؤسسات أمريكية وأعضاء في الكونغرس بـ”معاداة السامية” إلى المشاركين في الاحتجاجات مخاوف من حرية التعبير، واتخاذ قانون “معاداة السامية” ذريعة لقمع الاحتجاجات بشكل موسع.
إذ ادعت كل من ولاية نيويورك وبلديتها وأعضاء من الكونغرس الأمريكي في بيانات مؤخرًا، أن المتظاهرين المتضامنين مع الفلسطينيين أظهروا سلوكًا معاديًا للسامية في الخيام التي نصبوها في ساحة حرم جامعة كولومبيا بنيويورك منذ الأسبوع الماضي.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون أعربوا بدورهم عن غضبهم الشديد من الاحتجاجات التي استقطبت اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا.
وقال نتنياهو في كلمة متلفزة بثّها عبر حسابه على منصة “إكس” مساء الأربعاء: “ما يحدث في الجامعات في الولايات المتحدة أمر صادم بكل بساطة”، وأضاف: “استولى حشد من المعادين للسامية (وفق وصفه) على جامعات رائدة. إنهم يدعون إلى تدمير (دولة إسرائيل)، ويهاجمون الطلاب والمحاضرين اليهود”، على حد زعمه.
ومن المهم كذلك، الإشارة إلى أن الوحدات التي تم استدعاؤها من شرطة نيويورك حين طلبت رئيسة جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي فض الاعتصام وتم اعتقال نحو 100 طالب هي وحدة من مجموعة الرد الاستراتيجي التي تشكلت عام 2015 لمكافحة الإرهاب ويعرف عنها بأنها الأعنف.
Not only did Columbia make the horrific decision to mobilize NYPD on their own students, but the units called in have some of the most violent reputations on the force.
NYPD had promised the city they wouldn’t deploy SRG to protests.
So why are these counterterror units here? https://t.co/nfDVfueNSz
— Alexandria Ocasio-Cortez (@AOC) April 24, 2024
وربما لم يكن يتخيل أحد أن وقفة احتجاجية في جامعة كولومبيا للضغط على المسؤولين فيها لاتخاذ إجراءات بعدم التعامل مع “إسرائيل” في مجالات منها الاستثمار المالي والتبادل الأكاديمي، ستتحول إلى انتفاضة عارمة تنتقل عبر الجامعات الأمريكية، فالقمع الذي واجهه الطلاب من الشرطة بعد أن لفقت رئيسة الجامعة تهمة العنف للمتظاهرين، قد يكون الأعنف في تاريخ الجامعات الأمريكية.
الاحتجاجات تضع بايدن في موقف صعب
وضعت الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة حملة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي، جو بايدن في “موقف صعب”، بينما يحاول التوازن بين مساندة “إسرائيل” من ناحية، وإنهاء الحرب في قطاع غزة من ناحية أخرى.
وأصدر الطلاب الغاضبون دعوات لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لـ”إسرائيل”، وسحب استثمارات الجامعات من موردي الأسلحة والشركات الأخرى، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تم إصدار إجراءات تأديبية بحقهم أو اعتقالهم.
واجتذبت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من خلفيات اجتماعية ودينية مختلفة، بما في ذلك الديانتان اليهودية والإسلامية، مثل “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام”، وفق ما أوردته وكالة رويترز، في حين وجه سياسيون، بينهم أعضاء جمهوريون بارزون في مجلس الشيوخ اتهامات للمتظاهرين بمعاداة السامية.
ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” تسلط هذه الاحتجاجات الضوء على “التحديات السياسية التي لا يزال بايدن يواجهها جراء دعمه غير المشروط لـ”إسرائيل” مع محاولة تحقيق توازن دقيق بين إدانة معاداة السامية في الجامعات ودعم حق الطلاب في الاحتجاج”.
وتأتي الاحتجاجات بعد سقوط أكثر من 34 ألف شخص، في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع، منذ عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حماس على “إسرائيل” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
حتى قبل الاحتجاجات الطلابية يواجه بايدن منذ أشهر انشقاقًا داخل القاعدة التقدمية لحزبه، التي تشعر بالغضب لأنه لم يفعل المزيد لوقف حرب “إسرائيل” على حماس في غزة.
وخير دليل على قوة الاحتجاجات الحالية أنّ الحراك الطلابي انتزع الاهتمام الإعلامي من أحداث سياسية كبرى تشهدها البلاد، مثل إقرار الادعاء الأمريكي بأن الرئيس السابق دونالد ترامب انخرط في مؤامرة تنطوي على الاحتيال والأكاذيب والتستر، مع بدء المرافعات الافتتاحية، الإثنين الماضي، في أول محاكمة جنائية على الإطلاق لرئيس أمريكي سابق.
وقال مساعد المدعي العام للمنطقة ماثيو كولانجيلو إن ترامب زور سجّلات تجارية لشراء صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشأن علاقة جنسية تعود إلى العام 2006 كان من شأنها التأثير على مسعاه للترشح لانتخابات 2016 الرئاسية.
وتشكل القضية كذلك خطرًا على المرشح لانتخابات الرئاسة الجمهورية، إذ تأتي قبل أقل من سبعة أشهر على مواجهته الجديدة مع الرئيس الديمقراطي جو بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني.
ما الدور الذي يمكن أن يلعبه الحراك الداعم لغزة في الجامعات الأمريكية؟
السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيكون لهذا الحراك الطلابي المتصاعد في الجامعات الأمريكية أي تأثير في السياسة الأمريكية في دعمها المطلق لـ”إسرائيل” خلال حربها على قطاع غزة؟
بالعودة إلى التظاهرات واسعة النطاق التي شهدتها الولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام في الستينيات نجد أنّ طلاب الجامعات الأمريكية ابتدروا تلك الاحتجاجات التي بدأت صغيرة، لكنها تضخمت على مدى أشهر وكان من نتائجها لاحقًا انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام.
أما الاحتجاجات الحالية فهي تتوسع وتتمدد بسرعة البرق إلى مختلف الجامعات الأمريكية وانتقلت إلى كندا المجاورة وأستراليا، مستلهمة حراكها من الشعارات التي يرفعها الطلاب الأمريكيون.
قبل الحرب الإسرائيلية على غزة أُلصقت تهمة التفاهة بالجيل الصاعد حاليًا، الجيل “زد” (Gen Z) أو جيل الألفية، وأطلق عليه جيل “التيك توك”، لكن ما يحدث في الجامعات الأمريكية نسف كل هذه التهم عن هذا الجيل الذي نفض عن نفسه غبار التفاهة ليشارك بفعالية في مظاهرات واعتصامات هزّت البيت الأبيض.
وتطبيق “تيك توك” الذي أُلصقت بمتابعيه صفة اللامبالاة والتفاهة، هو الذي ساهم بشكل كبير في إحداث صدمة نفسية وقاسية للشعب الأمريكي بشكل عام والطلاب بشكل خاص، إذ يبلغ مستخدموه قرابة 170 مليون مواطن داخل الولايات المتحدة، وهم يشاهدون الصور والفيديوهات الصادمة من غزة عبر “تيك توك” ليتحول هذا التطبيق من أداة تبث المحتوى غير المفيد إلى محرك سياسي أجّج المشاعر، لا سيما مع نشر جنود الاحتلال لجرائمهم في غزة عبر التطبيق متباهين أمام العالم، لتتحول إلى أداة إدانة لهم بالصوت والصورة، وهو الأمر الذي دفع بعض الأصوات السياسية الغربية الداعمة للصهيونية إلى حظره.
في تقريرٍ سابقٍ لـ”نون بوست”، جزمت آيات ناصر – وهي شابة أمريكية تخرجت حديثًا في إحدى كليات التقنية في نيوجيرسي – بأنّ الغالبية العظمى من طلاب جامعتها متعاطفون مع القضية الفلسطينية رغم الدعاية التي يحاول اللوبي الإسرائيلي بثها للتأثير على الرأي العام الأمريكي، مشيرةً إلى أن الجمعيات الداعمة لـ”إسرائيل” نفذت حملات رقمية عديدة بدعم من جامعة هارفارد وكبرى الشركات مثل غولدمان ساكس، للتأثير على الرواية الفلسطينية فيما يتعلق بالوضع في غزة.
وبشأن الفجوة الكبيرة بين الناخبين الأمريكيين، 61% منهم يؤيدون وقفًا دائمًا لإطلاق النار في غزة و14% فقط من أعضاء مجلس النواب يؤيدون ذلك الموقف – وفقًا لاستطلاع Responsible Statecraft – تبرر ناصر تلك الفجوة بسبب تغلغل اللوبي الإسرائيلي وسط أعضاء الكونغرس خاصة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “أيباك”.
قالت آيات إن اللوبي انزعج جدًا من احتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية التي بدأت في وقت مبكر بعد الحرب الإسرائيلية، ما دفعه إلى تحريك أذرعه داخل الكونغرس لاستدعاء رئيسات 3 من أفضل الجامعات الأمريكية للإدلاء بشهاداتهن عن “التوتر” الذي تشهده ساحات الحرم الجامعي على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
بالعودة إلى الاحتجاجات الحاليّة، يرى مراقبون أن اقتصارها حتى الآن على الجامعات المركزية في البلاد مسألة وقت ولا يعني بالضرورة “نخبوية” الحراك الطلابي، إذ إن العنف الذي قابلت به السلطات المحتجين سيستقطب لا محالة قطاعات مختلفة من الطلاب التي تحمل توجهات سياسية يسارية أو من الأقليات التي تعاني من التمييز الممنهج – كالسود والمسلمين – أو من الحركات الطليعية النسوية وأنصار البيئة وغيرهم.
وبالتأكيد يبقى هناك احتمال في اتساع نطاق الاحتجاجات من أجل فلسطين، لتتحوّل إلى ثورة طلابية شاملة على نسق الحركة المناهضة للحرب الأمريكيّة على فيتنام في الستينيات، والتي أصبحت نواة لحراك وطني اجتذب قطاعات عريضة من الأمريكيين، وفرض ضغوط هائلة على النخبة الحاكمة لوقف الحرب.
والحراك الطلابي الهادر الذي تشهده الجامعات الأمريكية للتضامن مع غزة دفع العديد من المثقفين والمفكرين العرب للتساؤل: أين طلاب الجامعات العربية والإسلامية وأساتذتهم من كل ما يحدث من إبادة جماعية في غزة؟
أضرب طلبة جامعة كولمبيا وجامعة ييل في الولايات المتحدة إحتجاجاًعلى سياسة بايدن المؤيدة لإسرائيل رافعين لافتة ( Genocide Jo has got to go) تتخوف الشرطة من انتشار الإضرابات في باقي الجامعات . يحدث كل هذا هناك أما الطلبة العرب ففي سبات عميق . أحلام سعيدة ياعرب .
— د. عبدالله النفيسي (@DrAlnefisi) April 24, 2024
أخيرًا، الدعم الشعبي غير المسبوق لغزة وسط الطلاب الأمريكيين أظهر عزلة “إسرائيل” في عقر دار أكبر داعميها، وكشف كذلك عن سقوط السردية الصهيونية رغم الأموال التي ينفقها اللوبي الإسرائيلي للتأثير على الرأي العام الداخلي، فاللوبي وخاصة أشهر منظماته “آيباك” لا يزال في صدمة مما يحدث.
لم تتوقف الاحتجاجات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة في الولايات المتحدة طيلة الشهور الماضية منذ بدء العدوان، لكن المظاهرات التي خرجت خلال الستة أشهر الماضية كانت في كفة، وما يحدث في الجامعات الأمريكية الكبرى من احتجاجات حالية في كفة أخرى.