وصلت التحقيقات الصحفية إلى أدلة جديدة تشير إلى أن إيران كانت وراء إسقاط طائرة الركاب التابعة لشركة “بان أميركان” (بانام) الأميركية فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية عام 1988، وهو الحادث الذي قتل فيه 270 شخصا أغلبهم أميركيون، وأدين بارتكابه المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي الذي قضى بالسرطان في 20 مايو/أيار 2012.
وحسب ما نشره موقع الجزيرة نت، فقد تمكن فريق الجزيرة الذي أعد فيلما وثائقيا -سيث اليوم- حول الحادثة، من الوصول إلى وثائق سرية بينها برقيات للاستخبارات العسكرية الأميركية، بالإضافة إلى الحصول على شهادات من محققين ومصادر أمنية شاركت بالتحقيق في القضية.
أوامر الخميني:
تشير الأدلة التي توصلت إليها الجزيرة إلى أن طهران كلفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة بإسقاط الطائرة الأميركية ردا على إسقاط البحرية الأميركية في يوليو/تموز 1988 طائرة ركاب إيرانية من نوع إيرباص، وقتل فيها 290 شخصا.
وتقول برقية سرية للاستخبارات العسكرية الأميركية حصل عليها معدوا الوثائقي: “عهد بتنفيذ العملية إلى أحمد جبريل، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة. وسلمت له الدفعة الأولى من الأموال بشكل مسبق في دمشق. وكانت المهمة تفجير طائرة بانام”.
وبدوره، يقول مسؤول استخباراتي إيراني سابق يُدعى أبو القاسم مصباحي “قررت إيران الرد في أقرب وقت ممكن، القرار اتخذه النظام الإيراني وأجازه آية الله الخميني. وكان هدف صانعي القرار الإيرانيين أن يتم تماما نسخ ما وقع لطائرة إيرباص الإيرانية وأن يتم كل شيء بنفس الطريقة تقريبا.. على الأقل 290 قتيلا، كان هذا هو هدف صانعي القرار الإيراني”.
وهو ما يؤكده روبرت بايير، العميل السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية والذي كان مشاركا بالتحقيق في قضية لوكربي، بقوله: “كان ذلك أمرا حاسما، كانوا يظنون أنهم إذا لم يردوا على الولايات المتحدة، فسنستمر في إسقاط طائراتهم المدنية، إذا لم تفهم هذا فأنت لم تفهم لوكربي”.
تلاعب بالحقيقة:
حسب روبرت باير، عمدت وزارة العدل الأمريكية إلى اتهام ليبيا في القضية بمنطق: “توريط ليبيا بالقضية أسهل، فهي دولة صغيرة والقذافي شخص مكروه فلنذهب في هذا المسار”، وهو ما أكدته صحيفة التلغراف البريطانية، التي نشر مراسلها جوردن رايان تقريرا يقول فيه أن الحقيقة حول التفجير تم تغطيتها من بريطانيا والولايات المتحدة لحرصهم على عدم إغضاب سوريا البلد الجار لعراق صدام حسين آن ذاك.
ويذكر أن رجل المخابرات الليبي، المقرحي، أسقط طلبه للإستئناف عندما أفرج عنه لـ”أسباب إنسانية”، وهو ما دفع معلقين إلى القول بأن سكوته كان في إطار صفقة بين القذافي وأمريكا وبريطانيا، في حين قال آخرون أن المقرحي كان ضحية إخفاق في تحقيق العدالة.
فالدكتور جم سواير والذي قضت ابنته البالغة من العمر 23 عاما في التفجير، قال لتلغراف أنه على قناعة بأن الإيرانيين كانوا وراء التفجير وأنهم استأجروا الجبهة للتنفيذ وأنه لا شك بأن المقرحي كان بريئا.
مع العلم أن معمر القذافي دفع 1.7 مليار دولار في شكل تعويضات لعائلات الضحايا، الأمر الذي كان إبنه سيف الإسلام يفسره بأنه “حنكة سياسية لإقناع الغرب برفع العقوبات التي شلت البلد ولتعبيد الطريق أمام صفقات بترول ضخمة”، بعضها قام توني بلير بترتيبها.