شيّع المئات من السودانيين اليوم جثمان الطالب الجامعي علي أبكر موسى الذي قتل البارحة أثناء فض قوات الشرطة السودانية مظاهرة في جامعة الخرطوم بمشاركة قادة أحزاب معارضة ونشطاء.
قوات الأمن كانت قد طوقت منذ الصباح الباكر مستشفى بشائر الذي يقع جنوب العاصمة الخرطوم، والذي نقل إليه جثمان الطالب حيث منعت السيارات التي تقل المشيعين من مرافقة الجثمان الذي نقل بواسطة سيارة إسعاف إلى مقبرة على بعد 3 كيلو متر عن المستشفى.
وكانت المئات من طلاب يمثلون إقليم دارفور الواقع غربي السودان قد تظاهروا البارحة الثلاثاء بجامعة الخرطوم، وعندماحاولوا الخروج من الحرم الجامعي باتجاه مبنى بعثة الأمم المتحدة بالعاصمة؛ للتنديد بأحداث العنف في دارفور، منعتهم قوات الشرطة وقامت بفض المسيرة باستخدام الغاز المسيل للدموع.
محاولة فض الشرطة للتظاهرة تطورت إلى اشتباكات بين الطرفين وإلقاء الطلاب الحجارة على الشرطة، أسفرت عن مقتل أحد الطلاب بطلق ناري وإصابة أربعة آخرين باختناقات جراء استنشاقهم الغاز، بحسب شهود عيان، وهو ما أكده مصدر طبي، رفض الكشف عن اسمه، عندما قال أن سبب الوفاة يعود لاختراق رصاصة لظهر الطالب وخروجها من الصدر.
وعلى إثر ذلك أعلنت إدارة جامعة الخرطوم تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى على خلفية مقتل الطالب علي، في بيان صادر عنها جاء فيه : “بعد ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺆﺳﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺡ ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻜﺮ ﻣﻮﺳﻰ، ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ، اﻧﻌﻘﺪ اﺟﺘﻤﺎﻉ ﻃﺎﺭﺉ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﻤﺪﺍﺀ ﺣﻴﺚ ﻗﺮﺭ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻰ ﺃﺟﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻰ اﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺪ”.
الشرطة السودانية بدورها أصدرت بياناً قالت فيه أن الجامعة “شهدت أحداث شغب محدودة قام بها بعض من طلاب روابط أبناء دارفور، وحاولو الخروج للشارع العام فتصدت لهم قوات الشرطة بالغاز المسيل للدموع فقط، وبعد عودة الطلاب للحرم الجامعي، ظلت الشرطة ترابط بعيداً عن الموقع ثم علمت بعد ذلك بإصابة طالبين وتم إسعافهما للمستشفي حيث توفي أحدهم لاحقا”.
وأضاف بيان الشرطة:”تهيب بكل أبنائها الطلاب والمواطنين تفويت الفرصة علي منسوبي الحركات المسلحة وسط الطلاب حيث أنها مجموعة ممنوعه من ممارسة أي نشاط سياسي أو تجمع باعتبار أن الحركات المسلحة خارجه عن القانون وأي امتداد لنشاطها يعتبر جزء من نشاطها العدائي بالميدان”.
طلاب حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في جامعة الخرطوم اتهموا “منسوبي الحركات المسلحة -في إقليم دارفور- بقتل الطالب”، وقال نعمان عبدالحليم الأمين السياسي لدائرة التعليم العالي لطلاب الحزب بولاية الخرطوم : “نحمّل الفصائل الطلابية لحركات التمرّد مسؤولية سفك دم طالب كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم، على أبكر موسي، الذي توفي إثر إصابته بطلق ناري فى تظاهرات جامعة الخرطوم”.
أحزاب المعارضة سارعت إلى إدانة مقتل الطالب، حيث ندد حزب “الإصلاح الآن” -المنشق عن الحزب الحاكم منذ أكتوبر الماضي احتجاجاً على “قمع الأجهزة الأمنية للمحتجين” أثناء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد وقتها- ما وصفه بـ “المسلك الاحترابي والتعاطي العنيف للأجهزة الأمنية مع الطلاب”، بينما قال حزب المؤتمر السوداني المعارض أن “مقتل الطالب على يد الشرطة يفضح النظام ويسقط ورقة التوت المسماة الحوار”.
أما حزب المؤتمر السوداني الذي يتمتع بنفوذ مقدر وسط طلاب دارفور في الجامعات فقال في بيانه: “آن لنا أن نشحذ العزائم لإسقاط هذا النظام اليوم قبل الغد لأن فاتورة بقاءه مكلفة وباهظة الثمن يدفعها شعبنا الصامد دما وروحا والمزيد من الشهداء والمعاناة والرهق”.
وتقاتل منذ عام 2003 ثلاث حركات متمردة في دارفور الحكومة السودانية، وهي: “العدل والمساواة”، و”جيش تحرير السودان” و”تحرير السودان”، حيث تجددت الاشتباكات بين متمردي دارفور، والجيش السوداني الأسبوع الماضي، وذلك بعد أيام من انهيار المفاوضات بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية قطاع الشمال -لمتحالفة مع متمردين بدارفور- والتي تحارب الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرقالحدوديتان مع دولة جنوب السودان.
ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة عام 2008 – حيث لم يصدر تقرير أحدث منه -، فإن نزاع دارفور تسبب في نزوح حوالي 2.5 مليون شخص، ومقتل نحو 300 ألف شخص، بينما تردد الحكومة السودانية أن عدد القتلى لا يتخطى العشرة آلاف.