نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالا كتبه إريك شميدت، الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة جوجل، وجاريد كوهين، مدير أفكار جوجل، يتحدثان فيه عن مستقبل الرقابة على الإنترنت وكيف يتصدى العالم لها.
يقول الكاتبان أنه خلال العقد المقبل، سيزداد عدد المتصلين بالإنترنت ليصبح أكثر من 5 مليارات شخص، إلا أن المثير في الأمر أن أكبر نسبة من تلك الزيادة ستكون في المجتمعات التي -بحسب فريدوم هاوس- قد يكون النقر فيها على مقال موضوعي يخص سياستها الداخلية مدعاة للزج بعائلات بأكملها في السجن.
روسيا مثلا منعت عشرات الآلاف من المواقع المعارضة، من ضمنها ويكيبيديا وورد برس روسيا، فيتنام أصدرت قانونا يمنع نشر المواد المعارضة للحكومة، في باكستان استُبدلت صفحات مواقع مثل ويكيبيديا ويوتيوب بصفحات كُتب عليها “تصفح بأمان” وأُغلقت تلك المواقع.
آليات الرقابة كثيرة، أحدها هو نظام يسمى التفتيش العميق للرسائل، وهو جهاز تستخدمه السلطات وتتعقب به كل بريد إلكتروني غير مشفر أو كل زيارة لموقع أو كل تدوينة، وفي حالات أخرى، يتم إيقاف الخدمة إو إبطائها عن أفراد أو مجتمعات بأكملها.
في أوكرانيا مثلا تُهاجم المواقع الإلكترونية وتغلق بهجمات قرصنة وهو ما يغلق مواقع كثيرة. في إيران يغلقون المحتوى الذي يعترضون عليه كما أن كل الاتصالات المشفرة يتم محاولة اعتراضها.
ويقول الكاتبان أن تقنيات القمع هي صناعة تتكلف مليارات الدولارات، في حين أن أدوات قياس القمع الرقمية تحصل على عدة ملايين من الدولارات في المراكز البحثية والأكاديمية.
إن قياس القمع ومعرفة ما يحدث هو الخطوة الأولى بالطبع في الحرب ضد الرقابة، لكن يجب أن تتبعها خطوة ثانية من توفير الوسائل لمحاربة القمع .
لقد وضع حجر الأساس بالفعل منذ سنوات، وتعاون المهندسون من سان فرانسيسكو إلى بكين للتحايل على الرقابة الإلكترونية، وأصدروا أداة تُدعى “TOR” يستخدمها معظم المعارضين المهتمين بالتكنولوجيا منذ قرابة عقد من الزمان.
لكن في دول مثل السعودية وكوريا الشمالية التي تصارع شعوبها القمع، يبقى عدد مستخدمي تلك الأدوات قليلا للغاية.
أهم عنصر في استخدام تلك الأدوات هو الثقة، في إيران مثلا هناك بعض الأدوات للتخلص من الرقابة، لكن الشائعات في طهران تقول إن تلك الخدمات يتم توفيرها سرا من قبل الحكومة الإيرانية التي تستطيع رصد كل شيء يمر من خيالها كما تستطيع إيقافها في أي وقت.
هناك عنصر آخر يتعلق بالقدرة، فمثلا في دولة مثل سوريا إذا أراد معارض أن يستخدم الإنترنت، فهناك وسيلة شهيرة تُدعى PROXY وهي طريقة يمكن من خلالها الشخص في سوريا أن يستخدم حاسوبه كأنه في مكان آخر مثل النرويج على سبيل المثال، لكن عندما يشترك آلاف المقموعين في نفس الشبكة فإن السلطات تستطيع رصد ذلك وإغلاقه.
التحدي الأخير هو سهولة الاستخدام، المهندسون يبنون طرقا رائعة للتخلص من الرقابة لكنها شديدة التعقيد، فلا يمكن لفتاة كردية في إيران من أن تستخدمها على هاتفها النقال على سبيل المثال.
كل تلك التحديات ليست جديدة، فنحن نعاني من أزمات الثقة والقدرة وصعوبة الاستخدام منذ فترة طويلة، لكن الجديد هو أن هناك بعض الأدوات لمجابهة تلك التحديات.
كما أن تقنيات التشويش يمكنها التعامل مع تلك الرقابة، فمثلا يمكن بناء نفق إلكتروني من إيران إلى النرويج فيما يظهر للمراقبين كأنه مكالمة عادية عبر سكايب.
أخيرا، فإن التقدم الحادث في تصميم واجهة المستخدم في كل شيء يسمح للنشطاء بالحصول على الإنترنت بشكل أكثر أمانا وسهولة. لقد تم قيادة تلك المعركة ضد الرقابة من قبل النشطاء، يمكننا جميعا أن نشترك في ذلك المجتمع مفتوح المصدر سواء كنا رجال أعمال أو واضعي سياسات أو شركات أو أفراد.
بالنظر إلى الطاقات والفرص التي لدينا، يمكننا القول أننا نستطيع إنهاء الرقابة على الإنترنت في غضون عشر سنوات إذا كنا نريد للجيل القادم أن يغدو حرا. ليس هناك من سبيل آخر!