لم تكن نية ترامب نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس وليدة اللحظة، بل إن القرار هو وعد قدمه الرجل أثناء حملته الانتخابية عام 2016، مقربون من الرجل يعتقد أنهم أشاروا على ترامب أو ضغطوا عليه لاتخاذ القرار، تحدثت عنهم صحف أجنبية في أكثر من مناسبة.
رأس المال يتحكم
خلال حملته الانتخابية طلب ترامب مساعدات مالية من شيلدون إدلسون، رجل الأعمال الأمريكي اليهودي المعروف بإنفاقه السخي على لجنة العمل السياسي بالحزب الجمهوري، حيث أنفق عشرين مليون دولار على اللجنة التي دعمت حملة ترامب.
حسب صحيفة نيويورك تايمز، حصل الرجل على هذا المبلغ عندما وقف أمام لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية “إيباك” يدافع عن الدولة العبرية ووعد بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، التي وصفها بانها العاصمة الأبدية للشعب اليهودي. فاقتنع ادلسون بكلامه. منح الأخير أيضا مليون ونصف مليون دولار للجنة المنظمة لمؤتمر الحزب الجمهوري. وبعد فوز ترامب، انتظمت اللقاءات والاتصالات بين الرجلين، بالإضافة إلى زيارات ادلسون للبيت الأبيض.
قبل عشرة أيام من تولى ترامب المنصب زار ادلسون برج ترامب الشهير بمدينة نيويورك، وحضر اجتماعا مغلقًا معه، اتصل بعدها ادلسون بصديقه القديم وقال له مورتن كلين رئيس المنظمة الصهيونية في أميركا، وأخبره أن ترامب يعتبر نقل السفارة أولوية رئيسية.
مستشاري ترامب المسيحيين المحافظين كانوا يضغطون عليه مرارا من أجل هذا القرار
بالإضافة إلى كونه صديقا لرئيس المنظمة اليهودية، فإن ادلسون صديق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وداعمًا ماليا له.
عندما وقع ترامب قرار تأجيل نقل السفارة في يونيو الماضي، شعر أديلسون بالإحباط الشديد بسبب ذلك القرار، فضغط على ترامب لاتخاذ القرار، في عشاء حضره معه في البيت الأبيض في أكتوبر الماضي.
المسيحيون الإنجيليون لهم دور
لم يكن العامل المؤثر الوحيد في قرار ترامب هو ادلسون ، فقد كان المسيحيون الإنجيليون -الذين كان ترامب مرشحهم المفضل في الانتخابات الرئاسية- أصحاب دور آخر حسب ما ذكرت مصادر ونشطاء من التيار المحافظ لرويترز.
وأكد النشطاء أن مستشاري ترامب المسيحيين المحافظين كانوا يضغطون عليه مرارا من أجل القرار. القس جوني مور المتحدث باسم مجلس لكبار الشخصيات من المسيحيين الإنجيليين يقدم المشورة للبيت الأبيض، أكد لرويترز هذا الدور بقوله: ليس لدي شك أن الإنجيليين لعبوا دورا كبيرا في هذا القرار. لا أعتقد أنه كان من الممكن أن يحدث بدونهم. لكن البيت الأبيض لم يعلق على هذه التصريحات.
أيضا قال روبرت جيفريس -القس بالكنيسة المعمدانية الأولى في دالاس والمستشار الإنجيلي لترامب- في مكالمة هاتفية مع الوكالة: المجتمع الديني يتحدث مع الإدارة منذ شهور وشهور عن ضرورة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.. لكننا في الواقع لم نكن بحاجة لإقناع هذه الإدارة. فقد كان هذا وعدا انتخابيا أسعد الرئيس ترامب أن يحافظ عليه لأنه يحس بهذا الأمر.
ضغوط النشطاء كانت عبارة عن حملات إلكترونية أطلقتها مجموعة تدعى (أصوات إيماني) التى يرأسها مايك هاكابي المرشح الرئاسي الجمهوري السابق، ووالد سارة هاكابي ساندرز السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض.
أيضا أرسلت جماعة إنجيلية أخرى تسمى “القادة المسيحيون الأمريكيون من أجل إسرائيل” رسالة إلى ترامب، حذرته فيها من فوات الوقت الذي اعتبرته عنصرا أساسيا في نقل السفارة. وقالت الجماعة في رسالتها إنها تشعر بقلق جسيم أن تزداد بمرور كل يوم صعوبة نقل السفارة وإذا لم تفعل ذلك الآن فقد لا يحدث أبدا.
لا يزال من غير الواضح مدى تأثير كوشنر على ترامب في هذه المسألة
3 مسؤولون يهود بالإدارة الأمريكية
إضافة إلى الأشخاص المذكورين، فإن صحيفة نيوزويك تشير إلى 3 مسؤولين أمريكين من اليهود المتعصبين، يُعتقد ان لهم دور في دعم هذا القرار.
أول هؤلاء الثلاثة هو جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي، وهو يهودي صاحب خلفية متعصبة، و له علاقات وثيقة بإسرائيل، كما قدمت عائلته تبرعات لبناء مستوطنات إسرائيلية من خلال مؤسسة تمتلكها.
تقول الصحيفة: لا يزال من غير الواضح مدى تأثير كوشنر على ترامب في هذه المسألة. إلا أن الرئيس عهد إليه بأن يكون هو الشخص المسؤول عن هذه القضية، ومن المحتمل أن يكون له رأي هام في المناقشات المؤدية إلى القرار التاريخي.
المسؤول الثاني هو جيسون جرينبلات، وهو المحامي السابق للرئيس الذي عمل معه منذ عام 1997، والذي يشاركه حاليا رحلاته الدبلوماسية إلى الدول العربية.
جرينبلات هو يهودي متعصب، ولديه أيضا علاقات بإسرائيل، كما درس بمدرسة يشيفا اليهودية الدينية، وألف كتاباً حول رحلة عائلية إلى إسرائيل.عمل الرجل بالتعاون مع كوشنر على صياغة خطة للسلام في الشرق الأوسط، ما يزال الجزء الأكبر منها سريا، حسب نيوزويك.
ثالث مسؤول تعتقد نيوزويك أن له يدًا في خطوة نقل السفارة هو ديفيد فريدمان، وهو يهودي أيضا، ولديه علاقات أكبر بإسرائيل، حيث انه يشغل حاليا منصب السفير الأمريكي في تل أبيب. وكان رئيسا لمنظمة تدعى “الأصدقاء الأميركيون لبيت إل”، وهي منظمة معنية بجمع التبرعات لبناء مستوطنات في الضفة الغربية.
فريدمان هو أول سفير يحضر احتفالية إسرائيلية تقيمها تل أبيب بمناسبة حرب الأيام الستة عام 1967، التي احتلت فيها إسرائيل القدس الشرقية والمدينة القديمة.
وتذكر الصحيفة ان الرجل الذي هو كبير مبعوثي واشنطن إلى المنطقة قد أعلن أن النقاش كان يدور حوال موعد نقل السفارة فقط، وليس نقلها من عدمه. وتضيف: وعلاوة على ذلك، يقول المسؤولون إن ترامب، الذي سيؤخر عملية النقل المادي للسفارة بعد الإعلان، أعطى فريدمان اختيار التوقيت. ومن الواضح بشكل متزايد أن فريدمان سيقرر متى سيكون إنشاء سفارة القدس مناسبا لإدارة ترامب.